عادت أحداث الأربعاء الدامي بالتحرير يوم2 فبراير من العام الماضي, والمعروفة إعلاميا ب موقعة الجمل, لتصبح محور حديث الرأي العام خلال الأسبوع الماضي,بعد حرب الاتهامات المتبادلة بين مرشح الرئاسة الفريق أحمد شفيق وجماعة الإخوان المسلمين. حيث اتهم الجماعة صراحة بالتورط في قتل المتظاهرين يوم موقعة الجمل بالتحرير حتي إن دفاع المتهمين في القضية طلب الاستماع الي شهادة الفريق شفيق علها تكشف حقيقة ما حدث, في الوقت الذي انتقدت فيه جماعة الإخوان المسلمين موقف المرشح الرئاسي أحمد شفيق من الجماعة. وفي ظل هذه الاتهامات المتبادلة بين الطرفين انهالت البلاغات ضد جماعة الإخوان من جانب, وضد الفريق أحمد شفيق من جانب أخر, وعلي سبيل المثال وليس الحصر فقد تقدم15 محاميا ببلاغ إلي النائب العام ضد د.محمد البلتاجي القيادي الإخواني وعضو مجلس الشعب, بتهمة الاشتراك في جرائم القتل التي حدثت في التحرير يومي2 و3 فبراير.2011 وأشار البلاغ الذي تقدم به خالد الدسوقي محمد المحامي وحمل رقم1688 بلاغات النائب العام, إلي أن بعض القنوات الفضائية أثناء استضافتها للفريق أحمد شفيق المرشح الرئاسي ورئيس وزراء مصر الأسبق قال إن الإخوان المسلمين هم الذين قتلوا المتظاهرين في ميدان التحرير أثناء الثورة وموقعة الجمل, وفي الوقت نفسه اتهم دفاع المتهمين في قضية موقعة الجمل جماعة الإخوان المسلمين بارتكابها جرائم قتل المتظاهرين, وطلب استدعاءالفريق أحمد شفيق. وعلي الجانب الأخر تقدم الدكتور سمير صبري المحامي عن34 من أسر شهداء ومصابي ثورة25 يناير ببلاغ إلي النائب العام يتهم الفريق أحمد شفيق بإخفاء أدلة قتل المتظاهرين في موقعة الجمل وتضليل العدالة وطالب البلاغ بالتحقيق مع شفيق حول تصريحاته لوسائل الإعلام بأن قائدا عسكريا من الجيش طلب من القيادي الاخواني محمد البلتاجي إنزال العناصر التي تعتلي أسطح المنازل وكانت تلقي بزجاجات المولوتوف وتطلق الرصاص علي المتواجدين في الميدان, مضيفا أن مجندا في القوات المسلحة قال:يا فندم سبني وأنا أنش الملتحي اللي بيضرب نار من فوق المبني رصاصة انزلهولك ميت, فقال صفوت حجازي الذي كان حاضرا هذه الواقعة: لا سيبوني أنا هاجيبه من فوق. وأضاف البلاغ أن شفيق قال أيضا أنه علي الشباب المصري أن يعي جيدا من الذي كان يقتل الثوار في الميدان خلال موقعة الجمل, مؤكدا أن هذا الملف سيتم فتحه كي يعلم الجميع الحقيقة ويلقي كل مسئول عن إراقة الدم جزاءه فيما طالب المحامون المدعون بالحق المدني, خلال نظر القضية, بإدخال الفريق أحمد شفيق إلي القضية كمتهم رئيسي باعتباره كان رئيسا للوزراء وقت ارتكاب الموقعة. حرب اتهامات حرب الاتهامات بدأت عندما اتهم الفريق شفيق عددا من الأشخاص الملتحين بالتورط في موقعة الجمل. وأوضح أن مسئولا عسكريا كبيرا بميدان التحرير قال وقتها لمحمد البلتاجي القيادي بجماعة الإخوان المسلمين والذي كان يقف بجواره الشيخ صفوت حجازي نزل الناس اللي تبعكوا من أعلي العمارات بدل ما أصدر أوامر بإطلاق النار عليهم., وأضاف شفيق أن حجازي سارع بالرد علي المسئول قائلا: أنا هنزلهم. لكن ما هي أدلة قتل المتظاهرين التي لوح بها الفريق شفيق وتؤكد أن جماعة الاخوان المسلمين هم الذين قتلوا المتظاهرين في يوم الأربعاء الدامي ؟ الإجابة عن التساؤل تبدو من الفيديوهات التي انتشرت مؤخرا علي اليوتيوب وتضم مشاهد للواء حسن الرويني قائد المنطقة المركزية في ميدان التحرير وهو يتحدث إلي بعض شباب الإخوان بأن عليهم الصعود وإحضار شبابهم المتواجد فوق الأسطح والعمارات ويقومون بالقاء المولوتوف علي المتظاهرين والقنابل وأن الرويني قال لهم أنا قلت ل محمد البلتاجي نزل الإخوان اللي بيرموا الناس بالمولوتوف من فوق العمارات المطلة علي ميدان التحرير ومن المتحف المصري أحسن ما أطلع أنزلهم انتم بتقولوا ان البلطجية هم الموجودون فوق الأسطح ازاي هيطلعوا فوق وعموما كل حاجة متصورة بالطائرات العسكرية واللي فوق دول شوية ارهابيين فرد شباب الإخوان احنا مش ارهابيين فقال لهم الرويني خلاص اطلعوا هاتوهم وأنا هحميكم فلم يتجاوبوا معه فقال لهم حرفيا علشان تعرفوا ان اللي فوق اخوان و ارهابيين. دعاية سوداء وعلي الجانب الآخر أكد د. محمود غزلان المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين في تصريحات خاصة ل الأهرام: أن كل الشهادات التي جاءت في المحكمة تنفي هذه التهمة تماما عن الإخوان فما قاله المرشح أحمد شفيق عار تماما من الصحة, والذي يؤكد ذلك أن هناك33 شخصية عامة من الذين لا يتفقون مع فكر جماعة الإخوان قد نفوا هذه التهمة تماما, وأكدوا أن الإخوان مجني عليهم في هذه القضية, ويؤكد غزلان أن محاولة إقحام الإخوان في موقعة الجمل هو مجرد دعاية سوداء ضمن الدعاية السيئة لمرشح رئاسة الجمهورية, ومحاولة لتشويه الإخوان في توقيت صعب قامت بها حملة الفريق شفيق. وحول ما قاله اللواء حسن الرويني خلال الأحداث عن وجود عناصر من الإخوان اعتلوا أسطح المباني بالميدان, يقول غزلان: يوم2 فبراير اليوم الأول لموقعة الجمل أعتلي هذه الأسطح بلطجية وألقوا بالمولوتوف والرخام المكسور وتيل الفرامل مستهدفين المتظاهرين من فوق الأسطح, وخلال ذلك استطاع شباب من مختلف الاتجاهات في الميدان من إنزالهم والقبض عليهم وإخلاء الأسطح. وفي اليوم الثاني صعد شباب من الثوار بينهم الإخوان حتي يحتلوا هذه الأماكن بهدف تأمينها, ولعدم تمكين البلطجية مرة أخري من الاعتداء علي الثوار بالميدان, وفي هذا التوقيت باليوم الثاني كان حديث الرويني عندما قال نزلوهم من فوق وليس باليوم الأول الذي تم فيه الاعتداء علي الثوار بالميدان. وأكد غزلان أن الدكتور محمد البلتاجي عضو مجلس الشعب وعضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة رد علي كل هذه الاتهامات عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الإجتماعي الفيس بوك قبل أن يدلي بشهادته في المحكمة وقال: أنه حين وقع الإعتداء الآثم في ميدان التحرير يوم الأربعاء2 فبراير, ودخلت الجمال والبغال والجياد علي المتظاهرين تقدم الشباب يدافعون عن الميدان رغم ما أصابهم من جراحات وثبتوا في مواقعهم يصدون الهجوم ثم تقدموا للأمام بعد إنسحاب الغزاة فامتلأ بهم ميدان عبدالمنعم رياض وصعدوا فوق كوبري أكتوبر واعتلوا أسطح العمارات التي هرب منها القناصة حتي