المجلس الأعلى للثقافة هو الجهة المنوط بها وضع السياسات الثقافية فى مصر،توالى على أمانته عدد من الشخصيات المتميزة إلى أن وصلت الدكتورة أمل الصبان إلى هذا المنصب منذ بضعة أشهر. وهى ثانى امرأة تشغل هذا المنصب منذ إنشائه.وهى أستاذ الأدب الفرنسى بكلية الألسن جامعة عين شمس ولها باع طويل فى مجال الترجمة. كما شغلت منصب المستشار الثقافى ورئيس البعثة التعليمية لفرنسا وبلجيكا وسويسرا سابقا. بعد تخرجها فى كلية الألسن قسم اللغة الفرنسية حصلت على دبلومة ترجمة فورية، ثم دكتوراه فى علم الترجمة المقارن، ثم اتجهت بعد ذلك للعمل فى الترجمة التحريرية فى المجلس الأعلى للثقافة، واهتمت بالترجمة الفورية عن الفرنسية فى عدة جهات دولية ، كما كانت عضوا فى المكتب الفنى للمجلس القومى للترجم، وأسهمت فى هذا المجال من خلال المشروع القومى للترجمة، ولها رؤية للسياسة الثقافية المصرية نتعرف عليها من خلال هذا الحوار: ما تصورك للسياسة الثقافية فى مصر خلال الفترة المقبلة؟ نحن نسعى إلى تجديد الخطاب الثقافى الذى يتبنى نبذ العنف والتطرف وكل أنواع العداء والكراهية. ففى ظل الثورات والتغييرات ،وتجريف الثقافة والتعليم, لابد من تنمية شعور الانتماء ومفاهيم التسامح والحوار مع الآخر وقبوله والعيش معه. وهى من أهم القيم التى تتبناها السياسة الثقافية فى مصر ونسعى لنشرها من خلال ما نقدمه من أنشطة . والمستهدف الأساسى من هذه السياسة هو الشباب. ونحن تحركنا هذا العام نحوهم ونحو إشراكهم فى الأنشطة والاقتراب منهم وبلورة أفكارهم وإدماجهم فى اتخاذ القرارات وتنفيذها. ومن ناحية أخرى, فى إطار سياسة الوزارة عموماً, نجد أن الوزير يسعى بكل قوة لتحقيق العدالة الثقافية ، والاهتمام باللامركزية والمناطق الحدودية والنائية لأن عدم حصول هذه المناطق على الخدمات الثقافية التى تستحقها يجعلها قنابل موقوتة قابلة للانفجار. وما هى أهم ملامح خطة المجلس للنهوض بالثقافة ؟ الدور المنوط به المجلس هو وضع السياسات الثقافية لمصر. ولدينا مجموعة من اللجان تقوم بعمل دراسات لتنفيذ هذه السياسات والتى يجب أن تكون ملزمة. وهذه اللجان بدأنا فى تشكيلها بصورة متوازنة وبدأت فى تقديم أنشطتها بعقد المؤتمرات والملتقيات لتنمية الهوية والانتماء, منها الاحتفال بذكرى تأميم قناة السويس ،والمؤتمر الدولى للشعر العربى، والملتقى الدولى السادس للفنون الشعبية تحت عنوان «التراث الثقافى غير المادى والتعليم» وإنتاج فيلم مصرى لسينما الطفل للمشاركة به فى مهرجان الطفل الدولى المقرر عقده فى سبتمبر 2017. تسلمت مسئولية هذا المنصب منذ ما يقرب من عام .. فما الأولويات التى وضعتِها؟ وما الذى تحقق منها خلال الفترة الماضية؟ وما الذى تودين تحقيقه خلال الفترة المقبلة؟ أهم هذه الأولويات, والذى يعتبر ضمن إنجازات الفترة الماضية, هو إنشاء موقع للمجلس عبر الإنترنت، بالإضافة إلى أن هناك أشياء يجب أن تسير بالتوازي جنبا إلى جنب النشاط الثقافى التنويرى؛ وهى الإصلاح الإداري. وقد أصدرنا ما يقرب من 60 عنواناً متميزاً خلال شهرين للمشاركة فى معرض الكتاب فى مطلع هذا العام , بالإضافة إلى الأنشطة الثقافية داخل المعرض فأقمنا الندوات مع تغيير رؤية ونوعية هذه الندوات من حيث الكم والكيف، ولأول مرة أقمنا ورش عمل للأطفال. وكان من أولوياتى أيضا الاهتمام بالمكان(مبنى المجلس) ليليق بثقافة مصر ومثقفيها رغم أن هذا هاجمه البعض. وخلال الفترة القادمة نتمنى إعادة هيكلة المجلس، وتدريب العاملين على بعض مهارات العمل المطلوبة. ما دور المجلس فى تجديد الخطاب الثقافى ..