وزير العدل يشهد أداء اليمين القانونية للأعضاء القانونين الجدد بمصلحة الشهر العقارى    150 مليار دولار.. خطة التوطين «الذكية» قاطرة مصر نحو المستقبل |خاص    صندوق تحيا مصر يطلق أسبوع الخير بالأقصر لدعم 10 آلاف أسرة و4 آلاف طالب    دونالد ترامب: سنلحق ضررا كبيرا بمن هاجموا قواتنا في سوريا    مصر تدين الهجمات علي مقر بعثة الأمم المتحدة بمدينة كدوقلي في السودان    «مو» يسجل رقماً قياسياً جديداً مع ليفربول.. ويشعل آنفيلد    مدرب بصالة ألعاب يعتدى على شاب لخلاف على قيمة مشروبات ببولاق الدكرور    تحقيقات موسعة في العثور علي جثة سيدة بالعمرانية    أمن الجيزة يكشف غموض مقتل سيدة بالعمرانية.. شقيقها وراء ارتكاب الجريمة    تفاصيل وفاة شقيقة الزعيم عادل إمام أرملة الراحل مصطفى متولي.. فيديو    مصطفى كامل يتصدر الترند بعد طرح «هما كده» في أقل من 24 ساعة    الأثنين.. افتتاح متحف المقرئين بالعاصمة الجديدة    بعد تسجيل عبلة كامل.. مفيدة شيحة تشيد بلميس الحديدي: رجّعتي لنا صوت بنحبه ونحترمه    "الإفتاء" توضح حكم صلاة المرأة دون ارتداء الشراب    مسئولو الإسكان يتابعون سير العمل بالإدارة العقارية بجهاز مدينة دمياط الجديدة    بحضور كمال وزكي.. وزير العمل يستقبل وفد لجنة الطاقة والبيئة بمجلس الشيوخ    كريستال بالاس ضد مان سيتى.. جوارديولا: ملعب بالاس صعب وفودين يتطور    صندوق تحيا مصر يطلق "أسبوع الخير" بالأقصر لتقديم أضخم حزمة خدمات اجتماعية وصحية ل 10 آلاف أسرة و4 آلاف طالب    كرة القدم وكأس العرب «1»    منتخب مصر يحقق برونزية بطولة كأس العالم للفرق المختلطة للاسكواش    محمد أنور يساند أحمد السقا بعد الهجوم عليه بسبب رسالته إلى محمد صلاح وليفربول    حل مجلس إدارة الزمالك؟ وزارة الرياضة توضح الحقيقة بعد بيان النيابة العامة    الإفتاء: التنمر عدوان محرم شرعًا.. وإيذاء الآخرين نفسيًا إثم مبين    العزل المنزلى!    باحث سياسي: حادث سيدني هزَّ المجتمع الأسترالي بأسره    البورصة تختنم تعاملات اليوم بارتفاع جماعي وربح 7 مليارات جنيه    محافظة القليوبية تنتهي من تجهيزات اللجان وترفع درجة الاستعداد    وكيل صحة سوهاج يلتقى مدير مستشفى جهينة المركزي لمناقشة تطوير الخدمات    «عبد الهادي» يتفقد الخدمات الطبية بمستشفى أسوان التخصصي    الفيوم تتميز وتتألق في مسابقتي الطفولة والإلقاء على مستوى الجمهورية.. صور    وفاة طفلة دهسا تحت عجلات القطار في محافظة أسيوط    إزاحة الستار عن تمثالي الملك أمنحتب الثالث بعد الترميم بالأقصر    إحالة المتهم بقتل موظف بالمعاش بالمنصورة لفضيلة المفتى    جريدة مسرحنا تصدر ملف «ملتقى الأراجوز والعرائس» إحياءً للتراث في عددها الجديد    وكيل تموين كفر الشيخ: صرف 75% من المقررات التموينية للمواطنين    الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيًا بزعم محاولة تنفيذ عملية طعن قرب الخليل    رافينيا: وضعي يتحسن مع لعب المباريات.. وعلينا الاستمرار في جمع النقاط    محمد صلاح ولاعب الزمالك بالقائمة.. موعد