محافظ القليوبية يتفقد حدائق القناطر الخيرية    مجازر الشرقية استعدت لذبح الأضاحي بالمجان    أسعار الخضار أول أيام عيد الأضحى في مطروح    صراع ترامب ضد ماسك يهدد تماسك الجمهوريين    استشهاد مصور صحفي متأثرا بإصابته في قصف للاحتلال الإسرائيلي خيمة للصحفيين بغزة    القاهرة الإخبارية تعرض تقريرًا عن تكلفة جسر الجمرات بمشعر منى.. فيديو    محافظ القليوبية يتفقد حدائق القناطر الخيرية للتأكُد من الخدمات المقدمة للزائرين (صور)    حبس المتهم بقتل شاب يوم وقفة عيد الأضحى بقرية قرنفيل في القليوبية    روسيا: إسقاط 174 مُسيرة أوكرانية فيما يتبادل الجانبان القصف الثقيل    مقترح ويتكوف| حماس تبدي مرونة.. وإسرائيل تواصل التصعيد    بعد 7 أشهر من الغياب.. ميسي يعود والأرجنتين تنتصر على تشيلي بهدف ألفاريز    590 ألف مصلٍ يؤدون صلاة عيد الأضحى بمراكز الشباب بالإسكندرية    سعر الدولار والعملات اليوم الجمعة 6 يونيو 2025 داخل البنك الأهلي في عيد الأضحى    قرينة الرئيس تهنئ الأمتين العربية والإسلامية والشعب المصري بعيد الأضحى    محافظ شمال سيناء يؤدي صلاه العيد وسط جموع المواطنين في مسجد الشلاق بالشيخ زويد (صور)    محافظ سوهاج يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد "الشرطة" بمدينة ناصر    فسحة ب 5 جنيه.. "نسناس مون وأسود" تستقبل المحتفلين بالعيد في حديقة حيوان الإسكندرية    أحمد العوضى يحتفل بعيد الأضحى مع أهل منطقته في عين شمس ويذبح الأضحية    2 مليون جنيه إيرادات فيلم المشروع x فى الوقفة والإجمالى يتجاوز 50 مليونا    وفاة الملحن محمد كرارة.. تعرف على موعد ومكان الجنازة    شباب قنا يوزعون بليلة بالكوارع والقرقوش في عيد الأضحى (صور)    نجوم الفن يستخدمون الذكاء الاصطناعي ل تهنئة الجمهور بعيد الأضحي    الآلاف يؤدون صلاة عيد الأضحى وسط أجواء احتفالية بالحسين    وكيل الصحة بالشرقية يتابع التأمين الطبي وانتشار الفرق في أماكن التجمعات خلال عيد الأضحى    وكيل وزارة الصحة بالإسماعيلية تتفقد مستشفى التل الكبير فى أول أيام العيد    طبق العيد، طريقة عمل الكبد والكلاوي عقب ذبح الأضحية    المعهد القومي يكشف السعرات الحرارية في طبق الفتة    قاض يوقف "مؤقتًا" حظر ترامب التحاق الطلاب الأجانب بجامعة هارفارد    التضامن الاجتماعى فى الفيوم تشرف على ذبح الأضاحى لتوزيعها على الأولى بالرعاية    فتح باب التقدم لجوائز اليونسكو الدولية لمحو الأمية لعام 2025    إقبال ملحوظ على مجازر القاهرة في أول أيام عيد الأضحى المبارك    الداخلية تشارك المواطنين في احتفالات الأضحي بأغنية "بيصح علينا العيد"    الونش: الزمالك قادر على تحقيق بطولات بأي عناصر موجودة في الملعب    جبران يستعرض جهود مصر في تعزيز بيئة العمل مع وفد "أصحاب الأعمال" بجنيف    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد لبنان: لا استقرار دون أمن لإسرائيل    سرايا القدس تعلن تفجير آلية عسكرية إسرائيلية بعبوة شديدة الانفجار في خان يونس    الإسماعيلية.. رفع حالة الاستعداد القصوى في المستشفيات الجامعية خلال عيد الأضحى    محافظ القليوبية يقدم التهنئة للمسنين ويقدم لهم الهدايا والورود - صور    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير.. صور    تعرف على الأصل الشرعي لصيغة المصريين فى تكبيرات العيد    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة العيد بشرم الشيخ ويوزع عيديات على الأطفال    أجواء من المحبة والتراحم تسود قنا بعد صلاة عيد الأضحى المبارك وتبادل واسع للتهاني بين الأهالي    محافظ بنى سويف يُؤدي شعائر الصلاة بساحة مسجد عمر بن عبد العزيز    فرحة العيد تملأ مسجد عمرو بن العاص.. تكبيرات وبهجة فى قلب القاهرة التاريخية    اليوم ذكرى رحيل محمود المليجى "شرير الشاشة"    فى أحضان الفراعنة ..