طوال الوقت تشتكى الزوجات من اضطرارهن للعمل من أجل المصاريف والنفقات والأسعار الغالية.. وطوال الوقت يشتكين من أن الرجال لا ينفقون وينظرون لمرتب الزوجة باعتباره حقا أساسيا وعليها أن تشارك فى نصف المصاريف إن لم يكن كلها.. والجملة الأشهر على لسان أغلب النساء «إحنا لقينا رجالة تستتنا ومتستتناش.. وهو فيه حد بيستت مراته دلوقتي». لكن السؤال.. هل يا ترى لو وجدت الست العاملة الرجل الذى »يستتها« ستقبل أم أنها سترفض هذا العرض المغرى؟.. يعنى هل تقبلين أن تكونى ست بيت فقط، ينفق عليك الرجل ويحقق طلباتك، مقابل تركك العمل. ومبادلة دوره «الرجالى» بدورك الحريمى، فلا يرى منك قبيحا ولا يشم منك إلا أطيب ريح.. تنتظرين عودته، وتلبين طلباته وتجعلينه يعيش فى جو هادئ تماما، بلا مشاكل، ولا متاعب ولا أى من مشاكل المرأة العاملة؟ لو وجهت هذا السؤال لأغلب العاملات لكانت الإجابة بالرفض القاطع وأغلب الكلام يسير فى اتجاه أن الست أصبحت مرغمة على العمل، إما للإنفاق وإما لأن الرجل لا يقدر على الصرف بمفرده فى ظل الغلاء. تقول الدراسات إن أغلب النساء العاملات لا يعملن من أجل المال فقط، وإن 95% منهن يعملن لإثبات الذات، وتحقيق الأحلام، وان المرأة لم تطلب المساواة، للإنفاق على أولادها كما تدعى النساء، إنما طلبت النساء الحق فى العمل لإثبات الذات . لماذا تعمل المرأة؟.. سؤال يطرح نفسه ويطرحه الكثيرون, رجالا ونساء، ما هى الدوافع؟ هل هى اقتصادية أو اجتماعية أو شخصية، وهل تختلف من امرأة لأخرى؟ هل الظروف هى التى ترغم المرأة على العمل كما تدعى أغلب النساء؟ ولكن قبل الظروف، لماذا حاربت المرأة من أجل المساواة، والخروج للعمل حين كان الراجل ينفق وقادرا، وسى السيد أيضا؟ يا ترى لو طلب الزوج ترك العمل من زوجته و«تتستت» ستقبل؟ كم فى المائة من النساء العاملات على استعداد لترك ما وصلن إليه فى أعمالهن من نجاح، مقابل البقاء فى البيت ولو بمصروف من زوجها يساوى مرتبها؟ هل سبب الدعوى النسائية أن »مافيش راجل النهاردة بيستت« أن الرجل اليوم تخلى عن مسئوليته بحكم التربية وتغير الأخلاق، أم أن الواقع أن الرجل لم يعد قادرا على ملاحقة طلبات الأسرة، نتيجة الغلاء؟ وإذا كانت الست تعمل لتنجح، فلماذا تصر كثير من السيدات على ترديد الاتهامات وتعيير أزواجهن بمشاركتهن فى المصاريف، وتعتبرن هذا تخليا منه عن مسئولياته ودوره ؟ «نهى» زوجة شابة تعمل فى وظيفة مرموقة حصلت عليها بفضل مجهودات والدها ومن قبل ان تتزوج ورغم أنها من أسرة ميسورة الحال إلا أن العمل بالنسبة لها كان مسألة اساسية.. نهى لا تشارك فى نفقات البيت، بالعكس يترك لها زوجها حرية التمتع بمرتبها كاملا وتدبير نفقاتها الشخصية بالكامل.. لكن ذلك لم يمنع وجود خلافات مادية كبيرة بينهم فهى ترى أن من حقها أن ينفق عليها زوجها بعيدا عن مرتبها سواء كان كبيرا أو صغيرا، كما أن زوجها يصر على مساعدة أمه وأخواته بالمال وهى ترى إن هذا المال من حقها هى وأولادها.. نهى لا تفكر فى ترك العمل ولا تتوقف عن الشكوى وترديد نغمة «مفيش راجل بيستت». ياسمين زوجة شابة أخرى تكره عملها ولا تطيقه ويضايقها اضطرارها إلى قيادة سيارتها يوميا ذهابا وإيابا إلى العمل وعندما عرض عليها زوجها ميسور الحال أن تترك العمل رفضت بشدة لأن العمل هو الأمان ولا تريد أن تشعر يوما أنها مضطرة للعيش مع زوجها لأنها لا تجد مكانا تذهب إليه، وبالتالى لابد أن يكون معها مدخرات تكفيها شر المخبى.. قالت دراسة حديثة أجرتها أحدى الجامعات العربية إن الأسباب الرئيسة وراء عمل أكثر من 82% من عينة البحث هى «الاستقلال المادى» واثبات الوجود داخل الأسرة. وقالت نسبة 12% إنهن يعملن لتأمين احتياجاتهن واحتياجات الأسرة، وأنهن يعملن فقط لمجرد الحصول على المال.. وأجابت نحو 38% أنهن بالضرورة سوف يستمرون فى العمل، حتى بعد وصولهن إلى أهدافهن المالية. وقالت الدراسة: إن النتائج الإحصائية توضح أن أغلب النساء لا يعملن فقط من أجل المال أو لقضاء وقت الفراغ، إنما لأن طموح السيدة العربية يتطور وأصبح لكل امرأة عاملة حلم تريد الوصول إليه وهدف لتحقيقه. وفقا لخبراء الاجتماع ومنهم الدكتور أحمد يحيى أستاذ علم الاجتماع، هناك عدة أسباب تدفع المرأة إلى العمل وليست سبباً واحداً, وأبرزها رغبتها فى الاستقلال المادى وتحقيق ذاتها، لكى تصبح عضوا عاملا فاعلا فى المجتمع، بالإضافة إلى أنه بعد خوض المرأة معركة التعليم فمن الصعب جداً الابتعاد عن الحياة العملية.. ولهذا تعد أسباب عمل المرأة متنوعة على حسب الشخصية والبيئة والمجتمع الذى نشأت به. هذا لا ينفى الدوافع المادية لكن فى الوقت نفسه لا ينفى أن هناك مليون عامل معنوى ذاتى . وبالتأكيد السيدات التى فقدت عائلها، وظروف الحياة وتخلى الرجال عن مسئولياتهم تماما فى الإنفاق إن لم يكن يعتمد على المرأة فى الإنفاق عليه وخاصة فى الطبقات الدنيا والمهمشة، إلا أن المرأة نفسها التى تطالب »براجل يستتها« هى أول من سترفض ترك عملها.. الأكيد أن ملايين السيدات يعملن ولا يشتكين أو يبحثن عن فرصة عمل ويحسدن العاملات الشاكيات على ما هن فيه من نعيم وهناء فالعاملة لديها مرتبها الذى تستطيع الاعتماد عليه، وعالمها الكبير الذى تخرج إليه يوميا لتجدد روتين حياتها.. وقبل أن تشتكي عزيزتى المرأة من متاعب العمل ومن تخلى الرجال عن مسئولياتهم اسألى نفسك: هل تقبلين أن تكونى زوجة »متستتة«؟