حفل جوائز ذا بيست 2025    "قيمة العلم والعلماء".. ندوة توعوية بكلية علوم الأرض بجامعة بني سويف    غلق 156 منشأة وتحرير 944 محضرا متنوعا والتحفظ على 6298 حالة إشغال بالإسكندرية    محافظ أسوان يتابع جهود مديرية الطب البيطرى لمكافحة مرض السعار    رئيس الوزراء الأسترالي: حادث إطلاق النار في سيدني عمل إرهابي    فيلم «اصحى يا نايم» ينافس بقوة في مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    جون سينا يعلن اعتزال المصارعة الحرة WWE بعد مسيرة استمرت 23 عامًا .. فيديو    "القومي لحقوق الإنسان" يطلق مؤتمره الصحفي للإعلان عن تقريره السنوي الثامن عشر    هناك تكتم شديد| شوبير يكشف تطورات مفاوضات الأهلي لتجديد عقد ديانج والشحات    الصحة: لا توصيات بإغلاق المدارس.. و3 أسباب وراء الشعور بشدة أعراض الإنفلونزا هذا العام    امين الفتوى يجيب أبونا مقاطعنا واحتا مقاطعينه.. ما حكم الشرع؟    أرتيتا: إصابة وايت غير مطمئنة.. وخاطرنا بمشاركة ساليبا    مصر تطرح 5 مبادرات جديدة لتعزيز التعاون العربي في تأمين الطاقة    "الغرف التجارية": الشراكة المصرية القطرية نموذج للتكامل الاقتصادي    حكم الوضوء بماء المطر وفضيلته.. الإفتاء تجيب    مصطفى مدبولي: صحة المواطن تحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة    نظر محاكمة 86 متهما بقضية خلية النزهة اليوم    سوريا تكشف ملابسات هجوم تدمر: المنفذ غير مرتبط بالأمن الداخلي والتحقيقات تلاحق صلته بداعش    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    اليوم..«الداخلية» تعلن نتيجة دفعة جديدة لكلية الشرطة    وزيرا خارجية مصر ومالي يبحثان تطورات الأوضاع في منطقة الساحل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الحب.. في السفر.. فى الشغل اللذيذ.. كانت لنا ايام .. ايام فى القلب {{ الحجرة رقم 110 تبوح بأسرارها!
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 07 - 2016

هذه الحجرة التي تحمل رقم 110 في الدور الرابع في مبني الأهرام العريق.. كانت تحمل لنا نحن فرسان الصحافة أيامها.. حكايات وذكريات لا تنسي أبدا.. ويكفي أنه قد اجتمع فيها في شبابهم: فاروق جويدة الشاعر العاشق الذي وضع عنوانه في عيون امرأة جميلة.. والكاتب الكبير الآن.. والعزيز الغالي جراح القلوب الموجوعة والصدر الحنون لكل من ذاب حبا وتاه غراما.. وكل من عذبته الدنيا وأشقته المرأة طولا وعرضا.. المعروف في كتاب العشق الأزلي باسم: عبد الوهاب مطاوع.. وكان ثالثهم.. من شقي في الدنيا بقلمه وعقله وقلبه وحمل مواجعه ومواجع خلق الله.. أجمعين علي كتفه إلي يوم الدين.. كاتب هذه السطور..
كانت الدنيا دنيا حقا وصدقا.. هي بالنسبة للدنيا التي نعيشها الآن.. وكأنها الجنة التي كنا نعيش تحت ظلال أشجارها ونسبح بزورق أحلامنا وشقاواتنا في أنهارها وجداولها العذبة.. ولكننا وهذا هو قدرنا نزلنا إلي جهنم الحمراء التي اسمها مهنة القلم والقرطاس.. بكامل إرادتنا.. أو حتي مرغمين لا فرق.. ولا نملك منها الآن مهربا أو فكاكا..
