النقيب مصطفى يسرى عميرة ..هل تعرفونه؟اعتقد أن الإجابة ستكون : من هو .. لم نسمع به؟!ولمن لا يعرف مصطفى أقول إنه شاب مصرى يناهز السابعة والعشرين من عمره، ومنذ ثلاث سنوات وهو يحيا بين الحياة والموت، إذ كتب عليه الإرهاب أن يمضى ما بقى له من عمر ما بين إغماءة وإفاقة. الإرهاب نفسه الذى قضى على شباب من زملاء مصطفى، فرحلوا شهداء إلى رحاب الخالق الرحيم، وبقى مصطفى مبتليًا وقد توقفت معظم وظائف جسده، ليتحول إلى شهيد حي، وصدق الله العظيم إذ يقول فى محكم تنزيله: " مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا». حكاية مصطفى أرسلتها لى والدته السيدة وفاء السيد بقلب مفجوع يعتصره الألم، لم ترسلها لطلب شيء أو منفعة، ولكن تذكيرًا بما بذله ويبذله شبابنا فى مواجهة فيروس الإرهاب المدمر ليحيا الوطن فى أمان، فمن صغره ومصطفى يعشق العسكرية إذ تربى فى بيت عسكري، فوالده خدم بالقوات المسلحة حتى أحيل إلى المعاش برتبة لواء، وكان حلم مصطفى وشقيقه الأصغر أحمد أن يلتحقا بالسلك العسكرى ويسيرا على خطى والدهما، وبالفعل ألتحق مصطفى بكلية الشرطة وتبعه أحمد إلى الكلية نفسها، وكانت الفرحة كبيرة حين تخرج فى كليته عام 2010م، لكن الأفراح فيما يبدو تدوم لحظات، بينما تستمر المآسى طويلاً، ففى يوم الجمعة 16/8/ 2013م، أطلق عليه قناص ثلاث رصاصات «دم دم» المحرمة دوليًا، ولم يكن الشهيد الحى يعرف القناص، وأحسب أن القناص أيضًا لا يعرفه، وإنما استهدفه وهو يؤدى عمله على الأتوستراد للزى الذى يرتديه. ونقل إلى مستشفى المعادى العسكري، حيث أجرى جراحة بالفك فى اليوم التالى لوصوله، وخرج من غرفة العمليات إلى العناية المركزة، ليمضى عدة أيام تحسنت حالته خلالها، وأمر مدير المستشفى بنقله إلى غرفة عادية برغم أنه كان لا يزال متصلاً بأنبوب شفط السوائل، وبعد النقل بساعات انسد الأنبوب، واكتسى وجه مصطفى باللون الأزرق من جراء الاختناق، وراح فى غيبوبة، فانقطاع الأكسجين عن المخ لقرابة ثلث الساعة كان كافيًا لتدمير خلاياه، مما استلزم نقله إلى مشفى جينوليه فى سويسرا وأجريت له فى المستشفى الجامعى عملية تركيب شريحة فى الفك، فضلاً عن شق حنجرى بديلاً للتنفس الاصطناعى ، وظل شهرًا حدثت له خلاله تشنجات لم يعرفوا كيف يتعاملون معها، فأرسلوه إلى ألمانيا وهناك أجروا له عملية تقطيع أوتار لعلاج حالة تيبس جسده، لكن حالته لم تتحسن ولم يستجب للعلاج، وعندما عاد إلى مصر كان لا هو بالحى ولا بالميت عاد شبحًا لا يميز شيئًا، وأدخل المستشفى الجوى التخصصى فى القاهرة الجديدة، وهو غير مدرك لما حوله، فقط يفتح عينيه ويغلقهما، فمراكز المخ لا ترسل سوى إشارات الألم، ويعانى اعوجاجا فى يده ورجله وجسده فى حاله تيبس، وزاد الطين بله إصابته بفيروس سى نتيجة دم ملوث، نُقل إليه فى شهر مايو 2015م، كما كسُرت يده العام الماضى نتيجة تعامل خاطىء من التمريض، وأجريت له عملية جراحية لتركيب شريحة و8 مسامير، وأجرى قبل أسبوعين عملية غسيل كلوي. ولليوم لا يزال مصطفى فى المستشفى فى حالة إفاقة لكن دون حركة أو وعى وإدراك أو تمييز لما حوله، لا يحس بسوى الألم، ومن حوله والد مفجوع وأم مكلومة وشقيق يحاول التماسك رحمة بوالديه. حكاية مصطفى أرويها لثلاثة أسباب، الأول لعلها تمس قلوب من يمولون الإرهاب ويشجعون عليه أو يمارسونه، لتستفيق ضمائرهم ويرجعون عن غيهم، والثانى لعل أحدًا من أساتذة جراحة المخ والأعصاب ينير طريق علاج هذا الشاب، الذى عانى فى 3 أعوام ما لا يتحمله بشر من ألم، والسبب الثالث أن تشاركونا الدعاء إلى الله بالشفاء.