في القصة المشهورة بين الأرنب والسلحفاة.. بعدما انطلق السباق بين الاثنين ركن الأرنب المغرور إلي الراحة والنوم وهو يثق تماما بغباء وغرور في أنه سيحقق الفوز علي السلحفاة قبل أن تصل إلى الأمتار الأخيرة. وحين اقتربت السلحفاة من الأمتار الأخيرة للسباق حاول الأرنب اللحاق بها ولكنه لم يفلح وخسر السباق. ونظرية الأمتار الأخيرة وثقافتها يبدو أنها صفة تلاحق المشهد السياسي المصرى.. معظم القوى السياسية تؤمن إيمانا عميقا بهذه النظرية لا يهزه زحف السلحفاة البطيء ولا ينقص منه غرور الأرنب المستحكم. نتذكر عدة مشاهد لا تفارق الذاكرة منها.. عمر سليمان حاول فى الأمتار الأخيرة أن يلحق بالترشح على منصب رئيس الجمهورية ولم يستطع أن يستكمل الأصوات الصحيحة التى تستلزمها شروط وإجراءات الانتخابات.. فتم استبعاده من السباق بشكل درامى. حزب الحرية والعدالة حاول أن يلحق فى الأمتار الأخيرة ويفرض قانون العزل السياسي علي كل من باشر الحياة السياسية فى عهد مبارك.. وذلك بعد أن تقدم عمر سليمان للترشح للرئاسة وتضمن قانون العزل الفريق أحمد شفيق.. على الرغم من الوقت الكبير الذى كان متاحا لهم لإصدار قانون العزل ولم يفعلوا. وأيضا حاول حزب العرية والعدالة فى الأمتار الأخيرة تقديم المرشح الدكتور محمد مرسى كاحتياطى للأستاذ خيرت الشاطر.. على الرغم من تحذير الكثيرين من احتمال استبعاد الشاطر وبالتالى لم تتح فرصة تقديم محمد مرسى بشكل إعلامي جيد قبل المرحلة الانتخابية الرئاسية الأولى. المرشحان الراسبان فى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المصرية (حمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح) حاولا فى الأمتار الأخيرة أن يجمعا شملهما على بعضهما البعض ليتحدا ويكونا فريقا واحدا.. لكن السيف كان قد سبق العزل.. ولكنها نفس الثقافة التى جعلتهما يركنان هادئين مطمئنين للفوز فى الجولة الأولى وبالتالى عدم الانصياع والأخذ بالرأى المنادى بوجوب اتحادهما فى نائب ورئيس منذ اللحظة الأولى فى الانتخابات. النطق بالحكم علي حسنى مبارك جاء قبل الأمتار الأخيرة من الانتخابات الرئاسية المصرية قبل أسبوعين فقط.. مما أثار عاصفة من الاعتراضات والمعارضات والمظاهرات فى معظم ميادين الدولة. الناخب المصرى يبدو هو الآخر يحب ويحبذ نظرية الأمتار الأخيرة فى الحياة العامة والسياسية بصفة خاصة.. فالانتخابات بالخارج يكون اليوم الأخير فى الإقبال على الانتخاب هو الأكثر كثافة على الرغم من امتدادها لأسبوع كامل.. أما عندنا فى مصر فالإقبال فى اليوم الثاني أكثر وأهم من اليوم الأول. والسياسي البارع حقا هو الذى يبرع فى الفوز فى الأمتار الأخيرة.. ويكون له نفس طويل فى السياسة.. وحبذا لو استطاع أن ينجح منذ اللحظة الأولى وفي بداية السباق. [email protected] المزيد من مقالات أحمد سعيد طنطاوى