ما حدث فى تركيا ليس انقلابا عسكريا كما وصفه البعض وليس مسرحية محبوكة أعدها أردوغان لكى يتخلص من أعدائه ويعزز من شعبيته كما قال آخرون ولكن ما حدث مجرد هبة غاضبة من تيار داخل المؤسسة العسكرية سيكون لها ما بعدها. الذى حدث أن الجيش التركى هو الذى أنقذ أردوغان وتصدى للتيار الغاضب داخل الجيش التركى والذى لم يحسن إعداد حركته وتأمين سريتها بدليل أن أردوغان جرى إبلاغه قبل موعد تحرك القوات المناهضة له ب 5 ساعات وساعده ذلك على الهرب من فندق «مرمريس» الذى كان يقيم به الساعة الرابعة عصرا وعندما وصلت المجموعة المسلحة المكلفة بالقبض عليه فى التاسعة مساء «ساعة الصفر المحددة» لم تجد له أثرا فى الفندق. دعك من حكاية التأييد الشعبى لأردوغان والجماهير التى تصدت بصدورها العارية للدبابات حسبما يزعم العثمانلى الجديد والذى يعرف فى قرارة نفسه أن الجيش التركى هو الذى أنقذه وأنه سيتحتم عليه منذ هذه اللحظة أن يدفع الفاتورة صاغرا ليس بالتوقف والكف عن الغمز واللمز ضد المؤسسة العسكرية وإنما بالتراجع الكامل عن أحلامه السلطانية ورغباته الواضحة فى الاستئثار الكامل بالسلطة تحت غطاء ديمقراطى بتعديل الدستور ونقل صلاحيات رئيس الوزراء إلى السلطان أردوغان. سوف يحتفل أردوغان وأنصاره ويعتبرون يوم 15 يوليو عيدا قوميا لهم بعد أن كتبت لهم حياة جديدة ولكن حقيقة الأمر أن ما بعد 15 يوليو لن يكون مثلما كان الحال قبل 15 يوليو وسيستفيق أردوغان إلى أن رهانه على التدرج فى تقليم أظافر المؤسسة العسكرية التركية قد انهار تماما وأن معادلة جديدة للقوة قد نشأت على أرض البسفور. وفى ظنى أن أردوغان خسر مما جرى بأكثر مما يتوهم أنصاره أنه حصل على مكاسب لأن الانزلاق إلى خطيئة التطهير العشوائى فى أركان الدولة والاعتقالات وما صاحبها من عمليات إذلال للجنرالات فضلا عن قرارات العزل والملاحقة التى طالت الشرطة والقضاء لن تؤدى لفتنة داخلية فقط وإنما تمهد لعزلة دولية فوق طاقة واحتمال أردوغان وحزبه المنقسم على نفسه! خير الكلام: لا تستثيروا السباع من مرابضها فتندموا! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله