نحن نتعجب كثيرا حينما نشاهد كيف تتعامل الأسرة فى بلاد الغرب مع أبنائها، كيف يوفرون لهم كل الرفاهية، وفى نفس الوقت يجعلون الصغار يدركون قيمة الوقت، ويستثمرونه فى أشياء مفيدة؟ كيف يعطونهم الحب والتدليل، وفى نفس الوقت، لا يفسدونهم، بل يتقدمون فى التعليم والرياضة، والفن، والأدب؟ كيف يوفرون لهم الحرية المطلقة، بسن مبكرة، ورغم ذلك، لا تجد الإنسان الغربى ضائعا، أو فاقدا لهويته؟ وبغض النظر عن بعض الأصوات التى تقول أن الأسرة الغربية مفككة، وأن العلاقات بين أفرادها واهية، وأننا فى الشرق أفضل منهم، يمكننا بسرد بعض الظواهر الموجودة لدينا، أن نؤكد خطأ هذه الفكرة، فالتفكك أصابنا الأن أكثر، ولعدة أسباب، أولهما أننا قد ابتعدنا كثيرا عن تعاليم ديننا، وكذلك تناسينا تقاليدنا الشرقية الطيبة، فى زحام اللهاث خلف المادة. فالدين الإسلامى قد قدم لنا الخطوات التى تجعلنا نربى الطفل، ليصير مواطنا صالحا، ونقدمه للمجتمع بلا عقد أو تشوهات نفسية، ولو التزمنا بها لكنا الأن أفضل بكثير فى كافة المجالات. فقد طالبنا النبى الكريم بالمساواة بين أولادنا، ولو فى القبلات، وذلك لنشعرهم جميعا بالحب والاهتمام بنفس الدرجة، ولا نجعل بينهم سبيلا للحقد أو الكراهية، كالتى ضربت أبناء سيدنا يعقوب رغم كبر سنهم، وصغر سن أخيهم يوسف. ففى حديث شريف يقول عليه الصلاة والسلام: "إعدلوا بين أولادكم فى النحل، كما تحبون أن يعدلوا بينكم فى البر واللطف". كذلك لم يبح الأسلام ضرب الطفل، أو اهانته، بل أوصى بإكرامه، وخاصة البنات، وجعل جزاء ذلك دخول الجنة. والحديث الشريف يقول: " من كان له ثلاث بنات، فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته، كن له حجابا من النار يوم القيامة" ويجوز كذلك على من له ابنتين أو إبنة واحدة. أما ما يحدث الأن فعليا، فهو إهدار لحقوق الكثير من أبناء الأجيال الجديدة، فى التربية، وإن وفر لهم ذووهم كل وسائل الراحة، وأنفقوا عليهم الكثير من المال، مسايرة للعصر المادى الذى نعيشه، والذى صبغته الأنانية بكل صورها. وأحيانا قد نجد آباء وأمهات لم يقدموا أى شىء لأبنائهم، عندما كانوا صغارا يحتاجون الرعاية والإنفاق، ثم يطالبونهم، بالبر بهم فى حال كبرهم فى السن، فقط لأن الله قد أمرهم ببر الوالدين، هكذا، دون أن يكون الأهل قد قدموا مسبقا ما أمرهم الله به، تجاه من تسببوا فى إخراجهم للحياة الدنيا، بكل ما يعانيه الإنسان فيها، حتى يكون قادرا على إعالة نفسه. لهذا نرجو من شيوخنا الأجلاء أن يراعوا فى خطبهم فى الناس، توزيع الأدوار، والمسئوليات كما أمر الله بها، لتتوزع الحقوق بالتساوى، ولا يظلم أحد.. [email protected] لمزيد من مقالات وفاء نبيل