آلاف المواطنين يؤدون صلاة العيد بساحة أبو الحجاج الأقصري    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    الرئيس السيسي يشهد صلاة عيد الأضحى من مسجد مصر بالعاصمة الإدارية| صور    الونش: الفوز بالكأس أبلغ رد على الانتقادات    نقاط الذبح المعتمدة في عيد الأضحى بالإسماعيلية    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    مها الصغير: كان نفسي عبد الحليم حافظ يحبني ويغني لي    اليوم.. وزارة الأوقاف تفتتح 8 مساجد جديدة بالمحافظات    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    بالفيديو.. استقبال خاص من لاعبي الأهلي للصفقات الجديدة    «3 لاعبين استكملوا مباراة بيراميدز رغم الإصابة».. طبيب الزمالك يكشف    في وداع مؤثر بعد تتويج الزمالك.. شيكابالا يترك كأس مصر لعبد الشافي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا تراجعت القوة الناعمة؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 09 - 2016

ما الذى يمكن أن تفعله ثقافة كرنفالية صاخبة، تحتفى بالقشرة، وتخاصم الجوهر لأمة تملك تراكما حضاريا هائلا، ومشكلات أكثر جسامة؟ هذا السؤال هو عين الحقيقة التى يراد تزييفها طيلة الوقت، بحيث يبدو الانشغال الفعلى بقيم التقدم والاستنارة ضربا من المغامرة فى ظل ظروف سياسية وثقافية معادية لروح التنوير الكبرى حين تسائل الاستبداد السياسى والديني، وتكشف الغطاء عن تحالف الفساد والرجعية، وتغول اليمين الدينى فى القطاعات المختلفة، وهيمنة نموذج متسلط يملك رؤية أحادية صوب الحياة، والعالم، والأشياء.
لم تكن القوة الناعمة المصرية بحاجة إلى مؤامرة خارجية كى تتراجع، كما لم تكن بحاجة إلى كهنة جدد يخلقون مشهدا تعيسا ومهترئا، يسعى نحو تأبيد اللحظة وتثبيتها، وكأن فكرة التغيير ليست أساسا لهذا العالم المتحول، البالغ التعقد والتشابك.
لكن الثقافة المصرية كانت منذ السبعينيات على موعد مع التحولات الدراماتيكية، فبعد موجة اليمين الليبرالى الذى أصاب قليلا وأخطأ كثيرا، بدأت روح قديمة تسكن الجوهر الثقافي، روح ماضوية باختصار، يحيا فى متنها أفاقون ورجعيون ومرتزقة، تنامت هذه الروح الصغيرة وأصبحت مشغولة بالماضى أكثر من انشغالها بالحاضر، معنية بالسقوف أكثر من عنايتها بفتح النوافذ، هذه الروح الصغيرة هى نفسها الصامتة الآن عن حبس كاتبين مصريين لا لشيء، إلا لأن أحدهما كتب رواية، والآخر قال رأيا فى التراث!.
كان خنق نوافذ الحريات العامة وهبوب رياح جافة تحمل فى متنها قيما دخيلة على الثقافة بمثابة المهاد النظرى لتراجع القوة المصرية الناعمة.
وما بين السببين تشكلت جيتوهات مختلفة، تتحالف كثيرا، وتتصارع قليلا، ولا تلتقى سوى على مصالحها الآنية الضيقة؛ ولذا غابت السياسات الثقافية الناجعة، وغاب المشروع الثقافى الحقيقي، ولو نظرنا إلى السنوات التى تلت الثورة المصرية المجيدة فى يناير 2011، لوجدنا أن المنطق الذى تعاملت به الدولة المصرية مع الثقافة كان منطق «سد الثقوب»، وهو منطق بائس، أسهم فى مزيد من التراجع للقوة الناعمة المصرية التى تعانى منذ السبعينيات من القرن المنصرم.
