وماذا بعد ان ودعنا شهر الصيام والرحمة والتكافل والتفاضل ...الي اخره من الخصال والصفات النبيلة هل وصلنا الي ان الصيام فى الاديان السماوية وكل زمان ومكان يستهدف تهذيب النفوس وقهرها عن الاهواء الشخصية لمنعها من الانحراف وارتكاب المفاسد.. ويربي مراقبة الذات ليجعل منها للانسان حصانة ضد الشرور والطغيان.. ويعطى درسا عمليا للمرء ليتحكم فى عواطفه ورغباته ومحبته وغضبه وتسييرها تبعا للحق والعدل، وليس كما تريد نفسه خارج السلوك القويم لاداء العمل والتعامل بما ينفع الناس.. وينظم المساواة وعدم التمييز عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لافرق بين عربي وعجمى الا بالتقوى ) وقوله ايضا (كلكم لادم وادم من تراب).. والصوم تنمية لروح التالف والتعاون والشعور بالفقراء والمساكين وما لدى اصحاب الحاجات من معاناه. يأتى "رمضان" هذا العام وهو شهر الصيام الذى قال عنه النبي عليه الصلاة والسلام "انه شهر الله" ليكشف سوءات النفس البشرية فى الاستئثار بالذات ويفضح الفوارق الاجتماعية الشاسعة بين عامة الناس وخاصتهم..حيث فشلت الحكومات المتتابعة على مدى السنوات الاربع الماضية بعد ثورة الخامس والعشرون من يناير فى تحقيق احد اهدافها الذى يمس الحياة المعيشية لابنائها وهو "العدالة الاجتماعية"رغم انشاء وزارة خاصة لها ليكون ضمن اختصاصاتها تطبيق الحدين الادنى والاقصى للاجور لتصبح "المساواة فى الظلم عدل " وتثبيت "العماله المؤقتة" التى أمضت فى وظائفها سنوات عديدة بموجب "عقود مؤقتة"دون ضمانات اجتماعية كالمعاشات والرعاية الصحية وغيرها .. ومعالجة البطالة على الاقل وليس القضاء عليها بدلا من ارتفاع نسبتها الى 14%من تعداد السكان..ومنع الازدواجية والجمع بين وظيفتين والاستحواذ على راتبين فى وقت واحد . اما الاخري فجاءت ونحن في وداع الشهر الفضيل توضأ الجندى لتأدية الصلاة..كبر و قرأ الفاتحة..ركع وسبح ربه العظيم ثم سجد وسبح ربه الاعلى ..وأكثر من الدعاء فاقرب ان يكون العبد من ربه وهو ساجد وفى لحظه تحول جسده الى اشلاء فقد فجر احدهم نفسه خارج المسجد النبوي ليقتل اكبر عدد من هؤلاء المصلين لانهم فى نظرة مرتدين حتى ولو صلوا وزعموا انهم مسلمون لانهم فى نظرة جنود الطاغوت . وقد نهى الله عزوجل عن إهانة او انتهاك حرمة أماكن العبادة التى يذكر فيها اسم الله (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا )..بل ونهى الاسلام عن ترويع اهل الكنائس والمعابد حتي فى وقت الحرب ،فمنع قتل الرهبان والاحبار أو اقتحام خلوتهم وأماكن عبادتهم ،ومن باب أولى ان يمنع ترويع المصلين من المسلمين او تنتهك حرمة المساجد وعلي الاخص بيت الله الحرام والمسجد النبوي الشريف ،لكن ابتلينا هذه الايام بسفهاء القوم من سقيمى الافهام يقومون بتكفير المجتمع وخاصة رجال الجيش والشرطة باعتبار انهم جند الطاغوت ،فيستحلون قتلهم حتى وهم يؤدون الصلاة (قل هل ننبئكم بالاخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا) وقد يؤدى هذا الفكر التكفيري الانتحارى واراقة الدماء وقتل الابرياء وانتهاك الحرمات ، وأماكن العبادة وتلويثها بالدماء ، ونزع الامن والامان الى انصراف الناس عن بيوت الله وتفقد حرمتها وخشوعها وكبريائها وقد بدا هذا العمل الاجرامى بين متعصبي السنة والشيعة فى كل مكان حتي في البلد الحرام ،حيث بدأوا بالتفجيرات المتبادله فى المساجد . لقد انتهك هؤلاء الفسقة كل الحرمات الدماء،والترويع،والنهب،والاغتصاب،والتكفير ،ولم يبق عندهم شيئا مقدسا فانطلقوا الى بيوت الله يعيثون فيها فسادا وتخريبا وقتلا فماذا حدث لنا ما هذه الغوغائية التى تلوثنا بها وابتلينا فى عقولنا واسماعنا وابصارنا فلم نعد نرى او نسمع الا الغث من القول والعرى من الاجساد..وقانا الله شهر هؤلاء وهؤلاء وخالص التعازى لبيوت الله ومقدساته. لمزيد من مقالات فهمي السيد