لغز البقعة الدموية الزرقاء الداكنة بجثمانه حول القلب!
مفاجأة: نجيب الريحانى كان عقيما لا ينجب مثل كل أشقائه عدا توفيق شقيقه
سر زيارته الأخيرة لبديعة مصابنى وكلامه الغامض لعامل الموزاييك فى فيلته
شهادة «بديعة» تنفى تماما ما تدعيه «جينا» الابنة المزعومة للريحانى من أنها كانت حاضرة لحظة وفاته.. حيث لم تشر شهادتها من قريب أو بعيد إليها أو حتى شهادة بديع خيرى!
ما الذى عثر العمال عليه بداخل قبر الريحانى عند تجديده قبل سنوات؟!
قبل 67 عاما من هذه الأيام، وتحديدا فى الساعة 11 صباح يوم الأربعاء الموافق 8 يونيو 1949 وفى المستشفى اليونانى الذى لا يزال قائما حتى الآن بحى العباسية، وفى الغرفة 48 بالدور الثانى، كان الفنان نجيب الريحانى يستعد لتناول الدواء الجديد الذى وصل بالطائرة من الخارج، وما إن مرت 10 دقائق على تناوله العلاج، حتى أضطرب جسد الريحانى فى الفراش، وأصيب بألم حاد فى كل جسده، وسرعان ما طفح الدم من فمه وأغرق فراش سريره، وأمسك الريحانى بأصابعه على الفراش يصارع الموت، وفجأة يخمد جسده وترتخى يداه، بعدما أسلم الروح، دون أن تكون هناك فرصة ليتكلم آخر كلماته فى الحياة، بعدما ظل 40 عاما يتحكم فى الكلام على خشبة مسرحه. «مات نجيب الريحانى « وأسلم الروح بشكل مفاجئ بعد أيام قليلة جدا من دخوله المستشفى اليونانى الذى اختاره، لأن مديره صديقه، على إثر أزمة صحية طارئة . هل مات الريحانى بحقنة بنسلين خطأ؟ أم مات الريحانى بتشخيص طبى خطأ؟ أم مات الريحانى بجرعة حبوب كلورمايستين زائدة؟ أم مات الريحانى بأزمة قلبية حيث كان يعانى من مرض القلب دون أن يعلم؟ أم مات الريحانى بحمى التيفويد؟ أسئلة غامضة عمرها 67 عاما منذ لحظة وفاة نجيب الريحانى حتى اليوم، ومع كل ذكرى لرحيل نجيب الريحانى أصبح السبب الشائع لوفاة عملاق المسرح المصرى نجيب الريحانى هو «حقنة بنسلين خطأ»، لذلك وبعد 67 عاما من وفاة الريحانى يظل السؤال مشتعلا «من قتل نجيب الريحانى»؟ وعلى مدار عدة أشهر ماضية كانت «الأهرام العربى» تبحث وتحقق وتستقصى بحثا عن وثائق ومستندات وشهادات إجابة على السؤال الحائر من 67 عاما، من قتل نجيب الريحانى؟ شهادة رفيق العمر «بديع خيرى» حيث كتب بديع خيرى بخط يده شهادته على لحظة وفاة الريحانى بمجلة المصور فى نفس أسبوع وفاة نجيب الريحانى قائلا: كان نجيب قد سافر إلى الإسكندرية ليحيى 8 حفلات لصالح بعض الجمعيات الخيرية هناك، وبعد 3 ليال شعر بتعب مفاجئ، وأبلغنى «بديع خيرى «أنه لا يستطيع الاستمرار فى إحياء باقى الحفلات، وطلب رد المبالغ التى حصلوا عليها من تلك الجمعيات، إلا أن زملاءه أقنعوه أنها وعكة صحية طارئة سوف تزول فورا، ووافق نجيب على الاستمرار، بعدما ذهب إلى مستشفى المواساة، حيث أخذ كورس «بنسليين «، مما منحه طاقة ليحيى حفلتين أخريين، ثم هبطت روحه المعنوية فجأة فعاد للقاهرة، واعتكف فى منزله 6 أيام مريضا، حتى أشار عليه الأطباء بالانتقال إلى المستشفى، حيث فضل المستشفى اليونانى نظرا لصداقته مع مديرها . وهناك أبلغه طبيبه أنه مصاب بحمى باراتيفويد، وأن هناك دواء جديدا يقضى على هذه الحمى فورا واسمه «الكلورمايستين» فطلب الإسراع به. لكن الطبيب أكد أن الدواء لا يوجد فى مصر بل فى أمريكا فقط. وعارض مدير المستشفى استخدام هذا الدواء، لكن الطبيب الخاص أبدى تفاؤله بهذا الدواء.. واقتنع نجيب به أيضا.. وتم الاتصال بالسياسى الكبير فى الدولة وقتها مكرم عبيد، الذى قرر على الفور إحضار الدواء بالطائرة من أمريكا وإعفاءه من الجمارك ويسلم مباشرة لنجيب الريحانى. وجاء الدواء... وتملكت السعادة نجيب الريحانى، وأصبح متفائلا. وفى صباح وفاته ذهبت إليه وجلست معه من التاسعة ونصف حتى الحادية عشرة والنصف، وتحدثنا فى الرواية المقبلة، حتى جاء مدير المستشفى وقال: يا نجيب أنا لا أحب أن تحقن بهذا الدواء. وحالتك تتحسن ببطء بالعلاج العادى... إلا أن نجيب أصر على العلاج بالدواء الجديد . وغادر بديع خيرى مكانه بجوار سرير نجيب الريحانى عائدا لمنزله، لأنه لا يطيق رؤيته وهو يأخذ الحقنة، وبعد 7 دقائق من إعطائه الحقنة مات نجيب الريحانى . ونستخلص من هذه الرواية أن بديع خيرى لم يكن بجوار الريحانى لحظة وفاته، بل كان فى منزله وعاد إلى المستشفى فور سماعه الخبر .
