إذا كان النصر العظيم الذى حققته القوات المسلحة المصرية فى حرب السادس من أكتوبر المجيدة عام 1973.. عبورًا بمصر من الهزيمة والانكسار اللذين ألمَّا بها فى يونيو عام 1967، فإن النصر الذى حققته القوات المسلحة فى الثالث من يوليو عام 2013 بانحيازها لثورة الشعب المصرى ضد حكم جماعة الإخوان الإرهابية.. كان عبورًا ثانيًا وتاريخيًا بمصر من الفوضى إلى الأمن والاستقرار.. وكان أيضا استعادة للدولة المصرية التى كادت أن تسقط فى أيدى هذه الجماعة.فى السادس من أكتوبر عام 1973، وفى الثانية ظهرًا حسب ساعة الصفر التى حددها الرئيس الراحل أنور السادات حققت القوات المسلحة المصرية.. جيش مصر الوطنى أكبر انتصار عسكرى مصرى وعربى فى التاريخ الحديث وهو الانتصار الذى أذهل العالم، حيث كان مجرد التفكير فى شن حرب ضد إسرائيل المتفوقة عسكريا على مصر وعلى العرب مجتمعين.. أمرًا مستحيًلا، لكن جيش مصر مستندًا إلى دعم ومساندة الشعب المصرى كله، ومعتمدًا على التدريب الشاق والتخطيط الدقيق رفيع المستوى، والاستخدام الأمثل للسلاح، مضافًا إلى ذلك كله الإرادة الحقيقية والعزيمة القوية والإيمان العميق. وتحت صيحات الله أكبر.. هذا الجيش الوطنى حقق المعجزة وخاض الحرب التى كان الإجماع على استحالة قدرة مصر على شنها. المعجزة العسكرية التى حققها الجيش المصرى لم تكن فى عبور قناة السويس.. بوصفها أكبر مانع مائى فى تاريخ الحروب فقط، وإنما كانت فى تحطيم خط بارليف المنيع المصفح والذى أقامته إسرائيل بطول شرق القناة والذى كان يستحيل وفقا للنظريات العسكرية العالمية اقتحامه أو إزالته ولا حتى بالقنبلة الذرية. هذا الخط الدفاعى الإسرائيلى المنيع والمصفح والذى كان بارتفاع عشرين مترًا وبعرض ستة أمتار.. نجحت القوات المسلحة المصرية ورجالها البواسل الأبطال.. خير أجناد الأرض فى اقتحامه واختراقه وفتح العديد من الثغرات فيه والتى سمحت للدبابات والقوات أن تعبر إلى أرض سيناء لأول مرة منذ أكثر من ست سنوات ومنذ هزيمة يونيو 1967. نجاح القوات المسلحة فى تحطيم خط بارليف تحقق بفضل العبقرية المصرية التى توصلت إلى استخدام خراطيم المياه فى إزالة ذلك الخط.. ودون الحاجة إلى قنبلة ذرية، حيث تحولت المياه.. مياه قناة السويس إلى سلاح أقوى من كل الأسلحة بل من القنبلة الذرية. إن النصر الذى حققه جيش مصر الوطنى.. جيش الشعب.. أضفى على مصر فى تلك الأيام ما سُمى ب «روح أكتوبر» التى تعنى أن المصريين شعب عريق قادر على تحدى الصعاب وقهر المستحيل إذا امتلك إرادته الحرة وإذا كانت قيادته تتسم بالحكمة. بهذه الروح.. روح أكتوبر.. روح الانتصار وتحدى الصعاب.. عاشت مصر وشعبها أيامًا مجيدة، وبروح أكتوبر.. روح الانتصار استردت مصر كامل أرضها فى سيناء وحققت السلام المستند إلى النصر والجيش الوطنى. كانت مصر على موعد آخر مع القدر.. مع عبور آخر فى الثالث من يوليو عام 2013.. حين انتفض الشعب المصرى كله فى ثورة 30 يونيو ضد حكم جماعة الإخوان الإرهابية. بعد ثلاثة أيام فقط من ثورة 30 يونيو.. لم يكن أمام