كانت الأغاني تملأ أسماعنا بشدو عبد الوهاب وأم كلثوم وعبد الحليم وفريد الأطرش ومعهم أسمهان وليلي مراد ونجاة الصغيرة ولم يكن هذا الجيل من نشاز المطربين والمطربات وآسف للتعبير الذي يشقينا ونشقي معه الآن.. قد ظهر بعد.
وكان الشعر عملاقا في عز شبابه وصولجانه.. كنا نعيش أيامها جيل شعراء ما بعد أحمد شوقي وحافظ إبراهيم..
كان لدينا صلاح عبد الصبور وإبراهيم ناجي وبيرم التونسي وعلي الجارم..وأحمد رامي وصلاح جاهين، صاحب الكاريكاتير الذي كان يهز الدنيا كل صباح علي صفحات الأهرام..
وكان فاروق جويدة أيامها في بداياته وعنفوان شبابه وهو يدخل عالم الشعر الجميل واثق الخطي يمشي ملكا..
وكانت السينما.. سينما «بحق وحقيق» وليست كخيال الظل أو خيال المآتة كما هي الآن.. وآسف لهذا التعبير!
وكان لدينا آخر جيل العمالقة فى الإخراج: يوسف شاهين وصلاح أبوسيف وكمال الشيخ ومحمد كريم وعز الدين ذو الفقار وحسن الإمام.. وعاطف سالم وتوفيق صالح من جيل المخرجين العظام..
وكان المسرح المصري صاحب صوت وحضور وصولجان وعقل ووجدان.. ويكفي أنه كان يكتب له جيل العمالقة توفيق الحكيم وعبد الحميد جودة السحار ونعمان عاشور وعلي أحمد باكثير وعبد الرحمن الشرقاوي..
ويقف علي خشبته: سميحة أيوب وسناء جميل وأمينة رزق ويحيي شاهين وزكى رستم وشكرى سرحان
وكان الأدب أدبا حقيقيا يكتب له ويؤلف: طه حسين وعباس محمود العقاد ونجيب محفوظ ويوسف ادريس وبنت الشاطئ ويوسف السباعى وعبدالرحمن الشرقاوى..
أما السينما المصرية وما أدراك ما السينما المصرية أيامها.. كانت ثالث سينما في العالم.. بعد أمريكا وفرنسا..
وكان لدينا جيل الكبار: يوسف وهبي+ أمينة رزق+ فاطمة رشدى + فاتن حمامة+ زكي رستم+ حسين رياض+ محمود المليجي+ عماد حمدي+ رشدي أباظة+ أنور وجدي+ صلاح منصور..
وكان لدينا جيل المضحكين العظام الذين خرجوا من عباءة نجيب الريحاني: إسماعيل يس وعبد الفتاح القصري وشكوكو وعبد المنعم إبراهيم وعادل خيري وعبد السلام النابلسي واستيفان روستي وماري منيب وزينات صدقي.. وكان آخرهم فؤاد المهندس..
وكان الفن بالريشة والألوان يعيش أجمل لوحات العمر بريشة وإبداع محمود سعيد وصلاح طاهر وجمال السجيني وسيف وانلي وشقيقه أدهم وانلي وجمال ندا وتلاميذهم العظام..
....................
...................
وكان الحب علي أيامنا حبا طاهرا لا يعرف خبثا ولا لوعا..
وكانت الصداقة صداقة والزمالة زمالة والعشق عشقا بجد.. وليس ضحكا علي الذقون.. وأولاد الناس وأولاد الأصول يملأون الدنيا من حولنا.. حبا وكرامة وشهامة وصداقة وإحساسا رفيعا بالألفة والونس...
