أدى الاهمال وغياب الرقابة وتعدد جهات الولاية على الأراضى إلى نهب وإغتصاب نحو نصف مليون فدان مملوكة للدولة بوادى النطرون وهى مساحة تعادل ثلث مساحة المشروع القومى للإستصلاح الذى أطلقه الرئيس حيث يصل عمق التعديات الى أكثر من 70 كليو مترا حتى حدود محافظة البحيرة مع محافظتى مطروح والجيزة الى جانب تعديات أخرى فى النوبارية وأبوالمطامير والدلنجات. ولم تتوقف عمليات النهب على الأراضى الصحراوية بل قام «أباطرة» الأراضى بالاستيلاء على 30 فدانا من بحيرة «إدكو» عضو بالبرلمان كشف وجود عصابات مسلحة تستولى على الأراضى ويحصلون على مبالغ مالية كبيرة تصل الى 70 ألف جنيه مقابل الحراسة وأن لغة السلاح وأصوات "الجرينوف" والآلى هى المعروفة فى المنطقة التى أصبحت خارج سيطرة الدولة بعد إغتيال القانون. على عبدالواحد عتمان عضو البرلمان عن محافظة البحيرة يقول أن أراضى وادى النطرون مازالت مسرحا مستفزا لصراعات أباطرة الأراضى ومحترفى سرقة المال العام الذين يتلاعبون بالجميع للسيطرة عليها والتربح من ورائها حيث تتزايد الجرائم ويتعدد الضحايا بإستمرار نتيجة الصراع المسلح على أراضى أملاك الدولة المغتصبة خاصة فى منطقة الوادى الفارغ ليصبح بها أكثر من نصف مليون فدان وضع يد وتوجد شواهد كثيرة لمئات الوقائع والقضايا محل النزاع المحموم التى تكتظ بها أروقة النيابات بهدف الاستيلاء عليها وليس استصلاحها. ويضيف عضو البرلمان أن المنطقة شهدت قيام الكثير من المستثمرين ورجال الأعمال بشراء مساحات كبيرة من الأراضى فى وادى النطرون وتسقيعها والمتاجرة فيها والتربح من وراء ذلك بالملايين وهى فى الأصل أرض أملاك دولة حيث يدفع بعضهم نحو 70 ألف جنيه شهريا تكاليف حراسة الأراضى التى يحصلون عليها موضحا أن المنطقة أصبحت مقرا للعصابات من كل المحافظات الذين هم على استعداد فى بعض الأحيان إلى رفع السلاح لترويع من يواجهها وترتب على ذلك أن أصبح التعدى على أملاك الدولة عملا إعتياديا, فعلى نحو 35 عاما مضت لم يتم عمل حصر دقيق لأراضى وادى النطرون المحصورة بين الكيلو 84 جنوبا وعلامة الكيلو 130 شمالا بعمق 20 كيلو مترا غرب الصحراوى لمعرفة مدى سلامتها القانونية والبت فى موقف من أثبتوا جديتهم فى الاستصلاح مما تسبب فى ضياع مساحات هائلة من الأراضى ورغم كل هذا إلا المنطقة بها بعض المستثمرين الجادين الذين لديهم مشروعات عملاقة ومنتجة توفر محاصيل يتم تصديرها للخارج . ويقول هشام عبدالونيس أحد سكان وادى النطرون أنه يمتلك عددا من الإحصائيات والوثائق التى تؤكد أن سنوات الفساد والفوضى الماضية كانت سببا رئيسيا وراء استنزاف أكثر من 500 ألف فدان بأراضى الظهير الصحراوى ما زالت تحت سيطرة البلطجية خاصة فى وادى النطرون والنوبارية وأبوالمطامير والدلنجات وأن هذا الأمر جعل جريمة التعدى على أملاك الدولة بهذه المناطق مشاعا لتجار الأراضى من معدومى الضمير وأن جرأة العداون الصارخ عليها لم تعد مقصورة على البلطجية بل يشارك فيها كبار المسئولين الذين يقومون بتسهيل سرقة أملاك الدولة وأن حجم تعديات واضعى اليد تقدر بمئات الآلاف من الأفدنة حيث قام أباطرة الأراضى بالاستيلاء على معظم الأراضى الصحراوية عن طريق جلب البلطجية ووضع اليد ثم البدء فى تقسيمها , لافتا أن التعديات تخطت منطقة «الغردود» التى تبعد أكثر من 70 كيلو عن الوادى. فى قرية كفر داود بوادى النطرون يقول المهندس محمد مجاهد أن المنطقة من طريق الإسكندرية الصحراوى حتى العلمين وحدود محافظة البحيرة بعمق 60 كيلو مترا غربا خارج سيطرة أجهزة الدولة فلا صوت يعلو فوق صوت "الجرينوف" والبنادق الآلية ولا مجال للقانون حيث يوجد "مافيا "من أصحاب النفوذ وغسيل الأموال تخصصت فى الاستيلاء على أراضى الدولة فقد فوجئنا بقيام مجهولين بالاستيلاء مساحة 4 آلاف فدان بقرية الأمين بمنطقة بنجر السكر والتى كان مقررا استخدامها للنفع العام بالاضافة إلى التعدى على مصرف غير مستغل بطول 2.5 كيلو وقام البلطجية ببيعه للأهالى واعتدى مجموعة من العرب على أكثر من 17 ألف فدان من أجود الأراضى فى المنطقة المتاخمة لمدينة السادات وقاموا بتقسيم الأرض وبيعها كما قام أحد الأشخاص أخيرا بوضع يده على 3 آلاف فدان بقرية كفر داوود وآخر تعدى على مساحة أكثر من 30 فدانا بقرية داود كما أن التعديات على منطقة الغردود ليس لها حدود وفى منطقة الحمراء تمكن أحد النواب السابقين بمجلس الشعب من بيع حوالى مائة فدان ملك للدولة لعدد من رجال الأعمال بعد أن أوهمهم بإمتلاكها , موضحا بأن هؤلاء اللصوص يضعون أيديهم على مئات الأفدنة ويقومون بتجهيز العقود "المضروبة" المهدرة لحقوق الدولة التى تساعدهم فى تحقيق أهدافهم ويضعون الدولة فى موقف محرج مع الهيئات القضائية بعد رفعهم دعاوى تستمر سنوات طوال. وأشار الدكتور حارث هلال إلى أن التعديات وصلت الى بحيرة "إدكو" التى كانت تنتج 20 % من أسماك مصر حتى تدهور إنتاجها بعد أن تقلصت مساحتها تدريجيا من 35 ألف فدان حتى وصلت إلى 5 آلاف فدان فقط حيث استولت جمعية وهمية تدعى جمعية الأمان للاستزراع النباتى وحدها على 3 آلاف فدان وصدرت قرارات إزالة من المحافظة وهيئة الثروة السمكية ولكن لم يتم تنفيذ الإزالة حتى الآن . وقال إكرامى خميس بشير ان لصوص وسماسرة الأراضى تمكنوا من الاستيلاء على مساحة 200 فدان من أملاك الدولة كانت مخصصة منذ عام 1997 لإقامة منطقة صناعية كبرى برشيد فى ظل غيبة تامة من المسئولين الذين لم يتحركوا لإزالة التعديات لإسترداد أملاك الدولة رغم صدور قرارات بإزالة هذه التعديات. وكشف المهندس عصام الشناوى مدير عام بسنترال دمنهور عن مفاجأة إغتصاب مائة ألف متر من أراضى الدولة كانت وزارة النقل والاتصالات قد اشترتها مع مطلع الألفية الجديدة بعقود رسمية من مالكيها لتخصيص 771 محطة بواقع 525 مترا للمحطة الواحدة وبعد أن تم إلغاء كابل التراسل الدولى البحرى وحل محله كوابل الألياف الضوئية عام 2002 قام المواطنون بالاستيلاء على كل هذه المساحات الممتدة بطول الطريق السريع من الاسكندرية حتى أسوان ولم يتم استرداد شبر واحد منها حتى الآن . من جانبها أكدت المهندسة ناديه عبده نائب محافظ البحيرة ان تدخل رئيس الجمهورية فى هذا الملف الخطير سوف يقضى على مسلسل الاهمال والقصور والفساد فى استعادة حق الشعب ونقوم حاليا بحصر واسترداد كل شبر فى المحافظة وخاصة فى منطقة وادى النطرون ولا تستر على أى مخالفات والمحافظة بكل أجهزتها تتعامل بكل حسم وجدية مع مغتصبى أملاك الدولة وأوضحت أن القضاء الادارى بالاسكندرية أصدر حكما فى 7 مايو الماضى يلزم الحكومة بإزالة 800 فدان من أملاك الدولة بمناطق متفرقة بالبحيرة منها إزالة التعديات على 72 فدانا إغتصبتها احدى الشركات بمنطقة غرب النوبارية وتخصيص هذه المساحة لمصلحة الميكانيكا والكهرباء وتمكنت أجهزة المحافظة من استرداد مساحة 23 فدانا أرض أملاك دولة بزمام طاموس ومنشآة غزال بالإضافة الى 18 ألف متر بمنطقتى شبرا وقرطسا بدمنهور وسيتم الاستفادة منها فى مشروعات سكنية للشباب وإنشاء معهد جديد للأورام كما تم استعادة ألف فدان من خطة التعديات الواقعة على بحيرة إدكو بجانب إزالة أكثر من 430 حالة على نيل رشيد .