صاحبة إطلالة مشرقة تخفي وراء ابتسامتها الدائمة شخصية فولاذية يصفها أنصارها بكونها تتمتع بذكاء وشعبية وقوة إرادة ,إنها السياسية الحسناء والنجمة التي صعدت مؤخرا في سماء السياسة الايطالية فيرجينيا راجي والتي بدأت المشاكل تحيط بها من كافة الاتجاهات بعد أن انقضى شهر العسل السياسي سريعا بعد توليها منصب أول رئيسة لبلدية روما . ولم يكن يتوقع أحد أن تتعرض هذه المحامية الشابة لكل هذه المواجهات بعد أقل من ثلاثة أشهر من توليها المنصب حيث تلقت استقالات جماعية من كبار المسئولين في المدينة بعد فضيحة الفساد الكبيرة التي تورط فيها رئيس هيئة الصرف الصحي . فضلا عن تفاقم المشاكل داخل التحالف الذي يدير شئون المدينة مما أدى إلى استقالة مسئول الشئون المالية ومديرة ديوان عمدة المدينة,بالإضافة إلى أربعة مسئولين آخرين .و تبرز المفارقة في ما تواجهه فرجينيا راجي أنها قد استغلت حالة السخط والاستياء من الفساد وسوء الخدمات العامة لكسب أصوات الناخبين بالمدينة، بعدما أعطت الحرب علي الفساد الأولوية في برنامجها الانتخابي غير انها لم تتوقع انه في حال فشلها قد تصل إلى حافة الهاوية . ولدت فرجينيا يوليو 1978 في روما، ودرست القانون وتخصصت في القانون المدني القضائي ,انطلقت بدايتها في العمل السياسي منذ عام 2011 حين انضمت إلى حركة خمس نجوم لتنتخب بعدها هي وأربعة آخرون من الحركة في الانتخابات البلدية لمجلس المدينة ,وهو ما جذب الأنظار إليها خلال هذه الفترة لتأتي استقالة رئيس البلدية «إجنازيو مارينو» منذ شهور قليلة إثر فضيحة فساد لتمهد لانتخابات مبكرة فازت فيها «راجي» بنسبة 67 % من الأصوات لتتصدر الساحة السياسية في روما وتعد تلك الانتخابات بمثابة انتقال كبير في المشهد السياسي في إيطاليا . فرجينيا راجي كانت على دراية جيدة بما ستواجهه من صعوبات فقد صرحت ليلة انتخابها عمدة روما بأن الوفاء بوعدها لجعل المدينة «ملائمة للعيش» مرة أخرى لن يكون سهلا. وتعد من أكثر المشاكل التي تواجهها فرجينيا راجي على الإطلاق في إدارتها لمدينة روما مشكلة القمامة التي انتشرت في طرقات المدينة وأمام معالمها السياحية ذائعة الصيت , ولا سيما بعد أن تم تداول العديد من الفيديوهات المسجل عليها أطفال يلعبون مع الفئران المحيطة بصناديق القمامة، وتكمن المشكلة في هذه الأزمة أن الهيئة المنوطة بإداراتها وهي هيئة الصرف الصحى مثقلة بالديون ,علاوة على عدم وجود أماكن كافية للتخلص من نفاياتها, وكانت راجي قد أعلنت خلال حملتها الانتخابية عن تبنيها استراتيجية واسعة لحل مشكلة القمامة , كما أعلنت مؤخرا عن رغبتها في الاستعانة بالمساجين للمساعدة في نظافة المدينة. بيد أن الانتقادات التي تتعرض لها راجي قاسية فقد انتهز الكثير من الخصوم اختيارها لمساعديها وموظفيها واعتبروها غير ملائمة لإدارة مدينة بحجم روما , وإن افتقارها للخبرة أصبح أكثر وضوحا خلال الفترة الماضية ، وهو الأمر الذي أثار تساؤلات حول المهارات الإدارية لها وكذلك حول الشفافية والنزاهة خاصة بعد أن قامت واحدة من أكبر الصحف الرائدة في إيطاليا « لا ريبوبليكا» بنشر مقتطفات من رسالة إلى راجي وقعها 70 مسئولا في المدينة يشكون فيها من الشلل الإداري وعدم وجود التوجيه .كما أن معارضتها لاستضافة دورة الألعاب الاولمبية 2024 سوف يمنح معارضيها فرصة كبيرة كي يوجهوا سهام النقد إليها ,وكانت راجي شككت في قدرة العاصمة الإيطالية المثقلة بالديون على استضافة مثل هذا الحدث الرياضي الكبير قائلة» أن مدينتها لا يمكنها تقديم الاستثمارات المطلوبة من أجل هذه المهمة الصعبة «. روما تلك المدينة الخالدة تعد واحدة من أصعب البلديات في أوروبا برمتها وإداراتها مغامرة كبيرة , بعد أن أصبحت موطنا للاضطرابات وموطنا للمشاكل ,وهو الأمر الذي جعل سكانها غاضبين على ساستها بعد أن طفح بهم الكيل من كثرة فضائح الفساد وسوء الإدارة في أوساطهم ، مما جعلهم يلجأون إلى حركة خمس نجوم في الانتخابات الأخيرة ومنحوها أصواتهم أملين أن تتحسن الأوضاع. تلك الحركة التي لا تعد حزبا سياسيا رسميا , بل هي صديقة للبيئة و تعمل خارج الشبكات الفاسدة التقليدية في الحياة السياسية . وتعد بلدية روما حاليا جرحا مفتوحا لحركة الخمس نجوم خاصة وانه من الممكن أن تلقي بها خارج المشهد السياسي ويشوه صورتها على الساحة الوطنية حال فشل راجي في إدارتها خاصة أن الأمور لا تسير في نصابها الصحيح مما قد يؤثر على مستقبل الحركة . ويعتبر ماتيو رينزي رئيس وزراء إيطاليا واحدا من المستفيدين من فشل الحركة في إدارة الأمور التي تعد من أشد خصومه ,خاصة وانه يعول على نتائج الاستفتاء الذي سيقام الشهر القادم حول الإصلاح الدستوري والذي تعارضه حركة النجوم الخمس ومن ثم فإن هذه الفوضى في عملها سوف تساعد رينزي في اجتياز الاستفتاء . وأمام كل هذه الأحداث تدخل الممثل الكوميدي بيبي جريللو، مؤسس الحركة الذي ابتعد عن أضواء السياسة لدعم فرجينيا, في محاولة لتهدئة الوضع والانتقادات الشرسة فضلا عن السجال بين الأعضاء الحاليين والسابقين في الحركة على أدائها ,وسط تكهنات حول قيامها باستقالة مبكرة . وأيا كان الأمر فإن الأيام القادمة وحدها القادرة على تحديد مستقبل السياسية الحسناء هي وحركة النجوم الخمس .