إضافة لعقد ملتقى دولى لهذه القضية أقامه المجلس بمشاركة 17 دولة؟ كانت هذه هى الدورة الأولى للملتقى الدولى لتجديد الخطاب الثقافى, وسوف تتوالى الملتقيات. وكما أشرت فى كلمتى: نحن نحتاج إلى ثقافة المساءلة وليس ثقافة القبول بالأمر الواقع. والتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعى أداة رئيسية لا يمكن تجنبها, وقد أفرد لها الملتقى أحد محاوره. فالثورة قامت عن طريق هذه الوسائل .وسوف ننشئ قسما تحت عنوان (فضاء حوار)على موقع المجلس على الإنترنت لطرح الموضوعات التى تهم الشباب والمجتمع فى حوار حى مع الجمهور لتبادل الآراء ،لأننا لا يمكن أن نعمل بمعزل عن الناس, بالإضافة إلى إقامة دورات تدريبية عبر الإنترنت للتبادل الثقافى بين الشباب عبر مختلف الجهات, مثل الجامعات سواء المصرية أو الدولية, لإيجاد حالة حراك ثقافى ليس فقط من خلال الإنترنت ولكن أيضا من خلال اللقاءات. وتجديد الخطاب الثقافى لا ينفصل عن تجديد الخطاب الدينى. كما أن إصلاح التعليم شرط أساسى لأى تجديد. فالمشكلة الأساسية فى مصر هى التعليم, وأعتقد أننا إذا أردنا أن ننهض بالثقافة مثل الدول الآسيوية لابد وضع منظومة تعليمية نعيد من خلالها المسرح المدرسى والموسيقى والمسابقات الفنية والقراءة الحرة. وافقت على إنشاء أرشيف جديد لحماية حقوق المؤلف ..ما أهمية هذا الأرشيف من وجهة نظرك؟ أرشيف حماية حقوق المؤلف موجود بالإدارة المركزية للشئون الأدبية، ولكننا قمنا بتفعيله ليضمن للمؤلف حقه. فلا يمكن إعادة طبع الكتاب أو استخدامه فى أى عمل فنى دون حصول المؤلف على حقه. وهذه الإدارة يتقدم لها الأدباء والفنانون والباحثون لتوثيق حقوقهم الفكرية والإبداعية، ونسعى لتوثيق وحفظ هذه الحقوق إلكترونيًا. تخرجتِ فى قسم اللغة الفرنسية وحصلتِ على الدكتوراه فى علم الترجمة المقارن ..فماذا يمثل لك تخصصك؟ الترجمة من أهم الجسور الثقافية ،فهى التى تربط مجتمعا بآخر وحضارة بأخرى ،وهى الأساس بين المجتمعات ،وعلم الترجمة المقارن مقاربة بين جماليات وآليات النص الأصلي وما وصل إليه النص بعد الترجمة من حيث المعنى ودرجات اللغة وفنيات وآليات النقل من لغة لأخرى ، وهو يفيد فى تكوين مترجم جيد ،وفهم كل لغة على حدى، وكيفية النقل من لغة إلى أخرى. وهناك أنواع متعددة للترجمة. فالترجمة الأدبية لا يمكن تعلمها وممارستها بدون موهبة الكتابة. أما الترجمة التقنية بصفة عامة, سواء الاقتصادية أو القانونية أو السياسية والصحفية فهى مجالات يكتسب فيها المترجم بالتعلم آليات الترجمة , وتخصص الدكتوراه فى هذا المجال يعطى درجة مهنية أكبر وحرفية أعلى. ماذا أفادك هذا التخصص فى عملك كأمين عام للمجلس الأعلى للثقافة؟ أفادني إفادة كبيرة جداً . فعملى ودراستى كمترجمة علمانى الكثير. وأنا دخلت المجلس لأول مرة كمترجمة من خلال كتاب «الجمهورية العالمية للآداب», وشجعنى د. جابر عصفور على ترجمة العديد من الكتب، وضمنى إلى لجنة الترجمة وكنت أصغر عضو فى اللجنة. كما أتاح لى عملى كمترجمة فورية مع العديد من المنظمات الدولية وعملى كمستشار ثقافى فى فرنسا الفرصة لمعرفة الآخر وكيفية التعامل معه, إلى جانب خبرة تنظيم الملتقيات والمؤتمرات، واكتسبت من خلاله الكثير من الخبرات.