خلال الأسبوع الماضي ووسط زحام موسم المهرجانات العالمي والمصري وقع حدثان في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي مرتبطان بدورته القادمة والتي تحمل رقم 46 والمقرّر إقامتها في الفترة من 12 وحتى 21 نوفمبر المقبل. الحدثان بالتأكيد يشكّلان صورة عامة عن طريقة تفكير رئيسه الفنان حسين فهمي في فترة توليه الثانية والتي بدأت عام 2022 وسط فوران في الأحداث الجيوسياسية في المنطقة أدّى إلى تأجيل الدورة ال 45/2023 للعام الذي يليه. أمّا الحدث الأول فهو اللقاء الودّي الموسّع الذي جمع رئيس المهرجان وفريق العمل بعدد مختار من الصحفيين المصريين المتخصصين في الأخبار الفنية وتغطية المهرجانات. وقال حسين فهمي في بداية اللقاء إنه تقليد يتمنى أن يستمر لفتح قنوات الاتصال والاستماع جيّدًا لآراء الحضور فيما يتعلّق بالمهرجان وإدارته والمشاكل التي قد تقابل البعض أثناء تغطيتهم للمهرجان بشكل عام وفعالياته بشكل خاص، ولم يستبعد أن يتم تكرار مثل هذا اللقاء قبل أو أثناء الدورة المقبلة حيث إن الملاحظات التي أبدَاها البعض في دورة العام الماضي استمع إليها ومعه إدارة المهرجان بشكل جيّد حتى يستطيع تفاديها في المستقبل وتطوير أداء المهرجان بشكل عام. منذ انتهاء الدورة في العام الماضي وخلالها انتقد العديدون بعضًا من الفعاليات وتنظيمها داخل المهرجان، ومع مرور الوقت تحوّل البعض إلى الهجوم المباشر على الرئيس وأعضاء فريق المهرجان بشكل مستمر، لذلك رأى حسين فهمي أن الوقت مناسب للمناقشة في جلسة تخطّت الساعتين نوقش خلالها العديد من المواضيع والمحاور المتعلّقة بتنظيم المهرجان وتذليل العقبات أمام الصحفيين لممارسة عملهم بشكل أفضل كفاءة. وهو ما يعتبر خطوة شديدة الجرأة تحمل في طيّاتها ثقة شديدة وانفتاحًا ورغبة في التطوّر وتحسين أداء إدارة المهرجان من قبل حسين فهمي، وهو ما يعتبر جزءًا أصيلًا من فلسفته في إدارة المهرجان، حيث إنه بالعودة إلى فترته الأولى في قيادة هذا المهرجان الدولي العريق والتي امتدّت منذ العام 1998 إلى العام 2001، سنجد أنه تولّى المنصب بعد الاسم الذي يعدّ من شكّل المهرجان وهيكله لحد كبير وهو الكاتب الراحل الكبير سعد الدين وهبة. يأتي حسين فهمي بعده وما زال ظل سعد الدين بكل إنجازاته ملقى على المهرجان، لكن بالنظر إلى قرارات حسين فهمي وقتها سنجد أننا أمام رئيس يحمل رؤية متطوّرة وخبرة كبيرة انعكست على المهرجان وأضافت لما بناه سعد الدين الذي ربما ثبّت الصفة الدولية للمهرجان لكن حسين فهمي هو من منح المهرجان المظهر المناسب لهذه الصفة الدولية بقراره الجريء بارتداء الملابس الرسمية لحضور حفلات المهرجان. هذا إلى جانب اهتمامه بالجانب التقني والمرتبط بصناعة السينما وذلك من خلال كاتشين السوق الأول للتكنولوجيا السينما في ساحة دار الأوبرا المصرية التي نقل إليها حسين فهمي فعاليات المهرجان للمرّة الأولى، كما أنه أحدث تغييرات في اللجنة العليا للمهرجان وضمّ عددًا من رجال الأعمال إلى هذه اللجنة ليضمن وجود تمويل كافٍ، وهذا الشيء نابع من إدراكه أنه للخروج بدورات جيدة من المهرجان يجب أن يجد دعمًا مناسبًا ليس فقط من الدولة ولكن من القطاع الخاص أيضًا. هذه الأفكار خرجت من إطار الصندوق واستمرّت لأعوام تالية مع رؤساء آخرين قدّموا رؤى مختلفة للمهرجان، لكنها لم تكن في معظمها بنفس القدر من الرغبة في التغيير ومواكبة العصر مثلما كانت مع الفنان حسين فهمي. الحدث الآخر كان في اليوم التالي لهذه الجلسة الودّية في إحدى الجامعات الخاصة الحديثة في العاصمة الإدارية الجديدة، حيث شهدت زيارته للجامعة توقيع اتفاقية تعاون بين المهرجان والجامعة تُلقي بظلال فائدتها على أيام القاهرة للصناعة. وقد شهدت مراسم التوقيع حضورًا واسعًا من القيادات الأكاديمية في الجامعة وعدد كبير من طلابها، وتلاها افتتاح رسمي للمركز الإعلامي في الجامعة الذي تم تجهيزه بأحدث الأجهزة. وألقى حسين فهمي ماستر كلاس أمام طلاب وأساتذة الجامعة، شارك فيه خبراته الطويلة ورؤاه في ربط التعليم الأكاديمي بصناعة السينما، مؤكدًا أن هذه الشراكة تمثل خطوة نحو دمج التعليم مع الممارسة العملية ودعم المواهب الشابة. ووجود الجامعة في أيام القاهرة للصناعة وسوق المهرجان سيكون من خلال جناح مخصص كما ستقدّم الدعم لأحدث الإضافات للدورة المقبلة في المهرجان وهو قسم التقنيات الغامرة أو XR والمسؤولة عن برمجته د. نورا كحيل التي تعد جزءًا من المكتب الفني للمهرجان في دورته المقبلة مع المدير الفني الناقد محمد طارق، الذي يعدّ هو الآخر من الاختيارات الجريئة لحسين فهمي ووجوده يؤكد على رؤيته في الإدارة وفهمه العميق لضرورة أن يكون هذا المهرجان العجوز بعدد دوراته يحمل روحًا شابة قادرة على المنافسة على حد تعبيره في الجلسة الودّية واصفًا مهرجان القاهرة.