السباق الانتخابي الأمريكي يزداد اثارة ويحتد اشتعالا وخاصة في التراشق القائم من الانتقادات الشخصية المتبادلة بين المرشحين الجمهوري والديمقراطي «دونالد ترامب» و»هيلاري كلينتون». أغلب استطلاعات الرأى العام التي أجريت في الأيام الأخيرة تبين تفوق «كلينتون» بفارق يتراوح ما بين 7 و10 في المائة. كما أن استطلاعا للرأى نشر منذ أيام بالنسبة للناخبين المحتمل مشاركتهم في التصويت وصل بالفارق في تفوقها الى 13 في المائة. «ترامب» المرشح الجمهوري كما يبدو ما يزال يعاني من تبعات استمرار تهوره في خلق عداوات وجبهات مواجهة عديدة وأيضا عواقب «طيشه السياسي» و»تلطيشه لمن لا يؤيده» وقد بلغ ذروة تهوره بالطبع منذ أيام عندما قال في لقاء جماهيري ما يوحي بأنه يحث أنصار حمل السلاح علي»وضع حد» ل»هيلاري» وما تسعى اليه ما قاله تم وصفه بأنه تجاوز لكل الخطوط والأعراف وكأنه يحرض على اغتيال منافسته. وبالتالي لم تتوقف الانتقادات شديدة اللهجة الموجهة اليه مثلما لم يتوقف النقاش المستمر حول انتقاده لوالد الجندي الأمريكي المسلم (خان) الذي ضحى بحياته من أجل أمريكا في العراق. ولذلك لم يكن بالأمر الغريب أن يطالب أنصاره ومؤيدوه من جديد وتكرارا ب «ضبط النفس» و»أن يلجأ لنص مكتوب وليس لارتجال أهوج» والأمر الأهم أن يهاجم وينتقد فقط «الهدف الأول والأخير» منافسته «هيلاري كلينتون». المرشحة الديمقراطية من جهتها فإنها ما زالت تعاني من «أزمة ثقة».. وما زالت قضية «الرسائل الالكترونية» تطاردها ومازالت «تتلعثم» وهي تريد أن تبين موقفها وتتحدث عن ما فعلته وما لم تفعله في هذا الأمر المثار حول جدية تعاملها مع أسرار الدولة .. والأدهى مصداقيتها و»تلاعبها بالألفاظ» في عدم قول الحقيقة كاملة كما كانت. الحديث عن «تهور» «ترامب» لم يتوقف ولن يتوقف. ومن ثم الحديث عن أنه «غير كفء» و»لا يمكن الوثوق به» خاصة اذا كان الأمر يخص «رئاسته المحتملة للبلاد» و»اطلاعه على التقارير الاستخباراتية وأسرار الدولة» .. وأيضا التشكيك في امكانية «تسليمه سلطات الضغط على أزرار السلاح النووي اذا تطلب الأمر ذلك». كل هذه الأمور الشائكة لم تطرح فقط في مقالات وتعليقات بوسائل الاعلام بل صارت جزءا مهما من الجدل القائم والمستمر منذ انتهاء مؤتمر الحزب الجمهوري وترشيح الحزب «ترامب» للرئاسة. وما لفت انتباه المراقبين في اليومين الأخيرين قيام خمسين شخصية بارزة من خبراء الأمن القومي ممن خدموا ادارات رؤساء جمهوريين (من نكسون الى بوش الابن) بالتوقيع على رسالة مفتوحة تقول «أن ترامب سيكون الرئيس الأكثر تهورا في التاريخ الأمريكي». وأنه سيعرض أمن البلاد للخطر. وأن «ترامب» لا يفهم ما هو المطلوب لكى يكون رئيسا للولايات المتحدة. والرسالة تقول أيضا «نحن خدمنا في البيت الأبيض وعملنا مع رؤساء على مدى عقود ونحن نعرف ما هو المطلوب لكي يكون أحد رئيسا . ونحن قلقون للغاية من أن