السحابة السوداء تدق الأبواب في موعدها الذي لم تخلفه طوال 13 عاما ماضية، لكن جهودا حثيثة تبذلها الحكومة للحيلولة دون أن تؤثر، بما تحمله من سموم، ومركبات كيميائية مضرة، على صحة ملايين المواطنين، الذين يتعرضون لها، وذلك بالاستعانة بالإجراءات القانونية، والتوعية، والوسائل التكنولوجية، في مواجهة مصادرها المعروفة، وهي حرق قش الأرز، وعوادم السيارات، ومكامير الفحم، والمصادر الصناعية، كالمسابك والفواخير وغيرها، من أجل القضاء عليها، أو تخفيف أضرارها. على الرغم من توعد المسئولين بتطبيق القانون لمواجهة المخالفين فإن المخالفات مازالت قائمة، بل بلغت الزيادة في المساحات المزروعة أرزا نحو مليون فدان، زائدة عن المساحات المقررة، لتضيف عبئا على البيئة، بما تفرزه من مخلفات، وتلتهم كميات كبيرة من مياه الري، تؤثر على مساحات كبيرة من الأراضي. لا تصالح حذرت الإدارة المركزية للشئون القانونية بوزارة البيئة من ارتكاب أي مخالفات بيئية تتسبب في تلوث الهواء بصفة عامة، وحرق المخلفات الزراعية بصفة خاصة (قش الأرز). وتم تشديد العقوبة في المادة 84 مكرر من قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994، المعدل بالقانون 9 لسنة 2009، لتصل إلي الحبس لمدة لا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه، ولا تزيد على مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين. وفي حالة العودة إلي ارتكاب المخالفة مرة أخري تُضاعف عقوبة الحبس إلي سنتين، والغرامة إلى مائتي ألف جنيه. ويجوز الحكم بغلق المنشأة، وإلغاء الترخيص الصادر لها، أو وقف النشاط المخالف، إذا وقعت المخالفة من منشأة. كما تعد جريمة حرق المخلفات الزراعية من الجرائم التي لا يجوز التصالح فيها. ملاحقة المخالفات في الوقت نفسه واصلت فروع جهاز شئون البيئة بالمحافظات المختلفة إجراءاتها للسيطرة على تلك الظاهرة. ففي المنصورة قام الفرع بتحرير 12 محضرا ضد الفلاحين المخالفين لتعليمات الوزارة، ممن قاموا بحرق المخلفات الزراعية، وتم تجميع ما يقرب من 6916 طن قش أرز. كما تم تنفيذ حملة مرورية لفحص عوادم السيارات. ومن خلال فحص 72 سيارة تبين وجود 65 سيارة مطابقة، وسبع سيارات مخالفة، وكذلك قام الفرع بالتفتيش على ستة مصانع للطوب تبين للجنة مطابقتها للقانون. كما تمكن الفرع الإقليمي لجهاز شئون البيئة بالشرقية من تجميع نحو 58 طن قش أرز كانت جاهزة للحرق. نشر التوعية ومع تحرير المخالفات، وشن الحملات، لجأت وزارة البيئة إلى نشر التوعية. وعقد فرع الوزارة في البحيرة ندوتين لتوعية الفلاحين بمخاطر حرق قش الأرز، وفوائد جمعه وتدويره، بالإضافة إلى تنفيذ ورشة عمل عن كيفية عمل «كومة أعلاف» بمركز المحمودية. وواصلت اللجان التفتيشية أعمالها في المرور على المنشآت الصناعية والمقالب، وتم المرور على 4 مصانع للطوب و5 مكامير تبين توقفها عن العمل. وقامت لجان التفتيش أيضا بالمرور على 5 مقالب للقمامة تبين استقرار أربعة منها، ووجود حريق بأحدها تمت السيطرة عليه عن طريق «الحماية المدنية». وفي طنطا قام الفرع بتجميع ما يقرب من 180 طن قش أرز، وعقد ندوة توعية بيئية للفلاحين لتعريفهم بسبل الاستفادة من قش الأرز، وأضرار حرقه على البيئة والإنسان. كما قامت لجان المرور الليلي، التابعة لفرع جهاز شئون البيئة في طنطا، بتحرير 318 محضرا حتى الآن للمخالفين من المزارعين ممن يقومون بالحرق المكشوف للمخلفات الزراعية بمحافظتي الغربية وكفر الشيخ. تقنيات للرصد وعلاوة على ذلك، يقوم جهاز شئون البيئة حاليا باستخدام التقنيات الحديثة في رصد الحرائق باستخدام الأقمار الصناعية، ومتابعة نتيجة الإنذار الليلى، واتجاه الرياح، طبقا لبيانات هيئة الأرصاد الجوية. والأمر هكذا، قامت فرق التفتيش التابعة للفرع بالتفتيش على (90) منشأة صناعية، حتى الآن، مثل الفواخير والمكامير والمسابك، مع تنظيم حملات لفحص عادم المركبات على الطريق، بالتعاون مع الإدارة العامة للمرور، وشرطة البيئة والمسطحات. وقد وصل إجمالي عدد الحملات حتى الآن إلى 26 حملة لنحو 246 سيارة مطابقة بنزين وسولار، بإجمالي 131 غير مطابقة. نماذج مطورة ولم تكن الإجراءات القانونية فقط أهم ما لجأت إليه وزارة البيئة في مواجهة هذه الظاهرة، بل لجأت أيضا إلى تكثيف جهود التوعية. وعقد الدكتور خالد فهمى وزير البيئة اجتماعا موسعا مع عدد من أصحاب مكامير ومصدري الفحم لبحث توفيق أوضاع مكامير الفحم، وعرض طرق ونماذج تطويرها، بحضور المهندس أحمد أبو السعود، الرئيس التنفيذي لجهاز شئون البيئة. وتناول الاجتماع عرض الإجراءات التنفيذية التي تم الانتهاء منها، ووافق عليها مجلس الوزراء، متمثلة في تشكيل لجان لتلقى طلبات توفيق أوضاع مكامير الفحم النباتي بكل محافظة، وتضم ممثلين عن وزارات الزراعة والصناعة والري، مع استعراض الآلية التمويلية المقدمة من الصندوق الاجتماعي، ودعم وزارة البيئة، لتمويل تلك النماذج. كما تناول الاجتماع مناقشة آلية السماح بفتح باب التصدير لكميات الفحم المتراكم حاليا لدى مصدري ومنتجي الفحم. واستعرض الاجتماع أيضا نماذج مكامير الفحم المطورة، المتوافقة بيئيا، وعددها أربعة نماذج من بين ستة نماذج تقدمت للوزارة بطلبات للقياسات البيئية. وعلاوة على ذلك، يمكن قبول أي نماذج مطورة أخرى، محلية أو مستوردة، مستقبلا، بشرط توافق انبعاثاتها مع المعايير الواردة للائحة التنفيذية لقانون البيئة، وطبقا للاشتراطات الصادرة عن قانون البيئة، التي تتضمن المعايير الخاصة بالانبعاثات الغازية بمكامير الفحم، والالتزام بتطبيق أفضل الممارسات المتاحة في السوق المصرية للنماذج المطورة لتلك المكامير، التي يمكن تطبيقها كمرحلة أولى، وصولا إلى أفضل التكنولوجيات المتاحة في المستقبل.