شهادة بديعة مصابنى.. زوجة نجيب الريحانى كتبت بديعة مصابنى فى مذكراتها الأيام والساعات الأخيرة فى حياة نجيب الريحانى، وقالت: « فى أحد الأيام كنت جالسة فى الكازينو أستعد لألعب الدومينو، فإذا بنجيب الريحانى يحضر بشكل مفاجئ، فأسرع الجمهور يستقبله بالتصفيق والهتاف، وعندما ضاق بذلك قال مازحا: « دعونى الآن أسلم على ست الكل، مالناش فيها حصة لله!». واقترب منى قائلا: أنا عايز أتفرج على المحل. وزرنا كل أجزاء الكازينو، وجلس يستريح، فقدمت له سيجارة مع فنجان قهوة، فابتسم بمرارة وهمس: «السيجارة ممنوعة ألم تسمعى أننى كنت مصابا بذبحة صدرية وكنت هاموت» . وأضاف قائلا إنت مش ناوية تزورى بيتى الجديد فى حدائق القبة زى ما زرت الكازينو بتاعك؟ فأجابته بديعة: الساعة كام؟ وفى صباح اليوم التالى ذهبت برفقة نجيب إلى الفيلا، وكانت تحفة هندسية، وحدث أمر غريب جدا بين نجيب وعامل الموزاييك الذى كان منهمكا فى صف الحجارة الصغيرة فى أعمدة الفيلا، حيث قال له نجيب: • إيه يا اسطى حاتخلص إمتى إن شاء الله ؟ • فرد عليه: دى عملية دقيقة يا أستاذ وتحتاج إلى وقت.. • لكن دا إنت بقالك مدة طويلة بتعمل فيها ويظهر إنى حموت قبل ما تنتهى...) وكان هذا آخر لقاء بينى وبين نجيب، حيث قال لها قبل أن ينصرف: عايز أشوفك دائما لكنى مرتبط الآن بخمس حفلات فى الإسكندرية، وبعد ما أرجع ضرورى نشوف بعض. قالت: مقدرش أزورك فى بيتك لأنى سمعت إن عندك سيدة يهودية.. فقاطعها قائلا: • إنت الأصل، ولما أرجع يبقى الله يفرجها!. وتضيف بديعة «.... فى إحدى الأمسيات صعد على المسرح وهو يترنح من التعب، لكنه تمالك نفسه... وقد قال كل من رآه فى تلك الليالى، إنه لم يمثل فى حياتة مثلما مثل فى تلك الليلة، ولم يضحك الناس كما أضحكهم قبل أن يفارقهم إلى الأبد، وبمجرد نزول الستارة ارتمى نجيب مغشيا عليه، ونقلوه إلى المستشفى الإيطالى بالقاهرة، ولم أعلم بمرضه إلا من الصحف، فاحترت فى أمر عيادته بوجود تلك اليهودية، وحينما تأكدت من خطورة حالته، جازفت وقصدت إلى المستشفى.. وعند الباب التقيت سائق نجيب واقفا يلطم وجهة ويبكى كالأطفال. فسألته عما به قال: مات الأستاذ يا ست بديعة.. مات.. !. وسقط الخبر على كالصاعقة فاستندت على سيارة نجيب، ولم أعد أقوى على الحراك. فإذا ببديع خيرى يمر أمامى، فأمسك بيدى واقتادنى إلى حيث كان الجثمان. ووقفت أتأمل ذلك الوجه الذى طالما ضحك من ألمه الناس .وكان هناك يوسف الريحانى شقيق نجيب، والسيدة اليهودية التى كانت تقطع شعرها وتندب حظها، وعندما رأتنى دعتنى إلى الاقتراب من الجثمان، فتشجعت واقتربت من الرجل الوحيد الذى أحببته فى حياتى، ووضعت يدى على جبينه، ولم تكن برودة الموت قد انتشرت فى جسمه بعد وقلت له ما لم أقله له يوما فى حياتى. وأهمية شهادة بديعة مصابنى، أنها تنفى تماما ما تدعيه الابنة المزعومة لنجيب الريحانى «جينا » من أنها كانت حاضرة لحظة وفاة نجيب الريحانى وبجوار الجثة، حيث لم تشر إليها من قريب أو بعيد بديعة مصابنى أو حتى شهادة بديع خيرى . شهادة «أنور عبد الله» صحفى الريحانى المقرب وهى أخطر الشهادات وأقربها إلى الحقيقة، وإيضاح التفاصيل المجهولة، وعثرنا عليها فى مجلة الاستوديو الفنية الشهيرة فى الأربعينيات، والتى يترأس تحريرها الصحفى أنور عبد الله «والد الفنانة سماح أنور»، وهو الصحفى الذى كان مقربا جدا ولصيقا بنجيب الريحانى فى السنوات الخمس الأخيرة من حياة الريحانى، حيث كتب فى العدد الذى صدر فى نفس أسبوع وفاة الريحانى قائلا: «...... اختلف الناس فى وفاة المرحوم نجيب الريحانى، هل بسبب تصلب شرايين القلب، أم اشتداد حمى التيفويد التى أصيب بها فى الإسكندرية أم من المرضين معا.. والواقع أن الأطباء الذين أشرفوا على تمريض نجيب الريحانى أنفسهم اختلفوا قبل الوفاة فيما إذا كانت الضرورة تقتضى الحذر فى علاج حمى التيفويد، نظرا لمرض المرحوم الريحانى بالقلب، أم أن الحكمة تستوجب علاج الحمى بأسرع وقت وأحسم طريقة؟. وكانت حالة الريحانى تسوء ساعة بعد ساعة، بل دقيقة بعد أخرى، فلم يكن هناك مفر أمام الأطباء من الإسراع فى تقرير الطريقة التى يجب أن يوقف بها سريان الداء.... برغم تباين الرأى بين ثلاثة أطباء.. فهناك مثلا الدكتور الدمرداش الذى رأى لأول وهلة أن يبعث فى طلب حبوب الكلورمايستين من لندن بالطائرة ليتناولها الريحانى قبل فوات الأوان، وكان من رأيه أن هذه الحبوب هى آخر ورقة يمكن أن يقامر بها الطبيب لإنقاذ حياة الريحانى من موت محقق.. وهناك رأى الدكتور اليونانى الذى اعترض على استعمال هذا الدواء الجديد، وقال إنه قد يؤدى إلى مضاعفات خطيرة . وهناك أيضا الدكتور بللينى –طبيب أمراض القلب – الذى زار نجيب الريحانى قبيل وفاته بساعات، ومصص بشفتيه أسفا بمجرد خروجه من الغرفة، إذ تيقن أن نجيب الريحانى لن يعيش.. بعدما شاهد الشفة السلفى لنجيب الريحانى ترتعش دون أن يتكلم.. وهذا معناه الموت العاجل!. ويضيف أنور عبد الله فى شهادته».... تسمع من الذين سهروا بجوار الريحانى فى الليلة التى سبقت وفاته، أنه كان قلقا ويسأل عن حبوب الكلورمايستين بمعدل مرة كل 10 ثوان، وأنه لم يقبل نصح السيدة نعوم مديرة أعماله باستدعاء الدكتور زاروا طبيب القلب، لأنه كان يثق ثقة عمياء فى الدكتور الدمرداش، حيث وصلت حبوب الكلورمايستين نحو ظهر يوم الأربعاء الذى حدثت فيه الوفاة، فأشار الدكتور الدمرداش على الريحانى بتناول 15 قرصا دفعة واحدة.. وتناول الريحانى ال 15 قرصا بعدما حمد الله وأثنى على الطائرة التى أحضرت الدواء.. ومرت 10 دقائق تقريبا، ثم اضطرب جسد الريحانى فى فراشه، واعتصره الألم، وفى ثوان قليلة طفح الدم من فمه فأغرق الفراش، وأطبقت أصابع الريحانى على الفراش فى استماتة الذى يصارع الموت. وفجأة خمدت حركته وارتخى جسده، وأخذت روحه تصعد إلى السماء... ولم تكن هناك فرصة ليتكلم الرجل آخر كلماته ». ويستكمل أنور عبد الله شهادته «.... بعد الوفاة أبدى الدكتور اليونانى رأيه فقال أنه يعتقد أن الضرورة كانت تقضى بالحكمة فى استعمال الدواء، وان الكمية التى تناولها الريحانى كانت من الكثرة بحيث أصبحت خطرا على رجل مريض بالقلب. إلا أن الكثيرين من الذين أحاطوا بالريحانى فى ساعات وفاته لا يميلون إلى تأييد هذا الاعتقاد لأسباب كثيرة منها، إنه حدث عندما استدعى الدكتور الدمرداش لاستطلاع حالة المرحوم نجيب الريحانى أن قال للموجودين ما معناه، إنهم جاءوا متأخرين، وإنه يخشى أن يكون الأوان قد فات، ويؤيد هذا طلبة لأقراص الكلورمايستين بالطائرة من لندن... ويؤيده أيضا ضخامة الكمية التى أمر بأن يتناولها نجيب الريحانى.... ويؤيده ما قاله الدكتور بللينى بعد الوفاة وهو متخصص فى أمراض القلب من أنه عرف أن نجيب الريحانى لن يعيش عندما رأى شفته السفلى ترتعش.. فإنها من علامات دنو الأجل.. .!. وعندما خمدت أنفاس الريحانى كشفوا عن صدره الغطاء.. فوجدوا بقعة دائرية متسعة حول مكان القلب.. لونها أزرق داكن.. لكن لى أن أتساءل هل فى وجود البقعة الزرقاء الداكنة.. مع الطفح الدموى من الفم.. ما يشير إلى أن الوفاة حدثت نتيجة العلاج أم نتيجة نزف فى الشرايين بالقلب أم من المرضين معا؟ وأهمية هذه الشهادة أنها لم تتطرق إلى حقنة بنسليين وممرضة أعطت نجيب الريحانى الحقنة بالخطأ، وهى القصة الشهيرة التى ارتبطت بسبب وفاة نجيب الريحانى طوال 67 عاما ماضية، حيث كان مصدر تلك الرواية الشهادة التالية .
شهادة الدكتور الدمرداش الفاصلة وكتبها الدكتور محمود أبو بكر الدمرداش بك، بصفته أستاذ الأمراض الباطنية بكلية طب العباسية «عين شمس حاليا « بمجلة المصور بعد شهر من وفاة نجيب الريحانى وتحديدا فى 8 يوليو 1949 بعد الجدل حول وفاة نجيب الريحانى بعلاج خاطىء حيث تحدث الدكتور الدمرداش فى شهادته قائلا: «لم يمت الفنان نجيب الريحانى بالتيفود، وأنه أصيب به قبل وفاته،وبقى وهو مصاب به يمثل على المسرح عدة أيام، وقد ذهبت إلى فحصه فى المستشفى اليونانى قبل وفاته بيوم واحد،وكنت أعلم قبل ذلك أنه أصيب منذ 4 أشهر بأزمة قلبية ذهب من أجلها إلى حلوان للاستجمام، وهناك تبين من صورة أخذت لقلبه أن عنده تصلبا فى الشرايين، يجعله عرضة لأن تعاوده تلك الأزمة وتطيح بحياته فى أى وقت . ولما فحصته، وكان هذا لأول مرة، كانت حالة قلبه سيئة جدا، وكانت حالة رئتيه أسوأ، فقد كان مصابا فيهما بمرض الإنفيزيما، وبنزلة شعبية مزمنة تجعله يشعر بضيق التنفس لأقل مجهود، فكيف به وهو يقف كل ليلة على خشبة المسرح، وكان ظاهرا أن حالة قلبه ورئتيه لا تمكنه من تحمل حمى التيفويد، ولهذا عمل المستحيل للإسراع فى الحصول له على مقدار من الكلورومايستين الذى صادف وصول أول رسالة منه إلى مصر بالطائرة فى ذلك الوقت، وكنا نأمل أن تنقذ حياته من بين مخالب تلك الأمراض الأربعة التى تحالفت عليه، لكنه ماكاد يتجرع الجرعة الأولى من ذلك الدواء الجديد العجيب، حتى حدثت له جلطة قلبية كانت متوقعة له من حين لآخر، وفى أى وقت، ولو لم يصب بالتيفويد، وهكذا فارق الحياة». ويضيف الدكتور الدمرداش فى شهادته «....ولا شك أن الكلورمايستين لا علاقة له بوفاة الفقيد الفنان، لأن هذا الدواء ليس له رد فعل سيىء مطلقا، وقد دلت تجربته فى الخارج وفى مصر على أنه معجزة من معجزات القرن العشرين، وعلى أنه أتى بما لم يستطعه البنسلين وغيره فى علاج التيفود والتيفوس وغيرهما من الأمراض، فمن العجيب أنه يشفى من التيفود والتيفوس فى 5 أيام، وكان العلاج منها يمتد إلى أشهر . وينهى الدكتور الدمرداش شهادته بقوله: «... لقد جاءت نتائج الكلورمايستين فى مصر كما جاءت فى الخارج باهرة ساحرة، تبشر بأنه قد حان الوقت الذى أصبح البيت المصرى فيه لا يخشى التيفود أو التيفوس أو الحمى المالطية « شهادة رئيس قسم الطب الشرعى : الريحانى مات بالتسمم الحاد وهى شهادة حديثة للدكتورة شيرين غالب – أستاذ طب شرعى وسموم - جامعة القاهرة، ورئيس قسم الطب الشرعى والسموم الإكلينيكية - جامعة بنى سويف، التى وضعنا أمامها كل الشهادات السابقة فقالت: «..... وقبل إبداء الرأى الطبى الشرعى الفنى فى تحديد سبب وفاة المرحوم نجيب الريحانى، فإننا يجب أن نلقى الضوء على هذا العقار الذى تناوله المرحوم قبيل وفاته، وهو الكلورامفينيكول (المادة الفعالة لعقار الكلورمايستين)، وهو مضاد ميكروبى استخدم على نطاق واسع فى كثير من دول العالم فى الفترة مابين ( 1947_ 1949) فى علاج كثير من الأوبئة والأمراض الخطيرة من