عندما نزل الشعب فى الشوارع والميادين فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو هتف من أعماق قلبه بضرورة تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية على جميع المواطنين ، وبعد مرور 3 سنوات على ثورة الشعب نطرح هذا السؤال هل نجحت الحكومة فى تحقيق العدالة؟ وهل فرض الضرائب على الحسابات والشهادات والأوعية الإدخارية هى طوق النجاة للحكومة؟ أم تطبيق الحد الأدنى للمعاشات هو الحل الأمثل لتحقيق العدالة بين المواطنين ..هذا مع الأخذ فى الاعتبار أن الدولة تحرص على مراعاة محدودى الدخل وعدم تأثرهم بأى إجراءات إصلاحية وهو ما يضعه دائما رئيس الجمهورية فى الحسبان, وأكده سيادته خلال لقائه مؤخرا مع رئيس الوزراء ووزير المالية ومحافظ البنك المركزى. فى البداية يقول د. محمد عبد المنعم - وكيل كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابق - إن مبدأ تحقيق العدالة الاجتماعية يجب أن يعتمد على أساس فرض ضريبة تعادل 1% على الأقل على جميع الحسابات الجارية والودائع وجميع الشهادات والأوعية الادخارية وما فى حكمها وذلك للشخص الطبيعى والشخص الاعتبارى مع إعفاء المدخرات الصغيرة من هذه الضريبة حتى 250 ألف جنيه على أن يطلق على هذه الضريبة مسمى ضريبة العدالة الاجتماعية, وهذا الأمر قد يؤدى إلى تحصيل حوالى 10 مليارات جنيه سنويا, ويتم تطبيق ضريبة العدالة الاجتماعية على الودائع والشهادات الادخارية بكافة أنواعها. وأضاف - وكيل كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابق إن هذا الأسلوب يتطلب استصدار قانون يطلق عليه قانون العدالة الاجتماعية يتضمن فرض ضريبة تعادل 1% على الأقل، فمثلا لو أن هناك مودعا يمتلك 260 ألف جنيه قيمة ودائع وشهادات إدخارية فإنه يتم إعفاء مبلغ 250 ألف جنيه من هذه الضريبة, ويتم إخضاع ما يعادل 10 آلاف جنيه بمعدل الضريبة1% ونصل إلى الضريبة المستحقة التى تعادل فى هذه الحالة 100 جنيه, ويمكن أن يتضمن هذا التشريع المقترح أن يتم تحديد الوعاء الخاضع للضريبة بما يعادل متوسط رصيد الحساب الجارى أو رصيد الودائع وعلى ذلك يتم مواجهة التهرب الضريبى أو التجنب الضريبى الذى يستند على الاستثمار فى الودائع لفترة ثم فى نهاية السنة يتم تسييل هذه الوديعة أو ما شابه ذلك. محاربة الفقر أما النائب محمد وهب الله وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب فقد اعتبر أن قرار الرئيس السيسى بزيادة المعاشات التأمينية بنسبة 10% خطوة نحو طريق العدالة الاجتماعية التدريجية بين المواطنين ، مشيرا إلى أن اللجنة تناقش موضوعات الحماية المجتمعية ومحاربة الفقر . وطالب وكيل لجنة القوى العاملة بتطبيق الحد الأدنى للمعاشات وفقا للدستور، كما أن قوانين التأمينات الإجتماعية لم تعد صالحة للمرحلة الحالية. الوجه القبلي ويرى د. عادل عامر أستاذ القانون العام جامعة طنطا، إنه لتحقيق وتفعيل العدالة الاجتماعية بين جميع طوائف الشعب يتعين إنشاء صندوق يطلق عليه صندوق العدالة الإجتماعية تكون من أهم مصادر تمويله الحصيلة الضريبية لضريبة العدالة الاجتماعية المقترحة ويتم استخدام الأموال فى هذا الصندوق لتنمية الوجه القبلى عن طريق تملك وتوزيع رأس ماشية لكل أسرة وتبلغ تكلفة رأس ماشية من 10 إلى 15 ألف جنيه وتقوم الأسرة بتربية هذه الماشية, وبذلك تتحول الأسرة فى الوجه القبلى إلى أسرة منتجة ويتم وضع ضوابط لتحديد الأسرة المستحقة لتلقى الدعم الاجتماعى لتحقيق العدالة الاجتماعية. ويضيف د. عادل عامر أن العدالة الاجتماعية لابد أن تستهدف التوزيع العادل للموارد والأعباء من خلال نظم الأجور والدعم والتحويلات ودعم الخدمات العامة، والخدمات الصحية والتعليمية ، ويتحقق ذلك من خلال عدد من المحاور التى يتم من خلالها توزيع الدخل وإعادة توزيعه داخل المجتمع ،المحور الأول : هو إصلاح هيكل الأجور والدخول الذى يتم من خلاله تحديد المستوى المعيشى للعاملين بأجر، ويعكس بصورة أو بأخرى توزيع القيمة