ضلت بريطانيا طريقها تماما وستتوسل لبروكسل من أجل أتفاق»، هكذا يقيم المسئولون فى بروكسل وضع بريطانيا بعد تصويت البريطانيين بالخروج من الاتحاد الأوروبى فى يونيو الماضى الذى جعل لندن كما يرون فى «موقف ضعف» أمام شركائها السابقين فى الاتحاد الأوروبي. خاصة فى ظل «غياب أستراتيجية خروج»، والخلافات المتزايدة والعلنية داخل حكومة رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماى حول شكل العلاقات المستقبلية مع بروكسل. فالعجز الكامل الذى أظهرته المؤسسة السياسية البريطانية، سواء الحزب الحاكم أو أحزاب المعارضة أو نواب البرلمان، فيما يتعلق بتحديد «خريطة طريق» المفاوضات بين لندنوبروكسل بات ظاهرا للعيان لمن يريد أن يري. فلا حكومة المحافظين بزعامة ماى ولا حزب العمال المعارض بزعامة جيرمى كوربن أو أى حزب آخر فى بريطانيا لديه أى تصور حول الشكل المستقبلى المحتمل للعلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبى. بل إن الخلافات تضرب المؤسسة السياسية فى بريطانيا، ففيما يرفض أعضاء بارزون فى الحكومة مثل ليام فوكس وزير التجارة الدولية وديفيد ديفيز وزير الخروج من الأتحاد الأوروبي، استمرار بريطانيا من السوق الموحدة لأن الاستمرار فيها يعنى حرية حركة العمالة من أوروبا الشرقية، ترفض تريزا ماى هذه الفكرة وترى أن بريطانيا يجب أن تظل فى السوق الموحدة من أجل سلامة موقع لندن المالى والاقتصاد البريطانى عموما. نفس الانقسام يعانى منه حزب العمال، ففيما يريد زعيم حزب العمال كوربن خروج بريطانيا من السوق الموحدة، يعتقد منافسه على زعامة الحزب اوين سميث أن بريطانيا يجب ان تظل جزءا من السوق الموحدة. التشوش البالغ الذى تعانى منه النخبة السياسية فى بريطانيا من ناحية والانقسام الشعبى البريطانى حول الموضوع من ناحية أخري، أرسل لأوروبا رسائل واضحة مفادها أن المفاوضات مع لندن ستكون «صعبة» و»بلا نهاية». لكن أوروبا ترى أنها وفى كل الحالات «ستتفاوض من موقع قوة». خاصة بعدما قابلت امريكا واليابان والهند ب»فتور» واضح محاولات بريطانيا فتح مفاوضات «غير رسمية» معهم حول اتفاقيات تجارة حرة خلال قمة العشرين فى الصين، وذلك فى مخالفة للقواعد الأوروبية إذ لا يحق لدولة بدء مفاوضات تجارة حرة مع دول أخرى طالما ما زالت عضوا فى الاتحاد الأوروبى. وفيما يركز أنصار معسكر الخروج والذى بات أبرز وجوههم فى حكومة ماى ومن بينهم بوريس جونسون وليام فوكس وديفيد ديفيز، على أن بريطانيا ستتفاوض من موقع قوة بسبب مكانتها الاقتصادية، يعتقد المسئولون فى بروكسل أن «بريطانيا قبل الخروج» غير «بريطانيا بعد الخروج» وأن موقف لندن ضعف كثيرا وأنها ستدرك ضعف موقفها عندما تجلس على مائدة التفاوض مع مسئولى الاتحاد الأوروبى. فرغبة بريطانيا فى تأجيل مفاوضات الخروج الرسمية إلى 2017 لا يخدم صورتها. كما لا يخدم صورتها أيضا ترددها فى تفعيل المادة 50 الخاصة بالخروج من الاتحاد الأوروبى. ولابد أن مشهد تريزا ماى توبخ الوزير المسئول عن مفاوضات الخروج ديفيد ديفيز فى البرلمان لانه كشف تفاصيل لا يجب عليه كشفها دليل أخر على التشوش داخل الحكومة