نقابة أطباء قنا تُثمن جهود احتواء أزمة مُسنة قوص    ارتفاع الصادرات الزراعية إلى 4.8 مليون طن بزيادة نصف مليون طن عن النصف الأول للعام الماضي    صندوق التأمين على الماشية يذبح 450 أضحية لمؤسسات المجتمع المدني بغرب النوبارية    ادفع فاتورة الكهرباء أونلاين بدءا من غد 10 يونيو لتجنب تراكم المديونيات    سفارة الكويت في واشنطن تدعو الكويتيين في لوس أنجلوس لتوخي الحذر    تضارب حول مكان احتجاز ناشطي سفينة مادلين بعد اقتحامها من قبل الجيش الإسرائيلي    الأمين العام للناتو: روسيا قد تهاجم الحلف خلال 5 سنوات    لبحث نقاط الخلاف.. بدء محادثات تجارية رفيعة المستوى بين الصين وأمريكا في لندن    «سرايا القدس» تعلن الاستيلاء على مسيّرة للاحتلال في شمال غزة    استطلاع رأي: 61؜ % من الإسرائيليين يدعمون صفقة مع حماس تنهي الحرب    عربي جديد مع مرموش.. مانشستر سيتي يعلن ضم آيت نوري قبل كأس العالم للأندية    من هو أدهم صالح لاعب سموحة الذي تُوفيّ متأثرًا بسرطان في الدم؟    لابورتا يحدد بديل ليفاندوفسكي    صحة المنيا تُحقق في إصابة 25 شخصًا بالتسمم (صور)    إصابة 12 شخصًا في تصادم ميكروباص بسيارة نقل بالدقهلية    10 مشاهد من حياة الشهيد خالد عبد العال منقذ مدينة العاشر من رمضان    وفاة مسن أصيب في مشاجرة أمام مخبز بلدي في الإسماعيلية    إصابة 20 شخصا بحالة تسمم نتيجة تناول وجبة بأحد أفراح الدقهلية    "ريستارت" لتامر حسني يتصدر شباك التذاكر عربيا    مظهر شاهين عن إحياء أحمد سعد حفلًا غنائيًا: "مؤلم عودة البعض عن توبتهم"    بأنشطة في الأسمرات والخيالة.. قصور الثقافة تواصل برنامج فرحة العيد في المناطق الجديدة الآمنة    ماذا يحدث لطفلك عند تناول الكركم؟    أصالة تتصدر تريند يوتيوب بأحدث أغانيها «كلام فارغ» | شاهد    «التعاون الخليجي» يبحث مع «منظمة الدول الأمريكية» تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري    لعب في برشلونة وتعلم 4 صفات من «الزعيم».. من هو حفيد عادل إمام قبل زفافه المرتقب؟    «واكلين الجو».. 3 أبراج تمتلك قوة إقناع لتحقيق رغبتها    هل تنتهي مناسك الحج في آخر أيام عيد الأضحى؟    رسميًا.. إنتر ميلان يعلن كريستيان كيفو مدربًا للفريق قبل كأس العالم للأندية    حارس إسبانيول على أعتاب برشلونة.. وشتيجن في طريقه للخروج    رايات خضراء وصفراء.. إقبال المصطافين على شواطئ الإسكندرية في آخر أيام العيد    مديرية صحة شمال سيناء تواصل تنفيذ خطة التأمين الطبي الشاملة خلال عطلة عيد الأضحى    هل الموز على الريق يرفع السكري؟    الصحة: حملات وقائية على المنشآت السياحية وأماكن تقديم الطعام خلال العيد بمطروح    وكيل الشباب والرياضة بالقليوبية يشهد احتفالات مبادرة «العيد أحلى»    من الشهر المقبل.. تفاصيل زيادة الأجور للموطفين في الحكومة    مواعيد عمل المتاحف والمواقع الأثرية في عيد الأضحى 2025    33 يومًا من الزهد الروحي.. رحلة صوم الرسل في الكنيسة القبطية    ما حكم صيام الإثنين والخميس إذا وافقا أحد أيام التشريق؟.. عالم أزهري يوضح    الدوائر الانتخابية لمجلس الشيوخ الفردي والقائمة بعد نشرها بالجريدة الرسمية    موعد إجازة رأس السنة الهجرية.. تعرف على خريطة الإجازات حتى نهاية 2025    حزب العدل: انتهينا من قائمة مرشحينا للفردي بانتخابات مجلس الشيوخ    اعتماد كامل لعيادات الأطفال أبو الريش من هيئة الاعتماد والرقابة الصحية    التحالف الوطنى بالقليوبية يوزع أكثر من 2000 طقم ملابس عيد على الأطفال والأسر    الجامعات المصرية تتألق رياضيا.. حصد 11 ميدالية ببطولة العالم للسباحة.. نتائج مميزة في الدورة العربية الثالثة للألعاب الشاطئية.. وانطلاق أول دوري للرياضات الإلكترونية    دار الإفتاء تنصح شخص يعاني من الكسل في العبادة    حقبة تشابي ألونسو.. ريال مدريد يبدأ استعداداته لكأس العالم للأندية 2025    تزامناً مع ترؤس "جبران" الوفد الثلاثي لمؤتمر العمل الدولي بجنيف.. 