وزيرا التعليم العالي والأوقاف يبحثان تعزيز التعاون لدعم الأئمة والدعاة    استقرار أسعار الذهب فى مصر.. وعيار 21 يسجل5570 جنيها    وزير المالية: طرح وثيقة السياسات الضريبية خلال الربع الأول من العام المالي المقبل    وزيرا الكهرباء والتنمية المحلية يبحثان التنسيق والعمل المشترك والتعاون في قضايا البيئة    الرقابة المالية توافق على إنشاء أول منصة رقمية للاستثمار في وثائق الصناديق العقارية    انتهاء الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ الولايات المتحدة    البرهان: المواطنون السودانيون ينزحون لمناطق سيطرة القوات الحكومية    قوارب تهريب المخدرات تثير أزمة بين واشنطن ولندن.. ووزير خارجية أمريكا يعلق    روبيو: واشنطن لا تتطلع لإدارة قطاع غزة    مروان عثمان: المشاركة في أمم إفريقيا حلم أسعى لتحقيقه    وقف دعوى تعويض الحكم محمد عادل ضد إبراهيم فايق    تجديد حبس عامل متهم بقتل مسن في السلام    الاستعانة ب 12 سيارة من الشركة القابضة بالإسماعيلية ومدن القناة لسرعة شفط مياه الأمطار ببورسعيد    نائب رئيس الوزراء وزير الصحة يُطلق الاستراتيجية الوطنية للأمراض النادرة    17 مليار جنيه صافي أرباح المصرية للاتصالات خلال أول 9 شهور من 2025    الرئيس يوافق على إصدار قانون الإجراءات الجنائية الجديد    موعد مباراة فرنسا وأوكرانيا في تصفيات كأس العالم والقناة الناقلة    كريستيانو رونالدو يعلق على صافرات الاستهجان المرتقبة ضده من جماهير أيرلندا    علاء نبيل: نعمل على تسهيل احتراف الهواة    التعليم تعلن شروط التقدم والفئات المسموح لها أداء امتحانات الطلاب المصريين بالخارج    البرتقال بكام فى أسواق الخضار والفاكهة اليوم الخميس 13 -11-2025 فى المنوفية    رابط التسجيل للتقدم لامتحانات الطلبة المصريين فى الخارج 2026    مصرع شخص وإصابة 8 فى تصادم ميكروباص أجرة مع نقل بالوادى الجديد    تشييع جثمان زوجته أُنهي حياتها خنقا علي يد زوجها بالمنوفية    توقف حركة الملاحة والصيد بميناء البرلس لسوء الأحوال الجوية    خبراء: المتحف المصرى الكبير يحقق أرباحًا اقتصادية وسياسية    سعر الريال القطرى اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025.. أمام الجنيه    طريقة عمل البطاطا بالكاسترد بمذاق لا يقاوم    رئيس الوزراء يقرر تجديد ندب القاضى حازم عبدالشافى للعمل رئيسًا لمكتب شئون أمن الدولة لمدة عام    الجيش الروسي يسيطر على ثلاث بلدات في زابوريجيا وأوكرانيا تخوض معارك طاحنة لصد الهجوم    من عثرات الملاخ وتمرد عادل إمام إلى عالمية حسين فهمي، قصة مهرجان القاهرة السينمائي    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 13نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    استمرار امتحانات منتصف الفصل الدراسي الأول بهندسة جنوب الوادي الأهلية    مدبولي: مشروع توسعة شارع النقل والهندسة بمحور المحمودية من أعمال المنفعة العامة    أديل تخوض أولى تجاربها التمثيلية في "Cry to Heaven" للمخرج الشهير توم فورد    احذر طقس الخميس.. الأرصاد تحذر من تقلبات جوية وأمطار رعدية    الصحة: خلو مصر من التراخوما إنجاز عالمي جديد.. ورؤية الدولة هي الاستثمار في الإنسان    10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال| فيديو    صدام وشيك بين الأهلي واتحاد الكرة بسبب عقوبات مباراة السوبر    صاحب السيارة تنازل.. سعد الصغير يعلن انتهاء أزمة حادث إسماعيل الليثي (فيديو)    الولايات المتحدة تُنهي سك عملة "السنت" رسميًا بعد أكثر من قرنين من التداول    «سحابة صيف».. مدحت شلبي يعلق على تصرف زيزو مع هشام نصر    استخراج الشهادات بالمحافظات.. تسهيلات «التجنيد والتعبئة» تربط أصحاب الهمم بالوطن    حبس المتهمين بسرقة معدات تصوير من شركة في عابدين    احسب إجازاتك.. تعرف على موعد العطلات الدينية والرسمية في 2026    غضب واسع بعد إعلان فرقة إسرائيلية إقامة حفلات لأم كلثوم.. والأسرة تتحرك قانونيا    القيادة المركزية الأمريكية: نفذنا 22 عملية أمنية ضد "داعش" طوال الشهر الماضي    إعلام: زيلينسكي وأجهزة مكافحة الفساد الأوكرانية على شفا الحرب    فيفي عبده تبارك ل مي عز الدين زواجها.. والأخيرة ترد: «الله يبارك فيكي يا ماما»    الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسلة اقتحامات وعمليات نسف في الضفة الغربية وقطاع غزة    فرصة مميزة للمعلمين 2025.. التقديم الآن علي اعتماد المراكز التدريبية لدى الأكاديمية المهنية    محمود فوزي ل"من مصر": قانون الإجراءات الجنائية زوّد بدائل الحبس الاحتياطي    خبير لوائح: قرارات لجنة الانضباط «تهريج».. ولا يوجد نص يعاقب زيزو    قد يؤدي إلى العمى.. أعراض وأسباب التراكوما بعد القضاء على المرض في مصر    مقرمش جدا من بره.. أفضل طريقة لقلي السمك بدون نقطة زيت    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الحج إلى الهجرة النبوية
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 09 - 2016

تجتمع في شعيرة الحج معاني الهجرة الحسية والمعنوية مما يجعل هذه الشعيرة الكبرى فرصة عظيمة للمسلم حتى يرجع من
ذنوبه كيوم ولدته أمه، فروحه مصفّاة نقيّة، ونفسه مُخلًّاة من مظاهر التعلق بغير الله عزَّ وجلَّ، وقلبه مليء بإخلاص القصد وإفراد الوجهة له وحده.