بينها وأهمها علاج الحمى التيفودية والالتهاب السحائى، وكانت له نتائج رائدة، واعتبر منقذا للحياة فى مواجهة عدة أمراض خطيرة. إلا أنه وبحلول عام 1950 اتضح حدوث أعراض خطيرة وآثار جانبية قاتلة لهذا العقار، مما أدى إلى الحد وإلغاء استخدامه فى كثير من الدول «. وتضيف الدكتورة شيرين غالب «.. .. فكان من بين تلك الآثار الجانبية له تثبيط النشاط الوظيفى للنخاع الشوكى، مما يؤدى إلى نقص حاد فى إنتاج كرات الدم، كما أنه يسبب نزيفا دمويا خارجيا وبقعا نزفية تحت الجلد وغثيانا وقيئا وآلاما بالأطراف وبالجسم كاملة، وكذلك وجد أنه يسبب حساسية مفرطة عند بعض الأشخاص، كما أن الجرعة الزائدة لهذا العقار تؤثر بشكل مباشر على القلب والدورة الدموية، وبالرجوع إلى الشهادات الموثقة للمقربين من نجيب الريحانى قبل وفاته مباشرة، فقد تيقن حدوث قئ دموى وبقعة دائرية حول مكان القلب.... فإننا نقرر من الوجهة الفنية الطبية الشرعية، أن تلك العلامات والأعراض تتطابق مع الأعراض الجانبية والجرعة المفرطة من عقار الكلورمايستين الذى تناوله المرحوم نجيب الريحانى قبيل وفاته، ولا تتماشى وأعراض الذبحة الصدرية أو جلطة القلب، أما بخصوص ما جاء بشهادة أحد الأطباء المعالجين بدنو أجل المرحوم حينما لاحظ أن الشفة السفلى ترتعش.. فهذا قول مردود لقائله ولا يوجد سند علمى أو طبى لهذا القول. وتستكمل د. شيرين شهادتها «.. ...ويجب أيضا أن نوضح أمرا بالغ الأهمية فى هذا الشأن، فعقار الكلورمايستين الذى تناوله نجيب الريحانى قبل وفاته، كان له ما يبرره من الناحية الطبية فى حينه... إلا أن طريقة إعطائه كانت خاطئة ومميتة، حيث كان يجب أن تقسم الجرعه إلى ثلاثة أقراص كل ست ساعات بحد أقصى 12 قرصا على مدار اليوم وليس إعطاءه 15 قرصا دفعة واحدة، تسببت فى وفاته. وتنهى شهادتها بقولها «وفاة المرحوم نجيب الريحانى كانت نتيجة التسمم الحاد بجرعة مفرطة من عقار الكلورمايستين » جنازة نجيب الريحانى فى تمام الساعة الرابعة والنصف من يوم الخميس الموافق 9 يونيو 1949 أقيمت الصلاة على نجيب الريحانى بكنيسة السريان الكاثوليك بشارع الظاهر بالعباسية، ثم انتقل الجثمان إلى محطة كوبرى الليمون «ميدان رمسيس حاليا»، حيث أقيم سرادق المعزين، وسارت الجنازة حتى ميدان الأوبرا، ثم نقل الجثمان بالسيارات إلى مقابر السريان الكاثوليك القريبة من محطة مترو أنفاق الملك الصالح حاليا. كانت جنازة نجيب الريحانى ثانى أضخم جنازة فى تاريخ مصر بعد جنازة سعد زغلول التى سار فيها جماهير غفيرة، فقد خرج سكان القاهرة بالكامل يودعون نجيب الريحانى، وفى مقدمة الجنازة كان مندوب الملك فاروق، وفنانون، وطلبة جامعة، وسياسيون، ووزراء، ونواب، وشيوخ، و......إلخ. وكان حول الجنازة وفوق الأرصفة وفى شرفات المنازل رجال ونساء وشباب وشيوخ وأطفال يبكون ويصرخون، ويترحمون على نجيب الريحانى . وبحسب الفيلم الوحيد فى التاريخ لجنازة نجيب الريحانى « 19 مللى» ومدته 18 دقيقة، والذى تم تصويرة بامر الملك فاروق، ثم اختفى من قصر عابدين بعد ثورة 23 يوليو، ليظهر فى تركيا، ثم يشتريه هاوى مصرى لا يزال محتفظا به حتى الآن وبحسب الفيلم فإنه فيلم 19 مللى ويبدأ بعرض جنازة نجيب الريحاني، بداية من إقامة مراسم الصلاة فى كنيسة «الروم الكاثوليك» التى كان ينتمى إليها.. حيث وضع صندوق جثمانه على منضدة مرتفعة ووقف بالقرب منه قسيس كان يتلو الصلاة فى حضور أقاربه والعديد من أصدقائه وزوجته السابقة بديعة مصابنى التى كانت تبكى بحرقة، وشقيقه يوسف بديع توفيق الريحانى وأنور وجدى ويوسف وهبى، وأمام الكنيسة وقفت العربة الملكية المذهبة كى تحمل جثمان الريحانى إلى مثواه الأخير، وكان الملك فاروق قد ارسلها تكريما له كما ارسل مندوبا رسميا لينوب عنه فى الجنازة. قبر نجيب الريحانى بعد 67 عاما من وفاته دفن نجيب الريحانى بمقابر الكاثوليك بمصر القديمة، وأخيرا تم تجديده بالكامل وقد سطر عليه بالفرنسية «قبر الريحانى» وهو عبارة عن غرفة ذات 3 درجات رخامية مغلقة ببوابة حديدية، وتحت ال3 درجات غطاء رخامى تقودك إلى القبر وبداخل الحجرة 2 شمعدان نحاسى وصورة للعذراء وصليب خشبى . وبحسب المشرف حاليا على المقابر، فإن هذه المقتنيات وضعت مع وفاة الريحانى منذ سنة 1949 وحتى الآن، وتم تجديد القبر بعدما تسربت إليه المياه، وأصبح ممتلئا، حيث تم فتح قبر الريحانى بمعرفة المسئولين عن المقابر، حيث عثر على جثتين بداخله عبارة عن تراب جثة الريحانى ولم يتبق منها أثر سوى عظمة واحدة أو اثنتين وجثة أخرى لشخص لا أعرفه. ويحكى «عبد المسيح «المشرف على الدفن بالمقابر قائلا: «..... هذا القبر لم يدفن به أحد سواهما منذ عام 1949 وحتى التوابيت الخشب لا أثر لها مطلقا، كما أنه كان يأتى لزيارته رجل كبير فى السن يستند على عكاز يقول إنه ابن شقيقه، لكنه لم يعد يأتى منذ 3 سنوات ولا نملك أى أوراق ووثائق دفن عن الريحانى، لأن الدفتر الذى تقيد به الوفيات يرسل سنويا إلى بطرخانة الكاثوليك بكوبرى القبة لدى الأب باسيلى فانوس مسئول المدافن، وعند تجديد القبر رفعنا بقايا نجيب الريحانى على رف آخر، وكذلك الجثة الأخرى لأن المقبرة عبارة عن أرفف وألغينا الأرفف التى تشبعت بالمياه .