وكانت حفلات أم كلثوم كما الهلال العربي تهل علينا أول خميس من كل شهر .. تملأ أرجاء مصر كلها شرقا وغربا وشمالا وجنوبا وتعبر البحر والمحيط إلي العالم العربي كله .. بالشدو الأصيل والفرحة والتمايل طربا والتمايل زهوا وفخرا بكل ما هو جميل وطيب وبديع في حياتنا ..
وما كان أروعه .. وما كان أجمله .. ويكفي أنه كان يكتب لها أحمد رامي بكلمات منحوتة نحتا من صدر عاشق معذب .. ويحولها إلي نغم من أنغام الجنة.. عندما يلحن لها عملاق العود واللحن وأجمل ما تردد في كل الزمن أغانيها وقصائدها... رياض السنباطي.. ومن قبله حمل الراية راية العشق والنغم والشدو الذي مازال يتردد صداه نرسم الزمن ... وسيظل يتردد إلي يوم يبعثون الشيخ زكريا أحمد .. ولقب شيخ هنا تعني أنه كبير الملحنين والآلاتية أيامها .. ومعه على نفس المقعد محمد القصبجي الذي شاهدت صورته معلقة في قاعة البولشوي في موسكو عندما ذهبت مع جامعة القاهرة فى أسبوع شباب الجامعات.. إلي أن سلموا راية العشق والنغم في آخر أيام شدو البلابل وسلطنة الطرب ريس حارس الموسيقي والنغم والعشق في زماننا وكل زمان والمعروف باسم محمد عبدالوهاب.
حتي القرآن الكريم كتاب الله السميع العليم .. كان له علي أيامنا قراؤه ومنشديه ومرتليه .. صحونا صغارا علي صوت بلبل القرآن الشيخ محمد رفعت وتابعنا السمع والطاعة والانصات لكبار قراء كتاب الله الشيخ مصطفي إسماعيل والطبلاوي حتي آخر عقدهم الشيخ عبدالباسط عبدالصمد بلبل الترتيل والتجويد والسباحة في ملكوت الله بعظيم الآيات وجميل الصوت ورائع الإبداع الذي تسمو بالروح وتطير بها إلي جنات النعيم.
}}}
كان هذا هو زمان ومكان وعصر وأوان الحجرة رقم 110 في حضن رحلة أيام الفرسان الثلاثة: فاروق جويدة وعبدالوهاب مطاوع وكاتب هذه السطور المعذب بقلمه المتعب بهمه .. وهموم من حوله .. الشقي بقلبه وعقله ووجدانه في زمان الغدر والنسيان.
كان فاروق جويدة مشغولا بمقدمات كتابة دواوين شعره .. إلي جانب عمله الأساسي في بداياته كمسئول عن الشئون الاقتصادية بتكليف صريح وواضح من الزميل العزيز الصديق إبراهيم نافع رئيس التحرير أيامها .. وكان كثير الترحال والتنقل.
ولأنه أقصد فاروق جويدة كان يبث قلمه لوعة وشقاوة وكان يناجي المرأة أينما كانت وأينما حلت في أشعاره ... كما يفعل الشعراء في كل زمان وفي كل مكان .. فقد كانت له طوابير من عشاق شعره وكلهن من الجنس الناعم طبعا اللاتي يحمن حول دواوينه وقصائده وحول كاتبها ومبدعها كما تحوم الفراشات حول النور أينما كان وأينما ظهر... وأينما أضاء..
وكان عبدالوهاب مطاوع لم يبدأ بعد دخوله في حضن وحياة عالم المرأة والحب ورحلة الحياة والشقاء والضني والسهر والذوب غراما وتدللها.
أما أنا فقد كنت مشغولا لشوشتي بهم الإنسان المصري الأول .. هم »الهم المم« ..ورحلة الوجود علي ظهر الحياة .. ومعارك لقمة العيش ورغيف العيش من ساعة أن كان مجرد حبة قمح في طين الحقول .. حتي خروجه »بنار الغرف« إلي مائدة الجوعي والمنتظرين.. وما أكثرهم.. وما أفقرهم..