كان يمكن للثقافة المصرية أن تستفيد من تعدد مراكز إنتاج الثقافة العربية، وتنوعها الخلاق، لكنها بدأت فى الانزواء شيئا ما، والاعتماد على ما كان أكثر من الاعتماد على ما هو قائم، وبدأنا مرحلة من ابتذال التاريخ الثقافى المصرى تحت وطأة الهجرة لبلاد النفط، واستحداث قيم ليست بنت زمانها ولا مكانها فى صياغة الوعى العام.
بدأ منطق «سد الثقوب» طريقه إلى الواقع الفعلى بدءا من الاختيارات العبثية التى أعادت إلى الواجهة آخر وزراء ثقافة مبارك، ومنحت تلاميذه الأقل كفاءة منه مقعد الوزير فى كل مرة، وبات كل شيء خاضعا لمعايير تتصل بالولاء لا النزاهة، المحسوبية لا العدل، وغابت التصورات الإجرائية عن الواقع الثقافي، وتركت الثقافة الرسمية الدولة المصرية وأمتها وشعبها يواجهون عصابات الجهل والتطرف والإرهاب دون غطاء نظرى وفكري، يقدم طرحا مختلفا، معتمدا على خيال جديد.
وتعمقت المأساة كل مرة باختيارات أكثر كارثية، وبدأت الثقافة نفسها تختفى من الواجهة، وتحل محلها الاحتفاليات الخادعة التى جعلتنا نسمع جعجعة ولا نرى طحينا، وانعدم الأثر الثقافى فى الفضاء العام، وتراجعت صورة المثقف كثيرا، خاصة بعد جملة من التحولات المخزية التى شهدتها الحياة الثقافية المصرية، وحدث تآكل للنخبة، وجمود لبعضها، وأصبحنا أمام سياق من المغمورين الجدد، يلهثون خلف الحضور الكاذب، الذى لا يصمد أمام حركة التاريخ التى تتجه دائما صوب الأمام.
لقد غابت الاستراتيجية الفاعلة لتشكيل مشروع ثقافى وطني، يصبح جزءا مركزيا فى صناعة الوجدان العام، وبلورة خطاب طليعى وتقدمى ومستنير، يقاوم مناخات الكراهية والعتامة والظلام الفكري، وتكلست أدوات صناعة العقل المصرى الذى صار مشغولا بالميتافيزيقا أكثر من أى وقت مضي.
وبمرور الوقت، وتعاقب العبث، انتقلت الثقافة من منطق «سد الثقوب» إلى منطق «تسديد الخانات»، وأصبح التعامل معها يتم من منظور «أى شيء صالح لكل شيء»، فضاع المعني، واهتزت القيمة، وصرنا أمام تراجع مخيف فى صورة الثقافة نفسها، وسقوط مخزٍ للمثقف ذاته.
واتساقا مع مناخ استهلاكى الطابع، قائم على التلفيق والتناقض الفادح، أصبحنا أمام ثقافة معلبة، غير قادرة على الحضور وسط الناس، فافتقرت إلى زخم الحياة اليومية، وصار المعنيون بالثقافة غائبين عنها، وتحولت الأروقة الرسمية لوزارة يجب أن تتوجه بالأساس إلى دافع الضرائب المصري، إلى ملكية خاصة لحفنة من مثقفى المؤسسة، وانفصلت الأنشطة المختلفة عن الجماهير، الذين هم بغية الفعل الثقافى ومراده فى آن.
وبعد.. ربما كان للدور الفاعل الذى يلعبه بعض المثقفين من خارج المؤسسة العامل الحقيقى فى الحفاظ على ما تبقى من قوة ناعمة، خاصة مع تمدد الترهل والفساد الثقافى والإهمال والعشوائية فى جنبات المؤسسة الرسمية، وبما يعنى إعادة الاعتبار لدور المثقف العضوى المستقل، الفاعل فى واقعه، عبر انحيازه الموضوعى لقيم التقدم والإبداع.
لمزيد من مقالات د.يسرى عبد الله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.