أظهرت مختلف استطلاعات الرأى والتوقعات منذ انطلاق سباق الانتخابات الأمريكية تقاربا نسبيا فى معدلات تأييد الناخبين لكلا المرشحين : الديمقراطية هيلارى كلينتون والجمهورى دونالد ترامب، وتبين أنه رغم التفوق الملحوظ لكلينتون، فإن الفارق ما زال محدودا، ولا يدفعنا للقطع بنتائج الانتخابات المقبلة. وبكل موضوعية، كشفت أحدث استطلاعات الرأى أن الفارق بين المرشحين عقب المناظرة الثالثة والأخيرة التى جرت فى 19 أكتوبر السابق لم يتجاوز أكثر من 5 إلى 6 نقاط لصالح هيلارى التى حصلت على 45٪ من نوايا التصويت مقابل 39٪ لترامب، وهو ما يعنى شيئين، أولهما أن المنافسة لا تزال سجالا بينهما، وستظل كذلك حتى يوم الاقتراع، وثانيهما أن الفضائح والاتهامات، التى تم توجيهها لترامب بشأن ارتكاب اعتداءات وتحرشات جنسية بنساء، لم تقض تماما على فرصه فى الفوز كما يرى البعض، كما أنها لم تقلب الاستطلاعات حول حسم نتائج هذه الانتخابات رأسا على عقب ضده أو حتى لم تغيرها تماما لصالح منافسته بالحد الذى يجعلها مطمئنة تماما للفوز. ولعل ما يعضد صحة هذا الطرح القلق الآنى لهيلارى وعدم اكتفائها بنتائج هذه الاستطلاعات التى أشارت إلى تقدمها، وكذلك اعتزامها إنفاق 6 ملايين دولار إضافية خلال الفترة المقبلة لتشجيع المشاركة فى ولايات أساسية كأوهايو وفلوريدا وبنسلفينيا وغيرها، ويعنى هذا أن نتائج الاستطلاعات الحالية لو كانت كافية لطمأنتها لما مضت قدما فى بذل هذه الملايين والقيام بهذه الجولات المكوكية فى أكبر عدد من الولايات حتى وإن زعم البعض أنها مسألة عادية فى ظل أى حملة انتخابية ولا سيما للرئاسة الأمريكية. ولمزيد من الإيضاح، فإن اعتماد أى من المرشحين عقب المناظرات التليفزيونية على استطلاعات الرأى واكتفائه بنتائجها لحسم المعركة الانتخابية لصالحه ولو كان هو المتقدم بها كما هو الحال الآن بالنسبة لهيلارى يعد فكرا خاطئا لأسباب عدة، أبرزها عدم دقة أرقام ومخرجات هذه الاستطلاعات دائما وبالضرورة. ويتجسد ثانيها فى عدم إمكانية إنزالها وبشكل دائم على واقع وموقف الناخب الأمريكى حيال أى من المرشحين بدءا من الآن وحتى لحظة الاقتراع. ويكمن ثالثها فى احتمال تغير نتائجها لصالح ترامب خلال الأيام المقبلة نظرا لظروف ومعطيات بعينها. ويمثل رابعها التضارب الواضح بينها نظرا لاختلاف الجهات التى تجريها واختلاف توجهاتها وأجنداتها، بمعنى أنها فى الغالب ما تكون مسيسة وربما مزيفة. وفى الحقيقة، تأتى نتائج بعض الاستطلاعات أحيانا غير دقيقة بل ومجافية للواقع نظرا لاعتبارات أهمها أن عددا من سكان بعض الولايات أو ربما جميعهم يكونون متأرجحين أو متذبذبين، وبالتالى عندما يتم استطلاع آرائهم يبدون دعمهم لأحد المرشحين خلال الاستطلاع دون حسم الاختيار بل وسرعان ما ينقلون ثقتهم إلى الخصم، ويعنى ذلك أن استطلاعا من هذا النوع قد تضمن فى البداية نسبا مدرجة لصالح مرشح بعينه بينما آلت عقب إعلان النتائج إلى العكس تماما. وعلى صعيد التوقعات، أشارت دراسة لمركز «بيو» للأبحاث إلى أن جمهور الناخبين فى مارثون 2016 سيكونون الأكثر تنوعا على الإطلاق من حيث عاملى العرقية والإثنية، وتوقعت أن تصل نسبة الأصوات القادمة من الأقليات العرقية وأكبرها اللاتينية إلى 31٪ من إجمالى عدد الناخبين المسجلين والبالغ عددهم الآن 200 مليون، مقارنة ب 29 ٪ فقط تم تسجيلها خلال انتخابات 2012. وتوقعت أيضا صعوبة التكهن بنسب إقبال قياسية خلال المشاركة فى الانتخابات المقبلة نتيجة للإحباط الناجم عن التراشق المستمر بالاتهامات بين المرشحين، وذلك مقارنة بمشاركة 131 مليونا فى انتخابات 2012. وفى الشأن ذاته، توقع موقع «فايف ثيرتى إيت. كوم» أنه إذا اقتصر التصويت على النساء فإن هيلارى ستفوز فى أكثر من 40 ولاية من أصل 50، وستحصل على 450 من أصوات المجمع الانتخابى البالغ عددها 538. وأوضح أنه إذا كان المشاركون فى التصويت من الرجال فقط، فإن الجمهوريين سيفوزون ب 350 من أصوات هذا المجمع. والمثير أيضا أنه قبل أقل من أسبوعين على الانتخابات، كشف استطلاع أجرته «رويترز إبسوس» عن أن نصف الجمهوريين فقط سيقبلون بفوز كلينتون، وأن حوالى 70 ٪ منهم سيعزون فوزها إلى تصويت غير قانونى أو تزوير، وهو ما ينذر بعواقب قد تكون وخيمة.