يقول الحق تبارك وتعالى فى سورة آل عمران «ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون (169) فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون (170) يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين (171)» والمعنى الإجمالى لهذه الآيات كما هو جلى واضح، وكما جاء فى كتب التفاسير هو أن الله ينهى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم عن الظن بأن من قتل من أصحابه يوم أحد، وهم كثر، أنهم ميتون لا يشعرون، بل هم أحياء حياة خاصة عند الله عز وجل، قريبون منه، يتنعمون فى دار كرامته من رزقه الواسع، مسرورين بما أعطاهم الله تعالى مما تفضل به عليهم من النعيم العظيم، فرحين باخوانهم الذين مازالوا أحياء يقاتلون فى سبيل الله بأنهم إذا استشهدوا سيلحقون بهم دون أن يصيبهم خوف ولا حزن، فرحين أيضا بما أكرمهم الله تعالى به من النعيم والله لا يضيع أجر المؤمنين. وفى حقيقة الأمر فإن الشهداء فى كل زمان ومكان أحياء عند ربهم يشاهدون فضل الله عليهم من رزقه الواسع فى دار كرامته، ويشهدون علينا يوم الحساب، ماذا قدمنا لهم ولأمتنا تقديرا وعرفانا ووفاء، فلقد ذهب الشهيد إلى جوار ربه وترك لنا أسرته وعائلته ووطنه وأمته أمانة فى أعناقنا إلى يوم أن نلقى الله، فماذا نحن فاعلون بما تركه لنا؟ وماذا نحن فاعلون لمواصلة ما مات عليه واحياء ما استشهد من أجله؟ الوفاء والفداء.. الصبر والمثابرة.. العدل والانصاف.. وكما قال: لبيك ربي.. لبيك ديني.. لبيك وطني.. لبيك أمتي.. وجاهد وكافح واستشهد فى مواجهة الظالم المعتدى الذى قال ومازال يقول: «لبيك نفسي.. لبيك أهوائي.. لبيك شهواتي.. لبيك أطماعي». فيا كل مسئول فى كل زمان ومكان: عليك مسئولية الشهداء قبل الاحياء، الشهداء يشهدون لنا أو يشهدون علينا، القائد الحقيقى هو الشهيد.. الرائد الجليل هو الشهيد.. القدوة الحسنة هو الشهيد.فيا أهلى وأصحابى وأحبابى وخلانى ليبلغ منكم القاصى الداني، سأعلوا فوق أحزانى ووجدانى وجوارحى وخواطرى وكيانى وكل مثقال ذرة من عملي.. سأعلوا فرحا بفضل الله وبرحمته فى معية شهدائنا الأبرار. د.بلال محمد على أستاذ متفرغ