مابعد دفن جثمان نجيب الريحانى بعد ساعات من رحيل نجيب الريحانى، دخل محرر مجلة آخر ساعة شقة الريحانى بعمارة الإيموبليا، ليسجل بخط يده ما وجده فيها بالتفصيل كسبق صحفى لمجلته حيث وجد تركة الريحانى عبارة عن ( 44 بدلة، و20 بيجامة وجلبابا، و15 حذاء، وكلبته الوفية ريتا (التى امتنعت عن الطعام حزنا عليه حتى توفيت بعد يومين من رحيل الريحانى) ومصحفا وصورة للقديسة سانت تريزا، ومذكرات تشرشل بالفرنسية، وكتاب «حسن البيان فى تفسير مفردات القرآن»، وكتاب «ألفية ابن مالك «، وروايات لشكسبير)، ولم يتطرق محرر آخر ساعة إلى باقى مقتنيات الشقة، التى آلت جميعها إلى ابنة شقيقة يوسف الريحانى لكونه وريثه الوحيد، فأشقاء نجيب الريحانى كانوا 5 أشقاء أكبرهم توفيق الريحانى الوحيد الذى رزق بنعمة الإنجاب فى أسرة نجيب الريحانى المصابة جميعا بالعقم، كما يروى عنها وأطلق على المولود (بديع) حبا من نجيب لبديع خيرى وتوفى توفيق فى حياة نجيب الريحانى، وتكفل نجيب بابن شقيقه والذى توفى فى التسعينيات من القرن الماضى . وبحسب مذكرات بديعة مصابنى، فإن توفيق شقيق نجيب الريحانى لم يكن يعرف التوفيق، حيث كان كسولا لا يحب العمل، بل كان يقتصر على ملازمة أخيه ونشر إعلانات الدعاية وكان عندما يندفع فى العمل يقف على باب المسرح يستقبل الرواد، ثم الشقيق الثانى يوسف الريحانى، الذى كان يسير محدوب الظهر، نظرا لإصابته بشلل أطفال قديم، برغم ذلك كان يدعى العلم والفلسفة والتنويم المغناطيسى، وكان يعيش كالمنبوذين لا يصادقه أحد ولا يقترب من مخلوق لشراسة أخلاقة لذلك كان نجيب يشفق عليه ويكلفه بالجلوس فى شباك تذاكر المسرح، وكان جلوسه فى ذلك الشباك شؤما علينا –بحسب رواية بديعة مصابنى - حيث قل ما كان يقبل على المسرح من جمهور، الأمر الذى دعا نجيب لينقله للعمل داخل المسرح، ثم الشقيق الأصغر جورج، والذى اختفى خلال حياة شقيقة نجيب الريحانى دون العثور على أثر له حتى الآن، فمن قال إنه توفى، ومن قال إنه أشهر إسلامه ثم اختفى، ومن قال إنه هرب مع راقصة ومن قال إنه صار راهبا وعاش مع الرهبان بأحد الأديرة . وبعد وفاة نجيب الريحانى انتقل شقيقه يوسف للعيش فى شقة نجيب بعمارة الإيموبليا.