وكنت أيامها كثير الأسفار والترحال في الصحاري والقفار بصحبة كاهن الصحراء الأعظم المعروف في هذا الزمان باسم د.البهى عيسوي الخبير الجيولوجي العالمي .. بحثا عن أصل الإنسان الأول وأين نزل سيدنا آدم عليه السلام بأرض مصر أولا.. أم بأرض الفرات؟
وبدأت أولي حلقات الصدام لا الخصام بين من وضع عنوانه في عيون المرأة المعروف باسم فاروق جويدة.. ومن بدأ خطواته الأولي في محراب المرأة لا عاشقا ولكن ناصحا وموجها وحلالا للعقد .. ولما يصنعه الزمان بالإنسان .. إن خيرا يره .. وإن شرا برضه يره..
والذى اسمه عبدالوهاب مطاوع مداوي القلوب الموجوعة.
وكان فاروق جويدة صاحب قصائد تلين لها قلوب الحسان اللاتي كن يحمن حوله كالفراشات التي تحوم حول شعلة النور والنار .. لا يهمهن الحريق .. ولكن يهمهن أكثر النور والوهج وموعد أو لقاء أو كلاما أو حوارا مع صاحب هذا الشعر - بكسر الشين - الجميل.
وكان فاروق جويدة مليح الوجه .. ولا يزال جذابا صاحب تقاطيع شاعر حالم ملهم كاشف لأسرار الجمال..
وأول مملكة له في هذا الكون هي حواء التي خلقها الله لكي تكون أنيسا وونيسا للرجل ورفيقته في السراء والضراء معا ..
ولأن فاروق جويدة كان يسير خلفه طابور طويل من المعجبات .. فكانت تليفوناتهن ترن في الحجرة طول النهار .. عبر التليفون الوحيد في الحجرة ..
- الأستاذ فاروق جويدة؟
أنا أرد : لا والله لسه ما جاش نقوله مين؟
صاحبة المكالمة: حضرتك السكرتير بتاعه؟
ولأنه صديقي العزيز فإنني أرد عليها بقولي: أيوة يا افندم أنا السكرتير بتاعه .. اقوله حاجة لما يرجع؟
نفس الصوت يرد: قوله يكلمني ضروري لما يرجع .. وهو عارف النمرة!
ملحوظة من عندي: لم تكن الموبايلات قد ظهرت بعد.
وعندما يرجع فاروق أقول له ما جري وخلاص .. دون سؤال: من هذه؟ إذا أراد أن يحكي لي سمعته .. وإذا صمت احترمت صمته وكنت دائما احترم صمته.
ولكن العزيز عبدالوهاب كان له رأي آخر .. إذا حدث وأجاب علي التليفون الوحيد في الحجرة وكانت إحدي معجبات فاروق جويدة فإن الحوار كان يجري كالآتي:
- الأستاذ فاروق جويدة؟
- لا ... موش موجود ..
- حضرتك السكرتير بتاعه؟
- لا أنا موش السكرتير بتاعه...
ثم يغلق السماعة في وجه المتكلمة!
ثم ينظر إلي بغضب ويقول: والنبي تقول لصاحبك يقصد فاروق إن احنا موش السكرتارية بتوعه ... وبلاش يدي للي تسوي واللي ماتسواش نمرتنا هنا؟
الشئ الوحيد الذي لم أفلح فيه أن أقرب بينهما ... وأن أصلح ذات البين.. كانت أيام!
..........
..........
أما صديقي ورفيق دربي ونضالي علي طريق الهداية والحق والصدق فإنه الزميل العزيز أحمد بهجت جارنا في الممر الصحفى من أيام مبنى الأهرام القديم فى شارع مظلوم فى باب اللوق..
عندما سألته مرة: ما الذي بقي لك علي الدنيا؟
قال : زهدي وإيماني وقلمى وكتبي.