وغياب أستراتيجية خروج واضحة. ووفقا لمصادر مطلعة فى بروكسل، فإن كبار المسئولين فى الاتحاد الأوروبى بقدر ما يرغبون فى تحرك بريطانيا لتفعيل المادة 50 «بقدر ما يستمتعون برؤية حكومة تريزا ماى فى حالة شلل وفوضي». ولا شك أن المزاج الأوروبى فيما يتعلق بملف المفاوضات مع بريطانيا سيظهر جليا خلال اليومين المقبلين. ففى 14 سبتمبر الجارى سيعطى رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر كلمة أمام البرلمان الأوروبى فى مدينة ستراسبورج الفرنسية حول «حالة الأتحاد» الأوروبي. وسيتطرق يونكر، عدو لندن اللدود، إلى ملفات هامة على رأسها صعود اليمين فى أوروبا وأزمة اليورو ومشكلة اللاجئين وتحدى الإرهاب، لكنه سيركز أيضا على الأتحاد الأوروبى ومستقبله فى ضوء قرار بريطانيا الخروج وسيدعو لندن مجددا للتحرك وبدء المفاوضات عاجلا وليس آجلا. وبعد ذلك سيلتقى قادة أوروبا فى قمة لن تحضرها تريزا ماى ستكون الأولى من دون بريطانيا بعد قرار الخروج. وسيدعو قادة أوروبا أيضا لندن إلى التحرك فى مسار المفاوضات وعدم ترك أوروبا «تنظر للأبد». ستشهد الأشهر المقبلة قطعا مواجهات بين لندنوبروكسل، فرئيس مجلس أوروبا دونالد توسك استغل أول زيارة له للندن منذ تولى ماى السلطة للتأكيد على أن لندن يجب أن «تبدأ فى أسرع وقت ممكن تفعيل المادة 50 من الميثاق الأوروبي» ليكون رد ماى «لن ندفع لخطوة غير مدروسة أولا». وأعلنت ماى بشكل رسمى أن مفاوضات الخروج لن تبدأ قبل 2017 ما يعنى أن المادة 50 لن يتم تفعيلها قبل 2017. لكن فى النهاية الحلول الوسطى التى يمكن أن يقدمها زعماء أوروبا ستكون محدودة ومدروسة جيدا للتأكد من أنها لن تأتى بنتائج عكسية. فالاتحاد الأوروبى المكون من 27 دولة يعانى من خلافات داخله حول كيفية التعاون مع لندن، ففيما لا تريد المانيا أو ايطاليا «التمثيل» ببريطانيا بعد قرار الخروج، تريد فرنسا والعديد من دول أوروبا الشرقية مثل بولندا ورومانيا أن تدفع لندن ثمن خياراتها وترفض فكرة مكافأة بريطانيا على قرار الخروج بتقديم إى تنازلات، خاصة فيما يتعلق بمبدأ مؤسس للاتحاد الأوروبى وهو مبدأ حرية انتقال العمالة والسكان بين دول الاتحاد. تريد أوروبا المزيد من الوضوح البريطاني. فالقول إن «الخروج يعنى الخروج» لا يوضح أى شىء على الاطلاق. ومع أن أوروبا تتفهم الصعوبات الكثيرة أمام وضع استراتيجية للخروج، إلا أنها تريد من بريطانيا على الأقل «ملامح عامة» و»عناوين أساسية» من بينها هل ستبقى بريطانيا جزءا من السوق الموحدة أم لا؟. ويقول مسئولو المفوضية الأوروبية إن بريطانيا يجب أن تحدد موقفها من هذا السؤال الحيوى عاجلا وليس آجلا لأن هذا القرار مهم جدا بالنسبة لأوروبا. الرأى العام البريطانى لم يتغير بشكل جذرى منذ قرار الخروج من الاتحاد الأوروبى، لكن هناك مؤشرات على أنه سيتغير إذا كبدت صفقة الخروج بريطانيا تكلفة أكثر مما أعطتها من مزايا. وأمام تريزا ماى توازن صعب جدا بين تحقيق خروج لا يضر مكانة بريطانيا الاقتصادية من ناحية، ولا يضعف الاتحاد الأوروبى، أكبر شريك تجارى لبريطانيا من ناحية أخري. هل ضل السائق البريطانى الطريق إلى بر وكسل؟ منال لطفى ضلت بريطانيا طريقها تماما وستتوسل لبروكسل من أجل أتفاق»، هكذا يقيم المسئولون فى بروكسل وضع بريطانيا بعد تصويت البريطانيين بالخروج من الاتحاد الأوروبى فى يونيو الماضى الذى جعل لندن كما يرون فى «موقف ضعف» أمام شركائها السابقين فى الاتحاد الأوروبي. خاصة فى ظل «غياب أستراتيجية خروج»، والخلافات المتزايدة والعلنية داخل حكومة رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماى حول شكل العلاقات المستقبلية مع بروكسل. فالعجز الكامل الذى أظهرته المؤسسة السياسية البريطانية، سواء الحزب الحاكم أو أحزاب المعارضة أو نواب البرلمان، فيما يتعلق بتحديد «خريطة طريق» المفاوضات بين لندنوبروكسل بات ظاهرا للعيان لمن يريد أن يري. فلا حكومة المحافظين بزعامة ماى ولا حزب العمال المعارض بزعامة جيرمى كوربن أو أى حزب آخر فى بريطانيا لديه أى تصور حول الشكل المستقبلى المحتمل للعلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبى. بل إن الخلافات تضرب المؤسسة السياسية فى بريطانيا، ففيما يرفض أعضاء بارزون فى الحكومة مثل ليام فوكس وزير التجارة الدولية وديفيد ديفيز وزير الخروج من الأتحاد الأوروبي، استمرار بريطانيا من السوق الموحدة لأن الاستمرار فيها يعنى حرية حركة العمالة من أوروبا الشرقية، ترفض تريزا ماى هذه الفكرة وترى أن بريطانيا يجب أن تظل فى السوق الموحدة من أجل سلامة موقع لندن المالى والاقتصاد البريطانى عموما. نفس الانقسام يعانى منه حزب العمال، ففيما يريد زعيم حزب العمال كوربن خروج بريطانيا من السوق الموحدة، يعتقد منافسه على زعامة الحزب اوين سميث أن بريطانيا يجب ان تظل جزءا من السوق الموحدة. التشوش البالغ الذى تعانى منه النخبة السياسية فى بريطانيا من ناحية والانقسام الشعبى البريطانى حول الموضوع من ناحية أخري، أرسل لأوروبا رسائل واضحة مفادها أن المفاوضات مع لندن ستكون «صعبة» و»بلا نهاية». لكن أوروبا ترى أنها وفى كل الحالات «ستتفاوض من موقع قوة». خاصة بعدما قابلت امريكا واليابان والهند ب»فتور» واضح محاولات بريطانيا فتح مفاوضات «غير رسمية» معهم حول اتفاقيات تجارة حرة خلال قمة العشرين فى الصين، وذلك فى مخالفة للقواعد الأوروبية إذ لا يحق لدولة بدء مفاوضات تجارة حرة مع دول أخرى طالما ما زالت عضوا فى الاتحاد الأوروبى. وفيما يركز أنصار معسكر الخروج والذى بات أبرز وجوههم فى حكومة ماى ومن بينهم بوريس جونسون وليام فوكس وديفيد ديفيز، على أن بريطانيا ستتفاوض من موقع قوة بسبب مكانتها الاقتصادية، يعتقد المسئولون فى بروكسل أن «بريطانيا قبل الخروج» غير «بريطانيا بعد الخروج» وأن موقف لندن ضعف كثيرا وأنها ستدرك ضعف موقفها عندما تجلس على مائدة التفاوض مع مسئولى الاتحاد الأوروبى. فرغبة بريطانيا فى تأجيل مفاوضات الخروج الرسمية إلى 2017 لا يخدم صورتها. كما لا يخدم صورتها أيضا ترددها فى تفعيل المادة 50 الخاصة بالخروج من الاتحاد الأوروبى. ولابد أن مشهد تريزا ماى توبخ الوزير المسئول عن مفاوضات الخروج ديفيد ديفيز فى البرلمان لانه كشف تفاصيل لا يجب عليه كشفها دليل