اجتاحت الأسواق المصرية موجة من الغلاء.. ارتفعت فيها أسعار السلع الغذائية حتى الأساسية منها، ما استنزف جيوب الشرائح الاجتماعية من فئة الدخل المحدود، ومع ثبات المرتبات يظل دخل الأسرة لا يتواكب مع الغلاء، الأمر الذى يطرح العديد من التساؤلات حول كيفية مواجهة ارتفاع الأسعار، وهل هناك بدائل غذائية للأسرة؟ وما هو دور ربة المنزل فى مواجهة هذه الأزمة؟ وكان الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، قد أعلن أن متوسط الإنفاق السنوى للأسرة فى مصر، 36.7ألف جنيه، وأوضح فى بحث «الدخل والإنفاق والاستهلاك»، أن 14.7% من إجمالى الأفراد ينفقون أكثر من 12ألف جنيه سنويا، مقابل 10.8 % من إجمالى الأفراد فى أدنى فئة. وأن الفقراء يمثلون نسبة 27.8% من السكان. وكشف التقرير أن 88.6% من الأسر تحظى بتغطية من منظومة الدعم وفقا لنظام بطاقات التموين، وأن 27.9% من أرباب الأسر لا يعملون فى أعمال ثابتة، بينما 17.7% منهم نساء معيلات. أصبحت قضية إدارة المرأة لبيتها وسد احتياجاته بدخله المحدود طوال الشهر هى القضية الأكثر تداولا على مستوى النقاشات الاجتماعية للسيدات سواء فى الجلسات المباشرة بينهن، أو فى مواقع التواصل الاجتماعى، خاصة السلع الغذائية التى تستحوذ على النصيب الأكبر من ميزانية الأسرة. تقول سماح وهبة - مدرس مساعد بكلية الاقتصاد المنزلى بالأزهر بقسم إدارة مؤسسات الأسرة والطفولة أن كل فرد فى العالم «مستهلك» بداية من المراحل الأولى من العمر، وعلى قدر وعى المرأة يتوقف نمط الاستهلاك الأسرى، موضحة أن هناك حلولا علمية لتحديد الدخل الكلى للأسرة مع مراعاة تخصيص نسبة من30% إلى 40% للانفاق على بند الغذاء وبحد أقصى 60%، ويجب تحديد الكميات المناسبة للأسرة مع مراعاة ألا يكون هناك فائض. وتشير إلى أنه يجب على ربة المنزل الإلمام بطرق حفظ وتخزين الأطعمة المختلفة مثل الخضر والفواكه بالتجميد والتعليب فى أثناء موسمها، كالبسلة والجزر والبامية. كما يمكن لربة المنزل القيام بإعداد المخبوزات كالتورتات والبسكويت فتكون أقل تكلفة من شرائها، كما أن العصائر الطبيعية أفضل من الصناعية سواء من حيث القيمة الغذائية أو التكلفة. وتنصح سماح الأسرة بالابتعاد عن التقليد، خاصة ذات الدخل المتوسط والمنخفض فى أنماط الاستهلاك السائدة لدى فئات الدخل العليا، كما تنصح ربة الأسرة بالتخطيط الاسبوعى وتدوين قائمة المشتريات لأن هذا يقلل من الوقت اللازم لعملية الشراء وكذلك الفاقد، كما تجب دراسة السوق بعناية لمعرفة منافذ بيع المنتجات المختلفة والمقارنة بين أسعارها والمفاضلة بين جودتها، والاستعاضة عن الأطعمة غالية الثمن ببديلاتها الأرخص التى تؤدى نفس الغرض مثل البقوليات كبديل للحوم. وتنصح د.منال الكاشف أستاذة الاقتصاد المنزلى ربات البيوت بشراء احتياجات المنزل من البقالة واللحوم مرة واحدة أول الشهر، والخضراوات والفواكه مرة كل أسبوع من السوق، كما تجب كتابة كل احتياجات المنزل ولا تزيد عليها فى الشراء. وتقول لربة المنزل: قللى من استهلاك اللحوم، تكفى مرة واحدة فى الأسبوع، ومرة أسماك، واستعيضى عن البروتين الحيوانى بالنباتى. وتضيف.. لا تعتمد على الطعام الجاهز، اعتبريه من بند الترفيه، لا تلجئى لشراء كميات كبيرة من الطعام فى المواسم والأعياد بل حاولى الاستفادة مما هو موجود لديك بالبيت. وتقترح د.هالة رزق أستاذة التغذية بكلية الاقتصاد المنزلى إعداد وجبات مبتكرة، من بواقى الدجاج بنزع العظام ثم فرمها وخلطها مع البطاطس المهروسة وتشكل فى صورة أصابع وتغمس فى البيض والبقسماط وتقلى فى الزيت، وتقدم مع مكرونة أو أرز وسلطة خضراء، وتكون بذلك وجبة غذائية متكاملة. كذلك أيضا بواقى اللحوم المطهية بفرمها وإضافة المقدونس المفرى ومقدار من الصلصة البيضاء الثقيلة وقليل من الملح والفلفل ثم تشكل فى صورة كرات من الكفتة وتغمس فى البيض والبقسماط ثم يتم قليها فى الزيت، وبالنسبة للأسماك يمكن وضعها فى طاجن فرن مضافا إليه بعض الخضراوات كالجزر والكوسة والبطاطس. ويمكن الاستفادة من الخضار المطهو المتبقى بحفظه فى علب بالثلاجة، وعند تناوله يمكن تقديمه فى يوم آخر مع أطباق الشوربة أو السلاطة، مع مراعاة إخراج الكميات المناسبة من الفريزر التى تكفى أفراد الأسرة، أما بواقى الفاكهة فيمكن الاستفادة منها بعمل سلاطة الفاكهة أو مشروبات وعصائر، ويمكن مقاطعة السلع الغالية من الخضار والفاكهة واستبدالها بأخرى أرخص. ويصف أحمد حافظ.. موظف زوجته بأنها مدبرة، ولا تحملنى فوق طاقتى، ولا تكلفنى ما أعجزعن تدبيره. أما عبير فتحى.. ربة منزل فتقول إن سر تدبير المنزل بطريقة ذكية يكمن فى مفهوم الاستغناء عن السلع مرتفعة الأسعار، مشيرة إلى أنها ترفع شعار لن نموت لو لم نحصل على هذا الصنف وتوضح أن هذا المفهوم يساعد على الخروج من أى أزمة مالية بسهولة.. وعن مصاريف الدراسة.. تقول هبة سعيد إنها تناقشها مع زوجها مبكراً وتدخرها على مدار شهور الصيف وتتناوب مع زوجها لتوصيل الأولاد . وتطالب هناء عبد الله بالانتباه للعديد من السلوكيات التى تعود على الأسرة بفواتير لا تستطيع تحملها، فمثلا الكهرباء يمكن ترشيدها عن طريق استبدال اللمبات العادية بلمبات موفرة، ونزع الفيشة من الأجهزة التى يمكن الاستغناء عنها. وحول سياسات الإنفاق فى المنازل.. تقول رانيا أحمد.. اخصائية اجتماعية إن البند الأكبر فى الميزانية هو الطعام، فيجب القيام بالتبادل والتوافق، لمواجهة الغلاء، كما ترى أنه يجب إشراك الأبناء فى إعداد الميزانية، مع مراعاة الفئة العمرية التى ينتميان إليها، والابتعاد عن سياسة حجب الأبناء عن الواقع مع أن الأم لو جربت أن تكون صريحة مع أبنائها وشرحت لهم أن ميزانية البيت لا تسمح بشراء شىء معين، ستجد تفهما وتعاونا من أبنائها، فلا يعيب الأسرة أنها لا تستطيع شراء شىء، ولكن المشكلة الحقيقية هى الكذب على أطفالنا.