النيابة الإدارية تُهنئ الرئيس السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر    منسيات 6 أكتوبر .. الاحتفاء بالفريق "الشاذلي" يُنسب إلى "مرسي" و"المزرعة الصينية" تفتقد القائد "عبد رب النبي حافظ"    التموين: صادرات السكر البني إلى دول الكوميسا بلغت 40 ألف طن العام الماضي    البيت الأبيض يرفض تأكيد أو نفي إرسال قوات أمريكية إلى فنزويلا    ترامب يُعلن عن مفاوضات مع الديمقراطيين لإنهاء الإغلاق الحكومي في البلاد    توتر متجدد بين موسكو وواشنطن بعد تصريحات ترامب حول تسليح أوكرانيا    لعب عيال، الجيزة تكشف تفاصيل بلاغ احتجاز طفل داخل "ماسورة ناهيا"    تحرك أمني عاجل بعد بلاغ وجود أطفال داخل ماسورة غاز في الجيزة (صور)    ذكرى نصر أكتوبر.. رايات النصر تظلل أصوات الحلو وهاني شاكر بالأوبرا    تكريم رياض الخولي وإعلان أسماء الفائزين بالدورة الثامنة للقاهرة الدولي للمونودراما    أيمن عاشور: خالد العناني أول عربي يفوز بمنصب المدير العام لليونسكو بتصويت غير مسبوق منذ 80 عاماً    ماجد الكدواني: كنت قلقان من مخرج "فيها إيه يعني؟"    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    الأتربي ينفي خفض الفائدة على شهادات البنك الأهلي: العائد مستقر ولا تغييرات حتى الآن    رانيا المشاط: عام 2026 سيكون نقطة تحول في وضع الاقتصاد المصري    اشتغالة تطوير الإعلام!    تسليم التابلت لطلاب أولى ثانوي 2025-2026.. تعرف على رسوم التأمين وخطوات الاستلام    محافظ الفيوم يشهد احتفالية الذكرى ال52 لانتصارات أكتوبر المجيدة    وثائقي أمريكي يكشف أسرار حرب أكتوبر: تفاصيل نجاح استراتيجية السادات في خداع إسرائيل وانهيار أسطورة «الجيش الذي لا يُقهر»    عاجل| اشتباكات عنيفة بين الجيش السوري وقوات قسد في حلب.. ومصادر تتحدث عن إصابات بين المدنيين    قيادي ب«مستقبل وطن»: العلاقات المصرية السعودية أحد أعمدة الاستقرار في المنطقة العربية    فون دير لاين تدعو البرلمان الأوروبي لدعمها "لحماية النظام العالمي من الانهيار"    استشهاد 12 فلسطينيًا بنيران الاحتلال الإسرائيلي خلال ال24 ساعة الماضية    عاجل.. الزمالك يرد على أنباء الاستغناء عن جون إدوارد    «أكتوبر صوت النصر».. الجيزة تحتفل بذكرى الانتصار ال52 بروح وطنية في مراكز الشباب    إبراهيم سعيد: «في مدربين بياخدوا فلوس من اللاعيبة عشان يشاركوا»    الأهلي يكافئ الشحات بعقده الجديد    اتحاد الكرة يحكم لصالح زيزو في شكوى الزمالك.. تقرير يكشف مفاجأة    حزب "المصريين": كلمة السيسي في ذكرى نصر أكتوبر اتسمت بقوة التأثير وعمق الرسالة    تعرف على موعد بدء تدريبات المعلمين الجدد ضمن مسابقة 30 الف معلم بقنا    تعرف على.. توزيع درجات أعمال السنة لطلاب المرحلة الابتدائية 2025-2026    «عيدك في الجنة يا نور عيني».. الناجية من«جريمة نبروه» تحيي ذكرى ميلاد ابنة زوجها برسالة مؤثرة    هدد خطيبته بنشر صورها على الواتساب.. السجن عامين مع الغرامة لشاب في قنا    مصرع مزارع بطلق نارى بطريق الخطأ في قنا    بالصور.. إزالة 500 حالة إشغال بشارعي اللبيني والمريوطية فيصل    شواطئ مطروح ليلة اكتمال القمر وطقس معتدل    أسعار الذهب فى أسيوط اليوم الثلاثاء 7102025    أسعار الحديد في أسيوط اليوم الثلاثاء 7102025    أسعار الموز البلدي والمستورد والفاكهة بالأسواق اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    عيار 21 الآن يسجل رقمًا قياسيًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 7-10-2025 في الصاغة    فرص مهنية تلوح في الأفق.. حظ برج العقرب اليوم 7 أكتوبر    تعرف على فعاليات اليوم الرابع لمهرجان