الحقيقة المزعجة المخجلة, التي نداريها بطبقات كثيفة من مساحيق التجميل, فنحن نبحث عن رئيس لبلدنا, شريطة أن يكون علي الزيرو أو استعمل استعمالا خفيفا. إليكوقبل أن تتسرع باتهامي بالاستخفاف والاستظراف في موضع جد لا يحتمل الهزل, سوف اشرح لك وجهة نظري, داعيا إياك لتأملها ودراستها. فبعيدا عن ثنائية الفريق أحمد شفيق, والدكتور محمد مرسي, والتنابذ بين دعاة الدولة المدنية والعسكرية, فإن المصريين حددوا مواصفات واشتراطات للرئيس المستقبلي تقترب من المثالية, ويسود بينهم نمط تفكير الباحث عن سيارة جديدة يستخدمها طبيب, ظنا بأنها كاملة الأوصاف والمزايا, وأن حالتها جيدة للغاية ولن تتعطل قبل مرور ردح من الزمن. وهكذا حالنا, فنحن نفتش عن شخص تجري في عروقه دماء الثورة, حتي يكون أحن عليها من الأم بولدها, وأن يتوافر لديه سجل مشرف بميدان التحرير وفعالياته خلال وبعد الخامس والعشرين من يناير, وأن يخلو من مرض وخطيئة التعاطي مع نظام مبارك من قريب أو من بعيد, وأن يتميز بالقدرة علي العطاء والتواضع, ويقدم المصلحة الوطنية علي المطامح الشخصية النفعية, ومستعد للإقرار بأخطائه, فأين سنعثر علي هذا الكنز الثمين؟ ألا تتفق معي علي أن أحداث عام ونصف كانت كاشفة للأنانية المفرطة المسيطرة علي الجميع بلا استثناء, وفي المقدمة يقف مرشحو الرئاسة الذين انخرطوا بكل جوارحهم في لعبة التجريب السياسي بدون الاهتمام بالنتائج المترتبة وأوصلتنا أكثر من مرة لحافة الانهيار, وأننا كأفراد نكابد نفس المشكلة, ونتحمل قدرا لا بأس به من غرق الوطن في تلال من المشاكل. ويزيد من تفاقمها غفلتنا عن أن مبارك ورجاله قضوا قضاء مبرما علي البنية التحتية للكفاءات والمواهب, نتيجة عمليات التجريف المتواصلة بلا كلل ولا ملل لثلاثة عقود. دعونا نتعامل مع الحقائق بواقعية, وأنه ليس بالإمكان بلوغ الكمال في شخص من سيختار رئيسا, وأن خليفة مبارك في القصر الرئاسي سيكون مؤقتا, وأن تركيزنا يجب أن ينصب علي تنقية البلاد من الاستبداد والقبضة الحديدية وتعليم الصغار أبجديات الديمقراطية وحسن الاختيار, تفاديا لديكتاتورية تطل برأسها من جديد. المزيد من أعمدة محمد إبراهيم الدسوقي