فى مشهد احتفائى مهيب، شهدت مصر احتفالًا بمرور 50 عاماً على تأسيس أكاديمية الشرطة، ذلك الصرح العلمى العملاق الذى يٌعد منارة للعلم والانضباط، ومصنعًا حقيقيًا للرجال الذين يحملون على عاتقهم مسئولية حفظ الأمن والاستقرار فى ربوع الوطن. تأسست الأكاديمية عام 1975، لتكون امتدادًا لتاريخ طويل بدأ منذ إنشاء مدرسة البوليس فى ثكنات عابدين عام 1896، ثم تطورت إلى كلية البوليس فكلية الشرطة، حتى أصبحت أكاديمية متكاملة تضم عدة كيانات تعليمية وتدريبية، منها كلية الشرطة، كلية الدراسات العليا، مركز بحوث الشرطة، مركز الدراسات الأمنية والاستراتيجية، وكلية التدريب والتنمية، إضافًة إلى معاهد متخصصة لتأهيل الضباط وقوات الأمن. وتُعد الأكاديمية الأولى إقليميًا، وواحدة من أكبر وأعرق المؤسسات الأمنية التعليمية على مستوى العالم، حيث تمنح درجتى الماجستير والدكتوارة فى علوم الشرطة، وتُطبق أحدث نظم التعليم والتدريب لإعداد ضابط شرطة عصرى قادر على مواجهة التحديدات الأمنية المتغيرة. وقد شهدت الاحتفالية عروضًا قتالية وتكتيكية مبهرة قدمها طلاب الأكاديمية، جسدوا خلالها رقم «50» بأجسادهم، فى رسالة رمزية تعبر عن الفخر والاعتزاز بتاريخ هذا الصرح الوطني. كما حضر الاحتفال السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وعدد من قيادات الدولة، فى مقدمتهم وزير الداخلية اللواء محمود توفيق، واللواء نضال يوسف رئيس الأكاديمية. ولا يمكن الحديث عن الأكاديمية دون الإشارة الى الجهود العملاقه، فى تطوير البنية التحتية، وتوسيع نطاق برامجها التدريبية والتعليمية مؤخرا، مما ساهم فى تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية. أكاديمية الشرطة المصرية اليوم ليست مجرد مؤسسة تعليمية، بل هى رمز للانضباط، والاحتراف، والوطنية، ووجهة تسعى إليها العديد من الدول لعقد بروتوكولات تعاون، للاستفادة من خبراتها فى إعداد الكوادر الأمنية، ليس فقط على المستوى العربي، بل الأفريقى والآسيوى والأوروبى أيضًا، لتبق عنواناً للفخر المصرى ، وقلعة شامخة تُخرج رجالًا حملوا على عاتقهم أمانة الأمن وحماية الوطن، خمسون عامًا من العطاء والانضباط، من الريادة والتطوير، من صناعة الكوادر الأمنية المحترفة التى لا تعرف التراجع ولا تهاب التحديات، إنها ليست مجرد مؤسسة تعليمية رفيعة المستوي، بل مدرسة وطنية تجسد معنى الانتماء، وترسخ قيم التضحية والواجب، وستظل بقيادتها الرشيدة ورجالها الأوفياء، منارةً مضيئة فى سماء الأمن المصرى الذى يحتل مرتبة متقدمة عالميًا، ومصدرًا يُحتذى به فى منطقة الشرق الأوسط أكبر إقليم مضطرب فى العالم .