نقابة المهن التمثيلية في دورته الثامنة    إنعام محمد على: مسلسل «أم كلثوم» كان معركة مع الشكوك والهجوم.. وصابرين انتصرت في أصعب اختبار    عبدالجواد يهنئ العناني: إنجاز تاريخى يحسب لمصر وشكرا لدعم الرئيس السيسي    نائب وزير الصحة يحيل الطاقم الإداري بمستشفى كفر الشيخ للتحقيق    «هيفضل طازة ومش هيسود طول السنة».. أفضل طريقة لتخزين الرمان    ميثاق حقوق طفل السكر.. وعن سلامة صحة الأطفال    بمكونات في المنزل.. خطوات فعالة لتنظيف شباك المطبخ    ميدو: صلاح يتعرض لحملة شرسة لتشويه صورته    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يخوض مرانه الأول بالمغرب    الصباحي يوضح قانونية تغيير مسدد ركلة الجزاء بعد قرار الإعادة    مواقيت الصلاه غدا الثلاثاء 7 اكتوبر 2025فى المنيا.....تعرف عليها بدقه    للمرأة الحامل، أطعمة مهدئة للمعدة تناوليها بعد التقيؤ    هل الزواج العُرفي يكون شرعيًا حال اكتمال جميع الشروط؟.. نقيب المأذونين يوضح    أمين الفتوى: وحدة الصف والوعي بقيمة الوطن هما سر النصر في أكتوبر المجيد    هاني تمام: حب الوطن من الإيمان وحسن التخطيط والثقة بالله سر النصر في أكتوبر    هل يحق للزوج الحصول على أموال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    حوار| من الطائرة الانتحارية إلى صيحات النصر.. بطل الصاعقة يكشف كواليس حرب الاستنزاف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر عند مفترق الطرق

اليوم الأربعاء‏ 13‏ يونيو 2012,‏ نقف علي بعد أقل من أثنين وسبعين ساعة من الوصول إلي المحطة الأخيرة في مهمة بناء مؤسسات الجمهورية الثانية في مصر‏. بعد ثورة 25 يناير المجيدة, ليكون لنا رئيس منتخب للجمهورية بعد أن أصبح لدينا مجلس تشريعي, ودستور (وإن كان لا يزال في مرحلة ولادته المتعثرة!)
ومع الأهمية الحيوية للبرلمان, وللدستور, فسوف يظل لمنصب الرئيس في مصر مكانته الخاصة! وكما ذكرنا سابقا, فلأول مرة سوف يكون هناك فرعون بالانتخاب (ولا تعني كلمة فرعون هنا أي توصيف استبدادي, وإنما تعني الإشارة إلي حاكم مصر, فذلك لقبه الأقدم, والذي ذكره وسجله القرآن الكريم!).
إن أهم مظهر ومغزي للتغيير الذي سوف يشعر به بالذات أبناء جيلي ممن عاصروا الرؤساء السابقين- أننا لأول مرة في تاريخنا (الجمهوري) لن نعرف بالضبط من سوف يكون رئيسا لجمهوريتنا قبل صباح يوم الأثنين 18 يونيو 2012, ذلك نبأ سيتوقف علي ما سوف تبوح لنا به صناديق الانتخاب! ولم يكن الأمر كذلك أبدا! ففي ظل الزعامة الكارزمية الطاغية لجمال عبدالناصر, وزعت بطاقات الاستفتاء وعليها عبارة: هل توافق علي جمال عبدالناصر رئيسا أم لا؟ مع أن عبدالناصر, لو كان قد أقام نظاما ديمقراطيا تنافسيا حقيقيا, لما استطاع أحد منافسته علي الاطلاق, ولكن للأسف كان الاستفتاء يجري, ثم تظهر النتيجة المشهورة 99.9%! أما أنور السادات فقد اعتبر نفسه آخر الفراعنة واضعا نفسه خارج سياق أي انتخابات, ليلقي مصرعه المأساوي علي يد جنوده في أكتوبر .1981 واستمر مبارك علي نفس المنوال, إلي أن طرح (وفقا للتعديل الشهير للمادة 76 من الدستور) إجراء انتخابات تعددية لأول وآخر مرة في الجمهورية الأولي, والتي غامر فيها أيمن نور بالنزول منافسا لحسني مبارك, بصفته رئيسا لحزب الغد, ليعاقب بعد ذلك بشدة, بما في ذلك الحبس لما يقرب من خمس سنوات, بعد أن تم اصطياده بتهمة تزوير توكيلات الحزب! لقد انتهت إلي الأبد هذه الأيام الكئيبة, التي أضاعت الكثير من عمر شعب مصر ومن طاقاته, لينتقل من الجمهورية السلطوية إلي الجمهورية الديمقراطية.. ولكن هذا الانتقال لم ولن يكون- سهلا, ونحن الآن عند تلك النقطة الحاسمة, أي: انتخاب الرئيس!
