عقدت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية و الثقافة والعلوم ( ألكسو) أمس يوما إعلاميا حول مرصد التراث المعمارى والعمرانى فى البلاد العربية ، بحضور رؤساء تحرير الصحف القومية الاهرام محمد عبد الهادى و الجمهورية فهمى عنبه. خبر يبدو تقليديا، قد لا يتجاوز حدود الاتفاقيات والبروتوكولات، ولكن الجديد هو إطلاق مرصد للتراث العربى و كأنه حل ثقافى وإجتماعى لسلسلة من الأزمات السياسية التى عرفها العالم العربى فى العقدين الأخيرين. ولهذا المرصد الذى يجمع تاريخ العرب الحضارى قصة حيث يأتى إنشاء المرصد كما يقول السيد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية تنفيذا لقرار مؤتمر الوزراء المسئولين عن الشئون الثقافية فى الوطن العربى فى دورته المنعقدة فى المنامة عاصمة مملكة البحرين فى نوفمبر عام 2012، وقرار المجلس الاقتصادى و الاجتماعى لجامعة الدول العربية فى دورته 94 المنعقدة بالقاهرة فى ديسمبر عام 2014، لينطلق المرصد بمقر المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ( ألكسو) فى الثالث من أكتوبر الماضى. رئيس تحرير الأهرام يلقى كلمته بالجلسه واكد ان المرصد اسهام عربى فى مجال حماية التراث. والمدن العربية المعاصرة أحوج ما يكون لمثل هذه المبادرات من أجل إنقاذ معالمها ومواقعها الأثرية، والحماية من التعرض لخطر الاندثار بسبب الاهمال أو القصد والتعمد. و اضاف ابو الغيط : ان هناك تدميرا متعمدا على يد عصابات الارهاب جعلت آثارنا نهبا للصوص. وكثير من آثار مصر والعراق و سوريا و إيران أخذت من المدن العراقية و المصرية والسورية كما تشهد كبريات المتاحف العالمية . ويضيف الأمين العام لجامعة الدول العربية: أما ما يجب الا ينساه العرب فهو مدنهم صاحبة الطابع الخاص، فهى ليست ذات تكوين بسيط أو جغرافيا سهلة. فهى طبقات من التاريخ القريب والبعيد.والقاهرة و بغداد وتونس و دمشق مثال حى. على ضفاف النيل و دجلة والفرات وسوريا عرف البشر سكنى المدن للمرة الأولى، كما عرفوا الزراعة و الكتابة، وشيدوا المسلات والمعابد والقصور ، وامتزجت مع هذه المدن الحضارة الاسلامية امتزاجا استثنائيا لتنجب طابعا معماريا فريدا لا مثيل له فى العالم. ولهذا فإن حماية هذا الموروث فى مدن يسكنها الملايين تمثل تحديا ومسئولية على الحكومات. ويشهد على هذا ما يحدث فى مصر، وما تحققه الدولة المصرية الأن فى القاهرة الخديوية. كما لا ننسى أن نثمن مشاركة المملكة العربية السعودية فى اعداد ميثاق عام 2004 الذى يهدف إلى حماية أهم مقومات الجذب السياحى. ويشير عبد الله حمد محارب المدير العام للمنظمة العربية للتربية و الثقافة والعلوم» الألكسو» إلى مهمة المرصد الذى بدأ الاعلان عنه داخل بيت العرب. وقال : ان المرصد قاعدة لتجميع البيانات والمعلومات ومنصة الكترونية تفاعلية تستطيع من خلالها المنظمة العربية للتربية و الثقافة والعلوم تعزيز قدراتها وتقديم المشورة و المساعدة الفنية للدول العربية وخاصة تلك التى شهدت ولاتزال تشهد نزاعات مسلحة و تدميرا ممنهجا لمعالمها التاريخية والآثرية ومنشآتها الحضارية. و اضاف : ان المرصد يمثل أسلوبا ناجحا لصياغة الاستراتيجيات وبناء الخطط و التنسيق بين الخبرات الأكاديمية والمهنية فى الدول العربية.