الصراع على تركة الريحانى حينما توفى نجيب الريحانى بالمستشفى اليونانى، كانت بديعة مصابنى حاضرة وطلبت من شقيقه يوسف الريحانى وبديع خيرى كتابة اسمها فى النعى، لكن ذلك لم يحدث، الأمر الذى على أثره اضطرت بديعة مصابنى إلى نشر نعى خاص بها فى صحيفة الأهرام، ودعت المعزين إلى شقتها بجاردن سيتى لتقديم واجب العزاء، وقبل أن يمضى أسبوع على وفاة نجيب الريحانى اندلع صراع فى المحاكم بين وريثه الوحيد «يوسف الريحانى « وأرملته «بديعة مصابنى «، حيث كان يوسف يصر على أن نجيب طلقها قبل وفاته بشهور، فى حين أن بديعة تؤكد أنها ما زالت زوجته ولا طلاق فى المسيحية . وتطور الصراع إلى قيام بديعة برفع دعوى فرض حراسة على ممتلكات الريحانى، ورد يوسف الريحانى بدعوى بطلان زواج بديعة من نجيب الريحانى، وأنه طلقها قبل وفاته . الغريب فى الصراع بين يوسف وبديعة، كشف عن عدة أسرار فى حياتهما الزوجية، منها أن نجيب الريحانى سعى إلى البابا فى إيطاليا لكى يعفيه من قيود الزواج، وسافر إلى إيطاليا وفى نيته العودة بالموافقة الباباوية على طلاقه من بديعة، وزواجه من السيدة «ناعومى» التى كانت خادمة، لكن البابا رفض الطلاق، وسر آخر وهو أن بديعة مصابنى سعت إلى الحصول على حكم قضائى بطلاقها من نجيب الريحانى، خوفا من أن يرثها نجيب الريحانى، أو أن تكون قد أرادت الزواج مرة أخرى، إلا أنه وبعد الوفاة استوضحت بديعة مصابنى من الكنيسة الكاثوليكية رأيها فى موضوع الطلاق، فكان رد الكنيسة واضحا «الزواج قائم حتى وفاة نجيب الريحانى» . وتحجز المحكمة على التركة والشقة لصالح بديعة، إلا أن يوسف نجح فى إثبات وقوع الطلاق بين بديعة ونجيب قبل وفاته، لتصبح التركة من نصيب يوسف الريحانى، وفى نفس عام وفاة نجيب الريحانى 1949 قام طلعت حسن، مدير مسرح الريحانى ببيع كل ما يمتلكه الريحانى بالمسرح لتجار الروبابيكيا، بما فيها الملابس التى كانت بحوزة خياطة فرقة الريحانى اليونانية الجنسية . وتذكر أعداد مجلة (الاثنين) الصادرة عام 1949 أنه فى يوم 20 يونيو عام 1949 وقبل أسبوعين من رحيل نجيب الريحانى أن بديعة مصابنى زوجته، ذهبت إليه فى المسرح قبل أيام قليلة من وفاته وشاهدت العرض ثم قالت له: • إما نعيش معا أو تطلقنى.. يا أخى ريحنى . فسكت لحظة ثم قال: (.. اسمعى يا بدعدع أنا ح أريحك فعلا يا ستى). حيث إن الزوجين وبعد علاقة فاترة مع الزواج تم الانفصال بعد 10 سنوات زواجا، وذهبا للطلاق فى كنيسة السريان الكاثوليك، لكن الكنيسة رفضت الطلب فظلا على انفصالهما دون طلاق، ولكن يوسف الريحانى شقيقه أثبت فى المحكمة أن الطلاق قد تم، وذلك فى معرض رده على الدعوى التى رفعتها بديعة مصابنى وابنتها بالتبنى (جوليت) لإثبات حقهما فى التركة التى تقدر ب 100 ألف جنيه . وأثبت يوسف الريحانى أن بديعة عادت إلى مذهب الكنيسة الأرثوذكسية، وأنها رفعت دعوى أمام المجلس الملى طالبة الطلاق، وأن المجلس قضى لها بذلك فعلا، وقدم للمحكمة إعلاما شرعيا يثبت أحقيته وحده فى التركة . أين اختفت مقتنيات نجيب الريحانى؟ فى عام 1961 وبموجب مزاد علنى، تم بيع مقتنيات شقة الريحانى لسداد مبلغ 200 جنيه مستحقات الضرائب، ولم يحاول أحد تدبير هذا المبلغ، سواء يوسف الريحانى الذى رحل عن الحياة بعد أيام قليلة من هذا المزاد، وتحديدا يوم 22 أغسطس 1961 أم ابن شقيق نجيب الريحانى بديع توفيق الريحانى، الذى كان قد سافر إلى إنجلترا لدراسة الهندسة، وتزوج من فتاة إنجليزية هى مرجورى فرانك روبين، وعاد لمصر معها ليعيش فى فيلا من دورين بضاحية المعادى، نقل إليها كل ما تبقى من مقتنيات عمه نجيب الريحانى، ومعظمها كانت أصول مسرحيات ولوحة كبيرة للفنان الراحل بألوان الجواش، رسمها الفنان الإيطالى بابادوبلو عام 1918 وأمامه شخصية «كشكش بك» التى اشتهر بها فى المسرح، وهذه اللوحة أهداها بديع الريحانى لدار الأوبرا فى بداية التسعينيات وما زالت موجودة فى متحف الأوبرا . وأما منزل نجيب الريحانى فى حدائق القبة، فقد أغلق عقب وفاة الريحانى سنة 1949 حتى 1971 واختلف شكل بيت الريحانى كثيراً عن أول صورة فوتوغرافية التقطت له فى 1949، بعدما انتهى المهندس الإيطالى شارل عيروط من تصميمه وبنائه على الطراز الإيطالى، تحيط به حديقة كبيرة حولها أرض فضاء تحولت إلى كتل أسمنتية، بناها سكان الحى بعدما اشتروها من بديع الريحانى بالتقسيط، لكنهم توقفوا عن دفع الأقساط بعد القسط الثانى، وأنكروا وجود ديون عليهم لوارث نجيب الريحاني، بل وصل بهم الأمر حدّ أنهم اعتدوا عليه بالضرب، ما دفعه إلى إغلاق المنزل أكثر من عشرين عاماً حتى استأجرته وزارة الثقافة فى 1970 وحولته إلى قصر ثقافة الريحاني. وبحسب أوراق هيئة قصور الثقافة –فرع ثقافة القاهرة-فإن الوريث الشرعى الوحيد لنجيب الريحانى، هو ابن شقيقه بديع توفيق الريحانى والذى وقع مع وزارة الثقافة ممثلة فى سعد الدين وهبة «وكيل وزارة الثقافة وقتها « عقد ايجار لفيلا نجيب الريحانى الواقعة فى 5 شارع الريحانى بحدائق القبة، وهو العقد المكون من صفحتين، وجاء فيه أن الطرف الثانى هو المهندس بديع توفيق الريحانى المقيم فى 8 شارع بورسعيد بالمعادى.. ...