لا يتركوا أي فرصة لهجوم آخر يأتيهم غدرا. وفي الساعة الثالثة ظهر يوم الخميس3 فبراير طلب اللواء حسن الرويني قائد المنطقة العسكرية المركزية الدكتور محمد البلتاجي لمقابلته في المتحف المصري فرفض أن يلتقيه منفردا وذهب إليه بصحبة الأساتذة د. عبدالجليل مصطفي و د. محمد أبوالغار و د. أحمد دراج و الأستاذ أبوالعز الحريري, فأصر الرجل علي مقابلته منفردا, و طلب الرويني منه أن يعود الشباب من ميدان عبدالمنعم رياض إلي داخل التحرير حيث كان يعمل ألف حساب لإحتمال تقدمهم من عبدالمنعم رياض في إتجاه ماسبيرو, وطلب أن ينزلوا من فوق كوبري أكتوبر ومن أعلي أسطح العمارات, فقال له الدكتور البلتاجي: كيف أقنعهم بذلك وقد تعرضوا للقتل والإعتداء أمس دون أن تتحركوا لتدافعوا عنهم, ثم هم الآن يؤمنون ظهور إخوانهم فوق الأسطح حتي لا يتكرر العدوان عليهم ثانية, فقال الرويني إن ما حدث أمس لن يتكرر وأننا لن نسمح ثانية بالاعتداء علي المتظاهرين, فرد عليه البلتاجي: وما الذي يضمن لهم ذلك؟ من حق هؤلاء الشباب أن يدافعوا عن أنفسهم خاصة ان المعتدين ليسوا مجرد بلطجية وإنما هم قوات خاصة للنظام فأكد الرويني أن ذلك لن يتكرر ويضيف غزلان أن الرجل إصر علي ضرورة نزول الشباب من فوق العمارات خاصة المقابلة للمتحف حيث تكشف ما يجري بداخله, وهدد أنه يمكنه أن يستخدم القوة لإجبارهم علي النزول, فقال له البلتاجي: لا بد من أن يتأكد الشباب أولا أنكم بدأتم في حمايتهم بالفعل لا بالقول, وطلبت من اللواء الرويني أن تصعد الدبابات فوق كوبري أكتوبر لتأمين ميدان عبدالمنعم رياض فوعد بذلك, وفي المساء قام الدكتور البلتاجي بالمرور علي الشباب في الصفوف الأولي وروي لهم مادار مع اللواء الرويني فأصروا علي البقاء في مواقعهم. ويقول غزلان أن ما جاء في رواية الدكتور البلتاجي هي الحقيقة بعينها, وأن الاتهامات التي يروجها الفريق شفيق هي شئ لا يصدق ولا يعقل!! وما يحدث هو عبارة عن سياسة ممنهجة لإسقاط مرشح الإخوان في الرئاسة. تحقيقات تكميلية ومن جانبه أكد الدكتور محمد حمودة المحامي بالنقض وأحد أبرز أعضاء فريق الدفاع عن المتهمين في القضية أن هناك إسطوانات مدمجة لم تقدم ضمن الاوراق والاحراز للمحكمة التي تنظر القضية, و6 شرائط فيديو تم تصويرها بمعرفة المخابرات العامة ولم تقدم أيضا للمحكمة, وقال حمودة أنه طلب من قاضي التحقيقات ضم هذه الأسطوانات والشرائط إلا انه لم يتم ضمها إلي احراز القضية حتي الآن, وأكد أنه تقدم ببلاغ طالب فيه بمثول رؤساء أجهزة المخابرات وأمن الدولة السابقين أمام قاضي التحقيقات للإدلاء بمعلوماتهم حول الواقعة في التحقيقات التكميلية التي بدأت بالفعل في البلاغات المقدمة أخيرا, لمعرفة من الذي قتل الثوار, ومن الذي اخترق الحدود المصرية لقتل أولادنا. وقال حمودة نحن لا نتهم أحدا, ويجب علي جهات التحقيق أن تكشف عن المتورطين الحقيقيين في قتل الثوار يوم الأربعاء الدامي ليعرف الشعب المصري الحقيقة كاملة. وأخيرا.. ما بين أجواء هذه الحرب المشتعلة يبقي السؤال.. من المسئول عن قتل المتظاهرين في موقعة الجمل ؟ الإجابة عن السؤال ربما تكشف عنها الأيام القليلة المقبلة.