توقع مستثمرون واقتصاديون أن ترفع الدولة يدها تدريجياً عن الجنيه المصرى «الضعيف» وتتركه لمصيره ليشهد انخفاضات متوالية فى قيمته أمام العملات الأجنبية وتحديداً الدولار، فيما يعرف بسياسة «تعويم الجنيه». لكن مصرفيين أكدوا أن البنك المركزى لا يدعم الجنيه للوصول إلى سعر محدد بل يحميه فقط من المضاربات والسوق السوداء. وقالت مصادر فى البنك المركزى إن السياسة النقدية الحالية لا تستهدف سعراً محدداً للجنيه أمام العملات الرئيسية، لكن تستهدف تحقيق استقرار نقدى واتزان فى سوق الصرف وأن تكون الأسعار متوافقة مع الطلب الحقيقى على العملة. واستقر الدولار فى البنوك وشركات الصرافة عند مستوى 715 قرشاً للشراء و718 قرشاً للبيع منذ فترة، فيما وصل سعره إلى 735 قرشاً فى السوق السوداء. وتوقعت الدكتورة علياء المهدى، الخبيرة الاقتصادية، تراجع قيمة الجنيه خلال الفترة المقبلة أمام العملات الأجنبية الرئيسية وفى صدارتها الدولار، مع التزايد المتوقع للطلب على العملات الصعبة نتيجة ارتفاع عمليات الاستيراد خلال المرحلة المقبلة وفى إطار الموارد الحالية المحدودة للنقد الأجنبى. وأضافت ل«الوطن» أن سعر الجنيه فى البنوك وشركات الصرافة شهد حالة من الاستقرار خلال الشهور القليلة الماضية، لافتة إلى أن «سعر العملة يحدده قوى العرض والطلب داخل السوق المحلية». فى المقابل قالت مصادر بالبنك المركزى إنهم لا يستهدفون سعراً محدداً للجنيه أمام العملات الأجنبية، إذ يتحكم فى الأسعار مستوى العرض والطلب، مؤكدين أن «المركزى» يعمل على تحقيق التوازن النقدى فى الأسواق وإخضاع تداول العملة للطلب الحقيقى. وأضاف أن المركزى يتدخل وبقوة فى محاربة السوق السوداء والمضاربات على العملة الصعبة والتى تستهدف دفع سعر الدولار إلى الارتفاع لتحقيق مكاسب غير مشروعة، لكن لا توجد توجهات لتخفيض قيمة الجنيه أو زيادته مشدداً على أن الأمر متروك برمته لمستوى العرض والطلب. وقال الدكتور هشام إبراهيم الباحث المصرفى إنه من بين أهداف إدارة السياسة النقدية التابعة للبنك المركزى «الوصول بسعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية إلى نطاق معين يعكس سعره الحقيقى، لتحقيق أهداف الاقتصاد القومى ككل وفقاً لمعطيات كل مرحلة والظروف التى تمر بها البلاد، لكن لا يمكن القول بأن المركزى يتدخل لتحديد سعر محدد للجنيه أمام العملات الرئيسية». وأضاف أن تدخلات «المركزى» فى سوق الصرف يتركز فى الأسباب التى من شأنها الإضرار بالاقتصاد، ومن بينها التعاملات غير الحقيقية والمضاربات على العملة، لافتاً إلى أن ذلك التدخل يعد من واجبات البنك المركزى الأساسية. وأوضح «إبراهيم» أن «المركزى» يأخذ فى اعتباراته عدة عوامل أثناء التعامل مع سعر الصرف ومن بينها تدفق الاستثمارات الأجنبية ومعدل النمو الاقتصادى وحركة ميزان المدفوعات ومستوى التضخم وعجز الموازنة العامة للدولة. من جانبه قال أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية للقاهرة «إن سعر الجنيه الحالى مبالغ فيه وأن هناك من يدعمه أمام العملات الأجنبية الأخرى، وهو ما أدى إلى استنزاف أرصدة الاحتياطى النقدى الأجنبى خلال الفترة الماضية». وأضاف: «على الرغم من سلبيات تراجع قيمة الجنيه أمام العملات الصعبة وارتفاع فاتورة الواردات، وأسعار بعض السلع المحلية، إلا أن التفاؤل والعامل النفسى والاستقرار السياسى والأمنى ساهم فى عدم وصول الأمر إلى حد الكارثة». وتابع: «إن متغيرات السوق هى المتحكم الأول فى السعر ولا يوجد هناك سياسة واضحة وثابتة فالإضرابات السياسية والشائعات تؤثر على سعر العملة الحقيقى فى السوق المحلية».