سألته: وماذا كتبت ..وماذا تركت من سطور علي الدنيا؟
قال: كتبت رسالة إلي السماء .. سطور بدمي ودموعي اتضرع لله الواحد الأحد أن يغفر لي خطايا علي الدنيا.
قلت له: إن الإنسان أكبر خطأ مادام حيا ..
قل: ولكنني حاولت لكي تسقط أوراق خطاياي بوصفي إنسان قبل كل شيء ... أن أوجد الله في كل كلمة كتبتها وكل سطر سطرته .. أن يغفر لي ولكل بني الإنسان..
سألته: وهل غفر لك؟
قال: عندما أصعد إليه في عليائه سأعرف الجواب.
قلت: وماذا ستحمل إلي السماء في رحلة صعودك؟
قال: الحق علي لساني والتمسك في طبعي وآيات والقرآن في دمي.
عندما سألته: ما هذا الشوق العظيم للصعود إلي السماء؟
قال: لكي التقي بمن أحببته؟
سألته: أهلك خلانك رفاقك علي الدنيا.
قال: لم أكن أعرف أنك بهذه السذاجة... رفاقي في السماء أنبياء الله .. والشوق لرؤية وجه الله.
سألته: طيب وكتبك؟
قال: إنني أحملها معى لكي أقدمها لسيدنا جبريل عليه السلام ..
........
.........
هنيئا لك يا سيدنا جبريل بكتب أيمان وتضرعات أحمد بهجت التى تحمل نبض إيمانه وهوانه على الدنيا ورسالته إلى أهل الجنة وهنيئا لك يا أحمد بهجت بصحبة أنبياء الله.. رسالة الصدق والحق والعدل.. فى مقعد صدق عند العزيز المقتدر..{
واحد مكرونة.. «من أم ثمانية صاغ»!
H عندما أكون «مبقوقا» وعلى أخرى.. كما أنا الآن و «موش طايق أكلم حد ولا حد يكلمنى».. قاعد أكلم نفسى من غلبى ومن هوانى ومرارى على الدنيا وما فيها.. وأنتم تعرفون وتعيشون ما فيها ساعة بساعة ولحظة بلحظة.. واخر الاحزان حادث الارهاب في فرنسا الذى راح ضحيته ما يقرب من المائة انسان..أفتح درج الأفلام فى خزانة كتبى فى غرفتى.. والكل فى الدار قد راحوا فى «سابع نومة» أو حتى «ماراحوش»،، وأخرج فيلما من أفلام نجيب الريحانى.. أعظم كوميديان ظهر فى مصر والعالم كله.. وملك السخرية من كل ما يدور وما يجرى فى هذه الدنيا.. وفيها ما فيها كما نعيش الآن من صدام ومرار وهوان وطلقات رصاص وقنابل موقوتة وفرق إرهاب فى مهمة لتمزيق الوطن.. وضرب تحت الحزام ومين يوجهك.. وفين يؤلمك.. فضلا عن الظلم والقهر والدس والدسيسة وصعود نجم الباطل وأفول قمر الحق مقهورا محسورا.. وضياع الخير وجفاف نبعه.. وهوان الحب وانكساره.. وتفشى الظلم والفساد فى كل ركن وكل قرار.. ثلاثون عاما قبل الثورة وثلاثة بعدها.. وكفاية كده موال الهم والغم..
وسر عظمة نجيب الريحانى.. أنه كان يضحك بضم الضاد طوب الأرض.. ولا يضحك هو أبدا.. وكان قمة فنه الكوميدى.. هو فى المواقف.. لا الكلمات ولا القفشات ولا هستيريا السباب والردح المتبادل، كما يحدث أمامنا عينى عينك على شاشة التليفزيون الموقر مع ما تيسر من التلميحات الجنسية الفجة!
