أهداف ومصالح سياسية واقتصادية وأمنية متبادلة عديدة وراء جولة بنيامين نيتانياهو المرتقبة غداً فى أربع دول إفريقية هى أوغنداوكينيا وإثيوبيا ورواندا،وكلها دول بمنطقة حوض النيل،وسط مخاوف من أن تدفع تلك الدول للتشدد أكثر إزاء مطالب مصر بالحفاظ على حقوقها التاريخية المكتسبة فى مياه النيل، أو تسفر عن تعاون مع تل أبيب لتنفيذ مشروعات مشتركة تقلل من كمية المياه لمصر والسودان، فى وقت يتزايد فيه حجم الاستهلاك وعدم كفايتها احتياجات التنمية. الجولة التى تُعد الأولى لرئيس وزراء إسرائيلى فى إفريقيا منذ 20 عاماً والأولى لإثيوبيا منذ نصف قرن ،تُعزز بها إسرائيل علاقاتها بإفريقيا أكثر، مستغلةً حاجة دولها لمساعدات وخبرات لأزمة لتطوير اقتصاداتها وتعزيز قدراتها الأمنية فى مواجهة الإرهاب،فمن أهدافها فتح أسواق إفريقية أوسع لبيع السلاح والمنتجات الإسرائيلية ومنع تمدد النفوذ الإيرانى فى القارة السمراء خاصةً منطقة القرن الإفريقى التى تتحكم فى مدخل البحر الأحمر حيث ميناء إيلات، وممارسة سياسة شد الأطراف ضد مصر والسودان عند شعورها بالضيق من مواقفهما إذا رأت أنها ضد مصالحها والحصول على عضوية الاتحاد الإفريقى بصفة مراقب، بالإضافة إلى الاستفادة من كتلة التصويت الإفريقية الضخمة(54 دولة) فى المحافل الدولية لتأييد القرارات التى فى مصلحتها، ومنع صدور أى قرار يضر بها، كما حدث فى سبتمبر الماضى عندما امتنعت عدة دول إفريقية عن التصويت فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمصلحة مشروع قرار يطالب إسرائيل بفتح منشآتها النووية للمفتشين الدوليين فلم يتوافر له النصاب القانونى ولم يصدر. فى المقابل تريد الدول الإفريقية المزيد من الاستثمارات والخبرات الإسرائيلية فى مجالات كثيرة فى مقدمتها مكافحة الإرهاب الذى يتمدد فى شرق القارة وشمالها وغربها وتطوير الزراعة خاصة زراعة الصحراء بأساليب الرى الحديثة وإدخال التصنيع الغذائى بعد أن أصبح الإنتاج الزراعى لمعظمها لا يكفى احتياجات سكانها رغم خصوبة الأراضى ووفرة المياه التى لا تعرف كيف تُحسن استغلالها، فضلاً عن الحصول على الأدوية والخدمات والخبرات والكفاءات الطبية التى تفتقر إليها، يضاف إلى ذلك رغبة بعضها فى الحصول على السلاح الذى امتنعت عن تزويدها به دول كبرى بسبب تفشى انتهاك حقوق الإنسان بأيدى النظم الحاكمة التى تحرص بدورها على مساعدة إسرائيل لها للبقاء فى السلطة بتدريب قوات خاصة لحمايتهم وتوفير مستشارين عسكريين لهم وامدادهم بمعلومات استخبارية بشأن ما يهدد استمرارهم واستضافة مَن يريد منهم العلاج فى مستشفياتها فضلاً عن اقتناع القادة الأفارقة بأن إقامة علاقات جيدة مع إسرائيل يفتح أمام بلادهم الباب للحصول على المساعدات الاقتصادية والتنموية من دول مثل الولاياتالمتحدة ومن المؤسسات المالية الدولية، وكشف تى أتاسكى وزير الدولة الإثيوبى للشئون الخارجية عن أن إسرائيل تقدم لبلاده حالياً التدريب فى الزراعة وغيرها من مجالات الخبرة وفقاً لاتفاقيات سابقة، وأن حكومته تريد المزيد من الاستثمارات الإسرائيلية،فى الوقت الذى وصفت فيه السفيرة الإسرائيلية فى أديس أبابا إثيوبيا بالشريك الاستراتيجى لبلادها، وإنها تعمل على مشاركة رجال الأعمال الإسرائيليين بالاستثمار فى الزراعة والعلوم والتكنولوجيا والصحة وغيرها.. لإسرائيل بالفعل مشروعات زراعية وصناعية وتعدينية فى كثير من دول إفريقيا حيث توجد لها مثلاً 13 شركةت ضمن حلف تجارى يُسمي(أفرو جروب) يهيمن على 75% من إنتاج الألماس فى القارة وتشارك فى استخراج الذهب والألماس فى الكونغو - كينشاسا وسيراليون وغانا وإفريقيا الوسطى وخام اليورانيوم فى النيجر وأنجولا وصناعات التعدين الحيوية فى جنوب إفريقيا، وتستثمر الشركات الإسرائيلية أكثر من مليار دولار فى مجالات الزراعة والمنتجات الكيماوية والتعدين فى إثيوبيا وحدها وباتت أديس أبابا أوثق حلفائها فى شرق إفريقيا، كما عززت كينيا تعاونها الأمنى والاستخبارى معها لمواجهة هجمات حركة الشباب المجاهدين الصومالية المتطرفة فانتهزتها تل أبيب فرصة لتثبيت قدميها فى منطقة القرن الإفريقى ومراقبة الملاحة فى المدخل الجنوبى للبحر الأحمر لمنع تهديد الملاحة الإسرائيلية أو تهريب أسلحة من إيران لحركة حماس الفلسطينية ولاستخدامه كنقطة ارتكاز لنشر غواصات تستهدف أى تحركات إيرانية تهدد أمنها. وبدعم من الولاياتالمتحدة وشركاتها وفَّرت إسرائيل الدعم الفنى والتكنولوجى لبناء السدود الصغيرة وأعدت دراسات بناء ثلاثة سدود فى الكونغو ورواندا ووقَّعت مع أوغندا عام 2000 اتفاقية تنص على تنفيذ مشروعات رى فى مناطق الجفاف، وتسعى لتدشين تعاون اقتصادى زراعى برأسمال يهودى لتملك أراضِ بدول حوض النيل لإقامة مشروعات لحسابها، كما أصبحت إثيوبيا ونيجيريا من أكبر مستوردى السلاح من إسرائيل، وقال شلومو جازيت المدير السابق لمخابراتها العسكرية إنها تعاونت فى مجال التسليح مع دول إفريقية عديدة، من بينها إثيوبيا وكينياوالكونغووجنوب إفريقيا والكاميرون وليبيريا، ولشركاتها الأمنية دور ملحوظ فى جلب مرتزقة لتدريب وتسليح ميليشيات تتولى حراسة قادة أفارقة. قد تتساءل: وأين الدول العربية؟..مصر قدمت الكثير من المساعدات والخبرات منذ الخمسينيات ولم تتوان الحكومات والمنظمات الخيرية العربية عن تقديم المساعدة فى الملمات ولكن غياب الاستثمارات العربية تقريباً لعدم استقرار الدول الإفريقية أحد أسباب إدارة ظهرها للعرب. لمزيد من مقالات عطيه عيسوى