فكل من القوي السائدة في المشهد السياسي المصري الراهن أي المجلس الأعلي للقوات المسلحة, والإخوان المسلمون, ثم القوي المدنية الثورية, ارتكبت كلها أخطاء أثرت علي المسار السياسي بشدة: فالطرف الأول في ذلك المشهد أي المجلس الأعلي للقوات المسلحة- لا يماثل المنجزات التي حققها, سوي الأخطاء التي ارتكبها; لقد انحاز المجلس الأعلي بل انحاز الجيش كله- إلي جانب الثورة بلا تردد, وتمت تحت إشرافه عملية التحول إلي النظام الجديد, بدءا من التعديلات الدستورية والاستفتاء عليها, حتي الإشراف علي بناء أعمدة النظام الجديد, أي: الدستور, والسلطة التشريعية, ثم رئاسة الجمهورية! وهي كلها انجازات تحسب له, ليس فقط بمعيار الوضع في مصر, وإنما أيضا بالمقارنة مع تدخل الجيوش في العمليات السياسية في العالم النامي كله! ومع ذلك, فقد شاب هذه المنجزات ومنذ اليوم الأول أيضا- التحيز إلي قوة سياسية بالذات, هي الإخوان المسلمين مما أثر بشدة علي توازن العملية السياسية كلها بعد ذلك. أما الإخوان فلم يدخروا وسعا كعادتهم- في الاقتراب من القوات المسلحة والتودد إليها وإبداء الاستعداد للتعاون والتفاهم, مكررين مشهدا مثيرا عرفه تاريخ مصر بعد ثورة 23 يوليو, وكأن الأيام تعيد نفسها! وفي جميع الأحوال, لم تشفع تلك المواقف للمجلس الأعلي للقوات المسلحة في نسيان الثوار, بل الشعب كله, أو غفرانهم لأساليب التعامل الفظة من جانب الجيش, مع المتظاهرين والمحتجين في عديد من المواقع والمواقف, التي أصبحت للأسف الشديد- علامة سوداء تصعب إزالتها, بعد أن سقط مئات الشهداء من الثوار والمتظاهرين ضحايا في تلك المواجهات المريرة, التي سجلت بالصوت والصورة, لتصبح جرحا غائرا يصعب التئامه!
أما الإخوان المسلمون, القوة الأكثر تنظيما علي الساحة السياسية فقد وقعوا غالبا أسري تصور أن وجودهم الغالب علي الساحة السياسية, يعني أيضا نفس الوجود الغالب علي الساحة الثورية, فأعادوا وكرروا القول, أنهم هم الذين صنعوا الثورة وهم الذين قادوها! ولم يكن هذا, ولا ذاك صحيحا, برغم أنهم كانوا بالقطع- جزءا من القوي التي شاركت في الثورة! وصنع ذلك الوضع منذ اليوم الأول لتشكيل البرلمان- اختلافا أو تمايزا بين الميدان والبرلمان, وبين المظاهرات والانتخابات! وكما هو معروف للكافة فقد أصر الإخوان علي أن تكون الانتخابات قبل الدستور, فكان لهم ما أرادوا.. لكي نعاني نحن اليوم من آثار هذا الوضع المشوش والمرتبك الذي يثير التساؤل البديهي والبسيط: ما هو الوضع بعد كتابة الدستور, وهل بالضرورة سوف يحل البرلمان؟ فتكون الاجابة الإخوانية الجاهزة غالبا هي أن ينص في الدستور علي تحصين البرلمان الحالي من الحل؟! فاذا أضفنا إلي هذا كله ما ظهر من افتقاد الإخوان للكوادر القيادية الجاهزة للعمل في المؤسسات التشريعية والتنفيذية, بدا لنا واضحا إلي أي حد أسهم وجودهم قصير العمر- في الهبوط بشعبيتهم لدي الرأي العام, إلي مستويات دنيا بسرعة لا تقل عن سرعة وصولهم إلي البرلمان وحصولهم علي غالبيته عقب الثورة.
