حزب الإصلاح والتنمية: أتمنى من مصطفى مدبولى الاستماع للحوار الوطنى    تنسيق الثانوية العامة 2024 .. تعرف على أهم التوقعات    وزير الاتصالات: نستهدف زيادة الخدمات على منصة مصر الرقمية إلى 200 خدمة بنهاية العام    منتخب ألمانيا يتعادل سلبيا مع أوكرانيا وديا استعدادا لبطولة يورو 2024    4 وفيات جنوبي ألمانيا جراء الفيضانات    إسرائيل تبحث في بدائل حكم حماس لغزة    الإسماعيلى يواجه المريخ السودانى وديا الخميس المقبل استعدادا لإنبى    رونالدو: تحطيم الرقم القياسي مصدر فخر.. وقدمت أفضل مواسم حياتى    سيف جعفر: رفضت عرضا من الأهلى قبل بيراميدز.. ووقعت على بياض للزمالك    المصري: مشاركتنا في الكونفدرالية حق أصيل لتمثيل مصر    تفاصيل نتائج الحملات المكبرة على بعض مدن وقرى ومراكز طنطا    إعلام إسرائيلى: نتنياهو سيلقى خطابا أمام الكونجرس الأمريكي 13 يونيو المقبل    حزب الإصلاح والتنمية: أتمنى من مصطفى مدبولى الاستماع للحوار الوطنى    رئيس «مواطنون ضد الغلاء»: تطبيق القانون الرادع الوحيد لضبط الأسعار    أشرف أبوالنصر: نشكر حكومة مدبولى لما قدمته فى ظل أزمات كبيرة    تعليم شمال سيناء يحصل على المركز الأول جمهوري في مسابقة العروض الرياضية    رئيس «حماية المستهلك» الأسبق: لا بد من وضع سياسات محددة لضبط الأسواق    رغم غيابه عن الظهور بالفيلم.. أحمد الفيشاوي يروج ل «ولاد رزق 3»    ورش فنية متنوعة للأطفال ولقاءات ثقافية ضمن النشاط الصيفي ب الفيوم    مي عمر عن علاقتها بحماتها : «أمي التانية وفي المشاكل بتقف معايا» | فيديو    خالد النبوي محارب وريم مصطفى فقيرة.. طرح بوسترات «أهل الكهف» قبل عرضه بالسينمات    اللوز.. سر الرشاقة والتحكم في الوزن    وزارة الصحة توضح الفئات المستهدفة من مبادرة إنهاء قوائم انتظار الجراحات    في انتظار إجازة عيد الأضحى: اللحظة المنتظرة للراحة والاستمتاع    وزارة التضامن سنوات من الإنجازات وبرامج لحماية الأسر الأولى بالرعاية.. صرف دعم تكافل وكرامة ل22 مليون مواطن وزيادة الحد الأدنى للمعاش.. وعلاج مرضى الإدمان مجانا وفقا للمعايير الدولية    موراتا يلمح لمغادرة أتلتيكو مدريد    نانسى عجرم تحيي حفلا غنائيا في تركيا    ما هي الأضحية في اللغة والشرع.. «الإفتاء» توضح    متى تبدأ تكبيرات عيد الأضحى وصيغتها    أحمد دياب يكشف موقفه من رئاسة رابطة الأندية في الموسم الجديد    رئيس مياه القناة يتفقد محطات محافظة السويس    مليار و713 مليون جنيه، تكلفة علاج 290 ألف مواطن على نفقة الدولة    حقيقة زيادة المصروفات الدراسية 100%.. رئيس جمعية أصحاب المدارس الخاصة يرد (فيديو)    عقد النسخة الرابعة من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين يومي 2 و3 يوليو المقبل    تعديلات مواعيد القطارات الجديدة بدءا من السبت المقبل    رودري: علينا الاقتداء بكروس.. وريال مدريد الأفضل في العالم    5.150 مليار جنيه أرباحًا تقديرية للنقل البحري والبري    تقديم الخدمة الطبية ل 652 مواطنا خلال قوافل جامعة قناة السويس بقرية "جلبانة"    رئيس الوزراء يتابع عدداً من ملفات عمل صندوق مصر السيادي    وزير الصناعة: 16.9% زيادة في حجم التبادل التجاري بين مصر والمجر العام الماضي    قبل عقد قرانه على جميلة عوض.. 9 معلومات عن المونتير أحمد حافظ    عضو "الفتوى الإلكترونية" ل قناة الناس: هذا وقت استجابة الدعاء يوم عرفة    صدمة