فيديو.. عضو اللجنة العليا للحج والعمرة يحذر من برامج الحج الوهمية: لا تلقوا بأنفسكم في التهلكة    بعد تشغيل أول قطار تجريبيا.. تفاصيل شبكة القطار الكهربائي السريع    متحدث كتائب القسام: وفاة محتجز يحمل الجنسية البريطانية متأثرا بإصابته جراء قصف إسرائيلي    لماذا يهاجم المستوطنون الإسرائيليون منظمة الأنروا؟.. خبراء يجيبون    الهلال يتوج بطلًا للدوري السعودي للمرة ال19 في تاريخه    بعد حادث الدائري.. توجيهات عاجلة من النائب العام للنيابات ضد مخالفي السرعات المقررة    فيديو.. مسلم يطرح أغنية واحد زيك سادس أغاني ألبومه الجديد    سلمى أبو ضيف: والدي تاجر القماش سبب حبي للموضة    "الصحفيين" ترفض قرار "الأوقاف" بمنع تصوير الجنازات.. وتؤكد: اعتداء على حق الزملاء في أداء واجبهم    حياة كريمة فى الإسكندرية.. قافلة طبية مجانية ببرج العرب غدا    السكة الحديد: عودة مسير القطارات في الاتجاهين بين محطتي «الحمام و الرويسات» غدًا    واشنطن بوست: الولايات المتحدة تعرض على إسرائيل دعما استخباراتيا بديلا لاقتحام رفح الفلسطينية    تيسيرًا على الوافدين.. «الإسكندرية الأزهرية» تستحدث نظام الاستمارة الإلكترونية للطلاب    سر الأهلي.. هل ينهي الزمالك خطيئة جوميز مع جروس؟    تكريم الصاوي وسلوى محمد علي.. تفاصيل الدورة الثالثة ل«الفيمتو آرت» للأفلام القصيرة    وزير الشباب: إنشاء حمام سباحة وملعب كرة قدم بمدينة الألعاب الرياضية بجامعة سوهاج    رمضان عبد المعز: لن يهلك مع الدعاء أحد والله لا يتخلى عن عباده    أوكرانيا تحبط هجمات روسية جديدة على الحدود في منطقة خاركيف    الرقابة الإدارية تستقبل وفد مفتشية الحكومة الفيتنامية    السفير ماجد عبدالفتاح: حديث نتنياهو عن الإدارة المشتركة لقطاع غزة حلاوة روح    وكيل صحة الشرقية يتفقد مستشفى العزازي للصحة النفسية    وكيل صحة الشرقية يتفقد مستشفى العزازي للصحة النفسية وعلاج الإدمان    خنقها برباط حذائه.. الإعدام لعامل بناء قتل ابنة شقيقه بسوهاج    سلوفينيا: ممتنون لمصر لمساعدة مواطنينا في غزة على العودة    وزير الرياضة يطمئن على لاعبة المشروع القومي بعد إجرائها عملية جراحية    كنيسة يسوع الملك الأسقفية بالرأس السوداء تحتفل بتخرج متدربين حرفيين جدد    شراكة بين بنك القاهرة وشركة متلايف لتقديم خدمات التأمين البنكي عبر 150 فرعا    فيلم السرب يواصل سيطرته على شباك تذاكر السينما.. وعالماشي يتذيل القائمة    بكلمات مؤثرة.. إيمي سمير غانم تواسي يسرا اللوزي في وفاة والدتها    «جوالة جامعة الزقازيق» تُنظم دورة تدريبية عن الإسعافات الأولية    وزير الأوقاف يحظر تصوير الجنائز بالمساجد مراعاة لحرمة الموتى    عمرو الورداني للأزواج: "قول كلام حلو لزوجتك زى اللى بتقوله برة"    إحالة أوراق طالب هتك عرض طفلة للمفتي    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة محملة بطيخ بقنا    محافظ القليوبية يناقش تنفيذ عدد من المشروعات البيئة بأبي زعبل والعكرشة بالخانكة    خالد عبدالغفار: وزارة الصحة وضعت