تتجمع فوق حملة دونالد ترامب فى السباق نحو البيت الأبيض، سحب كثيفة من التشكيك فى صلاحيته لرئاسة الولاياتالمتحدة، ونقلت الصحف عن مؤرخين أن نتيجة انتخابات الرئاسة الأمريكية هذا العام 2016 قد تحددت بالفعل فى شهر أغسطس الحالى من نفس العام، بسبب إصابة ترامب بجروح سياسية مؤلمة على حد تعبيرهم، هو الذى سببها لنفسه، لدرجة أن البعض من مؤيديه يتساءلون عما إذا كان الوقت قد فات لكى يستبدله الحزب الجمهورى بآخر، وإن كان هذا فى رأيهم أمرا بالغ الصعوبة. كثير من الكتاب ممن عرفوا ترامب عن قرب فى سنوات سابقة، يصدرون الآن كتبا وينشرون مقالات عن شخصية ترامب، فى وقت تكاثرت فيه الأسئلة عنه فى تيار حملته الإنتخابية، وكلها تسأل عن برنامجه السياسى ومعلوماته عن المشكلات والتحديات التى تواجهها بلاده والعالم، وعن لغته المثيرة ومدى تقبله للعنف السياسى. من هؤلاء الكتاب مارك سينجر، الذى كلفته مجلة «نيويوركر»الأمريكية فى أواخر التسعينيات بأن يكتب عن شخصية ترامب فى وقت صعوده فى أواخر التسعينيات كرجل أعمال كبير ذاعت شهرته فى نيويورك على وجه الخصوص. ويصف سينجر انطباعه الأول عن ترامب بأنه يبدو للوهلة الأولى بأن معلوماته غزيرة، ثم يتضح بأنه رجل يقوم بأداء تمثيلى لإظهار أهميته. ومن بين الذين توقفوا أمام شخصية ترامب، بعض من لجأوا إلى علماء النفس لرسم صورة حقيقية عن شخصية هذا الرجل، الذى يمكن أن يصبح رئيسا لأقوى دولة فى العالم، ومقارنته بشخصيات مختلف الرؤساء الأمريكيين منذ جورج واشنطن وحتى الآن، واتفقوا على أن ترامب كشخصية هو رجل متطرف بكل المقاييس، ونادرا ما تظهر عليه مواصفات الشخصية التى نراها الأن على أى مرشح للرئاسة من قبل، فهو يثير ذهول من يسمعه فى أى حوارات صحفية، أو من يشاهده فى مناقشات ومؤتمرات انتخابية أو فى التليفزيون، وأن شخصيته طوال تاريخه منذ ظهوره كرجل أعمال لا تجعل أحدا يتوقع إمكان وصوله إلى منصب الرئاسة فى يوم من الأيام، فهو بعيد عن هذا المنصب تماما. وطبقا لما كتبه مارك سنجر، فإن ضعف درجة القبول لشخصية ترامب لدى الناس، تدفعهم إلى القول بأنه لم يحدث أن كانت درجة عدم قبول الرأى العام لأى رئيس أمريكى هابطة كما هى بالنسبة لترامب. هذا التشخيص بدأ يتردد فى سلسلة من الدراسات عن ترامب، والتى تؤكد ما استخلصه محللون أمريكيون عن أسباب نهاية ظاهرة ترامب، حتى قبل أن يبدأ السباق الانتخابى بينه وبين هيلارى كلينتون. ومن أكثر الأسباب إثارة للاهتمام ما بدأ يتردد عن أن ترامب يعانى من متاعب عقلية. ونقلت صحيفة «صنداى تليجراف» البريطانية عن عضو الكونجرس الجمهورى السابق جو إسكاربورو قوله فى برنامج تليفزيونى، أنه تلقى مكالمات عديدة يتحدث أصحابها عن إحتمال إصابة ترامب بمتاعب صحية وعقلية. ونشرت عضوة الكونجرس الديمقراطية كارين باس مناشدة عبر موقعها الإلكترونى، تطالب بإجراء كشف على السلامة العقلية لترامب، وتحديد ما إذا كان سليما عقليا بشكل يسمح له بأن يكون قائدا للعالم الحر، وقالت إن ترامب يعانى من حالة من النرجسية غير منضبطة. ويرصد المراقبون الأمريكيون تصرفات ترامب التى تظهر فى اتخاذه قراراته بناء على حسابات شخصية وليست موضوعية. ومن أكثر هذه الأسباب التى أساءت إلى صورته، رفضه تأييد إعادة انتخاب بول رايان، وهو أحد كبار قيادات الحزب الجمهورى، لانتخاب الكونجرس القادمة، وقيل إن موقفه مدفوع بخلافات شخصية بينه وبين رايان. سبب آخر يظهر حساباته الشخصية، عندما سئل عن أى من النساء سوف يعينها فى مجلس وزرائه، فكانت إجابته محددة باسم ابنته إيفانكا. وكان هناك سبب أخر من الأسباب التى قللت من حماس من كانوا يؤيدون دونالد ترامب، وهو ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز بعنوان، «كيف سعى ترامب لتجنب تجنيده فى حرب فيتنام»، وهو التقرير الذى جعل البعض ينظر إلى ذلك بأنه يعنى تهرب ترامب من الخدمة العسكرية، لأن من جندوا فى حرب فيتنام فى تلك الفترة اعتبروا أبطالا أمريكيين. وكان ترامب الذى استدعى إلى الخدمة العسكرية عام 1968، بعد تخرجه من الجامعة، قد خضع لعلاج فى عظام ساقه، مما أدى إلى إعفائه من الخدمة العسكرية. هذه الواقعة أثارت التساؤل الذى طرحه متحدثون فى مؤتمر الحزب الديمقراطى، عما إذا كان ترامب قد قدم أى تضحية من أجل بلاده. وخشية من دونالد ترامب من أن تخلق هذه الواقعة انطباعا لدى الرأى العام، من أنه يعانى من مشاكل صحية، فقد أعلن أن إصابة عظام ساقه قد حدثت فى فترة قديمة ومؤقتة، وأنه شفى منها، وأن لديه خطابا من طبيب يؤكد شفاءه التام، لكن ما بقى من هذه الواقعة القديمة، هو الانطباع لدى عدد من الأمريكيين من أن ترامب لم يجند فى حرب شارك فيها 300 ألف حندى أمريكى، وكأنه قد تهرب من هذه الحرب أو على الأقل تجنب المشاركة فيها. لكن أكثر ما يثير قلق الكثيرين خاصة الحزب الجمهورى هو الحديث عن أنه ربما يعانى من مشاكل عقلية، وهى الكلمات التى خرجت على لسان أعضاء فى الحزب الجمهورى.