9 - لا شك فى أن غياب الدافع المصلحى عند رجل الشارع العربى قد أسهم إلى حد كبير فى تغييب الركيزة الأساسية لقيام أى بناء تكاملى قادر على الصمود والاستمرار وقد عزز من تداعيات هذا الغياب للدافع المصلحى أن الأمر لم يقتصر على غياب الأجندة الاجتماعية والاقتصادية التى تبشر بمستقبل أفضل وإنما تحول الأمر إلى صراعات وصدامات بين الأنظمة ولم يكن غريبا أن تلقى هذه الصراعات والصدامات بتداعياتها السلبية على نفسية شعوب الأمة التى كانت فى كل قطر على حده أسيرة لخطاب سياسى وإعلامى ذاتى مهمته تزييف الحقائق وتبادل الاتهامات التى شملت التآمر والتخوين ولم يسلم منها أحد! وأهم من ذلك كله وتلك دروس لابد من استذكارها - أن المشروع العربى جرى اختصاره فى عناوين جذابة وبراقة تتحدث عن الجيش الواحد والعلم الواحد والمصير الواحد والكيان الواحد دون أن يشار ولو عرضا إلى أن هذه العناوين لاتكفى لمعالجة أوجاع الفقر والتخلف التى تعانى منها معظم شعوب الأمة! وفى اعتقادى أن نقطة البداية الصحيحة كما أسلفت تبدأ بالاعتراف بأن تصوراتنا السابقة لتحقيق المشروع العربى كانت كلها تصورات خاطئة وأن أبعاد الصورة الإقليمية والدولية اليوم تحتم علينا وضع تصورات جديدة تسمح لنا مرة أخرى بالعودة إلى الرهان على المشروع العربى. إن أمامنا إشارات كثيرة واضحة وجلية من حصاد السنوات الخمس الأخيرة.. وهذه الإشارات تكشف عن رغبة فى تخيير شعوبنا بين ترغيب بكل أدوات المنح والعطاء وترهيب بكل آليات الضغط والتخويف وإن كانت الصياغات المطاطية تستهدف التخفيف لكى يكون الأمر مجرد تخيير بين تبشير بالرفاهية والتقدم فى ظل الركوع والاستسلام وتحذير من العواقب الوخيمة لمن يرفض الدخول فى هذه الخيمة الجديدة التى تمتد من بنجلاديش شرقا وحتى موريتانيا غربا باسم الشرق الأوسط الكبير بهدف محاصرة وتحجيم الكتلة العربية الممتدة من الخليج إلى المحيط! خير الكلام: ** الصغار تستعبدهم المناصب والكبار يستعبدون المناصب! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله