صار من الواجب تكرار التحذير من أخطار توسع، أو بمعنى أصح «توسيع»، ظاهرة احتجاج بعض المتطرفين الإسلاميين على حق الأقباط فى ممارسة شعائرهم الدينية، إلى حد الخروج فى تظاهرات صاخبة مشحونة برفض أن يتجمع عدد من الأقباط للصلاة فى منزل أحدهم فى قرية ليس فيها كنيسة، ويتدهور الأمر إلى عدوان مادى على المصلين تشعله شائعة بأن الأقباط فى سبيلهم لتحويل المنزل إلى كنيسة! ينبغى الانتباه خشية الانزلاق فى مناقشة التفاصيل التى يخطط البعض لأن تموِّه على أصل الموضوع الذى هو أن هناك قواعد دستورية واجبة النفاذ، مثل المساواة بين المواطنين وأنه لا تمييز بينهم بسبب عدة أمور منها العقيدة الدينية، وأن حرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية حق ينظمه القانون. وكل هذا لا يمنح فرداً أو مجموعة، حتى إذا كانوا ينتمون إلى دين الأغلبية، حق منع الأقباط من ممارسة شعائرهم. أما التفاصيل المطلوب إغراقنا بها، فمنها تبديد الوقت والطاقة فى مناقشة الشائعة السارية عن النية لبناء كنيسة وتقديم الأدلة على عدم صحتها ليطمئن قلب المعترضين. ولنفترض أنها حقيقة وليست شائعة، فهى فى صلب مسئوليات أجهزة الدولة، وليس من حق أحد أن يعترض إلا بمثل ما يعترض على منشأة فى الجوار تنتهك حق الارتفاق وما إلى ذلك. ولكن الغريب أن بعض المسئولين فى الدولة يتغافلون عن هذه القواعد التى تحمى أمن الوطن، فى موضوع بهذه الحساسية، ويُصرّون على استبعاد الإجراءات القانونية فى التعامل مع الواقعة ومع المتهمين، ويكتفون فى كل مرة بعلاج ما يترتب على هذه المشاكل، بجلسات صلح عرفية يُفرَض فيها على المتضررين من الأقباط أن يتنازلوا، بعد أن يكونوا تعرضوا للعنف، وأن يسحبوا دعاواهم إذا كانوا اتخذوا خطوة قانونية. بما يعنى استمرار جذور المشكلة وتشجيع المتطرفين أن يكرروا المشهد لكى يغتصبوا صلاحيات الدولة فى المنح والمنع. والأكثر غرابة أن يبارك هذه النتائج الكارثية عددٌ من رموز الأقباط. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب