صدمة الشعب المصرى والعربى كانت كبيرة بعد احداث 5 يونيو 1967، يوم استطاعت القوات الاسرائيلية شن هجوم مباغت على القوات المسلحة المصرية فى سيناء واحتلالها بالكامل، وتكبيدها خسائر ضخمة فى الارواح والمعدات فيما عرف هذا اليوم بالنكسة، فالقوات المسلحة المصرية لم تكن مسئولة بشكل مباشر عن هذه النكسة ولكن القرار السياسى هو السبب الحقيقى ورائها. لذا لم تقف القوات المسلحة المصرية مكتوفة الايدى، و لم يتسرب الى نفوس افرادها الاحباط، بل على العكس اراد هؤلاء الابطال ان يثبتوا قدراتهم العسكرية فجاءت معركة تبة الشجرة ومن بعدها العديد من المعارك، ثم تفجير المدمرة ايلات, وبعدها بست سنوات فقط اعادت القوات المسلحة المصرية بناء نفسها مرة اخرى، لتحقق نصرا اذهل العالم اعادت به الارض والكرامة فى سيمفونية عسكرية عظيمة. تلك هى عقيدة الجيش المصرى، وهذه هى عزيمة الرجال التى من المستحيل ان تتوافر فى اعظم جيوش العالم، وتلك هى الروح التى كانت سر النصر وعرفت فيما بعد بروح اكتوبر التى تستمر فى قلب وعقل كل من ينتسب لتلك المؤسسة العظيمة، بل وتتوارثها الاجيال لتصل بالجيش المصرى الى مصاف الجيوش العالمية، فكل من ينتسب الى تلك المؤسسة العظيمة يقسم منذ نعومة اظافرة بأنه سيضحى بالغالى والنفيس وبروحه من أجل رفعة الوطن، وحمايتة من أى تهديد. لقد مرت على مصر العديد من الصعاب والازمات وكانت القوات المسلحة المصرية هى السند الحقيقى للشعب وتسعى الى تحقيق أحلامه وطموحاته وتحفظ ارضه وعرضه، لقد كانت الفترة ما بعد النكسة حتى عام 1973 فى غاية الصعوبة على الوطن ككل، ولأن الجيش المصرى من الشعب ويحافظ عليه, وقد التفت جميع فئات المواطنين لمساندته، وقد كان وحقق الجيش نصرا عظيما ورد الجميل الى شعبه وجعله فخورا رافعا رأسه الى عنان السماء. لقد كان الخيار الاوحد أمام القوات المسلحة هو عبور قناة السويس وتكبيد العدو خسائر فى الاسلحة والقوات فى الساعات الاولى من الحرب، لذا كانت الدقة فى تنفيذ العمليات بالاضافة الى خطة الخداع الاستراتيجى التى نفذت، جعلت السبق للجيش المصرى الذى حطم جميع النظريات العسكرية التى وضعت فى ذلك الوقت، بل ان تلك الحرب اذهلت كبار العسكريين على المستوى العالم بأسره بعد التصريحات التى صدرت بأن الجيش المصرى امامة 50 عاما حتى يعيد بناء نفسه مرة اخرى، ويخوض معركة حقيقية ضد اسرائيل، ولكنها عزيمة الابطال التى لا تلين والتى لا يعرفها اعظم الخبراء واعتى الجيوش. لقد اثبت نصر أكتوبر العديد من النظريات أهمها تلاحم الشعب مع الجيش يحقق بما لا يدع مجالا للشك النصر امام اعتى قوة مهما كانت، كما أن التعاون العربى المشترك يجعل من الدول العربية لا يمكن الاستهانة بها، لذا وضعت القوى الغربية خططها المستقبلية والتى نعيشها فى الوقت الحالى على تفتيت التكتل العربي، ومحاولة ضرب العلاقة الابدية بين الجيش والشعب،وربما قد نجحت الخطة الاولى فى تفتيت العمل العربى المشترك لفترة الا انها فشلت تماما فى ضرب العلاقة بين الجيش والشعب المصرى لأنها علاقة ابدية، فالجيش المصرى لا يعتمد على المرتزقة كما تفعل جيوش العالم، ولكنه جيش وطنى يضم جميع اطياف الشعب المصري، ولا يمكن تفتيت تلك اللحمة. وتم اثبات تلك النظرية عندما قامت ثورة 25 يناير وكانت ارادة الشعب واضحة وهى رحيل النظام، اثبتت القوات المسلحة انها من نسيج هذا الشعب ، فوقفت بجانب الارادة الشعبية، وطالبت الرئيس حسنى مبارك بالتخلى عن السلطة، وتنفيذه ارادة شعب مصر، و ادار المجلس الاعلى للقوات المسلحة شئون البلاد فى ظروف غاية فى الصعوبة، فقد تحالفت القوى الخارجية مع بعض الخونة من الداخل لمحاولة جر الجيش المصرى الى صدام مسلح مع الشعب، وتكرار السيناريو الليبى والسوري، وظهر ذلك واضحا فى اكثر من موقف الا ان القيادة