تعالوا نقترب أكثر من نجيب الريحانى فى أفلامه القليلة والنادرة.. وعطائه الفنى العظيم:
ففى فيلم «أحمر شفايف».. بعد أن فقد نجيب الريحانى وظيفته فى «فابريقة الكازوزة».. وأصبح شريدا وحيدا.. بلا وظيفة وبلا أهل.. دخل مطعما وكل ما فى جيوبه عشرة قروش لاغير.. وهى تساوى الآن نحو عشرة جنيهات بأسعار هذه الأيام.. وأخذ يقرأ قائمة الطعام بحثا عن أرخص طبق.. حتى وجده.. واحد مكرونة باللحم المفروم بثمانية قروش.. فقال للجرسون: من فضلك هاتلى واحد مكرونة من أم ثمانية صاغ.. سامع من أم ثمانية صاغ..
ولكن الورقة أم عشرة قروش سقطت من جيبه.. ولما لم يجدها بعد أن أكل المكرونة أم ثمانية صاغ.. إلا أن يدعى أنه جرسون حتى خرج من باب المطعم.. و «يافاكيك»!
وطاردته فرق من جرسونات المطعم.. ولكى يهرب منهم.. اندس وسط جنازة لرجل انتقل إلى رحمة الله.. بل وشارك فى حمل النعش.. فما كان من الجرسونات إلا أن صفقوا له ضاحكين إعجابا لتخلصه من المطب!
وفى فيلم «سى عمر» أعظم أفلام الريحانى.. كان آخر مشهد فى الفيلم.. هو مشهد القمة والحبكة الدراماتيكية التى لا تتكرر أبدا.. فى فيلم عمره الآن أكثر من ستين عاما.. عندما قام الريحانى بدورين.. دور عمر الألفى سليل المجد والشرف والألقاب.. القادم من رحلة صيد فى الهند.. وموظف بسيط فى عزبة هذا الغنى ابن الباشوات والباهوات اسمه جابر شهاب الدين.. وتقع عدة مشاهد ومفارقات مضحكة فى عدد سريع من المشاهد الكوميدية الراقية.. حتى ينكشف أمر هذا المدعى البسيط الذى يقول إنه عمر بك الألفى.. وتجىء الشرطة بالفعل إلى القصر.. ويطارده كل من حضر حفل الزفاف.. ليصل فى النهاية إلى كوشة العروس التى قامت بدورها زوزو شكيب.. لتصيح فيه كل النساء: ياللا على السجن!
ليرد عليهن: هو ده السجن؟
قلن فى صوت عال: أيوه هو ده السجن!
ليجلس إلى جوار العروس ويقول لها: هو ده السجن.. دا سجن لذيذ قوى.. مؤبد. بعدها تنزل كلمة النهاية!
.....................
.....................
تعالوا نتفرج معا على قمة الميلودراما فى فيلم «غزل البنات».. آخر أفلام الريحانى.. وكان هو بطله بلا منازع مع المغردة ليلى مراد.. عندما قادته ليلى البنت التى تلعب بالقلوب إلى ملهى ليلى أو كباريه بمعنى أصح لتقابل حبيبها أو الذى كان يقوم بدور حبيبها لكى يستولى على أموال والدها الباشا على مذبح الحب.. ليذهبا فى آخر الليل إلى قصر يوسف بك وهبى نفسه الذى يكتشف لأول وهلة وبحكم خبرته فى عالم المسرح والسينما.. أن هذا المدرس البسيط الذى يقوم بدوره نجيب الريحانى يحب ليلى مراد ابنة الحسب والنسب ومن أعماق قلبه.. عندما لمح الدموع فى عينيه وهو يستمع إلى محمد عبدالوهاب وهو يغنى: ضحيت هنايا فداك وهأعيش على ذكراك.. وقال لها: يا ست هانم الراجل ده بيحبك ومن أعماق قلبه!
وعندما ردت عليه: إزاي أحب واحد زى ده.. هو أنا اتجننت!
إنسحب الريحانى المدرس الغلبان من المشهد الدرامى كله وراح يبكى وحده بعيدا!
