الناس كلها اهتمت بتخفيض مؤسسة فيتش لمستوي التصنيف الائتماني لمصر درجة جديدة قبل أيام, ولكن أحدا لم يبحث في الأسباب التي أوردتها المؤسسة الدولية لإجراء هذا الخفض. تقرير فيتش جاء بمثابة إدانة للأخطاء السياسية التي ارتكبتها كل الأطراف خلال المرحلة الانتقالية. وقد اشاد التقرير بالانفراجة الواضحة التي حققها الاقتصاد الوطني أخيرا برغم الظروف الصعبة, ولكنه حذر من أن غموض الموقف السياسي خاصة مع حل البرلمان من شأنه إطالة المرحلة الانتقالية وهو مايعيق الشروع في الإصلاحات المالية المطلوبة بشدة, ولهذا أبقت الوكالة علي نظرتها السلبية لمستقبل الاقتصاد المصري في الأمد القصير. وفي تقارير سابقة للوكالة ولمؤسسات ائتمانية أخري أكد الجميع أن القوة الكامنة في الاقتصاد المصري تجعله قادرا علي تجاوز مصاعب المرحلة الانتقالية في وقت قصير واستئناف معدلات النمو التي يستحقها وفقا لما يملكه من امكانيات. الرئيس الجديد أمامه الكثير من التحديات, غير أن التحدي الاقتصادي يظل الأبرز والأكثر إلحاحا وربما هو الأسهل مقارنة بغيره من ملفات, فإنعاش الاقتصاد يظل محل إجماع بين مختلف القوي السياسية المتصارعة علي كل شئ الآن وهذه ميزة يتعين استغلالها لاستئناف دورة الإنتاج والعمل بما يحقق النمو المطلوب لتوفير فرص العمل وتحسين مستوي الحياة وهي أبرز مطالب الثورة. وقد يكون مطلوبا الآن التفكير في إنشاء مجلس أعلي للشئون الاقتصادية يضم كفاءات وخبراء من كافة التيارات السياسية تكون مهمته الأولي هو تجاوز الآثار الاقتصادية والمالية التي وقعت خلال الأعوام الأخيرة ثم يتولي بعد ذلك التخطيط الأمين والنزيه لمشروع تنموي طموح علي نحو ما نجحت دولا أخري كثيرة في تنفيذه.. وإلي أن يحدث هذا علينا أن نتحمل بصبر الآثار الناجمة عن تخفيض الجدارة الائتمانية لمصر والتي من بينها ارتفاع تكلفة التعاملات التجارية والمالية مع الخارج, وهو كما رأينا ثمن يدفعه المصريون لفشل النخبة في إدارة الحياة السياسية في البلاد عقب الثورة التي قام بها الشباب وأهدرت القوي السياسية استغلالها.. حتي الآن. المزيد من أعمدة عماد غنيم