الجيش المصرى ولأنه جيش الشعب وليس جيشًا طائفيًا أو حزبيًا أو سياسيًا.. لأنه جيش وطنى.. يحمى الوطن ويحمى الشعب مالك هذا الجيش.. لم يكن أمامه خيار غير الانحياز للشعب ولثورة الشعب وحماية البلاد من الانجراف نحو حرب أهلية تشكلها الجماعة الإرهابية. ومثلما خاض الجيش المصرى حرب السادس من أكتوبر عام 1973 وحقق الانتصار العظيم تحت قيادة الرئيس الراحل أنور السادات صاحب قرار الحرب وبطل هذه الحرب.. بل أيضا بطل السلام الذى نجح فى تحقيقه استنادًا إلى قوة النصر الذى تحقق فى الحرب. فقد كان الفريق عبد الفتاح السيسى الذى كان وزيرًا للدفاع وقائدًا عامًا للقوات المسلحة بطل العبور الثانى الذى حققه المصريون.. جيشًا وشعبًا بعد أربعين عاما من العبور الأول. إن انحياز الجيش، جيش الشعب.. الجيش الوطنى بقيادة السيسى.. أنقذ مصر من التقسيم الذى كان يراد بها.. وأنقذ شعب مصر من الانجراف إلى حرب أهلية كانت ستسفر عن انهيار الدولة، كما حدث ومازال يحدث فى دول المنطقة، لقد أنقذ الدولة المصرية ذاتها وحافظ عليها وعلى استمرارها. وعندما أعلن «الفريق» السيسى خريطة الطريق فى الثالث من يوليو.. كان ذلك إيذانًا ببدء رحلة جديدة من تاريخ مصر.. رحلة ما بعد العبور الثانى وهى استعادة مكانة مصر الدولية وإنجاز المشروعات القومية العملاقة سبيلا لتحقيق تنمية شاملة تكفل الحياة الكريمة للشعب المصرى.. ليس أجياله الحالية فقط، وإنما لأجيال سوف تأتى فى المستقبل. لذا كان طبيعيا بل ضروريا أن يجمع المصريون على ضرورة ترشح الفريق السيسى (المشير فيما بعد) لرئاسة الجمهورية وكان منطقيًا أن يفوز فى الانتخابات الرئاسية فوزًا ساحقًا يقترب من الإجماع، مما عكس الثقة الكبيرة التى يوليها المصريون فى قائد الجيش الذى انحاز إلى الشعب فى ثورته ضد حكم الجماعة الإرهابية.. وحقق العبور الثانى بعد أربعين عاما من العبور الأول.. وسوف يظل السادس من أكتوبر عام 1973، والثالث من يوليو عام 2013 أهم حدثين فى تاريخ مصر الحديث.. وسوف يظل الحدثان.. إنجازًا تاريخيًا لجيش مصر الوطنى. لقد كان نصر أكتوبر عبورًا بمصر من الهزيمة والانكسار إلى العزة والانتصار وكان الثالث من يوليو عبورًا بمصر من الفوضى إلى الاستقرار. وإذا كان العبور الأول قد حرر جزءًا غالياً من أرض الوطن فإن العبور الثانى قد حرر المواطن من حكم الإرهاب، وأعاد للدولة المصرية مكانتها فى العالم. ولا يزال جيش مصر يواصل استكماله للعبور الثانى بدحر الإرهاب فىكل شبر من أرض مصر، والعمليات العسكرية ضد الإرهاب فى سيناء خير شاهد على قدرة القوات المسلحة المصرية فى فرض سيطرتها الكاملة للقضاء على عناصر الإرهاب المسلح. فى ذكرى نصر أكتوبر المجيد.. كل التحية لزعيمين وطنيين عبرا بمصر إلى بر الأمان وكان الفارق 40 عامًا بين العبورين من تاريخ مصر الحديث. الزعيم الراحل أنور السادات صاحب قرار المعركة وصانع السلام.. والزعيم الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى أنقذ المصريين من حكم الجماعة الإرهابية الغاشمة التى أرادت العبث