كبرى.. المنتخب الإيطالي يستبعد نجم الفريق من المشاركة في يورو 2024 بسبب الإصابة    رئيس جامعة العريش يناقش الخطط التنفيذية والإجرائية لتطوير تصنيف الجامعة    وزير الأوقاف يوصي حجاج بيت الله بكثرة الدعاء لمصر    البابا تواضروس يستقبل السفير التركي    جولة لرئيس جامعة القاهرة للاطمئنان على سير الامتحانات وأعمال الكنترولات    قائد القوات الجوية يلتقى قائد القوات الجوية والدفاع الجوى لوزارة دفاع صربيا    وظائف متاحة للمعلمين في المدارس المصرية اليابانية.. رابط التقديم    الرئاسة الأوكرانية: 107 دول ومنظمات دولية تشارك في قمة السلام المرتقبة بسويسرا    موسكو تهدد واشنطن بعواقب الأضرار التي لحقت بنظام الإنذار المبكر    التحفظ على مدير حملة أحمد طنطاوي لتنفيذ حكم حبسه في تزوير توكيلات انتخابات الرئاسة    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    تحرير 94 محضر إنتاج خبز غير مطابق للمواصفات بالمنوفية    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    بعد انسحاب قوات الاحتلال.. فلسطينيون يرون كيف أصبح حال مخيم جباليا    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علوى الجزار .. صنايعى (الشيخ الشريب)
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 10 - 2016

(1) فى منتصف الثمانينيات كانت هناك بيوت كثيرة ومحلات تضع بوسترات ونتائج حائط لشيخ عجوز مبتسم، يصب الشاى فى كوب زجاجى صغير اسمه «الشيخ الشرّيب»، فسَّرت لى جدتى اقتران الشاى ب«شيخ» بأن هذا النوع من الشاى كله «نفحات»، كان الشيخ الشريب هو أول علاقتى بالشاى التى تحولت إلى تفصيلة أساسية فى حياة الواحد كمواطن مصرى عادى يتكون جسمه من 30 % ماء و 70 % شاي، يقدس هذا المشروب باعتباره (مزاج حلالا.
نصَّب المصريون الشاى وزيرا لداخلية المعدة، لقدرته على «الحبس» بعد الطعام! أصبح لكل طائفة «شايها»، من الصنايعية كحالة من الراحة المقترنة بالتأمل الذهنى فى الشغلانة، إلى شاى المذاكرة. ومن شاى عزومة المراكبية «تعااشّب شاي»، إلى شاى العلاج من الصداع والبرد وتعكر الدم. و سجل المصريون باسمهم اختراع استخدام الملعقة المعدنية كأداة عزف تعلن أن الشاى على بُعد خطوات. يقدس المصريون الشاى لدرجة أن الحكومة أقرته كمادة تموينية أساسية تستحق الدعم، لنصبح أول دولة فى العالم تقنن وتدعم مزاج مواطنيها.
كان الواحد يتابع مسيرة الشاى فى وجدان المصريين و هو مشغول منذ الطفولة بسؤال من هذا الرجل المرسوم على علبة شاى الشيخ الشريب، كنت أقدم لنفسى إجابة واحدة وهى أنها صورة صاحب المصنع كنت أعتقد أنها إجابة مرضية حتى كبرت و عرفت الحقيقة.
(2)
علوى الجزار ابن الحوامدية، خريج كلية الزراعة، أنطلق فى صناعة الشاى بمشاركة ثلاثة من أشقائه، تزوج وأنجب ثمانية بنات، يقول المصريون (رزق البنات واسع)، مسيرة الجزار تؤكد تلك المقولة، إذ لم يكن شاى الشيخ الشريب هو إنجازه الوحيد، كان الجزار رئيس مجلس إدارة مصنع كوكا كولا و صاحب 70% من أسهم هذا المشروع، واستطاع أن يثبت أقدام المنتج فى مصر والمنطقة عموما بنجاح، بخلاف الشيخ الشريب وكوكا كولا، كان لديه مصانع للسجاد و البلاط و الموبيليات والشربات وماركة البونبون الشهيرة ( فينوس) و كريم نيفيا، وكان صاحب مزرعة كبيرة بشراكة مع الخواجة اليكو انبثق عنها مطعم أندريا الشهير، وكان أيضا صاحب سينما الفانتازيو الشهيرة فى ميدان الجيزة وفندق شهرزاد.
