ما إن تسلم حقيبة وزارة التعليم العالي حتي هاجمه اعضاء هيئات التدريس بالجامعات بسبب مشروع قانون تنظيم الجامعات وطلب البعض منهم بضرورة تأجيله حتي تستقر البلاد ويتم انتخاب رئيس جديد. بينما يري البعض الآخر ضرورة زيادة المرتبات والدخول للجميع وعدم ارتباطه بالقانون الجديد وحل المشكلات المالية التي تواجه الجامعات. وحول هذه القضايا وغيرها دار حوار مع الدكتور محمد النشار وزير التعليم العالي الذي اجاب علي العديد من النقاط وطرح رؤيته في تطوير الجامعات والمشكلات العديدة التي تواجهها خلال المرحلة المقبلة. { وافقت علي تولي الوزارة وعمرها قصير.. وكنت في منصب رئيس جامعة منتخب يمكنك الاستمرار فيه لسنوات؟ الوزير: أستطيع أن أخدم مصر من اي مكان وأطرح رؤية لقاطرة العلم والمعرفة لبناء القدرات والمنافسة بعد دراسة أسباب نجاح الآخرين ونتاج اكتشاف العلماء كما حدث في أمريكا واليابان علي سبيل المثال وأصبحت لديهما صناعة واقتصاد قويان بعد تحقيق الإبداعات والابتكارات في مختلف المجالات. وأضف: لذلك فإني أري أن لا قاطرة لشعبنا لاستعادة ماضيه العريق ووضعنا علي الخريطة العالمية بالوضع اللائق إلا بالتعليم العالي والبحث العلمي. { وكيف يحدث ذلك وسط حالة عدم الاستقرار والمشكلات؟ الوزير: أولا يجب أن نحدد الوضع الحالي للجامعات المصرية والمؤسسات العلمية والمستهدف ضمن برنامج زمني نتفق عليه جميعا مع اتخاذ الأولويات بعين الاعتبار في هذا البرنامج وهي: توفير الحياة الكريمة للأستاذ الجامعي والهيئة المعاونة والتي تمكنهم من التفرغ للعطاء والإبداع والابتكار وسوف تبدأ أولي هذه الخطوات مع موازنة العام المالي الجديد أول يوليو المقبل, وكذلك توفير البيئة الملائمة لعملهم بالجامعات من حيث الإمكانات البحثية والعملية, وتوفير الموازنات اللازمة لتلك التجهيزات والأبحاث, وتمكين الأستاذ الجامعي من المساهمة بأبحاثه في المؤتمرات والمجلات العالمية بما يمكن من التعرف علي ما في العالم من ابتكارات وإبداعات والتي بدورها تعود بالنفع علي إنتاجه العلمي والبحثي, ويعتبر التركيز علي الأستاذ الجامعي كنقطة أولي في الأولويات لأنه يعد الدعامة الأساسية التي لا يوجد لها بديل آخر. { وهل القضايا الجامعية يمكن حلها بعيدا عن المشاكل البحثية وعدم استخدام التكنولوجيا؟ الوزير: إنه يجب العمل علي زيادة أعضاء هيئات التدريس لتحقيق النسب المقررة المتعارف عليها دوليا والتي ترتبط بمعيار الجودة الاقليمي والخاصة بأعداد الطلاب إلي كل عضو هيئة تدريس مع وضع برنامج واضح ومتكامل لإيفاد أعضاء هيئات التدريس للجامعات والمدارس العلمية في الخارج في الدول المتقدمة تكنولوجيا ووضع آليات تحقق اهتمام الأساتذة بحل المشكلات البحثية الإقليمية وإعطائها أولوية قصوي وتواصل الهيئة التدريسية والبحثية مع القطاعات الإنتاجية والخدمية. { لدينا أعداد قليلة من الجامعات لا تتناسب مع الأعداد السنوية للملتحقين؟ الوزير: بالرجوع إلي خبرات الشعوب المتقدمة نجد أن أعداد الجامعات هناك تتناسب مع تعداد السكان وبهذا المعيار ينبغي أن يكون لدينا85 جامعة تقريبا موزعة علي محافظات الجمهورية وطبقا للكثافة السكانية, ويؤخذ بعين الاعتبار أن تكون تلك الجامعات ذات تخصصات داعمة للخطة الإقليمية للتنمية وموفرة للكوادر المتخصصة في مجال الإنتاج والخدمات بتلك المحافظة والبحث العلمي والتطوير, ويجب أن نعلم إن كلمة جامعة لا تعني اشتمالها علي جميع التخصصات العلمية كما هو متبع حاليا في مصر, كما أن الجامعات تحتاج إلي وضع حد أقصي لعدد الطلاب بها ولا تمثل زيادة أعداد الطلاب تميزا للجامعات, بل علي العكس يترتب عليها عدم قدرة علي الإدارة المثلي لتلك الجامعات. { وكيف يمكن زيادة إنشاء هذه الجامعات بكل سهولة وهناك أزمات مالية طاحنة؟ الوزير: هناك مقترحات عدة في هذا الاتجاه بقيام المحافظات بتخصيص أراض لبناء جامعات جديدة للانتفاع بها في مناطق تتصف إمكاناتها الطبيعية علي التوسع والانتشار السكاني والعمراني والتنمية الصناعية حتي تقوم الجامعة بدورها كمنارة علمية وبحثية ومركز الخدمات والاستشارات ويقترح أن تقوم المجتمعات بدورها بتوفير مصادر التمويل للإنشاء والإدارة كجامعة أهلية, وذلك من خلال المنح والتبرعات وتدار الجامعات من خلال مجلس أمناء يتكون من المجلس التنفيذي والشعبي وخبراء التعليم هادفين الارتقاء بمحافظتهم وجامعتهم, بالإضافة إلي إنشاء جامعات حكومية ضمن برنامج زمني حسب الميزانيات المتاحة للدولة وان تعطي الأولوية لشمال وجنوب سيناء والمحافظات النائية لتحقيق التوزيع الأمثل للسكان وبتخصصات تتفق مع خطط التنمية. { تعاني الجامعات من نقص واضح في التمويل سيؤثر في التطوير أو التحديث فمن أين لها بتوفيره؟ الوزير: نعلم أن الجامعات لكي تقوم برسالتها لابد من توفر التمويل اللازم ولكن يجب أن نفصل بين مسئولية الجامعة ومسئولية توافير التمويل لها حيث إن التمويل يمثل مهمة قومية حتي تتمكن الجامعة من القيام برسالتها علي الوجه الأمثل وتقديم خدمات علمية وبحثية تنافس علي المستوي الدولي. وفي العدد القادم إن شاء الله نواصل الحوار مع وزير التعليم العالي حول القضايا الجامعية المثارة حاليا والمستقبلية.