ووضع السياسات اللازمة لحماية التراث و الترويج للمدن العربية كوجهة سياحية ثقافية ، مؤكدا ان الحفاظ على الهوية والكيانات العربية يعد ضامنا لحق الأجيال القادمة فى العمل و المسكن اللائق و العيش فى بيئة نظيفة وتذليل الصعوبات التى قد تحول دون تحقيق التنمية الحضرية. ويؤكد مدير المنظمة العربية «الألكسو « إلى أن كثيرا من آثارنا تخرج من بلادنا العربية كما حدث فى ليبيا التى سرق جزء من تمثال آثرى ليباع فى إحدى صالات المزادات فى دولة اوروبية ، وقد استطاعت الألكسو وبمعاونة منظمة اليونسكو إيقاف المزاد ورد التمثال إلى ليبيا. ثن تحدث رئيس تحرير الاهرام محمد عبد الهادى حيث اشار الى المخاطر التى يواجهها التراث العمرانى فى العالم العربى، وهى مخاطر خارجية وداخلية وهى باختصار تشكل حربا على الهوية العربية الاسلامية ، موضحا انه لولا دعم الجيش ثورة 30 يونيو لكانت آثار مصر لاقت مصير آثار تدمد . وقال : ان كثير من الصور الصحفية شاهدة على اطلاق النار وتدمير و بيع الآثار العراقية عام 2003 وهو ما يعنى هجوما مقابلا على هويتنا العربية. ولهذا فالسؤال عن الارادة السياسية فى ظل حكومات لابد وأن تخصص ميزانيات مقبولة لحماية هذا التراث. و اوضح : ان الجامعة العربية منذ نشأتها فى الأربعينيات لابد وأن تضطلع بمثل هذه المهمة الثقافية. فالجامعة لا تناقش القضايا السياسية فقط وواحدة من أولوياتها هى إشاعة الحفاظ على الثقافة والهوية العربية و حماية التراث المعمارى المتميز. و أضاف فهمى عنبة رئيس تحرير الجمهورية أن الحفاظ على التراث المعمارى لابد وأن يتضمن أيضا الحفاظ على الطراز المعمارى العربى. فبلادنا العربية قد اجتهدت فى استيراد أشكال من العمارة لا تتناسب مع المناطق الحارة و تركت حلولا مدهشة قدمها المعماريون العرب أكثر مناسبة لبيئتنا مطالبا الجامعة العربية بالضغط بتفعيل تشريعات المحافظة على النسق العربى الاسلامى و رفع درجة الوعى بقيمة الآثار والعمارة المتفردة التى لابد والا يكون الاهتمام بها فى إطار السياحة فقط. آراء ومقترحات علق عليها أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية بأن الجامعة العربية لا تستطيع أن تضغط على أعضائها ولكنهم يستصدرون التشريعات التى تتناسب مع هذا الميثاق الذى أعد عام 2004 ووزراء السياحة هم المسئولون. على أن تقوم بالمتابعة منظمة الألكسو ومعها الجامعة العربية متمنيا أن يحمل المستقبل القريب تغيرا فى فكر وفلسفة بعض الدول التى لم تلتزم أو التى اتجهت إلى الفكر الغربى فى البناء والمعمار بما يتناقض مع طبيعة المناخ. وتشرح د.حياة القرمازى مديرة إدارة الثقافة للمنظمة العربية للتربية و الثقافة والعلوم (ألكسو) فكرة المرصد الذى بدأ بفكرة ناقشها مجموعة من الخبراء لتصل فى النهاية إلى مشروع قابل للتنفيذ دعمها وجود هذا الامتداد الجغرافى و تنوع المشهد الثقافى والطبيعى للعالم العربى الذى ينقسم جغرافيا إلى خمس مجموعات وهى مجموعة الهلال الخصيب، و شبه الجزيرة العربية، وادى النيل، منطقة المغرب العربى، و أخيرا منطقة القرن الافريقى. وتتميز كل مجموعة بخصوصيات مناخية وجغرافية تجعل من الوطن العربى وطنا صاحب تنوع كبير. وهناك مواقع مسجلة على لائحة التراث العالمى منها على سبيل المثال مدينة طيبة أو الأقصر المصرية وصنعاء القديمة و موقع تدمر فى سوريا وخزانة بتراء فى الأردن و بعلبك فى لبنان وليدا فى ليبيا والقدس وغيرها.