دونالد ترامب ليس لديه هذه القدرات.. القدرة على اصدار الحكم السديد والقدرة على التحكم في الأعصاب». الملياردير»ترامب» وهو يحاول اظهار تفوقه على «هيلاري» أعلن عن فريق مستشاريه الاقتصاديين وألقى خطابه الخاص بسياسته الاقتصادية في مدينة ديترويت. الخطاب استمر نحو ساعة من الزمن وقد تم مقاطعته 14 مرة 13 مرة كانت من جانب امراة. ترامب بخطابه قدم الملامح الرئيسية لسياسته الاقتصادية وأعطي تصورا ومنهجا ل «انطلاق اقتصادي قادم معه» أو «اطلاق عنان» الاقتصاد الأمريكي كما قال أحد مستشاريه في تعليق تليفزيوني. «ترامب» كما ظهر في هذا اللقاء التزم بالخطاب المكتوب ورد فعله المكتوم على الأصوات المعارضة ولم ينقض عليها كما كان يفعل حتى الماضي القريب. ترامب تحدث باسهاب عن خفض الضرائب وخصوصا بالنسبة للأغنياء الا أنه تفادى الحديث عن الحد الأدنى لأجر الساعة والمقترح من الجانب الديمقراطي ب 15 دولارا.ترامب ذكر أيضا أن هيلاري هي مرشحة الماضي وأن حملته هي حملة المستقبل. تشكيل فريق مستشاريه الاقتصاديين لم يأت بمفاجأة . اذ أن أغلب ان لم يكن كل أعضائه من الأثرياء والبيض و«أصدقاء» لترامب. ولا شك أن المشهد الانتخابي بشكل عام يؤكد أن الناخب الأمريكي أو المواطن الأمريكي هذا العام أمام خيارين كلاهما مر.. وأن عليه أن يختار «أهون الشرين» اذا جاز التعبير. العبارة التي يتكرر ذكرها في أى تعليق على أداء كلينتون «لا تنسوا أن نسبة تتراوح بين 60 و70 في المائة من الأمريكيين ترى أن البلاد أمريكا- تسير في اتجاه غير سليم وبالتالي يجب الخروج من هذا المنزلق الذي أتى به أوباما، وتكرار القول بأن فوز هيلاري يعد «ولاية ثالثة لأوباما» يزيد من المواقف السلبية تجاه المرشحة الديمقراطية. وبما أن «شعبية» أو «مصداقية» هيلاري لا تتجاوز 40 في المائة حسب أفضل التقديرات فان الحديث عن اختيار «هيلاري» يأتي على مضض مهما كانت الاشارة الى «تهور ترامب» أو التذكير ب «خبرة هيلاري». هيلاري بتجاربها السابقة وخبرتها الممتدة عبر السنوات أرتكبت أخطاء فادحة. أو كما يقال بسخرية «لها خبرة كبيرة في ارتكاب الأخطاء» الرسائل الالكترونية وبنغازي و.. القائمة تطول في نظر الجمهوريين. نعم انه شهر أغسطس شهر الأجازة الصيفية ومتابعة الألعاب الأوليمبية في ريو. الا أنه أيضا أيام «اعادة تقديم المرشح بشكل ايجابي أو بشكل أقل سلبيا وأيام «اعادة ترتيب الأوراق والأولويات» .. و»استهداف الناخب الحائر المحير الذي لم يحسم أمره بعد».ومن المقرر أن تعقد أول مناظرة تليفزيونية بين»ترامب» و»كلينتون» في أواخر شهر سبتمبرالمقبل. وتوقع كثير من المراقبين أن تكون هذه المناظرة الحدث الأكثر مشاهدة على شاشات التليفزيون على الاطلاق هذا العام. وهى موقعة هامة وحيوية في السباق الانتخابي الأمريكي سوف تحدد مسار العملية الانتخابية وتبعاتها خلال الأيام المتبقية من سباق الوصول الى البيت الأبيض.