المضافة المتحققة فى العملية الإنتاجية بين أرباب العمل والعاملين لديهم. وأكد أستاذ القانون العام بجامعة طنطا - أن سياسات الأجور تشكل حجر الزاوية فى تطبيق العدالة الاجتماعية ويتضمن إعادة النظر فى هيكل الأجور من ثلاثة جوانب يقضى الأول وضع حد أقصى وأدنى للأجور، ويستلزم الجانب الثانى اعتماد مفهوم الدخل بدلا من الأجر ويتطلب الجانب الثالث تحقيق العدالة الأفقية والعدالة الرأسية للدخول داخل القطاع الواحد ، ويختص المحور الثانى بنظام الضرائب الذى يعيد توزيع الدخول من خلال طريقة توزيع الأعباء الضريبية. وأوضح د. عادل عامر أنه كلما تعددت الشرائح الضريبية واتخذت منحنى تصاعديا يتناسب مع المقدرة التكليفية للممولين، فإن النظام الضريبى يتمتع بدرجة أعلى من الكفاءة فى تحسين الدخل وتحقيق العدالة الاجتماعية ، ويختص المحور الثالث بالدعم السلعى والتحويلات ودعم الخدمات العامة، وهو إنفاق عام موجه إلى الفقراء ومحدودى الدخل وشرائح رئيسية من الطبقة الوسطى لإتاحة الرعاية الصحية والتعليمية لهم، وتوفير مصدر دخل للفئات الأشد فقراً والعاطلين عن العمل باعتبار أن ذلك حقهم وجزءا من حصتهم من إيرادات الموارد الطبيعية فى بلدهم، وكواجب ومسئولية اجتماعية على الدولة إزاء مواطنيها وحقهم فى الحياة والطعام والشراب والمسكن والعمل والتعليم والرعاية الصحية. وأوضح د . عامر - أن المعاشات لا تتناسب مع الحياة وارتفاع الأسعار والغلاء المستمر، مطالبا بإعداد قانون جديد للتأمينات الاجتماعية يتناسب مع متطلبات الحياة. النظام الضريبى أما النائب محمد بدراوى وكيل لجنة الصناعة فى مجلس النواب فيرى أنه يجب على الحكومة أن تلتزم بالدستور ويكون هدفها تحقيق العدالة الاجتماعية ، مشددا فى بيان له - أن الحكومة تخالف الدستور وتتجاهل نص الماده 38 من الدستور والتى تنص على : يهدف النظام الضريبى وغيره من التكاليف العامة إلى تنمية موارد الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية لا يكون إنشاء الضرائب العامة أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون ولا يجوز الإعفاء منها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون، ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا فى حدود القانون«. وأكد النائب بدراوى أنه لابد أن يراعى فى فرض الضرائب أن تكون متعددة المصادر وتكون الضرائب على دخول الأفراد تصاعدية متعددة الشرائح وفقا لقدراتهم التكليفية ، ويكفل النظام الضريبى تشجيع الأنشطة الاقتصادية كثيفة العمالة وتحفيز دورها فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية . ويرى شريف طلعت مهندس أن الدولة تعمل من أجل تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية من خلال رفع كفاءة منظومة الدعم والحماية الاجتماعية، وتعزيز مستوى معيشة المواطنين بتطوير الخدمات العامة من خلال المشروعات التى تنفذها على أرض الواقع للشباب فى المحافظات. الصحة والتعليم وطالبت هند عبد الله مدير بالتعليم الثانوى - بتطوير شبكات الأمان الاجتماعي، ومد مظلة الحماية للفئات الفقيرة والضعيفة لإشباع احتياجاتها الأساسية من الصحة والغذاء والتعليم، خاصة فى محافظات الصعيد والمراكز والقرى الأكثر فقرا، وتوفير مياه الشرب والصرف الصحى وإصدار حزمة من التشريعات المنظمة لقوانين الإسكان والبناء بما يضمن توفير مسكن ملائم لجميع فئات المجتمع، بالإضافة إلى تطوير الخدمات الصحية، وزيادة مظلة التأمين الصحي، وتطوير المستشفيات والمراكز الصحية. الجهود الأهلية وأكد محمد النبراوى مدير بشركة خاصة أنه لا يمكن أن تقوم الدولة بواجبها فى تحقيق العدالة الإجتماعية إلا بمساهمة أفراد المجتمع فى بناء العدل الاجتماعي، فحين يتم التعاون والتكامل بين الجهود الأهلية والحكومية تتحقق أعلى درجات العدالة الاجتماعية لذلك لابد من تضافر جميع جهود أفراد الشعب من أجل المساهمة فى تطبيق نظام عادل بين الأفراد يسمح بتطبيق العدالة الاجتماعية.