«لا وقت، بل لا رغبة، فى القراءة» خاصة لدى الغالبية من الشباب وفى عصر مواقع التواصل الاجتماعى؛ فيسبوك وتويتر وغيرها، أصبح دور البطولة فى الكتابة، للجمل القصيرة، السريعة وأصبح التحدى أمام الكاتب هو القدرة على «تكثيف» أعمق المعانى فى أقل الكلمات.. وياله من تحد! يوما ما منذ القدم، قال الكاتب الكبير فاروق خورشيد، فى كتابه «بين الأدب والصحافة»، إن المقدمة الناجحة للنص الصحفى هى «تلك التى تستطيع أن تمسك بتلابيب القارئ». كم كان ذلك ملهما فى الأمس، لكننا اليوم نرى أن قارئ العصر، سواء فى الصحافة أو الأدب، لم تعد له تلابيب، بفعل وفرة وزخم المعروض، لذا فلعل الحل أصبح يتمثل فى.. «الصفعة».. أو «الومضة».. وهى القصة القصيرة جدا.. لكن يبقى التحدى مرتبطا بالفكرة أو المعنى.. فهل أنت ككاتب لديك القدرة الحقيقية على التعبير بعمق فى بضعة أسطر؟.. احترس.. فالقارئ لا يرحم.. والصفعة قد ترتد إليك. الشاعرة والقاصة فاطمة وهيدى، واحدة ممن قرروا خوض التحدى، بقوة ورقة، بتمكن وتسلل، من خلال 70 نصا قصيرا، فى مجموعتها القصصية التى أصدرتها تحت عنوان “ما لن تقوله شهرزاد” واصفة إياها على الغلاف بأنها قصص «كسيرة» جدا، لكن.. لعل «الانكسار» الذى تحمله القصص هنا، مصدره حجم الألم المتولد فى صدور كل الباحثين بحق، وسط غابة الزيف والقبح، عن الصدق. لذا فإن القصص، وبالرغم من كونها «كسيرة»، جاءت قوية جريئة، حادة قاطعة، كنصل السيف الفاصل بين الصدق والكذب. فصارت «صفعات» فاضحة، لا مجرد «ومضات» كاشفة. ولكن.. بلغة محكمة، حالمة، منغّمة، كأن حروفها هى حروف السلم الموسيقى. والآن.. ترى هل يجدى فى الزمن الجديد أن نعلق بشكل تفصيلى على قصص قصيرة جدا أم أن الأجدى أن ننقلها لك كما هى لتتذوقها بنفسك؟!.. إليك بعض مما كتبت فاطمة وهيدى بعناوينه. «عبث».. احترف إعادة تلوين ابتسامته، وهو يروى حكايته عن يده اليمنى التى سبقته إلى الجنة، فيما كانت يده اليسرى تقتنص لمسات من «فاكهتهن المحرمة».. «احتراف».. قتلها حينما هجرها. احترفت كتابة الروايات، فى كل رواية لا تهدأ حروفها إلا إذا عذبت البطل، وجعلت نهايته موجعة».. «حداثة».. على مائدة الجدال، أخذوا يشرّحون النص، حينما أعلنت حسناء عن ملكيتها له؛ ملكت قلوبهم، ف نصّبوها رائدة للحداثة».. «لقاء».. أقسم أنه لن يكرر خياناته، أقسمت أنها لم تخنه قط، التقيا مصادفة عند شيخ مسجد، يسألانه عن كفارة اليمين!». وأخيرا.. فإن فاطمة وهيدى التى أهدت مجموعتها إلى روح جدتها قائلة: «لم يعد مكر الثعلب أسوأ صفة فى غابتنا» تختتم قصصها “الكسيرة” بقولها: “لم تكن فتاة أحلامه، كانت فتات أحلامه!”. الكتاب: ما لن تقوله شهر زاد «قصص كسيرة جدا» المؤلف:فاطمة وهيدى الناشر : النابغة للنشر والتوزيع 2016