الإرهاب ظاهرة مدمرة تجتاح العالم بوجه عام وعالمنا العربى تحديدا منذ سنوات. ومن أجل بحث سبل المواجهة المشتركة استضافت العاصمة المغربية الرباط أعمال المؤتمر الدولى العاشر لمنظمة تضامن الشعوب الإفريقية الآسيوية على مدى يومين تحت شعار «معا ضد الإرهاب». ويتناول المشاركون فى المؤتمر(18 دولة)، الذى يعقد مرة كل ثلاث سنوات، سبل القضاء على الإرهاب ومواجهة قيم التطرف والتعصب والتمييز التى تمثل البيئة الخصبة التى يستند عليها الإرهاب فى الوجود والانتشار. كما يتم بحث دور اللجان الوطنية التابعة للمنظمة فى أنحاء دول إفريقيا وآسيا من أجل مواجهة الإرهاب بنشر قيم التسامح والمساواة والعيش المشترك والتبصير بالأزمات والتحديات والمؤامرات التى تتحلق حول دول القارتين، وتقديم رؤية حول أفضل سبل الخروج من «النفق المظلم» الذى ولدته منذ عدة سنوات ظواهر مثل الإرهاب والأزمة الإقتصادية ومخاطر التقسيم والتدخلات والهيمنة الخارجية، وأثر الصراع الروسى الأمريكى على مناطق النفوذ، والتأكيد على حق الدول النامية بالقارتين فى التنمية المستدامة. وكان الدكتور حلمى الحديدى رئيس «منظمة تضامن الشعوب الإفريقية الآسيوية» ونورى عبد الرزاق حسين سكرتير عام المنظمة قد أطلقا «نوبة صحيان شاملة» من القاهرة لمواجهة العدوان على العالم العربى خلال أعمال مؤتمر اللجان العربية ل»منظمة تضامن الشعوب الإفريقية الآسيوية» فى شهر مايو الماضى. كما سبق وأن أكدت حركة عدم الانحياز خلال قمتها السابعة عشرة فى فنزويلا خلال شهر سبتمبر الماضى ضرورة مكافحة تمويل وتسليح الارهاب. لقد أصبح الارهاب أحد التهديدات الاكثر جدية للسلام والأمن الدوليين، وأداة تدمير للتراث الثقافى والاماكن الدينية والسياحية ومصدرا أساسيا لضرب الاقتصاد والتنمية وللجرائم ضد الانسانية من قبل الجماعات الارهابية. والتلكؤ الدولى الواضح فى قطع مصادر التمويل المالى والتسليحى عن تلك التنظيمات، وعدم الالتزام الدقيق بميثاق الاممالمتحدة والمعاهدات الدولية ذات الصلة. فحتى اليوم لم تتم المصادقة على معاهدة شاملة لمكافحة الارهاب الدولى ولم تنفذ استراتيجية عالمية ضد الارهاب تحت مظلة منظمة الاممالمتحدة!. واليوم تخوض المنطقة العربية بشقيها الإفريقى والآسيوى حربا ضد الإرهاب وتواجه تآمرا دوليا وأطماعا إقليمية فى وقت تفتقد فيه الدول العربية لعناصر القوة الضرورية واللازمة لخوض هذه الحرب ومواجهة هذا التآمر وهذه التحديات، كما تعانى مشاكل اقتصادية شديدة الصعوبة. ولاتجد الدول العربية التى تحارب الإرهاب المساندة والدعم أو حتى التعاون المعلوماتى من الولاياتالمتحدة والغرب الذى يمتنع عن تقديم السلاح والدعم العسكرى اللازم لخوض الحرب ضد الإرهاب. الإرهاب يتطور ويرى د. الحديدى أنه خلال السنوات الأخيرة بدا من الواضح أن الإرهاب الذى نخوض حربا ضده فى آسيا وإفريقيا وفى الدول العربية تحديدا يختلف عن كل إرهاب سبق أن واجهه العالم سواء فى القرن الماضى أو فى العقد الأول من القرن الحالى. فالإرهاب الحالى : «لايستهدف فقط إخضاعنا لإرادته الإرهابية ، وإنما يستهدف أيضا تقويض دولنا الوطنية والقضاء على هوية شعوبنا وفرض حكم إستبدادى «فاشى» عليها مستخدما الدين كستار يخفى به أغراضه الحقيقية». فالإرهاب الحالى هو الأكثر استخداما للتكنولوجيا المتقدمة ويملك قدرات مالية هائلة ويحوز تسليحا يقترب من تسليح الجيوش النظامية، ويجد المساندة والدعم من من بعض القوى الإقليمية والدولية. وبدا من الواضح أن زحف الإرهاب الحالى اتجه إلى إحتلال الأرض العربية فى آسيا وافريقيا وإقامة كيانات