8 حيثيات تؤكد امتثال مصر للمعايير الدولية    التضامن عودة أولي رحلات حج الجمعيات الأهلية من جدة 10 يونيو.. ومن المدينة المنورة 14 يونيو    ارتفاع كميات القمح الموردة لصوامع وشون الشرقية    ترامب يتعثر على درج الطائرة الرئاسية.. وروبيو يتبع خطاه    د.عبد الراضي رضوان يكتب : ل نحيا بالوعي "13 " .. حقيقة الموت بين الفلسفة والروحانية الإسلامية    توتر بين عائلة العندليب و«موازين» بعد إعلان حفل بتقنية الهولوجرام    دعاء الخروج من مكة.. أفضل كلمات يقولها الحاج في وداع الكعبة    الصحة: فحص أكثر من 11 مليون مواطن بمبادرة الكشف المبكر عن السرطان    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الاثنين 9-6-2025 صباحًا للمستهلك    استعدادا لامتحان الثانوية 2025.. جدول الاختبار لطلبة النظام الجديد    الخميس المقبل.. ستاد السلام يستضيف مباراتي الختام في كأس الرابطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علوى الجزار .. صنايعى (الشيخ الشريب)
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 10 - 2016

(1) فى منتصف الثمانينيات كانت هناك بيوت كثيرة ومحلات تضع بوسترات ونتائج حائط لشيخ عجوز مبتسم، يصب الشاى فى كوب زجاجى صغير اسمه «الشيخ الشرّيب»، فسَّرت لى جدتى اقتران الشاى ب«شيخ» بأن هذا النوع من الشاى كله «نفحات»، كان الشيخ الشريب هو أول علاقتى بالشاى التى تحولت إلى تفصيلة أساسية فى حياة الواحد كمواطن مصرى عادى يتكون جسمه من 30 % ماء و 70 % شاي، يقدس هذا المشروب باعتباره (مزاج حلالا.
نصَّب المصريون الشاى وزيرا لداخلية المعدة، لقدرته على «الحبس» بعد الطعام! أصبح لكل طائفة «شايها»، من الصنايعية كحالة من الراحة المقترنة بالتأمل الذهنى فى الشغلانة، إلى شاى المذاكرة. ومن شاى عزومة المراكبية «تعااشّب شاي»، إلى شاى العلاج من الصداع والبرد وتعكر الدم. و سجل المصريون باسمهم اختراع استخدام الملعقة المعدنية كأداة عزف تعلن أن الشاى على بُعد خطوات. يقدس المصريون الشاى لدرجة أن الحكومة أقرته كمادة تموينية أساسية تستحق الدعم، لنصبح أول دولة فى العالم تقنن وتدعم مزاج مواطنيها.
كان الواحد يتابع مسيرة الشاى فى وجدان المصريين و هو مشغول منذ الطفولة بسؤال من هذا الرجل المرسوم على علبة شاى الشيخ الشريب، كنت أقدم لنفسى إجابة واحدة وهى أنها صورة صاحب المصنع كنت أعتقد أنها إجابة مرضية حتى كبرت و عرفت الحقيقة.
(2)
علوى الجزار ابن الحوامدية، خريج كلية الزراعة، أنطلق فى صناعة الشاى بمشاركة ثلاثة من أشقائه، تزوج وأنجب ثمانية بنات، يقول المصريون (رزق البنات واسع)، مسيرة الجزار تؤكد تلك المقولة، إذ لم يكن شاى الشيخ الشريب هو إنجازه الوحيد، كان الجزار رئيس مجلس إدارة مصنع كوكا كولا و صاحب 70% من أسهم هذا المشروع، واستطاع أن يثبت أقدام المنتج فى مصر والمنطقة عموما بنجاح، بخلاف الشيخ الشريب وكوكا كولا، كان لديه مصانع للسجاد و البلاط و الموبيليات والشربات وماركة البونبون الشهيرة ( فينوس) و كريم نيفيا، وكان صاحب مزرعة كبيرة بشراكة مع الخواجة اليكو انبثق عنها مطعم أندريا الشهير، وكان أيضا صاحب سينما الفانتازيو الشهيرة فى ميدان الجيزة وفندق شهرزاد.
