هذه الصورة تسعدنى كلما رأيتها أو تذكرتها!. هذه الصورة تحرك داخلى مشاعر الفخر والاعتزاز لأننى مصرى وبلدى مصر!. هذه الصورة يجب ألا تُنسى وحكايتها أهديها لكل مصرى!. المكان نقطة لسان بورتوفيق وهى واحدة من نقاط خط بارليف القوية «31 نقطة قوية». التاريخ 13 أكتوبر 1973. النقطة محاصرة من يوم 6 أكتوبر ويتم ضربها يوميًا ولم يتم اقتحامها وإسقاطها لعدم تمثيلها أى خطورة على قواتنا بعد أن أصبحت محاصرة من كل الجهات. مساء 12 أكتوبر قائد الجيش الثالث يتصل بالرائد زغلول فتحى قائد 43 صاعقة التى تقع النقطة فى نطاقها ويبلغه بوقف إطلاق النيران على النقطة بناء على تدخل الصليب الأحمر الذى تلقى استغاثة من قائد النقطة يطلب فيها الاستسلام!. يوم 13 أكتوبر حضر مندوب الصليب الأحمر إلى غرب القناة فى مواجهة النقطة والتقى الرائد زغلول فتحى وأبلغه استسلام النقطة ورفع علم الصليب الأحمر على الجهة الغربية للقناة إشارة من الصليب الأحمر لأفراد النقطة بأن المصريين وافقوا على استسلام النقطة!. فوراً خرجوا بالعلم الأبيض مستسلمين!. مندوب الصليب الأحمر عَبَر القناة وصعد إلى النقطة وسجل أسماءهم وعاد ومعه أقدم ضابط وطبيب النقطة وتمت إجراءات التسليم الورقية فى الغرب. قوة النقطة من جنود العدو 37 فردًا. خمسة ضباط و32 صفًا وجنديًا. الباقون منهم على قيد الحياة 14 فردًا وال23 الآخرون جثث منهم قائد النقطة برتبة رائد!. بانتهاء إجراءات التسليم صمم الرائد زغلول فتحى على الانتقال للشرق وتسلم الموقع منهم!. الرائد زغلول فتحى هو قائد نفس الكتيبة 43 صاعقة التى نفذت غارة على نفس النقطة فى 10 يوليو 1969 وقت كان قائدها النقيب أحمد شوقى الحفنى. الإغارة أسفرت عن قتل 46 من العدو وتدمير خمس دبابات وكل مخازن الذخيرة والسلاح والشئون الإدارية!. الصليب الأحمر رضخ للقائد المصرى وإصراره على حتمية تسلم النقطة على الأرض!. انتقل الجميع للشرق وأخذ الضابط الإسرائيلى فى تنفيذ كل تعليمات القائد المصرى آخرها سؤاله عن العلم الذى كان مرفوعًا على النقطة!. القائد المصرى زغلول فتحى صمم على الاستسلام بالعلم ورضخ الضابط الإسرائيلى هو ووقف «انتباه» أمام القائد المصرى.. وكانت هذه الصورة التى سجلتها كاميرا المصور الصحفى الكبير الأستاذ مكرم جاد الكريم!. الصورة فيها الملازم أول شلومو أردنيست يؤدى التحية العسكرية بيد.. وبالأخرى يقدم العلم الأبيض أبونجمة زرقاء منكسًا!. القائد المصرى.. وقفته وشموخه وكبرياؤه.. تقول إنه مصرى ابن مصرى بلده مصر.. تحيا مصر!. ...................................................... كلما جاء شهر يوليو تذكرت ثلاثة أيام منه كل واحد منها بات تاريخاً فى العسكرية المصرية. «1 يوليو 1967» و «10 يوليو 1969» و «1 يوليو 2015». 1 «1 يوليو 1967» معركة رأس العش. معركة فُرِضت علينا بعد هزيمة يونيو 1967 بثلاثة أسابيع!. العدو احتل سيناء بأكملها ولم يبق فى شرق القناة إلا مدينة بور فؤاد.. وأراد العدو فى هذا اليوم أن يحتلها كنصر سياسى باعتبار بور فؤاد الإبنة الوحيدة لبورسعيد.. وبورسعيد ليست أى مدينة مصرية.. ويمكن القول إن احتلال بور فؤاد كأنه احتلال لبورسعيد!. العدو قناعته مصر ماتت!. يقينه أنه ولا خمسين سنة كى تنهض مصر!. ما حدث فى 5 يونيو انتصار دون حرب!. ضربوا مطارات مصر فصدرت الأوامر للجيش بالانسحاب من سيناء!. الجيش انهزم دون أن