ولا ريب فإن هذه المعاني تثبت أن الحج هو هجرة السعداء لا هجرة الأشقياء، حيث يفرُّ العبد في هذا الركن الأعظم إلى ربه لا منه، هاجرًا ماله وولده وأهله وبلده؛ تحققًا بقوله تعالى: (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ) [الذاريات: 50]، وطاعة لله وحده، وطلبًا لمغفرته ورحمته، وتلبية لأذان أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام ثم أذان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. وتتحقق الهجرة بالمهاجرة إلى الموضع الذي ارتضاه الله تعالى وشرعه، وذلك ظاهر في الحج حيث يخرج الحاج من بيته في رحلة مقدسة يقصد بها الأماكن المقدسة، التي هي محل رعاية رب العالمين ومقصد الأنبياء والمرسلين ومهبط الملائكة المكرمين، وملاذ الصالحين والمسلمين من كل فجٍّ قريب أو بعيد.
هذه الرحلة هي من مظاهر الهجرة الحسية حيث السفر والمشقة، ومعلوم أن المسافر أو المهاجر يحتاج إلى إعداد الزاد من الطعام وحمل ما يلزم في هذه الرحلة، وقد بين الله تعالى للمسلمين أنه ينبغي عليهم أن يستكثروا من فعل الخير والبر، ليكون زادًا لهم في الآخرة تشبها بإعداد المسافر الزاد لسفره، والمتأمل في آيات القرآن الكريم يجد أن ذكر لفظ "الزاد" لم يرد إلا في سياق آيات الحج قال الله تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)[البقرة : 197]. وفي ذلك إشارة إلى تضمين مناسك الحج مقاصد الهجرة وأسبابها الحسية والمعنوية، بل قد ورد في الشرع ما يثبت أن هناك أوجهًا للمشابهة بين الهجرة وبين الحج، ومن ذلك بيان الله تعالى لجزاء من مات وهو في طريقه إلى الهجرة: (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)[النساء: 100]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في شأن من مات وهو في طريقه إلى الحج: "من خرج حاجا فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة، ومن خرج معتمرا فمات كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة". كما أن الحج والهجرة عبادتان تهدمان ما كان قبلهما من الصغائر، ويحتمل أنهما يهدمان الكبائر أيضا فيما لا يتعلق به حقوق العباد بشرط التوبة. كما يمتثل الحاج أوامر الله تعالى ويلزم نفسه بالطاعة والفضيلة، ممتنعًا عن ارتكاب محظورات الإحرام فضلا عن محظورات الإسلام التي تقضي بهجرة المعاصي واجتناب المفاسد القولية منها والفعلية، والابتعاد عن كل ما يثير الضغائن والأحقاد والنزاعات، حتى يصح حجه، امتثالًا لقوله جلَّ شأنه: ، الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجّ، [البقرة: 197]، وقوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَجَّ هَذَا البَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ". والحاج في حجه يقابل الإساءة بالإحسان والصبر والتحلي بمكارم الأخلاق، تأدبًا مع ضيوف الرحمن، وقيامًا بما يجب على الضيف من القيام به عند مضيفه.
ولا يخفى أن هذه المعاني من امتثال أوامر الشرع وهجران المحارم والابتعاد عن جميع ما نهى الله عنه يصدق عليها اسم الهجرة، بل إن في ذلك ما هو أكبر فضيلة وأعظم هجرة، فالهجرة لا تتحقق إلا بامتثال الأوامر واجتناب المنهيات، وهي الباقية إلى يوم القيامة، لا بمجرد الانتقال من بلد إلى آخر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه". وبذلك فإذا ما تأملنا رحلة الحج ومناسك هذه الشعيرة سنجد أنه ينبغي علينا أن نبذل غاية الوسع في استلهام الدروس والعبر من دلالات العبادات في الإسلام ومقاصدها وأحكامها وآثارها، التي تجتمع كلها على ترسيخ مقاصد الهجرة والتأكيد على معانيها الحسية والمعنوية، ومن ثَمَّ ينكشف لنا حكمة اتخاذ المسلمين حدث الهجرة منطلقًا لتاريخهم الخالد، بل وعنوانا لتميز هذه الأمة.
لمزيد من مقالات د شوقى علام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.