العامة للقوات المسلحة استطاعت ان تتجاوز تلك المرحلة بمنتهى الحكمة والحنكة حتى قامت بتسليم البلاد الى رئيس منتخب. ولأن القيادة التى تولت حكم البلاد كانت فاشية متامرة على الدولة وجيشها بالتعاون مع دول خارجية، فقد حاولت ان تقوض دور الجيش المصري، بل انها قامت بالتحالف مع جماعات ارهابية لتنفيذ عمليات ارهابية فى سيناء ضد رجال القوات المسلحة لشغل الجيش بتلك العمليات وابعاده عن اى شىء يخص الدولة المصرية، أو الشعب حتى تستطيع تلك الجماعة ان تغير هوية الدولة، بل انها تآمرت ايضا مع الولاياتالمتحدةالامريكية لتغيير عقيدة الجيش المصرى لجعله قوات لمكافحة الارهاب فقط وعلى غرار الجيش العراقي. لم تكن تلك الامور بعيدة عن قيادة القوات المسلحة المصرية، فقد اقسموا على حماية الامن القومى المصرى من اى تهديد كان، وايضا حماية الشعب المصرى الذى تعرض لعمليات من الاذلال على يد تلك الجماعة الارهابية التى حكمت البلاد، وعندما انتفضت الارادة الشعبية للمرة الثانية مطالبة برحيل تلك الجماعة الارهابية عن سدة الحكم، وقفت القوات المسلحة مرة اخرى مع الارادة الشعبية، وطالبت تلك الجماعة الارهابية بالرحيل، الا ان تلك الجماعة اصرت على تنفيذ عمليات ارهابية بشعة ضد الشعب والدولة، بجانب العمليات الارهابية التى نفذت فى سيناء، فأخذ الجيش على عاتقه محاربة الارهاب فى سيناء. وعلى الجانب الآخر مساندة الدولة فى تحقيق الأمن والاستقرار مرة اخرى. وبعد إجراء انتخابات حرة ووصول الرئيس عبد الفتاح السيسى، وحدث الاستقرار الذى كان يطمح إليه الشعب المصرى، كانت هناك المفاجأة الحقيقية للجميع فالدولة منهارة اقتصاديا بعد أن انهكت ولا يوجد احتياطى نقدي، بالاضافة الى توقف الاستثمارات الاجنبية لعدم وجود بنية اساسية جاذبة للاستثمارات العربية والعالمية، لذا لم يكن امام القوات المسلحة إلا خيار واحد، وهو اعادة بناء الدولة مرة أخرى والوقوف بجانب الشعب المصرى فى قصة تلاحم جديدة فى البناء. ومنذ اللحظة الاولى بدأت القوات المسلحة فى الإشراف على مشروعات عملاقة تكون جاذبة للاستثمار، وتحقق السلم الاجتماعى من خلال توفير حياة كريمة للمواطن المصرى، وتوفير فرص عمل والقضاء على البطالة، من خلال اشراك الشباب فى تلك المشروعات لتنفيذها . لقد انجزت القوات المسلحة العديد من المشروعات خلال عامين لم تكن تتحقق فى 20 عاما من خلال اشرافها المباشر على تلك المشروعات دون تحقيقها اى ربح فهى تعمل لخدمة الوطن وحماية امنه القومى بمفهومة الشامل، فتم الانتهاء من قناة السويس الجديدة ، والبدء فى مشروع المليون ونصف فدان والانتهاء من رصف الآلاف من الكيلو مترات وفتح محاور جديدة فى جميع المحافظات بالاضافة الى تنمية سيناء لجذب الاستثمارات بها من أجل القضاء على الارهاب، والاشراف على مدن سكنية جديدة للقضاء على العشوائيات وتوفير مناخ جديد لقاطنى تلك المناطق، والمئات من المشروعات الاخرى التى تصب فى مصلحة الوطن والمواطن. كل ذلك ولا يمكن ان تتخلى القوات المسلحة عن صلب مسئوليتها فى حماية الحدود المصرية وان تكون قوة ردع حقيقية امام اى قوة تسعى الى تهديد الامن والاستفرار داخل مصر. ان القوات المسلحة المصرية تخوض حربا شرسة ضد التنظيمات الارهابية التى استوطنت ارض سيناء بعد ثورة ينايروخلال حكم الجماعة الارهابية واستطاعت ان تقضى على الارهاب بشكل كبير فيها. إن ما يحدث الآن من انجازات القوات المسلحة المصرية لا يمكن أن نفصله عن حرب أكتوبر المجيدة بل ما يتحقق حاليا على الارض هو استكمال للنصر، فقد تم تحرير الأرض والآن يتم اعادة بناء الدولة بسواعد أبطال الوطن من رجال القوات المسلحة، وتلك هى روح أكتوبر المجيدة التى تتوارثها الأجيال وستظل كذلك، وستظل القوات المسلحة المصرية فخرا لكل مصرى وطنى يخشى على بلده وأرضه.