يحارب!. المهم أن ما حدث فى 5 يونيو أصاب العدو بلوثه جعلته ينسى أنه انتصر بدون حرب.. بدون مواجهة يعرف منها قدرات جيشنا وعليه!. يوم «1 يوليو» قرر العدو الاستيلاء على بور فؤاد!. حشد طابوراً مدرعاً فيه دبابات وفيه مدافع وفيه مصفحات!. طيران العدو باستطلاعه للطريق المؤدى لبور فؤاد وجد عند نقطة رأس العش تمركزاً فيه جنود مصريين عددهم قليل!. العدو بطابوره المدرع إلى بورفؤاد هو أقرب للننزهة عن أى شىء آخر.. هذه قناعته وهذا هو الوضع على الأرض!. الأمر بالنسبة لنا بالغ الصعوبة وأهم شىء بقاء الأوضاع على ما هو عليه!. القوات المنسحبة من سيناء عندها مشاكلها وأغلبها لابد من إعادة تشكيله!. القوات الخاصة التى كانت فى سيناء عادت بدون خسائر تقريباً ولذلك لم تكن فى حاجة لإعادة تشكيل أو تعويض فى السلاح وعليه تم دفعها إلى مدن المواجهة للدفاع عنها!. الكتيبة 43 صاعقة إلى بور سعيد.. ودفعوا بفصيلة منها للشرق فى نقطة رأس العش!. العدو خطط ودَبَّرَ لشىء والله أراد شيئاً آخر تماما!. اختار الله لهم الخزى والعار واختار لنا المجد والشرف والانتصار!. دارت معركة غير متكافئة كماً وكيفاً بين طابور مدرع فيه كل أنواع العتاد والسلاح فى مواجهته 30 مقاتلاً من الصاعقة المصرية!. معركة من قبل آخر ضوء حتى الثالثة فجراً!. أكثر من سبع ساعات قتال والمقاتلين المتشبثين بالأرض شعارهم النصر أو الشهادة فى مواجهة دبابات ومدافع ورشاشات.. وانتصر الرجال وانكسر العدو وانسحب!. هذه المعركة أيقظت المارد الموجود بداخلنا !. هذه المعركة أكدت لنا أننا لم نمت وأننا نقدر!. هذه المعركة عرفوا منها أن المصريين لحمَهُم مُرْ!. معركة رأس العش جاءت فى موعدها.. بعد أيام من الهزيمة.. صنعت طاقة نور بددت ظلام اليأس الذى حملته الهزيمة!. رأس العش كانت يقيناً على الأرض بأننا خير أجناد الأرض!. 2 10 يوليو 1969. الكتيبة 43 صاعقة مرة ثانية. الأوامر صدرت بردع نقطة لسان بور توفيق.. التى ظنت أنها لا تُطَالْ.. وعليه لا يمر يوم دون عربدة عسكرية لها بإطلاق نيرانها على ميناء الأدبيه بل وعلى بورتوفيق ذات نفسها!. النقيب أحمد شوقى الحنفى قائد 43 صاعقة تسلم الأمر واستأذن فى الاستطلاع للنقطة والمكان واتخذ القرار!. القائد المصرى الشاب قراره أن تكون الإغارة على النقطة القوية نهاراً وصاخبة!. الإغارات غالباً ليلاً وصامته.. ليلاًً لاستغلال الظلام فى التحرك والوصول بعيداً عن ملاحظة العدو والمفاجأة أهم عناصر الإغارة.. ولكى تكتمل المفاجأة.. لا تحضيرات مدفعية تسبق العملية ولا مركبات للوصول.. كل الإجراءات فى صمت.. لتحقيق مفاجأة العدو وإيقاع أكبر خسارة به مع تجنب قواتنا التعرض لنيرانه!. الخبراء الروس اعترضوا على خطة قائد الكتيبة.. إلا أن قائد مجموعة الصاعقة المقدم صالح فضل اقتنع بالخطة وعلى مسئوليته أعطى الأوامر لبدء الاستعداد والتدريب!. التدريب على اقتحام القناة وفتح ثغرة فى الساتر الترابى ومواجهة النقطة التى هى فى الواقع نقطتين فى واحدة.. والاستطلاع كشف عن وجود 5 مدرعات داخلها!. المهم أن خطة النقيب أحمد شوقى ألا تستمر العملية أكثر من ساعة من لحظة نزول القناة وحتى الخروج منها!. التدريب الجاد يفك طلاسم أصعب العمليات.. وفى الصاعقة التدريبات أضعاف أضعاف ما هو متعارف عليه فى التدريب!. الكتيبة 43 نفذت فى منطقة خلفية موقع مشابه للسان بورتوفيق!. تم اختيار «سرية + فصيلة + جماعة» لتنفيذ العملية. النقيب سيد إسماعيل إمبابى قائد السرية ومعه ضابط مدفعية ملازم أول محمود سليمان. وقادة الفصائل م.