لم تكن تدري وهي تستعد للنزول هذه المرة، أنه يوم مختلف، يكاد طعمه المر ينهي حياتها، لم تتضح معالمه، فما بين الهزل والجد، أو قل الحب والروتينية، اعتادت حياتها، في العشرينيات من عمرها، تنتظر دوما حبيبها، الذي وعدها بالزواج، بعد عودته من السعودية، وكان اليوم الذي قررا فيه النزول. لحجز قاعة الفرح التي يتجمع فيها المدعوون، ليباركوا عرسهما ويشاركوهما فرحتهما، لم تستطع الانتظار أكثر، فالوقت يمر، ويزداد القلق داخلها، وخالد لم يرد عليها، وألحت في الاتصال، مرة.. واثنتين.. وثلاثا.. لم تجد بدا من النزول بمفردها، تحوطها السعادة من كل جانب، فيوم اكتمال حبها يقترب، وهي على موعد مع الحب، مع السعادة، التي انتظرتها ثلاثة أعوام كاملة.. أغلقت باب الشقة، طابعة قبلة علي جبين أمها، ولم يلبث أن رن الموبايل، فرحت.. إنه خالد، طلب منها أن تقابله بالقرب من وسط البلد، وبيتها يبعد قليلا عن المترو، فآثرت أن تستوقف توك توك، ليقرب المسافة، لم يكن الوقت متأخرا، فالساعة تقترب من الثامنة مساء، واستقلت التوك توك.. خطوات قليلة.. وركب شخص بجانبها، أسرع بوضع آلة حادة في جنبها، مهددا إياها بأي محاولة للاستغاثة، وأكمل صاحبه برش مادة مخدرة، فغابت عن الوعي، وفعلوا بها ما يفعله الحقراء، لم يبحثوا كثيرا عن مكان، فبين الزراعات المكان متسع، ساعة.. واثنتين.. وثلاثا.. بدأ الوعي يعود إليها، وحينما أفاقت لم تجد إلا الدماء التي تنزف من جسدها ووجهها، وجدت هاتفها ملقي بجانبها ..صرخت.. الحقني يا خالد.. الحقني ..ذهب إليها ..وجدها ملقاة على الأرض، يا لهول الموقف.. حلمه تلوث.. حبه يضيع.. سألها ..فحكت له.. أخذها للبيت.. لم يشأ خالد أن يفتضح الأمر وكذلك هي.. بكى خالد كما لم يبك من قبل، لم يجد من الكلمات ما يليق بالموقف، ساد الصمت.. شعرت من نظراته بالوهن، بالفزع، لم تشعر بالشفقة، بل كانت محاسبته لها تنزع ما تبقى من روحها.. تمنت الموت .. حوار صامت كان أقرب للمحاكمة.. فهل يقبل خالد زواج حبيبته التي أغتصبت بليل؟ صرخت.. قاطعة صمت طال ونظرات بها اتهام.. قائلة لخالد: أنا أعفيك من أي رباط بيننا .. أعفيك من حبي.. أعفيك من كل الوعود.. لم تجد ردا من خالد سوى دموعه وصمته ، حتى نظراته ذهبت بعيدا عنها ... لم تعد عيناها تستميله.......!! [email protected] المزيد من مقالات أيمن عثمان