انتقلت عملية بحث شخصية دونالد ترامب من مجال التحليل السياسى، التى يشارك فيه خبراء السياسة إلى التحليل النفسى، الذى يختص به الأطباء النفسيون وعلماء النفس فى الجامعات والمراكز المتخصصة. أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إلى أن أكثر من ألف من الأطباء النفسيين فى حملة الانتخابات الرئاسية، التى تسودها الانقسامات قد أعلنوا أن المرشح الجمهورى دونالد ترامب لا يصلح لمنصب الرئيس، وأنه يعانى من جنون العظمة والتطرف فى آرائه والنرجسية، ووصفه أحد الأطباء بأنه رجل طائش. إن كلمات التشهير ذات التعبيرات الطبية أصبحت تتطاير بكثافة خلال الشهر الماضى، لدرجة أن منظمة الطب النفسى أصدرت تحذيرا ينبه إلى انطباق قاعدة طبية قديمة على ترامب، وهى المعروفة بقاعدة المياه الذهبية «GOLD WATER» والتى تصفه بعدم المسئولية والبعد عن القيم السليمة. وقد أصدر الدكتور بول أبلبوم، أستاذ الطب النفسى بجامعة كولومبياالأمريكية تشخيصا يقول، «ربما يكون هذا العام هو أكثر من أى عام مضى لعملية إقناع الناس بأن ينقذوا البلاد من مصير مرعب»، فى أشار إلى دونالد ترامب لو أصبح رئيسا للولايات المتحدة. ويؤكد الدكتور وليم دوهارتى، أستاذ علم النفس بجامعة منيسوتا الأمريكية، اقتناعه بنفس الرأى، وكان قد أصدر بيانا ضد ظاهرة ترامب وقع عليه أكثر من 2200 من المتخصصين فى الصحة العقلية، بعد دراستهم لظاهرة ترامب، وقال أن ما نواجهه اليوم هو تهديد للديمقراطية نفسها. ويقول الأطباء أن وصمة المعاناة العقلية للمرشح يمكن أن تسبب أضرارا للسياسة، لو لم يتم اكتشاف الحالة التى يعانى منها، وعلى سبيل المثال، ففى عام 1972 كان السيناتور توماس إجلتون مرشحا فى سباق الرئاسة، ثم اضطر للانسحاب بعد أن تبين للرأى العام أنه كان يعانى من مرض نفسى، عولج خلاله بالصدمات الكهربائية. وقد حاول ترامب نفسه مؤخرا أن يرد على هذه الحملة تجاهه، بإلقاء نفس الاتهام على هيلارى كلينتون، منافسته الديمقراطية فى سباق الرئاسة، ووصفها بأنها شخصية مشوشة وغير مستقرة. وبينما تتركز آراء غالبية علماء النفس على ترامب، إلا أن بعضهم قال إن التشخيص النفسى يجب أن يطبق على المرشحين المتنافسين، سواء هيلارى كلينتون أو دونالد ترامب. ويشير الدكتور دوهارتى إلى البيان الذى وقعه غالبية كبيرة من الأطباء النفسيين، ويقول أنهم لا يدينون ترامب كشخص، لكنهم يتعاملون معه كشخصية عامة يمكن أن تتولى موقع المسئولية. ولم يقتصر الأمر على تحليل الأطباء النفسيين، بل أصبح يشغل كتابا أصدروا مؤلفات عن ظاهرة ترامب، مثل الدكتور ليونارد كروز فى كتابه «خطر قائم وواضح: النرجسية فى عصر دونالد ترامب». ويقول الدكتور أبلبوم أن دراسة شخصية ترامب إستغرقت من العلماء والمتخصصين شهورا وأحيانا أكثر من ذلك لمتابعة شخصيته بشكل منتظم، فهناك تاريخ فى عالم الطب النفسى لكثير من الشخصيات العامة الأمريكية، تظهر فى صفحاته بعد أن يكونوا قد تركوا موقع المسئولية، معلومات تكشف عن شخصيتهم الحقيقية، مثلما طاردت النرجسية وانفلات التصرفات رئاسة الرئيس الأمريكى الأسبق ليندون جونسون، ولاحقت نيكسون الشكوك فى إصابته بجنون العظمة فى نهاية رئاسته، كما أن معلومات مشابهة قد لحقت شخصيات عامة أخرى. إذا كان التركيز على شخصية ترامب قد جذب اهتمام وجهود أطباء وعلماء النفس، فإن سبب ذلك ما أظهره خلال حملته الانتخابية من انفلات عباراته، التى أظهرته وكأنه مجرد من الشعور بالمسئولية والتقدير السليم هذا بالإضافة إلى حرصه على اظهار نفسه على أنه الوحيد الذى يصلح لقيادة أمريكا، إلا أن ذلك لم يمنع أعدادا من أطباء النفس من المطالبة بالنظر إلى كلا المرشحين، هيلارى وترامب، بمعايير واحدة معتبرين أن شخصية هيلارى كلينتون لا تخلو تماما من بعض هذه الصفات. وإذا كان ترامب يفتقر إلى ثقة الرأى العام، فإن درجة الثقة بهيلارى تعتبر أيضا ضئيلة، لكن الفارق هو فى نظرة الناس إليهما لحظة الاختيار النهائى، وسيكون الإختيار للأقل سوءا.