خلية نحل لا تهدأ، حيث يصل آلاف العمال المصريين داخل موقع العاصمة الإدارية الجديدة الليل بالنهار ينحتون الصخر بإرادتهم ويشقون الجبال بسواعدهم، يبدل جهدهم حرارة الجو المنخفضة إلي دفء.. وعزيمتهم تحول لهيب الشمس إلي وقود.. يبنون مصر التي نحلم بها بعرق جبينهم وليس بالشعارات الزائفة أو الأفكار الهدامة. ففي الوقت الذي يشكك فيه البعض في كل شيء وفي كل إنجاز، يظل في الوطن رجال يضعون المستقبل نصب أعينهم، لا يبالون بحملات الهدم والتخريب، ماضون في طريق التنمية والبناء، فبسواعد أبناء مصر وبجهد وعرق شبابها المخلص بدت الأحلام حقيقة تشهدها الأعين علي أرض الواقع. «الأهرام» زارت موقع العاصمة الجديدة التي تعتبر أحد أهم المشروعات الواعدة التي أعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي لإحداث تنمية اقتصادية. وتأتي العاصمة الادارية الجديدة كبريق تتضح معالمه وحلم بدأ يري النور بسواعد المخلصين من شباب مصر ، يعملون كخلية نحل.. يسابقون الزمن.. يبذلون الجهد والعرق علي مدار الساعة دون كلل أو ملل أو شكوي من مشقة العمل وحرارة الشمس، مجتازين الكثير من الصعاب، لا يساورهم أي شك في أنهم يقدمون اليوم لبلدهم شيئا غاليا سيفخرون به أمام أبنائهم وأحفادهم في المستقبل، حالمين بموعد افتتاح المشروع الذي لا يشعر بمدي ضخامته سوي من يشاهد بناءه بعينيه.. إنه مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، الذي تشرف عليه الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بالتعاون مع العديد من الشركات المصرية العاملة في مجالات التشييد والبناء والمرافق والخدمات. بمساحة إجمالية تبلغ 170 ألف فدان، منها 40 ألف فدان في المرحلة الأولي يتم الانتهاء منها خلال عامين، تشتمل العاصمة الإدارية الجديدة علي مجمع يضم كافة الوزارات، ومقر لمجلس النواب، وقرية ذكية، ومقرات للسفارات الأجنبية في مصر، ومقار للجامعات والمدارس، وأرض للمعارض، وحديقة مركزية كبيرة تعتبر من أكبر الحدائق في الشرق الأوسط، ومطار مدني يحمل اسم «مطار العاصمة» وهو ما تم الانتهاء منه بالفعل. كما تضم العاصمة الجديدة حيا كاملا لرجال المال والأعمال، ومقرا للبنك المركزي، والبورصة، ومقار لمختلف البنوك المحلية والدولية. ويبلغ عرض الطريق الرئيسي للمدينة 124 مترا مربعا ، وتعتبر مساحته الأكبر في مصر ، حيث أن أكبر مساحة موجودة حاليا تبلغ 90 مترا مربعا، ويتكون الطريق من 6 حارات طرق سريعة، بالإضافة إلي 3 حارات للخدمات. وتضم العاصمة الإدارية 25 حيا سكنيا تستوعب 6 ملايين نسمة، بالإضافة إلي 5 محطات لتوليد الكهرباء جار إنشاؤهم، حيث تصل حجم الطاقة المستهدفة في المرحلة الأولي إلي 2200 ميجاوات. ويوجد بالعاصمة الإدارية أنفاق خرسانية للمرافق وتوصيلات الكهرباء وكابلات الاتصالات ، وخطوط الغاز والمياه والصرف الصحي، بمساحة تبلغ (6 متر مربع 6 متر مربع)، ويغذي العاصمة الإدارية الجديدة خط غاز رئيسي ممتد مباشرة من ميناء السخنة، ويجري تنفيذه حاليا، فضلا عن خط توصيل مؤقت من مدينة «بدر». وفيما يتعلق بتوصيل المياه.. فهناك ثلاثة خطوط هي: العاشر من رمضان، والقاهرة الجديدة ، والخط الرئيسي من البحر الأحمر «تحلية مياه البحر» وهذه تعتبر المرة الأولي التي سيتم فيها توصيل المياه من البحر الأحمر إلي القاهرة وليس العكس، كما ستضم العاصمة الإدارية الجديدة شبكة معالجة مياه. ويقول محمد فودة، المدير الإداري لطرق العاصمة الإدارية الجديدة (شركة أوراسكوم لإنشاء الطرق) أن هناك 550 عاملا علي مختلف المهن تابعين للشركة يعملون في تنفيذ 28 كيلومترا مربعا من الطرق، موضحا أن العمل يستمر علي مدار 24 ساعة بنظام المناوبات. وأوضح فودة أن الجميع يعملون بجد ودون ملل من أجل إنجاز المشروع، معربا عن سعادته بالمشاركة في هذا العمل لأنه سيكون مصدر فخر له في المستقبل. ومن جانبه، أشار المهندس أحمد فاروق، مدير تنفيذي بشركة (أوراسكوم لإنشاء الطرق)، إلي أنه يتم حاليا تنفيذ الطرق الموجودة شرق الطريق الدائري الإقليمي