هذا المشهد وحده يستحق عليه الريحانى جائزة الأوسكار لو ذهب هذا الفيلم وقتها إلى هوليوود!
ولكن الريحانى ذهب إلى لقاء ربه.. قبل عرض الفيلم.. ولم يشاهده.. قمة الميلودراما.. برضه!
....................
....................
أريد أن أسأل: هل لدينا فيلما أو حتى فنا سينمائيا يغوص فى أعماق الإنسان المصرى.. ويلف ويدور كما النحلة الشغالة داخل خلايا المجتمع المصرى.. الذى أصابته الآن لوثة عقلية.. أو ربما مس من الجنون.. فراح يتخبط يمنة ويسرة.. باحثا عن مخرج مما حدث ومما يحدث من تمزيق وتشتيت لأواصل المجتمع المصرى.. بل وذبحه وذبح مبادئه ومثله العليا تحت مسمى رائع ولكنه حق يراد به باطل بعد أن باسم الفن.. بكل اسف!؟
الجواب: بالطبع لا!
ولأننا لا نعرف ماذا نحن فاعلون؟
أو بمعنى أصح ماذا هم فاعلون بنا؟ وهم يريدون ولو بعد حين ان عزفوا الوطن العربى كله اربا اربا.. ولكن من الداخل.. يعنى بأيدينا نحن.. بالمؤامرات وبتجنيد الرجال وبصرف ملايين الدولارات..
يحدث هذا الآن فى سوريا.. وكما حدث فى العراق مزقوه إربا ومازالوا.. ولكننا لهم بالمرصاد.. وسنرد لهم الصاع صاعين.. والبركة فى جيشنا وشبابنا. تعالوا نخرج من دائرة الأحزان.. ونضع فيلما من أفلام الريحانى فى الفيديو أو الكمبيوتر.. لكى نتفرج ونحاول أن نضحك ونفرح ونخرج ولو قليلا من دائرة الأحزان..
تعالوا نشاهد معا ما حدث فى آخر مشهد من فيلم «أبوحلموس»:
نجيب الريحانى هنا هو الموظف الصغير الغلبان فى دائرة الأزميرلى باشا.. الذى يحمل فى محفظته ورقة اليانصيب التى تكسب ستين ألف جنيه.. يا خبر.. يعنى نحو ستة ملايين جنيه بحساب هذه الأيام.. ليبدأ عباس فارس ناظر الدايرة مسلسل الخداع.. لانتزاع الورقة الرابحة من عمنا الموظف البسيط.. ليبدأ مسلسل العطف والظرف والدلع والتدليع لعمنا نجيب الريحانى الذى اسمه فى الفيلم «شحاتة أفندى».. فى محاولة لانتزاع الورقة منه.. إلا أنه يفاجىء الجميع.. بأن الورقة الرابحة قد باعها شحاتة أفندى لمدرس قبطى غلبان قام بدوره شرفنطح.. ويبحثون عن عمنا شرفنطح.. حتى يجدونه.. ويسألونه عن ورقة اليانصيب.. ليفاجئهم بقوله لهم: أنا رجعتها لشحاتة أفندى وأخذت النص ريال بتاعى ثمنها.. هو أنا مغفل!
قمة الإثارة هنا فى هذه الجملة التى لا تنسى أبدا التى قالها استيفان روستى بائع اليانصيب فى الفيلم.. عندما سأل شرفنطح عن ورقة اليانصيب التى كسبت دون أن يدرى ستين ألف جنيه؟
قال شرفنطح: أنا رجعتها له وأخذت النص ريال بتاعى.. هو أنا مغفل! قال استيفان روستى له جملته الشهيرة: جتك نيلة فى نحسك!{
Email:[email protected]
هذه صفحات مجهولة من صفحات الاهرام عبر مشوار صحفي طوله نحو 140 سنة.. للاجيال الصحفية التي تبشر بخير كثير في رحلة الشقاء والمعاناه وحب مصر
لمزيد من مقالات عزت السعدنى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.