تحسنت توقعات الشركات ازاء السوق المصرى خلال الربع الثانى من العام المالى الحالى ، يوليو / سبتمبر 2016، وجاءت اكثر تفاؤلا مقارنة بتوقعاتها فى الربع السابق عليه ، على الرغم من انها تميل الى الحذر ازاء معوقات النمو الحالية ،وذلك وفقا لباروميتر الاعمال الذى يعده المركز المصرى للدراسات الاقتصادية بشكل دورى منذ سنوات ، بإشراف الدكتورة عبلة عبداللطيف المدير التنفيذى للمركز ، حيث تعكس نتائجه – الى حد كبير – نظرة وتوقعات قطاع الاعمال فى السوق ، التفاؤل شمل الشركات الكبيرة وكذلك الصغيرة والمتوسطة ، وان كانت الشركات الكبيرة هى الاكثر تفاؤلا . الصناعات التحويلية والوساطة المالية كانت الاكثر تفاؤلا ، وهو ما يمكن تفهمه لاسيما فى ظل تقييد الاستيراد للسلع والمنتجات التى لها مثيل بالسوق المحلى ، والتى يستفيد منها بشكل ملموس هذا القطاع الصناعى ، اضافة الى ان اتجاه الحكومة الى طرح نسبة من بعض شركات البترول والبنوك سيكون له تاثير ايجابى على البورصة بما يدفع شركات الوساطة المالية الى النظرة المتفائلة بالمستقبل . وارتفع مؤشر النمو الاقتصادى المتوقع بمقدار 5 نقاط ليصل الى 48 نقطة فى توقعات الربع الاول من العام المالى الحالى ،مقابل 43 نقطة فى الربع الاخير من العام المالى الماضى 215/2106 ، كما اتجه مؤشر الاجور نحو الزيادة فى الربع الثالث من العام ، اضافة الى زيادة التوقعات بنمو الاستثمارات خلال الفترة المقبلة . وعلى الرغم من ان الشركات رأت ان التضخم من ابرز المعوقات خلال الربع الثانى من العام المالى الحالى ، الا ان ارتفاع اسعار الفائدة – من وجهة نظر الشركات – لم يعرقل أداءها وتصدرسعر الصرف اهتمام الشركات ، لاسيما فى ظل الاتجاه الى توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولى وتوقع الشركات حدوث انفراجة من خلال انتاهج سياسات اكثر مرونة لسعر الصرف بشكل تدريجى مع توفير النقد الاجنبى لتلبية الطلب لاستيراد مدخلات الانتاج . ويعكس قلق الشركات ازاء استقرار سوق الصرف وتوافر العملات الاجنبية ، اهمية المضى قدما فى تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادى ، من اجل معالجة التشوهات التى يعانى منها الاقتصاد ، وتحقيق الاستقرار المالى والنقدى ، كمطلب ضرورى من اجل دفع الاداء الاقتصادى ، وتحقيق التنمية والنمو المستدام ، لاسيما وان التضخم جاء فى مقدمة المعوقات التى تواجه الشركات فى ممارسة نشاطها ، وهو ما يتطلب الاسراع بتحقيق الاستقرارالمالى بتقليص عجز الموازنة العامة ، من اجل تخفيف الضغط على العملة ، ومن ثم تحقيق الاستقرار فى سوق الصرف ، وبذلك يتم معالجة الاسباب الرئيسية لارتفاع معدل التضخم . وحقيقة الامر ان الاسواق استوعبت على مدى الاشهر الماضية انخفاض سعر الجنيه امام الدولار ،حيث يتم تسعير كافة السلع والمنتجات المتداولة حاليا من جانب المستوردين والتجار ،بأسعار الصرف بالسوق الموازية ،بزيادة نحو 10 % لتأمين مخاطر توفير العملة لاستيراد الشحنات والمنتجات مرة اخرى ،وهو ما يقلل من مخاطر تخفيض قيمة الجنيه امام الدولار ،او التعويم للعملة خلال الفترة المقبلة من جانب البنك المركزى ، وربما هذا ما المح اليه طارق عامر محافظ البنك المركزى – فى المؤتمر الصحفى مع رئيس بعثة صندوق النقد الدولى – حيث اشار الى ان الاسواق استوعبت بالفعل التطورات فى اسعار الصرف ، بما يقلل التخوف ازاء انتهاج مرونة فى سعر الصرف وفقا للعرض والطلب بالسوق . يبقى القول انه لامناص من تعويم الجنيه من اجل تحقيق الاستقرار فى سوق الصرف ، كما ان تعويم الجنيه امام العملات الاجنبية ، لايجب ان يتبعه ارتفاع فى الاسعار وهذه مسئولية الحكومة والاجهزة الرقابية ، كما ان تعويم الجنيه مسألة وقت ، حيث تحتاج الى توافر العملات الاجنبية المناسبة لدى البنك المركزى من اجل الوفاء بالطلب الفعلى على العملات الاجنبية بالاسواق لاسيما للمصانع والادوية والسلع الاساسية ، وهو من شأنه ان يعزز الثقة عند اتخاذ قرار خفض قيمة الجنيه او التعويم ، ويقلل فترة المخاطر المؤقتة للارتفاع غير المبرر للدولار عند التعويم ، ويعزز من قدرة البنك المركزى على المناورة لتكبيد المضاربين الخسائر وطرد الطلب الافتعالى للدولار ، وتشجيع المكتنزين له ، الى التنازل عنه بالبنوك ،لاسيما فى ظل ارتفاع العائد على العملة المحلية والتأكد من توافر الدولار فى البنوك عند الحاجة اليه ، ويساعد فى هذا التوجه التفاؤل الحالى بقرب عودة حركة السياحة الروسية بما ينعكس ايجابيا فى زيادة موارد النقد الاجنبى التى ستتزامن مع تحويل الشريحة الاولى من قرض صندوق النقد الدولى ، وطرح السندات الدولارية بالسوق العالمى ، ووصول المساعدات من الدول الخليجية الشقيقة ، بما يعزز من الاحتياطى الاجنبى .