خططا متكاملة لتطوير بيئة العمل في كافة المنشأت الصحية    رئيس"المهندسين" بالإسكندرية يشارك في افتتاح الملتقى الهندسي للأعمال والوظائف لعام 2024    بالصور- سانت كاترين تستقبل 2300 سائح من مختلف الجنسيات    أخبار الأهلي : طلبات مفاجئه للشيبي للتنازل عن قضية الشحات    نقيب الأطباء يشكر السيسي لرعايته حفل يوم الطبيب: وجه بتحسين أحوال الأطباء عدة مرات    إلغاء جميع قرارات تعيين مساعدين لرئيس حزب الوفد    نتائج منافسات الرجال في اليوم الثاني من بطولة العالم للإسكواش 2024    جيش الاحتلال الإسرائيلى: نحو 300 ألف شخص نزحوا من شرق رفح الفلسطينية    «الأرصاد» تكشف حقيقة وصول عاصفة بورسعيد الرملية إلى سماء القاهرة    البابا تواضروس يدشن كنيسة "العذراء" بالرحاب    قروض للشباب والموظفين وأصحاب المعاشات بدون فوائد.. اعرف التفاصيل    بعد ثبوت هلال ذي القعدة.. موعد بداية أطول إجازة للموظفين بمناسبة عيد الأضحى    إحالة العاملين بمركز طب الأسرة بقرية الروافع بسوهاج إلى التحقيق    المفتي يحسم الجدل بشأن حكم إيداع الأموال في البنوك    المشاركة ضرورية.. النني يحلم بتجنب سيناريو صلاح مع تشيلسي للتتويج بالبريميرليج    مباشر مباراة المنصورة وسبورتنج لحسم الترقي إلى الدوري الممتاز    على مدار 3 سنوات.. الدولة تسترد 2.3 مليون متر مربع أراضي زراعية    منها المهددة بالانقراض.. تفاصيل اليوم العالمي للطيور المهاجرة للبيئة    ما حكمُ من مات غنيًّا ولم يؤدِّ فريضةَ الحج؟ الإفتاء تُجيب    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 11-5-2024    حادثة عصام صاصا على الدائري: تفاصيل الحادث والتطورات القانونية وظهوره الأخير في حفل بدبي    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تقصف منزلًا في شارع القصاصيب بجباليا شمال قطاع غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ديمقراطية للقلة!
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 10 - 2016

يمثل «المال السياسي» أحد عناصر التناقضات الصارخة في الحياة السياسية الأمريكية، والمدهش أن المحكمة الدستورية العليا هي التي أصدرت حكمها بأن المال يساوي الكلام المباح،
وبذلك أصبح " المال السياسي" مفهومًا وفعلاً وواقعًا، ينطبق عليه التعديل الأول للدستور والخاص بحرية التعبير، أي حرية إنفاق المال السياسي في الانتخابات. أصبح "المال السياسي" استثمارًا مضادًا لجوهر الديمقراطية، ليرسخ عجز الأغلبية عن ممارسة استحقاقاتها المشروعة لعضوية مجلس الشيوخ والنواب، في مواجهة خصوصية واقع قلة بحوزتها الثروات، إذ صار شرط الفوز بعضوية أحد المجلسين، إنفاق أكثر من عشرة ملايين دولار يدفعها المرشح، أو وفقًا للمصالح يسهم فيها الأثرياء ممن يصطفون إلى جانب المرشح، عندئذ يتجلى الثراء أداة إكراه وهيمنة، كتحدٍ صريح للديمقراطية ولسيادة العدالة وشرعيتها، وبينما اختفى مبدأ إنصاف الأغلبية، علت أصوات الأثرياء تروج لتمجيد الديمقراطية بصورة مجردة، وعزلها عن ظروف الاستغلال التي يمارسونها. هل المواطنة عيشًا، أم هي الفعل المنتج لحياة اجتماعية عادلة؟ وهل المجال السياسي هو مجال عام، وليس مجالاً خصوصيًا، إذ يتأسس على الانتخاب وليس الولادة، أو الانتماء إلى قلة مغلقة، أو الشراء؟ وفي ظل سلطان التلاعب واختطاف الحقائق من كياناتها، ظهر كتاب " ديمقراطية للقلة"، للكاتب السياسي الشهير "مايكل بارنتي" والتي أعيدت طبعته التاسعة عام 2011، لما يكشفه من طغيان ممارسات تبديد سلطة المفاهيم والحقوق والقيم المرجعية للديمقراطية
يطرح "مايكل بارنتي" في كتابه "ديمقراطية للقلة"، مجموعة من الأسئلة التي يناقشها الكتاب، التي تبرهن إجاباتها على بروز أوضاع خارقة بشكل حاسم للديمقراطية في النظام الأمريكي، فالمؤلف يتساءل: ما النهج الذي يتبعه النظام السياسي الأمريكي، وكيف يؤدي مهامه؟ ما القوى الرئيسية التي تشكل الحياة السياسية؟ من الذي يحكم أمريكا؟ من يحصل على ماذا، ومتى، وكيف ولماذا؟ من الذي يدفع الثمن، وبأي السبل يتم ذلك؟ وهذه التساؤلات إجاباتها - كما يطرحها المؤلف- تضاد ما تمارسه الأمركة وتكرره بأن واقعها لا يتطلب فحصًا، بل لا بد من التسليم به؛ لذا يحاول المتخصصون في العلوم السياسية الذين يمثلون الاتجاه السائد في أمريكا، والمدافعون عن النظام الاجتماعي القائم، إعادة عرض كل النواقص في النظام السياسي، بحيث تبدو وكأنها نقاط قوة؛ بل يحاولون ترسيخ القناعة بأن الملايين ممن يحجمون عن الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الأمريكية، قانعون بالظروف الاجتماعية الراهنة، وتتعدد الدفاعات عن دكتاتورية الفساد المعلن المنظم، بحيث تتبدى مسلمات مفروغًا منها تأسيسًا، ولا تتطلب تفكيكها على ضوء أهداف تنظير جديد، بل يستعان بها هي ذاتها، غير أن المؤلف يكشف عن كل المخفيات الأخرى التي اختزلها المدافعون عن تصوراتهم الاستباقية، فهو يكشف حقيقة أن الديمقراطية تتنافى مع الرأسمالية القائمة؛ بل إن النظام الاجتماعي الرأسمالي ينتهك الديمقراطية على نحو مستمر، وأن مفهوم الديمقراطية الحقيقية في أمريكا محض وهم، ولم يجنب الكاتب نفسه عناء الدخول إلى تفاصيل مستفيضة تاريخيًا، لرصد طبيعة النظام السياسي والاقتصادي وتجلياته، إذ يقرر أن "ديمقراطية للقلة"، هي محض انعكاس للنظام الاقتصادي السياسي كله، وأيضًا لطريقة توزيع مصادر السلطة داخل هذا النظام التي تمثل قلة ذات امتيازات، وليس عامة الناس، وأن القوانين وضعت بصفة رئيسية لدعم من يملكون، على حساب البقية الباقية من الشعب، إذ لدى أمريكا أعلى مستوى من عدم المساواة في جميع الدول المتقدمة، ثم يطرح سؤالاً: من الذي يملك أمريكا؟ وتأتي الإجابة فاضحة لمكامن خلل الديمقراطية الأمريكية، إذ إن نسبة 10 % من البيوت الأمريكية، التي تتربع على قمة الهرم، تملك 98 % من السندات المعفاة من الضرائب، كما تملك 94 % من الأصول المالية لمؤسسات الأعمال، وأيضا 95 % من قيمة جميع الودائع، كما تملك الطبقة الأغنى، التي لا تتجاوز 1% فقط من الأمريكيين، ما يصل إلى 60 % من أسهم الشركات الكبرى جميعًا، وكذلك 60 % من كل أصول مؤسسات الأعمال، وتنحو الاتجاهات نحو مزيد من التفاوتات. ألا يعني ذلك أن القلة هي التي تملك أمريكا؟ وبمراجعة تأسيسية شاملة، فكك المؤلف تمفصل النظام السياسي والاقتصادي الأمريكي، بوصفه مركزًا لتخطيط وتنميط وضبط كل مقول أو مفعول أو متداول، ليكشف الأوضاع المغلقة لقلة أضفت على نفسها اللامحدودية، وامتطت القانون بوصفه إحدى دوائر الضبط الاجتماعي، ليصبح جسرًا إلى أهدافها في استلاب حقوق الأغلبية. ولأن التمفصلات السياسية والاقتصادية تأتي صنيعة أهدافها، ويمكن استشفافها؛ لذا فإن المؤلف يطرح خارطة المخاطر المعادية للديمقراطية، في ممارسات أجهزة الإعلام، وجماعات الضغط، والعدالة القضائية، والتدخل فيما وراء البحار وغيرها من الممارسات التي تعزز التفاوتات والهيمنة، فمثلاً استطاعت الشركات العملاقة للقلة المتحكمة في الإعلام، استصدار " قانون الاتصالات" الذي يسمح لشركة متفردة بامتلاك محطات تلفزة تخدم ما يزيد عن ثلث المشاهدين الأمريكيين، في حين أنها استراتيجية واضحة لإهدار تأمين التعدد واغتيال المصلحة العامة، كما رفضت شركات الإعلام عرض برامج أو تعليقات تدعو إلى التأمين الصحي، أو تنتقد التدخل العسكري الأمريكي في الدول الأخرى، وذلك ما يعني أنها محض سياسة واستراتيجية واحدة تفرضها قلة وليس ثمة خيار للأغلبية، وأيضًا عندما أظهرت إحدى عمليات استطلاع الرأي أن 23% ممن تم استفتاؤهم وافقوا على أن نظام الحزبين الاثنين، يسير سيرًا حسنًا، في حين عبر 67 % عن اعتقادهم أنه ينطوي على مشكلات كثيرة، وأنه غير فعال على الإطلاق، ومع ذلك لم تؤخذ خيارات الناس بعين الاعتبار ولم يعدل نظام الحزبين، صحيح أن الكونجرس يتكون من مجلسين، مجلس نواب توزع مقاعده بين الولايات تبعًا لعدد سكان كل ولاية، ومجلس شيوخ يضم عضوين عن كل ولاية بغض النظر عن عدد سكانها، وصحيح أنه وفقًا لذلك فإن تسع ولايات تضم أكثر من نصف سكان الولايات المتحدة، ولكنها لا تحتل إلا 18 % من مقاعد مجلس الشيوخ، فمن، وماذا يمثل الكونجرس في الواقع؟ لذا يتولى من يدعمون الرأسمالية الكونية، ودولة الأمن القومي، مركزية التفكير لطرح فقه الدفاع عن الأوضاع الداخلية والخارجية، بوصفها ليست مرشحة للتغيير. يستعرض المؤلف نتائج تدخلات واشنطن في الإطاحة بحكومات إصلاحية لاثنتي عشرة دولة في العالم، خلال القرن المنصرم، واستعانتها بالمخابرات الأمريكية، وقوات من المرتزقة في تلك الحروب التي أدت إلى تشريد وقتل الملايين. يؤكد المؤلف أن "هذه السياسة التوسعية صممت على نطاق الكون كله، لكي تحمي وتدعم تنمية فرصتها المالية العالمية، ولتمنع قيام أنظمة اجتماعية ذات طبيعة ثورية أو إصلاحية"، وتساءل المؤلف: هل المخابرات الأمريكية هي جيش للرأسمالية؟ ويعاود الكاتب تأكيده أن "حكومة بلاده في سعيها لتوفير الأمن والسلامة للرأسمالية العالمية، تلجأ لقمع حركات التمرد الإصلاحية في العالم، وتقنع مواطنيها بأن سياسات التدخل ضرورة لمحاربة الإرهاب"، ثم يطرح سؤالاً: ترى من يراقب الأوصياء على الناس؟
لمزيد من مقالات د.فوزى فهمى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.