إلخ. والقيمة الإيجارية للمنزل هى 100 جنيه شهريا، البالغ مساحته 1100 متر مربع والمبانى فى حدود 400 متر مربع ومن أشهر مقتنيات نجيب الريحانى المفقودة لوحة له من النحاس البارز صممها له فنان فرنسى، وكانت بشقة نجيب الريحانى، وبمناسبة معرض تأبينه بدار الأوبرا فى ذكرى الأربعين لرحيله، طلبها رئيس الدار وقتها الفنان سليمان بك نجيب من يوسف شقيق نجيب الريحانى، وظلت اللوحة بالدار حتى احتراق الأوبرا فى السبعينيات، ونجت اللوحة من الحريق لتباع كبقايا الحريق لتاجر قمامة، قام بفرزها ليستخرج اللوحة وعددا من الصلبان من مقتنيات الدار فى الحريق، ويبيعها فى جوال من الخيش بالكيلو لراهب بإحدى كنائس القاهرة، ثم تنقلت هذه اللوحة على مدار عدة سنوات، حتى وصلت قبل عام إلى أحد هواة المقتنيات الذى يحتفظ بها فى منزله حتى الآن، بالإضافة إلى الفيلم الوحيد لجنازة نجيب الريحانى ومدته 18 دقيقة، والذى كان من مقتنيات قصر عابدين، وتم تصويره بناء على طلب من الملك فاروق لعرضه على ملوك أوروبا، نظرا لكون جنازة نجيب الريحانى كانت أكبر جنازة فى تاريخ مصر المعاصر بعد جنازة سعد باشا زغلول، حيث سار فى جنازة الريحانى ربما مئات الآلاف من كل الأطياف والشخصيات والمناصب. وأما كرسى الريحانى والذى كان يجلس عليه فى مسرحه قبل أن يدخل إلى خشبة المسرح، فقد وصل إلى جمعية محبى نجيب الريحانى بالإسكندرية، التى أسستها المدعوة جينا الريحانى، وفى المركز القومى للمسرح بالزمالك، فلا أى متعلقات شخصية لنجيب الريحانى سوى بعض من مخطوطات أصول مسرحياته بخط يده هو وبديع خيرى، فى حين يحتفظ جامع المقتنيات المعروف علوى فريد فى متحفه الخاص بمدينة فايد، بأسطوانات صوتية لعدد من مسرحيات كشكش بك لنجيب الريحانى. فيلا الريحانى بالمعادى .. وضياع المقتنيات إلى الأبد ويدور الزمن دورته مرة أخرى، وبعد 60 عاما من وفاة نجيب الريحانى، وتحديدا يوم 4 فبراير 2010 وردت إشارة تليفونية من مباحث الأموال العامة بوفاة سيدة تدعى مرجورى الريحانى، دون وجود أى ورثة لها، ولديها الفيلا رقم 8 بشارع بورسعيد بالمعادى، كانت تقيم فيها طوال حياتها، وتحفظ بنك ناصر الاجتماعى على الفيلا، التى تحدد قيمتها المبدئية بنحو 22 مليون جنيه «، وقام بتشميعها بالشمع الأحمر، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية، إلا أنه يوم 7 مارس 2010 ظهر شخص يدعى محمد إبراهيم ويعمل محاميا ومعه شاهدان يقفان أمام قسم شرطة المعادى بوجود 3 ورثة لمرجورى الريحانى ويقيمون فى بريطانيا، وسرعان ما انطلقت الأحداث الغامضة، ومنها مثلا، أن اكتشفت إدارة التركات الشاغرة ببنك ناصر المسئولة عن ملف الفيلا وتركة الريحانى، قيام شخص مجهول بسحب مبلغ 400 ألف جنيه من حساب بديع الريحانى، وريث نجيب الريحانى ببنك الإسكندرية بموجب إعلام وراثة شرعى رسمى، على الرغم من عدم وجود أى ورثة لنجيب الريحانى أو السيدة مرجورى زوجة ابن شقيقه، وأيضا تقدم شخص مجهول يدعى محمد إبراهيم بطلب قبل ساعات لقاضى الأمور الوقتية بالمعادى، لاستصدار أمر من المحكمة بتمكينه من الرفع المساحى للفيلا، باعتباره الوريث الوحيد للسيدة مرجورى الريحانى، وهو ما رد عليه بنك ناصر بدعوى قضائية عاجلة أمام محكمة جنح المعادى فى مواجهة شهر عقارى المعادى لإبطال أى أعمال إشهار قانونية على الفيلا رقم 8 بشارع بورسعيد بالمعادى، خصوصا بعد أن تقدم إلى شهر عقارى المعادى شخص ثالث بطلب لتسجيل لنفس الفيلا، وهو محام يدعى عصام إبراهيم من بنى سويف، وكيلا عن ورثة السيدة مريجورى فرانك روبين، صاحبة ومالكة الفيلا، بموجب توكيل قانونى موثق من شهر عقارى نادى الجزيرة برقم 5344/ب/2009. وسرعان ما يشكل فاروق حسنى وزير الثقافة لجنة خاصة برئاسة الدكتور نبيل بهجت، أستاذ المسرح لجرد الفيلا بالتعاون مع وزراة التضامن الاجتماعى وقتها المالكة لبنك ناصر الاجتماعى، وانتهت اللجنة إلى، بحسب الجرد الرسمى للبنك لمقتنيات نجيب الريحانى فى الفيلا : تمثال كشكش بك مصنوع سنة 1924 علبة مهداة لنجيب الريحانى عام 1940 مجموعة من الملفات القديمة جدا المربوطة بدوبارة مجموعة أسطوانات بيك آب غير معروف صلاحيتها . ملف به رواية غير معلومة رواية ودفتر أدوار فيلم «أحمر شفايف». مجموعة صور ضخمة لنجيب الريحانى وأفيشات أفلامه . 4 ملفات بكل منها مخطوط لرواية مسرحية بدون اسم بخط يد نجيب الريحانى وبديع خيرى لم يعرف عنها أحد شيئا من قبل، حيث إنه من المحتمل أن تكون قد أرسلها بديع خيرى للريحانى لقراءتها والاتفاق على اسم لها، إلا أن الوفاة المفاجئة لنجيب الريحانى حالت دون اكتشافها . سيناريو فيلم غزل البنات وعليه تعليق من الفنانة ليلى مراد لنجيب الريحانى لقراءتة، بالإضافة إلى تعديلات على بعض مشاهد بخط يد الريحانى. 30 نوتة موسيقية غالبا لموسيقى وأغانى مسرحيات الريحانى. 30 مخطوطاً لعدد 30 رواية مسرحية للريحانى منها (البرنسيسة، ابقى اغمزنى، علشان سواد عنيا، المحفظة يامدام، الدنيا ماشيا كده........... إلخ) ملف به أغانى فيلم (الست لعبتها الرجل) والذى عرض فيما بعد بعنوان (لعبت الست) . كشاكيل مسودات بخط اليد لروايتين هما (إلا خمسة، محدش واخد منها حاجة). مخطوط رواية «30 يوم فى السجن» بخط يد بديع خيرى وعليه تعديلات بخط الريحانى. درع مهرجان القاهرة السينمائى الدولى ديسمبر 1989 والذى كان مهدى إلى نجيب الريحانى وحصل عليه ابن شقيقة بديع الريحانى وقتها. وألبومات صور وطوابع، و..الخ وقد قامت اللجنة بوضع جميع تلك الأشياء داخل صندوق من الكرتون، وتم غلق الفيلا، وتشميعها بالشمع الأحمر ووضع أختام البنك عليها فى حراسة حرس العقار ووقع الجميع على محضر الجرد . وتندلع ثورة 25 يناير 2011، وينشغل الجميع بسقوط نظام مبارك، وتشهد وزارة الثقافة ومعها بنك ناصر تغييرات فى القيادات والوزراء، وتتجمد معها أزمة فيلا نجيب الريحانى بالمعادى، حتى عام 2014 حينما صدر حكم نهائى لصالح الورثة الأجانب وبشكل مفاجئ بأحقيتهم فى الفيلا، وذلك فى غياب وانشغال بنك ناصر الاجتماعى بالتطورات السياسية التى تمر بها البلاد . ويكشف تقرير «سرى جدا» لهيئة الرقابة الإدارية عما حدث للفيلا، وكيف ضاعت إلى الأبد وضاع معها تراث نجيب الريحانى فى عام 2014 ، دون أن يتدخل أحد لإنقاذه، حيث قال التقرير: «...... تم إثبات أن السيد كيث كاسل « وريث مرجورى الريحانى مالكة الفيلا « مقيم فى 10 شارع شفيق –النزهة على الرغم من عدم إقامته فى القاهرة، وإقرار محاميه أمام الشهر العقارى بالمعادى، بعدم وجود محل إقامة للسيد كيث كسل بجمهورية مصر العربية وأنه يقيم بإنجلترا.