أخر على التشوش داخل الحكومة وغياب أستراتيجية خروج واضحة. ووفقا لمصادر مطلعة فى بروكسل، فإن كبار المسئولين فى الاتحاد الأوروبى بقدر ما يرغبون فى تحرك بريطانيا لتفعيل المادة 50 «بقدر ما يستمتعون برؤية حكومة تريزا ماى فى حالة شلل وفوضي». ولا شك أن المزاج الأوروبى فيما يتعلق بملف المفاوضات مع بريطانيا سيظهر جليا خلال اليومين المقبلين. ففى 14 سبتمبر الجارى سيعطى رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر كلمة أمام البرلمان الأوروبى فى مدينة ستراسبورج الفرنسية حول «حالة الأتحاد» الأوروبي. وسيتطرق يونكر، عدو لندن اللدود، إلى ملفات هامة على رأسها صعود اليمين فى أوروبا وأزمة اليورو ومشكلة اللاجئين وتحدى الإرهاب، لكنه سيركز أيضا على الأتحاد الأوروبى ومستقبله فى ضوء قرار بريطانيا الخروج وسيدعو لندن مجددا للتحرك وبدء المفاوضات عاجلا وليس آجلا. وبعد ذلك سيلتقى قادة أوروبا فى قمة لن تحضرها تريزا ماى ستكون الأولى من دون بريطانيا بعد قرار الخروج. وسيدعو قادة أوروبا أيضا لندن إلى التحرك فى مسار المفاوضات وعدم ترك أوروبا «تنظر للأبد». ستشهد الأشهر المقبلة قطعا مواجهات بين لندنوبروكسل، فرئيس مجلس أوروبا دونالد توسك استغل أول زيارة له للندن منذ تولى ماى السلطة للتأكيد على أن لندن يجب أن «تبدأ فى أسرع وقت ممكن تفعيل المادة 50 من الميثاق الأوروبي» ليكون رد ماى «لن ندفع لخطوة غير مدروسة أولا». وأعلنت ماى بشكل رسمى أن مفاوضات الخروج لن تبدأ قبل 2017 ما يعنى أن المادة 50 لن يتم تفعيلها قبل 2017. لكن فى النهاية الحلول الوسطى التى يمكن أن يقدمها زعماء أوروبا ستكون محدودة ومدروسة جيدا للتأكد من أنها لن تأتى بنتائج عكسية. فالاتحاد الأوروبى المكون من 27 دولة يعانى من خلافات داخله حول كيفية التعاون مع لندن، ففيما لا تريد المانيا أو ايطاليا «التمثيل» ببريطانيا بعد قرار الخروج، تريد فرنسا والعديد من دول أوروبا الشرقية مثل بولندا ورومانيا أن تدفع لندن ثمن خياراتها وترفض فكرة مكافأة بريطانيا على قرار الخروج بتقديم إى تنازلات، خاصة فيما يتعلق بمبدأ مؤسس للاتحاد الأوروبى وهو مبدأ حرية انتقال العمالة والسكان بين دول الاتحاد. تريد أوروبا المزيد من الوضوح البريطاني. فالقول إن «الخروج يعنى الخروج» لا يوضح أى شىء على الاطلاق. ومع أن أوروبا تتفهم الصعوبات الكثيرة أمام وضع استراتيجية للخروج، إلا أنها تريد من بريطانيا على الأقل «ملامح عامة» و»عناوين أساسية» من بينها هل ستبقى بريطانيا جزءا من السوق الموحدة أم لا؟. ويقول مسئولو المفوضية الأوروبية إن بريطانيا يجب أن تحدد موقفها من هذا السؤال الحيوى عاجلا وليس آجلا لأن هذا القرار مهم جدا بالنسبة لأوروبا. الرأى العام البريطانى لم يتغير بشكل جذرى منذ قرار الخروج من الاتحاد الأوروبى، لكن هناك مؤشرات على أنه سيتغير إذا كبدت صفقة الخروج بريطانيا تكلفة أكثر مما أعطتها من مزايا. وأمام تريزا ماى توازن صعب جدا بين تحقيق خروج لا يضر مكانة بريطانيا الاقتصادية من ناحية، ولا يضعف الاتحاد الأوروبى، أكبر شريك تجارى لبريطانيا من ناحية أخري.