أ محمد عبد الحميد عبد ربه والملازم أول معتز الشرقاوى والملازم أول رؤوف إبراهيم أبو سعده والملازم أول حامد إبراهيم صفوت أما الجماعة يقودها رقيب أول حسنى سلامة. بعد انتهاء التدريب وإعطاء تمام الاستعداد تقرر الهجوم على النقاط القوية يوم 10 يوليو قبل آخر ضوء بساعتين.. وبدأت العملية بضرب مدفعية لتغطية العبور وشق ثغرات على اللسان!. اقتحام صاخب للقناة واقتحام صاخب للنقطة القوية!. عقيدة النصر أو الشهادة من بإمكانه أن يقف أمامها!. رجال الكتيبة 43 صاعقة دمروا النقطة على من فيها!. خسائر العدو.. الكل قتلى!. ال 46 الذين كانوا فى النقطة قتلوا والأسير الذى عاد به معتز الشرقاوى مات!. الدبابات الخمس التى كانت بالموقع تدمرت!. العلم الإسرائيلى تم إنزاله ورفع العلم المصرى!. نسف مخازن السلاح ومخازن التعيينات!. المهمة نجحت بنسبة مائة فى المائة.. تم تأديب النقطة القوية بترحيل كل من فيها وعليها للآخرة!. 3 «1 يوليو 2015». فى هذا اليوم كان مقرراً إعلان الشيخ زويد ولاية إسلامية والغرب جاهز بالاعتراف والتأييد والدعم!. الخطة المرسومة فى الخارج والمدفوعة من الخارج عبر الاتفاق.. هجوم متزامن على عدة أكمنة بأعداد هائلة من المرتزقة الإرهابيين والكمين الأهم فى تخطيطهم.. كمبن أبو الرفاعى ربما لأنه فى منطقة حاكمة للطرق من وإلى الشيخ زويد!. الكمين قوته 23 جندياً وقائدهم ضابط شاب. يوم 1 يوليو 2015 موافق 14 رمضان.. والإرهابيون حبهم للدماء فى رمضان منقطع النظير!. دفعوا بسيارة نقل مملوءة متفجرات وقاموا بتصفيح مقدمتها وواجهتها!. السيارة يقودها انتحارى والهدف أن يدخل فى نطاق الكمين وتفجبرها ليقضى على الكمين فى ضربة واحدة!. أروع أمثلة الشجاعة قام بها اثنان من المقاتلين عندما تبين أن السيارة مصفحة!. لابد من تفجير هذه السيارة قبل دخولها حرم الكمين!. اتجها جرياً نحوها.. حسام جمال الدين وأحمد عبد التواب.. يجريان بأقصى سرعة لأجل الاستشهاد!. يعلمان أنهما سينفجران مع السيارة!. ليس مهماً الاستشهاد الأهم أن يبقى الكمين ويبقى باقى الرجال!. الأهم أن يلحقا السيارة على أبعد مسافة من الكمين!. وصلا لها وهى على بعد أقل من 100 متر!. المقاتل أحمد عبد التواب قفز إلى مقدمة السيارة وجد حديد مصفح مكان زجاج السيارة والسائق يرى من فتحة صغيرة!. أحمد عبد التواب وضع ماسورة البندقية فى الفتحة وأطلق نيرانه على السائق لينفجر لأنه مفخخ بينما حسام جمال الدين يطلق نيرانه على براميل المواد المتفجرة.. وانفجرت السيارة قبل أن تقترب من الكمين.. الذى نجا برجاله من الانفجار!. دارت معركة استمرت قرابة الست ساعات.. ضربوا فيها الكمين بالهاون والرشاشات والمدافع التى يسلحون بها سيارات الدفع الرباعى.. فعلوا المستحيل لكن الكمين صامد وباق لأن الرجال لا يستسلمون ولا يعرفون المستحيل!. الملازم أول أدهم الشوباشى ورجاله قاتلوا بشجاعة هائلة أجبرت الإرهابيين على الفرار فى نهاية المطاف حاملين معهم فى سيارات الدفع الرباعى جثث قتلاهم!. حملوا ما حملوه وبقيت 56 جثة للإرهابيين عنواناً للهزيمة.. وإعلاناً لفشل إعلان الولاية الإسلامية!. تحية إلى جيش مصر العظيم فى الأمس واليوم والغد وكل غد بإذن الله. لمزيد من مقالات ابراهيم حجازى