والبالغ مساحتها 28 كلم، وإنه تم إنجاز 37% من المستهدف تنفيذه حتي الآن من المشروع ، فيما أوضح عمرو عبدالله، مدير مشروع بشركة (أوراسكوم لإنشاء الطرق)، أن الطرق مصممة لتحمل جميع الحمولات التي تسير علي الطرق، وحالات الازدحام الشديد المتوقع حاليا ومستقبلا. وأشار إلي أنه يتم تنفيذ الطرق بأعلي جودة طبقا للمواصفات، لافتا إلي أن جميع الأعمال يتم تنفيذها بخبرة وعمالة مصرية بنسبة 100%. المهندس أسامة دانيال، المسئول عن ضبط الجودة، أوضح أن هناك اهتماما كبيرا بعنصر الجودة للمواد المستخدمة سواء في أعمال الردم أو الاسفلت، مشيرا إلي أن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وضعت مواصفات تتطابق مع المواصفات العالمية التي يجب الالتزام بها. واضاف ان هناك الآلاف من عمال والمهندسين واداريين وسائقين، يقوم كل منهم بدوره بكفاءة وإتقان. وقال رامي فهمي، مدير تنفيذي في شركة (أبناء «حسن علام»)، إنه تم الانتهاء من تنفيذ الكوبري الأول ويسمي كوبري «بن زايد الجنوبي» لربط العاصمة الإدارية شرقا وغربا، حيث يمر في الطريق الدائري الإقليمي. أنه تم الانتهاء من أعمال التشييد به، الذي بدأ العمل به منذ 9 أشهر فقط، وأنه سيتم البدء في إنشاء كوبري آخر، وهو تقاطع كوبري «بن زايد» مع «طريق الأمل». ومن جانبه، قال وائل عبدالفتاح حسن، مدير عمليات شركة (الاتحادية للخدمات البترولية والمقاولات)، إن الشركة تعمل في مجال تنمية الآبار، حيث تقوم حاليا بعمل بئر استكشافية للمنطقة لمعرفة الإنتاجية وكمية المياه الموجودة، واحتمالية تغذية المنطقة بالمياه الجوفية. وأوضح أنه تم الانتهاء من بئر العاصمة (1) ، ويبلغ عمقه 400 متر، حيث تم حفرها بالفعل وبدأت الآن عملية التنمية، وتحليل العينات الخارجة منها، مشيرا إلي أنه من المتوقع أن تحقق سعة من 50 إلي 60 مترا مكعبا، وأن حجم المياه التي تم اكتشافها أكبر من المتوقع. بدوره، أشار المهندس محمود الشناوي، مدير قطاع الإنشاءات شركة «كوبروزا برايم» للإنشاءات المصرية الإسبانية للتشييد والبناء، إلي أن الشركة تقوم بتنفيذ عدد من الوحدات السكنية بالعاصمة الإدارية الجديدة، بالإضافة إلي طرق الحدائق المركزية، منوها بأن تلك الحدائق تعتبر من أكبر الحدائق علي مستوي العالم، حيث تقام علي مساحة 5 آلاف فدان، بطول 35 كيلومترا، وستكون مفتوحة للجمهور مجانا وتخدم العاصمة الإدارية بالكامل، والقاهرة الجديدة والقاهرة. وأوضح أن مشروع الحدائق مقسم علي 7 قطاعات؛ منها الحديقة التاريخية (ذات طابع تاريخي)، وحديقة للصحة والسكان (للأطفال)، وحديقة للمال والأعمال، والحديقة الدولية، والحديقة الرياضية، وحديقة للعلوم، وحديقة للنباتات، مشيرا إلي أن هذا الكم الهائل من الحدائق سيتم ريه بمياه معالجة، ولا يؤثر علي مياه الشرب. وقال الشناوي إنه تم الانتهاء من المرحلة الأولي في الحدائق وهي مرحلة الطرق، مشيرا إلي أنه مع نهاية الشهر الجاري سيتم الانتهاء من المرحلة الأولي من الحديقة المركزية وهي ما تسمي بالحديقة المتوسطية. وأشار إلي أن الوحدات السكنية ستكون كاملة التشطيبات لذلك سيتم الانتهاء منها خلال عام، موضحا أن الشركة تستفيد من الخبرة الإسبانية. ومن جانبه، قال المهندس الإسباني خوسيه تاميل، مدير مشروع بشركة («كوبروزا برايم») ، إن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة كبير للغاية، موضحا أنه اختار العمل في مصر لأنه من القليل جدا أن تجد مشروعا بمثل هذا الحجم من الأعمال التي تحدث في وقت واحد، مشيرا إلي أنه تلقي عروضا من أكثر من دولة، ولكنه فضل العمل في مصر، التي يعمل بها للمرة الأولي. وأكد أن ما يميز هذا المشروع هو أنه يتم تنفيذه في وقت قياسي، وبجودة عالية جدا، مقارنة بالوقت وحجم التنفيذ المتوقع. وأشاد المهندس تاميل بالعامل المصري وجودة إنتاجه، التي أبهرته شخصيا، منوها بأن جميع العاملين المصريين بالمشروع لديهم الخبرة الكاملة المطلوبة، وعلي استعداد أيضا لاكتساب خبرات جديدة، وأنه يري أن المشروع يمثل فرصة جيدة لتبادل الخبرات.