وأيضا تبين استخراج بطاقة الرقم القومى بتاريخ 30 أكتوبر 2009 للسيدة مرجورى الريحانى، كما تبين أن الصورة المثبتة بالبطاقة هى ذات الصورة الموجودة بوثيقة سفرها، وأن بطاقة الرقم القومى صادرة قبل وفاتها بمدة 16 يوما، وكانت تبلغ من العمر 91 عاما بما يشير إلى أن البطاقة مصطنعة. وكذلك بالاستعانة بأحد الخبراء الفنيين فى أبحاث التزييف والتزوير وبفحص التوقيعات على التوكيلات المقدمة من الورثة تبين اختلاف تلك التوقيعات عن التوقيعات الممهورة بها وثيقة سفرهم . آخر أبناء بديع خيرى يكشف الحقيقة وفى لقاء صحفى بمنزله بضاحية مصر الجديدة عام 2008، وقبل عام من وفاته تحدث إلى المخرج المسرحى «نبيل بديع خيرى «آخر أبناء بديع خيرى على قيد الحياة وقتها، وهو نفسه الطفل الذى ظهر باسم نبيل كابن لنجيب الريحانى فى فيلم «أحمر شفايف «، وقال نبيل بديع خيرى: كنت أعرف أن نجيب الريحانى لا ينجب، وبابا بديع خيرى قال لنا إن نجيب الريحانى مالوش فى الخلف وده سبب حب نجيب الريحانى للأطفال بشكل رهيب وكان لما يشوفنى يحضنى بشدة، وأخذنى معاه فى فيلم أحمر شفايف وأعطانى ساعة ذهباً أوميجا مكافاة لى وأعطيتها لشقيقى عادل خيرى - رحمه الله - قبل وفاته، وذهبنا أنا وأشقائى مبدع وعادل أكثر من 10 مرات لنجيب الريحانى فى شقته فى عمارة الإيموبيليا وكانت فيللا وكان سائقه اسمه عبد الله وسيارته كابورليه وكان لديه كلبته الوفية الولف ريتا. ويضيف نبيل خيرى فى «شهادته».... من المستحيل أن تكون هناك لنجيب الريحانى بنت دون أن يخبر أبى سرا وأنا أتعجب من هذا الموضوع وأول مرة أسمع عنها، ولو كانت ابنته فعلا كانت دخلت فى الورث مع ابن عمها بديع ونجيب الريحانى كان بيحب الستات جدا خصوصا ميمى شكيب ونجوى سالم، وله علاقات نسائية مستمرة وليست علاقات عابرة، وكان قارئا للقرآن الكريم، وعرفت أنه كان ينوى إشهار إسلامه للزواج من سيدة يهودية مقيمة بمصر اسمها ناعوم، لذلك بنى قصرا فى حدائق القبة بعد إعلان إسلامها، إلا أن نجيب توفى فجأة، وعندما علمنا بالخبر فى البيت عندنا وكنا نسكن فى روض الفرج قبل أن ننتقل لفيللا باب اللوق عام 1954 والدتى لبست أسود، وكأن بديع خيرى هو اللى مات.
ويستكمل نبيل خيرى شهادته «... كان لنجيب الريحانى شقيق اسمه يوسف الريحانى، وكان مدير الفرقة والمسرح وقتها، بس كان بتاع قمار ويضيع فلوسه على لعبه، لذلك لم يكن نجيب يثق فيه ويوسف توفى بعد نجيب بفترة محدودة، وتبقى «بديع توفيق الريحانى» وكان عايش فى إنجلترا ومتزوجا من إنجليزية، وكان هو الوريث الوحيد لنجيب الريحانى وتوفى منذ عامين « تقريبا 2005 «وكان يزورنا ليحصل على حقوق نجيب الريحانى عند بيع أى مسرحية لبديع خيرى ونجيب الريحانى، لأن المسرح أساسا كان ملكا لدائرة أوقاف، واستأجره الريحانى وأطلق عليه اسمه، بعد وفاته صدر قرار بأن يحتفظ المسرح باسمه ويستأجره بديع خيرى وحاليا ملك لنا . وعن أيام نجيب الأخيرة قال «..... والدى كان يذهب يوميا لنجيب الريحانى وهو فى المستشفى أثناء مرضه، ولم نسمع منه مطلقا عن حكاية بنته جينا اللى بتقول إنها كانت بتزوره هناك هى ووالدتها، وكان بيحب بديعة جدا جدا، وبعد الانفصال لم يحاول بديع خيرى أن يصلح بينهما مش عارف ليه؟.