4 - بعد مرور 64 عاما على ثورة يوليو المجيدة أظن أن الوقت قد حان لإجراء تقويم موضوعى لما أنجزته الثورة وهو كثير ولما عجزت عن تحقيقه وهو ليس بالقليل! إن من الظلم أن يقال إن مصر كلها قد تحولت إلى معتقل كبير مع مجيء ثورة يوليو واعتلاء جمال عبد الناصر لسدة الحكم ولكن ذلك لا يعنى إنكار أن هناك تجاوزات قد حدثت وانتهاكات قد وقعت وأن ذلك فى البداية والنهاية كان نتاجا طبيعيا لطول فترة الشرعية الثورية وغياب الحياة الديمقراطية. وأيضا فإن من الظلم الفادح أن يقال إن السياسات التصادمية لثورة يوليو وطموحاتها عبر الحدود هى التى أدت فى النهاية إلى وقوع نكسة يونيو 1967.. ومع ذلك فإن علامات استفهام كثيرة تشير إلى غياب الحساب الصحيح والعجز فى بعض الأزمات عن بناء تقدير الموقف بعيدا عن خطط الاستدراج الخبيثة من جانب القوى المعادية لمصر وبعيدا أيضا عن حسابات الداخل التى كانت تدفع بالأمور دفعا فى اتجاه الأخد بسياسة القبضة الحديدية. إن ثورة يوليو ومهما قيل عن أخطاء وقعت فيها أو تجاوزات تورطت فى ارتكابها نجحت فى أن تقرأ نبض الشارع المصرى قراءة صحيحة وأن تصيغ رؤيتها فى ضوء الواقع المتردى الذى كانت عليه أحوال البلاد عشية يوليو 1952. ولابد أن يحسب لها إنصافا أنها نجحت فى إحداث تغيير اجتماعى واسع لصالح الأغلبية المطحونة لعقود طويلة تحت تروس الفقر والاستغلال والتخلف.. كما أنها نجحت أيضا فى تحقيق الاستقلال الوطنى بمفهوم صحيح لا يتوقف عند حدود إنهاء الاحتلال وإجلاء المستعمر البريطانى فحسب وإنما بصيغة استقلال شاملة تضمن استقلالية القرار المصرى تماما. لابد بالفعل أن يحسب لثورة يوليو أنها أيقظت الشعور القومى وأكدت حتمية الانتماء العربى ووسعت من دوائر الارتباط لتشمل الدائرة الإسلامية والدائرة الإفريقية ودائرة عدم الانحياز. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: لأشكرنك معروفا هممت به.. إن اهتمامك بالمعروف معروف ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله