قال المولي عز وجل وهو أصدق القائلين في محكم كتابه "ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم ان يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم" وقال تعالى "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الحياة الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم" الآيات السابقة تؤكد السلام في الأرض وأن المولى عز وجل خلق الأرض واستخلفنا فيها لنعمرها لا لسفك الدماء كما أخبر بذلك ملائكته عندما عرض المولى عز وجل أمر خلق الإنسان عليهم فردوا قائلين "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " فقال لهم العلي القدير "إني أعلم مالا تعلمون". فالمساجد هي بيوت الله في الأرض جعلت للعبادة والذكر وطاعة الله ومناقشة أحوال العباد والتفقه في أمور الدين وابتغاء مرضات الله عز وجل، لكن أن نتخذ من المساجد مكانا للهو والإفساد وسفك الدماء تحت دعوى الشهادة ومحاربة الكفار كما يزعم إرهابيو هذه الأيام بطوائفهم المتعددة فهذا افتراء علي الدين. المسجد يمتلئ عن آخره بالمصلين الذين تركوا أمور دنياهم ساعين إلي المساجد وهي بيوت الله في الأرض امتثالا لأمر ربهم إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلي ذكر الله وذروا البيع، ويفاجأون وهم منشغلون بالعبادة من بين قائم وساجد وراكع ومسبح وتال للقرآن بمن يفجر نفسه فيهم، لتتحول أجسادهم إلي أشلاء فوق أطهر بقاع الأرض المساجد وتندس بالدماء وأجزاء من لحم الشهداء الأبرياء الذين لقوا ربهم وهم في طاعته، بينما الإرهابي الذي فجر نفسه أملا في الشهادة كما فهم من أسياده أنه إلي جنة الخلد فجزاؤه سيكون نار جنهم خالدا فيها بإذن الله. هذه الظاهرة المؤسفة تكررت كثيرا في الفترة الأخيرة وأشهرها حادث مسجد الكويت والسعودية وغيرهما والأخير كان المصلون بالمسجد من الجنود والأدهى كما قرأنا أن الذي فجر نفسه كان جنديا أيضا.
فبعد أن توضأ الجندي لتأدية الصلاة كبر وقرأ الفاتحة ركع وسبح ربه العظيم ثم سجد وسبح ربه الأعلى وأكثر من الدعاء فاقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد وفي لحظة تحول جسده إلي أشلاء فقد فجر نفسه داخل المسجد ليقتل أكبر عدد من هؤلاء المصلين لأنهم في نظره جنود الطاغوت.
وقد نهي الله عز وجل عن إهانة أو انتهاك حرمة أماكن العبادة التي يذكر فيها اسم الله (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا..) بل نهي الإسلام عن ترويع أهل الكنائس والمعابد في وقت الحرب فمنع قتل الرهبان والأحبار أو اقتحام خلوتهم وأماكن عبادتهم، فمن باب أولي أن يمنع ترويع المصلين من المسلمين أو تنتهك حرمة المسجد، لكن ابتلينا هذه الأيام بعديمي الفهم يقومون بتكفير المجتمع وخاصة رجال الجيش والشرطة باعتبار أنهم جند الطاغوت فيستحلون قتلهم حتى وهم يؤدون الصلاة.
وقد يؤدي هذا الفكر التكفيري الانتحاري وإراقة الدماء وقتل الأبرياء وانتهاك الحرمات وأماكن العبادة وتلويثها بالدماء وفقدها لحرمتها وخشوعها وكبريائها إلي انصراف الناس عن بيوت الله، وقد بدأ هذا العمل الإجرامي بين متعصبي السنة والشيعة في باكستان حيث بدأوا بالتفجيرات المتبادلة في المساجد ثم تبني تنظيم داعش هذا الأمر في هذه الأيام ونفذوا عملياتهم القذرة في الكويت والسعودية. لقد انتهك هؤلاء الفسقة كل الحرمات من سفك الدماء والترويع والنهب والاغتصاب والتكفير ولم يبق عندهم شيئا مقدسا فانطلقوا إلي بيوت الله يعيثون فيها فسادا وتخريبا وقتلا وتمثيلا . والله يتولانا بفضله فهناك من يدعو لتطوير المساجد وتزويدها بشاشات عرض سينمائية وهناك من يدعو لأذان موحد وخطبة موحدة، واخرون يتضررون من مكبرات الصوت ويدعون لإلغائها...الخ فماذا حدث لنا؟ ما هذه الغوغائية التي تلوثنا بها وابتلينا في عقولنا وأسماعنا وأبصارنا، فلم نعد نري أو نسمع إلا الغث من القول والعري من الأجساد...وقانا الله شر هؤلاء وهؤلاء وخالص التعازي للمساجد. لمزيد من مقالات فهمي السيد