كان علوى الجزار نموذجا لصنايعى الأعمال تنطبق عليه مقولة يحول التراب إلى ذهب، وكان نجاح مشروع تصنيعه للشاى نموذجا يستحق الدراسة، كان يستورد الشاى الخام من سيلان ويصدره مصنعا إلى معظم الدول العربية و كان تقريبا الشاى الرسمى المعتمد عند المصريين بالرغم من وجود منافسين مثل شاى (زوزو) إنتاج مصنع الحوامدية، و شاى (كراون) إنتاج مصنع بورسعيد، لكن الشريب تفوق بخلاف الجودة بسبب العقلية الدعائية للجزار، فقد رسم فى وجدان المصريين بصورة الشيخ الشريب ملامح لشخص ارتاحوا له و لابتسامته سريعا، شخص من بينهم و ليس نجما سينمائيا، به أبوة و يشعرك بقرابة ما أو بأنك حتما التقيت به، كما كانت أعلانات الصحف و المجلات تخاطب صاحب القرار فى موضوع الشاى فى كل بيت و هى المرأة، وكانت صيغة إعلانات الشريب واحدة دائما تقول: «يقول علماء النفس بعد دراسة أن المرأة تفوق الرجل فى القدرة على تمييز طعم المر والحامض والمالح والحلو وأنها أدق من الرجل فى تذوق الطعم، ولهذا اختارت السيدة المصرية شاى الشيخ الشريب مشروبها المفضل».
(3)
فى بداية الستينيات تولى علوى الجزار رئاسة نادى الزمالك، وكان أصغر من تولى هذا المنصب سنا ( 38 عاما) وصاحب أقل فترة رئاسة ( عاما واحدا)، و حقق إنجازات كثيرة أهمها حمام السباحة الأوليمبى و تأسيس لعبات جديدة بخلاف كرة القدم، أما فى كرة القدم فقد حقق بطولة الدورى مرتين متتالتين، قرر بعدها أن يستضيف على نفقته فريق كرة القدم العالمى ( ريال مدريد) ليلعب مباراة ودية فى القاهرة، وكان حدثا مشهودا، لكن هناك رواية تقول أن هذه المباراة كانت سببا فى تعرض علوى الجزار لأذى التأميم، تقول الحكاية – والعهدة على الناقد الرياضى محمود معروف – أن عبد الناصر كان يشاهد المباراة تليفزيونيا، و كان الجزار يجلس فى المقصورة إلى جوار رئيس نادى ريال مدريد، و حدث أن أشعل كل واحد منهما سيجارا فخما، سال عبد الناصر عن الشخص الذى يدخن السيجار إلى جوار الضيف الأجنبى فقالوا له علوى الجزار، فسألهم: وده أممناه ولا لسه؟، وكانت الإجابة (لسه)، فكان قرار التأميم.
كان القرار عنيفا، صدر وهو فى طريق عودته إلى بيته، تحت البيت وجد فى انتظاره ضباط تنفيذ القرار، و كان أول ما فعلوه أنهم نزعوا من يده ساعته الرولكس، و سحبوا منه سيارته الفارهة.
لكن الجزار كان أقوى منه و خلق لنفسه ملاعب جديدة ونجاحات مختلفة، و لم يمنعه قرار التأميم عن تأدية واجبه الوطنى فقد ساعد بعلاقاته فى بعض الدول العربية مثل ليبيا فى ترتيب إقامة الحفلات الغنائية التى كانت تقدمها أم كلثوم لدعم المجهود الحربي، وفى الوقت نفسه عاد إلى العمل سريعا، اضطر أن يجعل عمله سريا لفترة خوفا من ملاحقة جديدة، فأسس مع صديق له مصنع (إيديال) للحلويات، و كان المصنع مسجلا باسم شخص ثالث، نجحت الخطة و أصبح المورد الرئيسى للشركات والمصانع الحكومية التى تحتاج إلى منتجات إيديال مثل عرق الحلاوة وعسل الجلوكوز، وسرعان ما استعاد عافيته لرجل أعمال فى الوقت الذى كانت أسهم الشيخ الشريب تتراجع فيه حتى أصبح اسمه مجرد ذكريات بعد أن كان أول من نظم صناعة الشاى وتسويقها بشكل حقيقى فى مصر منذ دخوله إلى أرضها.
(4)
كانت معظم مطابخ و محلات بقالة و مقاهى مصر بها نتيجة حائط أو بوستر عليها شيخ يرتدى الزى التقليدى ويصب الشاى بابتسامة صارت أيقونة فى مخيلة المصريين، كان البعض يعتبرون هذة الصورة محض خيال فني، لكنها شخصية حقيقة وهو ليس شيخا و لكنها صورة ( عم عرفة) الذى كان يعمل سائقا عند علوى الجزار و كان الجزار يحبه و يتفاءل به فقرر أن يجعل صورته رمزا للشاى الذى اجتاح مصر بقوة حتى نهاية الثمانينيات.
.................................................................................مصادر: (حوار شخصى مع سمية علوى الجزار – على خضير .. مجلة صباح الخير – موقع مصر المحروسة) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.