غير أنه لا يوجد خطأ يماثل الخطأ الإخواني الجسيم إزاء قضيتي الدستور والانتخابات الرئاسية! وهي نقاط سبق أن عالجتها, مثل كثيرين من المحللين والباحثين, ولسنا هنا في حاجة إلي التذكير بالطريقة الهزلية التي اتبعت في تكوين لجنة إعداد الدستور في البداية, وهي الطريقة التي استدعت رفع الدعوي القضائية التي إنتهت إلي الحكم ببطلان تلك الجمعية والفصل بين إعداد الدستور وبين البرلمان, ومع ذلك فقد تكررت التحايلات لاقحام البرلمان (من خلال لجنته التشريعية) في تكوين وأداء الجمعية التأسيسية.. الأمر الذي أدي إلي التعثر المعيب في عملها والتأخر في إعداد الدستور علي نحو يفتح الباب لتدخل محتمل من السلطة العليا في البلاد, أي المجلس الأعلي للقوات المسلحة, والذي يحق له مثل ذلك التدخل, للتعجيل بوضع الدستور, حتي يمكن أن يوفي بوعده بتسليم السلطة إلي قوة مدنية شرعية ومنتخبة!
فإذا انتقلنا ثالثا, وأخيرا- إلي قوي الثورة, وفي القلب منها قوي الشباب, يلفت نظرنا في البداية تشرذم تلك القوي الأخيرة علي نحو يبعث علي الأسف, ويذكرنا بإحدي الحقائق اللصيقة- في الواقع- بالحركة الوطنية المصرية, منذ بدايات القرن التاسع عشر, أي الإنقسام والتشرذم. وإذا كان المثل يضرب بالحزب الشيوعي والحركة الشيوعية المصرية لهذا الميل إلي التشرذم والتناثر في حلقات صغيرة, فإن الأمر نفسه أصاب دائما وإن كان بدرجة أقل- الحركات والتيارات السياسية الأخري. ومع أن حزب الوفد القديم قد أفلح في البقاء كقوة سياسية متماسكة, فإن هذا لا ينفي الانشقاقات المعروفة التي خرجت عليه. في هذا السياق فإن الشباب الثوري الذي وحدته الدعوة لمقاومة نظام مبارك, واستطاع أن يشكل كتلة متماسكة تمكنت من القيادة الميدانية للثورة المصرية, منذ يومها الأول في 25 يناير 2011, هذا الشباب نفسه ما لبث أن إنخرط في عدد هائل من التنظيمات والأحزاب والحركات والائتلافات التي تكاثرت اعدادها إلي درجة يصعب معها بشدة تعدادها أو حصرها بدقة! وأذكر أنه عندما صدرت الوثيقة المعروفة باسم (وثيقة السلمي) أن أعلن41 حزبا وائتلافا وحركة سياسية رفضهم لها! لقد كان هذا في منتصف نوفمبر الماضي فما بالنا بعددهم اليوم بعد ستة أشهر؟ غير أن الأمل يظل معلقا ب الجبهة الوطنية المصرية التي تكونت في أبريل الماضي في سياق المعركة من أجل الدستور, والتي أخذت تتجه لأن تكون أكثر تماسكا وفاعلية وحضورا مع الوقت, وهو ما بدا في اجتماعها الأخير في حزب الوفد الأسبوع الماضي.. والذي طالبت فيه المجلس الأعلي للقوات المسلحة بتحمل مسئوليته الوطنية.. قبل مغادرته للمشهد السياسي المصري, وبتصحيح أخطاء المرحلة الإنتقالية التي عطلت الدستور كأساس لعملية التحول الديمقراطي, وعطلت تشكيل جمعيته التأسيسية, التي يجب أن تعبر عن كافة أطياف المجتمع المصري, وتستمد شرعيتها مباشرة من الإعلان الدستوري, فضلا عن مطالبتها الحميدة والمشروعة بالعفو عن المحكوم عليهم عسكريا من الثوار!
المزيد من مقالات د.أسامة الغزالى حرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.