فى مفاجأة من العيار الثقيل فازت "فيرجينيا راجي" برئاسة بلدية روما لتصبح بذلك أول سيدة تشغل هذا المنصب بعد أن صوت الايطاليون لحركة "الخمس النجوم" فى انتخابات رؤساء بلديات المدن الايطالية وهو الأمر الذى أشعل الساحة السياسية والإعلامية هناك, حيث يمثل هذا النجاح تهديدا لحكومة رينزى التى تواجه تراجعا كبيرا فى شعبيتها بسبب فضائح الفساد التى ضربت البلاد الفترة الماضية, كما يمثل صعود حركة "الخمس نجوم" جرس إنذار لتغيير الخريطة السياسية ليس فى ايطاليا وحدها بل فى اوروبا برمتها خاصة بعد صعود الأحزاب غير التقليدية. جاء ذلك بعد أن أظهرت نتائج الانتخابات المحلية التى جرت فى عدد كبير من المدن مثل روما وميلانو ونابولى وتورينو تحقيق حركة "النجوم الخمس " تقدما كبيرا بعد فوز مرشحيها برئاسة هذه البلديات الكبرى, ولا سيما فى العاصمة روما ومدينة تورينو . وهو الأمر الذى ينذر بإستعداد الحركة للفوز بالانتخابات العامة الإيطالية المقرر إجرائها عام 2018, حيث تشير بعض التقارير إلى أن رئيس الوزراء الايطالى "ماتيو رينزي" 40 عاما ، سيكون الخصم الرئيسى لحركة "خمس نجوم" فى الانتخابات العامة . وترى صحيفة "الجارديان" البريطانية أن هذه الانتخابات كانت اختبارا واضحا لمدى صلابة الحزب الديمقراطى والحكومة , مشيرة إلى أن فوز مرشحى حزب حركة “النجوم الخمس” ببلدية روما وغيرها من المدن الإيطالية الكبرى سيكون بمثابة ضربة قاسية للحكومة وإنذار بمزيد من التدهور فى شعبيتها خاصة وأنها تواجه أزمات عدة و ركودا اقتصاديا، إلى جانب العديد من الفضائح التى ورطت شخصيات بارزة من الحزب الديمقراطى والذى كان اخرها عمدة روما السابق وهو الامر الذى عجل بإجراء إنتخابات مبكرة . ويرى الخبراء أن فوز حركة "الخمس نجوم " بهذه الانتخابات من الممكن ان يعجل من انتخابات 2018، فى حالة فشل الإستفتاء الذى سيجرى فى اكتوبر القادم خاصة بعد أن تعهد "رينزي" بأنه سيستقيل اذا ما خسر هذا الإستفتاء والذى من شأنه إجراء إصلاحات فى مجلس الشيوخ وإصلاحات دستورية متنازع عليها تهدف إلى تحقيق الإستقرار فى السياسة الايطالية ووضع حد لقصر عمر الحكومات التى تعد التقليد المتبع هناك, حيث تتعاقب الحكومات الايطالية بشكل سريع نتيجة الصراع الداخلى بين الأحزاب والأزمات التشريعية . وكانت حركة خمس نجوم قد ظهرت على الساحة السياسية الايطالية منذ سبعة أعوام على يد" بيبى جريللو" الممثل لكوميدى والناشط فى مجال العمل العام والذى قام بإنشائها على مواقع الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعى ليتواصل فيها كافة المواطنين دون تمييز وقامت هذه الحركة بالتزامن مع ظهور الأحزاب الأخرى غير التقليدية التى ازدهرت فى أوروبا منذ بداية الأزمة المالية عام 2008. ويرجع إسم الحركة إلى خمس قضايا رئيسية هي: المياه العامة والنقل المستدام والتطوير والاتصالات وحماية البيئة. وقد اتخذت الحركة "الأمانه " شعارا لها فى المعركة التى خاضتها فى الإنتخابات, والتى عملت من خلالها على جذب أصوات الناخبين. وتركز الحركة جهودها فى القضاء على استشراء الفساد والكسب غير المشروع فى إيطاليا أكثر من قضايا التقشف أو الهجرة. وتستمد الحركة قوتها من كونها الحركة الوحيدة الجادة فى مكافحة الفساد والعمل على إالغاء الامتيازات التى يتمتع بها الساسة فى ايطاليا, مما ادى الى نجاحها فى إكتساب ثقة قطاع كبير من المواطنين الذين سئموا من عدم قدرة الحكومة على حل المشكلات اليومية. وهو الامر الذى تسبب فى ارتفاع معدلات البطالة والهجرة. كما انها تناهض ايضا استمرار ايطاليا فى منطقة اليورو ومن وجهة نظرها ان استمرار البلاد فى ذلك يصب فى صالح البنوك الكبيرة وذلك على حساب صغار المستثمرين, ومن ثم فهى تدعو الى إجراء استفتاء بشأن استمرار إيطاليا التى تعد ثالث أكبر اقتصاد فى منطقة اليورو. ويمكن القول ان النساء فرضن انفسهن بقوة فى هذا المشهد الإنتخابى فقد مثلت "فيرجينيا راجي" المحامية الحسناء البالغة من العمر (37) عاما وجه الحركة الشاب بعد ان تصدرت المشهد لتحصد أعلى الأصوات متقدمة على" روبيرتو جياشيتي" مرشح الحزب الديمقراطى الذى حصل على 32%, وتعد "راجى "واحدة من أكثر الوجوه المعروفة فى الساحة السياسية الإيطالية خلال الأشهر القليلة الماضية بعد أن قادت حملتها الانتخابية من خلال حشد الغضب الشعبى تجاه سوء الخدمات العامة وفضائح الفساد،التى أحاطت بالعاصمة الإيطالية صاحبة المقعد الشاغر منذ أكتوبر الماضى ، منذ أن اضطر اجناسيو مارينو عضو الحزب الديمقراطى إلى الإستقالة بسبب فضيحة تتعلق بالنفقات، وهو ما عزز موقفها فى الإنتخابات , كما قامت ايضا بإطلاق وعود بإجراء حملة كبيرة على الفساد والمحسوبية وحل المشكلات الرئيسة والتى من ابرزها تدهور شبكة النقل العام ، وفساد الموظفين اضافة الى تركة ثقيلة من الديون تمثل أكثر من 13 مليار يورو، وهو ما يعادل ضعف ميزانيتها السنوية . كما جاء فوز "كيارا أبيندينو " النجمة الصاعدة الاخرى فى حركة "النجوم الخمس" رئيسة لبلدية تورينو، تاكيدا لتصدر المرأة فى هذه الانتخابات بعد فوزها فوزها بأكثر من 54% من الأصوات على بيار فاسينو مرشح الحكومة ، مما وضع حدا لاحتكار حزب يسار الوسط لبلدية تورينو،على مدى أكثر من عشرين عاما. وعلى الرغم من أن مرشحى الحركة قد غابوا فى كل من نابولى وبولونيا وميلانو الا أن ذلك ينبئ بمزيد من المعارك السياسية بين حكومة رينزى وحركة "الخمس نجوم " والتى لن تحسمها سوى الشهور القادمة وحدها .