كانت العمارة المصرية فى كل عصورها من أهم سمات الشخصية المصرية تاريخا وحضارة ومنذ امتدت سياسة الأبراج الخراسانية القبيحة على ضفاف النيل وتم اغتيال مئات القصور والفيلات التاريخية فى كل أنحاء مصر تشوهت الألوان والجدران والبشر واختفت من حياتنا نماذج رفيعة للعمارة المصرية العريقة وهذه رسالة من الصديق أ.د/ على رأفت أستاذ العمارة– جامعة القاهرة حول ما أصاب تراثنا المعمارى فى السنوات الماضية من مظاهر الخلل هناك مشكلة ثقافية لا يمكن تفاديها إلا بالمكوث فى المنزل بعد قفل الشبابيك وعدم الخروج إلى أى من شوارعنا الدائرية أو المحورية أو حتى العشوائية منها ألا وهى مشكلة تعدد الألوان المركزة فى العمارات.. وقد ازدادت انتشارا ليس فقط بين الأهالى كما امتدت إلى المحليات والحكومة والتى تصورت أنها ستضيف طابعاً حضارياً بدهان العمارات القديمة والمشروعات الجديدة على جوانب الطرق السريعة وبالذات فى محافظة الجيزة بألوان صفراء وحمراء منتشرة بلا تخطيط على عمارات قائمة وجميعها ألوان صبغات وليست أكاسيد أو ألوانا ثابتة بحرق الطوب أو السيراميك أو التركوتا وهى سرعان ما تتسخ وتزول معالمها بالأتربة والشمس والأمطار العمارة المصرية والعالمية عمارة لا لونية إذ أنها ارتبطت بلون الحجر«الكريم» بدرجاته المختلفة..وإذا استعملوا الألوان فهى إما على سقوف وحوائط المقابر أو على رسومات على الحوائط والأعمدة محددة المساحة وبارزة أوغاطسة بحيث تبقى قائمة حتى بعد زوال ألوانها بعوامل الزمن..وفى الجوامع والكنائس تجدها فى الخوارج بالحجارة بلون طبيعى واحد أو بلونين متقاربين على شرائط أفقية (الأبلق) وفى الدواخل تضاف ألوان فى فتحات من الزجاج الملون والبلاطات السيراميكية فى وقار ورصانة ودوام..وياليت استعمال هذه الألوان يتحول اليوم إلى قوانين لدى جهاز التنسيق الحضارى لنصل إلى ما وصلت إليه بعض البلاد العربية كالأردن وتونس والمغرب من استعمال لون فاتح واحد مع لون آخر مركز متناقض فى مساحات قليلة كالأبواب والشبابيك والأسوار الحديدية..هكذا عاشت حضارتنا المعمارية آلاف السنين واحتفظت بجمالها حتى وهى آثار مهدمة لأن أهلها بنوها بطاقة إيجابية وبوعى ثقافى وذوق فنى تحدى الزمن بعوامله الجوية والإنسانية. [email protected] لمزيد من مقالات فاروق جويدة