استيقظ سكان لندن. عاصمة بريطانيا. ذات يوم من الشهر الماضي علي مفاجأة. وهي إعلان فوز "صديق خان" المسلم الباكستاني الأصل. بمنصب عمدة العاصمة. في الانتخابات التي أجريت علي المنصب. وفي أول سابقة من نوعها في بريطانيا. اليوم الاثنين ربما يستيقظ سكان روما أيضاً علي مفاجأة. وهي فوز امرأة. لأول مرة في تاريخ إيطاليا. بمنصب عمدة العاصمة. في الانتخابات البلدية التي أجريت أمس. اسمها "فرجينيا راجي".. شابة جميلة تمتلئ بالحيوية. عمرها 37 عاماً. تعمل محامية. وبدأت حياتها العملية بإعداد فطائر البيتزا في أحد مطاعم روما الشهيرة. والمفاجأة المنتظرة. إذا حدثت. مزدوجة. فليست فقط في أن تتولي المنصب امرأة.. بل أيضاً في أنها لا تنتمي للحزب الديمقراطي الحاكم. بل المعارضة. كانت "فرجينيا" من أوائل من انضموا لحركة معارضة نشأت في إيطاليا عام 2009 فقط. وتحمل اسم "حركة الخمس نجوم". أسسها اثنان. أحدهما ممثل كوميدي شهير هو "جوزيبي جريللو". ولا تشير عبارة "الخمس نجوم" إلي أن الحركة للأغنياء فقط. مثل فنادق الخمس نجوم.. بل علي العكس. فهي حركة "شعبوية" تضم ناشطين من مختلف التيارات السياسية في إيطاليا. وترفض. مثل حركة 6 أبريل عندنا. مع الفارق. أن تتحول إلي حزب سياسي. أما عبارة الخمس نجوم. فهي إشارة إلي خمس قضايا رئيسية تعتبرها الحركة مجال نضالها وهي: المياه العامة. والنقل. والتطوير. ووسائل الاتصال. والبيئة. ورغم حداثة عمر الحركة الذي لم يتجاوز سبع سنوات. فقد صعدت بسرعة الصاروخ في الحياة السياسية الإيطالية. بسبب ضعف الأحزاب التقليدية. وفشلها في تحقيق طموحات الإيطاليين. الذين انصرف عدد كبير منهم عنها. واتجهوا لتجربة القادم الجديد. ولذلك. يري "ماثيو رينزي" رئيس الوزراء. أن الحركة أصبحت تمثل التحدي الرئيسي لحكومته. ولحزبه الديمقراطي. وهو ما حدث فعلاً في الجولة الأولي من الانتخابات المحلية علي منصب عمدة روما. والتي أجريت في الخامس من الشهر الحالي. فقد حصلت "فرجينيا" علي 36% من أصوات الناخبين. بينما حصل مرشح الحزب الحاكم علي 24% فقط. مما تطلب دخول الاثنين في "جولة إعادة". هي التي أجريت أمس. وقد اعترف "رينزي" بالخسارة في الجولة الأولي وأن النتيجة تمثل درساً قاسياً لحزبه. يجب عدم تجاهله. والطريف أن "فرجينيا" حققة هذه النتيجة في الجولة الأولي بتمويل ذاتي لحملتها الانتخابية. فقد اتفق أنصارها من أعضاء الحركة ومن خارجها علي أن يتبرع كل منهم بمبلغ عشرين يورو مساهمة في تغطية تكاليف الحملة. التحدي الأكبر الذي يواجه "فرجينيا" في حالة نجاحها. بل ويواجه أي فائز بالمنصب. هو أن "روما" أصبحت "حالة مستعصية". ومشاكلها أكبر من أي عمدة أو حاكم. فقد كشفت الدعاية الانتخابية للمرشحين عن تفشي الفساد في المدينة. وسيطرة عصابات المافيا السياسية والإدارية علي كل شيء فيها. وتردي وسائل النقل والمواصلات. وتدهور أوضاع المدارس والتعليم عموماً. ولذلك يري كثير من الخبراء الإيطاليين أن المشكلة ليست فيمن يفوز بالمنصب. بل في كيف سيدير مدينة مثقلة بالمشاكل. وتكاد تكون العاصمة الأوروبية الوحيدة التي لا يحترم فيها القانون. ويكفي أن عمدتها السابق استقال في أكتوبر الماضي لتورطه في قضية فساد مالي. ومن يومها والمدينة تدار بواسطة "قائم بالأعمال". فرجينيا راجي.. هل تكون مفاجأة الإيطاليين اليوم.. دعونا ننتظر.