ومؤسسات حكم عليها والاستيلاء على ثرواتها. كما اتخذت بعض جماعات الإرهاب من بعض الدول مراكز إنطلاق لشن هجماتها على الدول الأخرى بل وعلى أماكن أخرى فى العالم مثلما فعل تنظيم «داعش» فى سورياوالعراق وليبيا، وما يقوم به تنظيم «القاعدة» فى اليمن والصومال وما يحدث فى الهند وباكستان. وتم التحذير من وجود مؤامرة مدبرة وممنهجة ومخططة منذ سنوات تستهدف تقويض كيانات الدول الوطنية ونشر الفوضى فى ربوع الأراضى العربية تحديدا استعدادا لإعادة تقسيمها إلى دول وكيانات صغيرة يسهل السيطرة عليها من قبل قوى إقليمية أجنبية وقوى دولية كبرى. وقد لوحظ استخدام القوى الكبرى بعض الجماعات والقوى المحلية فى تنفيذ مخططاتها المضادة للاستقرار ووحدة أراضى الدول العربية تحديدا. فتم تمكين تنظيمات إرهابية من السيطرة على مناطق سورية وفرض تقسيم عملى على أراضيها، سعيا للقضاء على الدولة السورية وجيشها الوطنى مثلما حدث فى كل من العراق وليبيا خلال الأعوام السابقة. داعش يطرق البوابة الغربية وفى دلالة على التخطيط العالمى ما فوق الإقليمى للمنظمات الإرهابية شهد شهر أكتوبر الحالى تهديد واستهداو «داعشيا» واضح اللمملكة المغربية البوابة الغربية للوطن العربى على الرغم من بعد المسافة بين مقار قيادة «داعش» فى سورياوالعراق وليبيا من جانب والأراضى المغربية من جانب آخر. ولولا يقظة السلطات المغربية ومواجهتها لهذا التهديد لنجح أتباع «داعش» فى مخططهم. وكانت وسائل الإعلام قد تناولت ما أعلنته وزارة الداخلية المغربية فى الأسبوع الأول من شهر أكتوبر الجارى عن اعتقال مغربيات بايعن أمير تنظيم «داعش»، فى إطار مشروع استقطاب للعنصر النسائى فى المغرب، من قبل التنظيم. وقالت الوزارة فى بيانها إن مكتب محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة التابع للوزارة سيطر على «خلية تتكون من 10 فتيات مواليات لداعش» فى عدة مدن مغربية، وتم ضبط مواد كيميائية يشتبه فى استعمالها لصناعة المتفجرات. وأفادت التحريات الأولية بأن المغربيات «تم تجنيدهن» بواسطة «داعش» لتوظيفهن فى الحصول على مواد تدخل فى صناعة العبوات الناسفة، بهدف «تنفيذ عمليات انتحارية ضد منشآت حيوية مغربية». ولم تكن مصادفة أن إحدى المعتقلات سبق لشقيقها، أن «نفذ عملية انتحارية فى العراق خلال مطلع السنة الجارية». وتم الكشف عن «وجود علاقات قرابة بين الداعشيات، ومقاتلين مغاربة فى صفوف داعش»، إضافة إلى «مناصرين لجماعات متطرفة» كان يجرى التنسيق معها، لتنفيذ «المشروع التخريبى». وقد كلف داعش النساء المغربيات، المعتقلات حاليا فى المغرب، بمهمة «تجنيد نساء لتعزيز صفوف داعش»، فى سورياوالعراق، تنفيذا ل «استراتيجية توسيع دائرة الاستقطاب، داخل مختلف الشرائح الاجتماعية، والفئات العمرية، لتعزيز صفوف التنظيم»!! ولم تمر سوى أيام قليلة على الواقعة إلا والسلطات المغربية تعلن مجددا عن نجاحها فى اعتقال شخصين موالين لتنظيم «داعش» وذلك فى مدينتى «طانطان»و»كلميم» جنوبى البلاد. وقالت وزارة الداخلية المغربية فى بيان لها إن المشتبه فيهما سعيا إلى الحصول على مواد كيميائية تدخل فى صناعة المتفجرات بقصد استعمالها فى أعمال تخريبية ضد مواقع حيوية. وأكد البيان «أن أحد المعتقلين هو شقيق إحدى الفتيات اللاتى كن ضمن الخلية الإرهابية المكونة من 10 فتيات». وهكذا بدا من الواضح أن الحاجة إلى تضامن أفريقى آسيوى على المستوى الشعبى والحكومى قد أصبحت ملحة أكثر من أى وقت مضى من أجل مواجهة مخاطر الإرهاب والتقسيم والهيمنة الأجنبية بكل مستوياتها الاقتصادية والتجارية والأمنية والسياسية.