كان علوى الجزار نموذجا لصنايعى الأعمال تنطبق عليه مقولة يحول التراب إلى ذهب، وكان نجاح مشروع تصنيعه للشاى نموذجا يستحق الدراسة، كان يستورد الشاى الخام من سيلان ويصدره مصنعا إلى معظم الدول العربية و كان تقريبا الشاى الرسمى المعتمد عند المصريين بالرغم من وجود منافسين مثل شاى (زوزو) إنتاج مصنع الحوامدية، و شاى (كراون) إنتاج مصنع بورسعيد، لكن الشريب تفوق بخلاف الجودة بسبب العقلية الدعائية للجزار، فقد رسم فى وجدان المصريين بصورة الشيخ الشريب ملامح لشخص ارتاحوا له و لابتسامته سريعا، شخص من بينهم و ليس نجما سينمائيا، به أبوة و يشعرك بقرابة ما أو بأنك حتما التقيت به، كما كانت أعلانات الصحف و المجلات تخاطب صاحب القرار فى موضوع الشاى فى كل بيت و هى المرأة، وكانت صيغة إعلانات الشريب واحدة دائما تقول: «يقول علماء النفس بعد دراسة أن المرأة تفوق الرجل فى القدرة على تمييز طعم المر والحامض والمالح والحلو وأنها أدق من الرجل فى تذوق الطعم، ولهذا اختارت السيدة المصرية شاى الشيخ الشريب مشروبها المفضل».
(3)
فى بداية الستينيات تولى علوى الجزار رئاسة نادى الزمالك، وكان أصغر من تولى هذا المنصب سنا ( 38 عاما) وصاحب أقل فترة رئاسة ( عاما واحدا)، و حقق إنجازات كثيرة أهمها حمام السباحة الأوليمبى و تأسيس لعبات جديدة بخلاف كرة القدم، أما فى كرة القدم فقد حقق بطولة الدورى مرتين متتالتين، قرر بعدها أن يستضيف على نفقته فريق كرة القدم العالمى ( ريال مدريد) ليلعب مباراة ودية فى القاهرة، وكان حدثا مشهودا، لكن هناك رواية تقول أن هذه المباراة كانت سببا فى تعرض علوى الجزار لأذى التأميم، تقول الحكاية – والعهدة على الناقد الرياضى محمود معروف – أن عبد الناصر كان يشاهد المباراة تليفزيونيا، و كان الجزار يجلس فى المقصورة إلى جوار رئيس نادى ريال مدريد، و حدث أن أشعل كل واحد منهما سيجارا فخما، سال عبد الناصر عن الشخص الذى يدخن السيجار إلى جوار الضيف الأجنبى فقالوا له علوى الجزار، فسألهم: وده أممناه ولا لسه؟، وكانت الإجابة (لسه)، فكان قرار التأميم.
كان القرار عنيفا، صدر وهو فى طريق عودته إلى بيته، تحت البيت وجد فى انتظاره ضباط تنفيذ القرار، و كان أول ما فعلوه أنهم نزعوا من يده ساعته الرولكس، و سحبوا منه سيارته الفارهة.
لكن الجزار كان أقوى منه و خلق لنفسه ملاعب جديدة ونجاحات مختلفة، و لم يمنعه قرار التأميم عن تأدية واجبه الوطنى فقد ساعد بعلاقاته فى بعض الدول العربية مثل ليبيا فى ترتيب إقامة الحفلات الغنائية التى كانت تقدمها أم كلثوم لدعم المجهود الحربي، وفى الوقت نفسه عاد إلى العمل سريعا، اضطر أن يجعل عمله سريا لفترة خوفا من ملاحقة جديدة، فأسس مع صديق له مصنع (إيديال) للحلويات، و كان المصنع مسجلا باسم شخص ثالث، نجحت الخطة و أصبح المورد الرئيسى للشركات والمصانع الحكومية التى تحتاج إلى منتجات إيديال مثل عرق الحلاوة وعسل الجلوكوز، وسرعان ما استعاد عافيته لرجل أعمال فى الوقت الذى كانت أسهم الشيخ الشريب تتراجع فيه حتى أصبح اسمه مجرد ذكريات بعد أن كان أول من نظم صناعة الشاى وتسويقها بشكل حقيقى فى مصر منذ دخوله إلى أرضها.
(4)
كانت معظم مطابخ و محلات بقالة و مقاهى مصر بها نتيجة حائط أو بوستر عليها شيخ يرتدى الزى التقليدى ويصب الشاى بابتسامة صارت أيقونة فى مخيلة المصريين، كان البعض يعتبرون هذة الصورة محض خيال فني، لكنها شخصية حقيقة وهو ليس شيخا و لكنها صورة ( عم عرفة) الذى كان يعمل سائقا عند علوى الجزار و كان الجزار يحبه و يتفاءل به فقرر أن يجعل صورته رمزا للشاى الذى اجتاح مصر بقوة حتى نهاية الثمانينيات.
.................................................................................مصادر: (حوار شخصى مع سمية علوى الجزار – على خضير .. مجلة صباح الخير – موقع مصر المحروسة) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.