نصيحة بريطانية جديدة لمصر.. لننس هذا الملف الآن. ولندع الإجراءات تأخذ مجراها حتي يحين وقت القرار بشأن مصير وزيركم المطلوب يوسف بطرس غالي. فعندما سأل الوفد المصري الذي زار لندن الاسبوع الماضي عن طلب مصر تسليم غالي, ردت عليه وزارة الداخلية والنيابة العامة البريطانية قائلتين: لانزال ندرس طلبكم للنظر في مدي إمكانية الموافقة عليه وفقا للاجراءات والمعايير الخاصة بالقانون البريطاني. يقول الوفد المصري إنه صارح البريطانيين بأن السلطات المصرية ردت علي كافة استفسارات الجانب البريطاني بخصوص غالي. وقبل زيارة الوفد, لم ترد وزارة الداخلية البريطانية علي استفسارات طرحت بالبرلمان البريطاني في شأن غالي, بعدما شوهد مرارا وهو يتجول في لندن حرا رغم إبلاغ بريطانيا رسميا بمذكرة الشرطة الجنائية الدولية الإنتربول لاعتقاله وتسليمه لمصر. موقف السلطات البريطانية وضعها موضعا محرجا تبرره دائما بالقانون, فبالقانون, ليس من حق السلطات البريطانية القبض علي غالي, الذي تطالب مصر بتسليمه بعد إدانته في شهر يونيو الماضي بالفساد وحكم عليه بالسحن ثلاثين عاما. ورغم إصدار الإنتربول إشعارا أحمر بالقبض علي غالي بغرض تسليمه لمصر, فإنه غير ملزم للحكومة البريطانية, فالانتربول لايعتبر الإشعار مذكرة اعتقال دولية بالمعني المفهوم. ووفقا لقواعد عمل المنظمة, فإنها لا تملك سلطة إصدار مذكرات اعتقال بالمفهوم الشائع لأن الاعتقال, كما تقول المنظمة, هو مسألة سيادية لكل دولة عضو. فيما يتعلق ببريطانيا, فإن أي مذكرة اعتقال ترسل إلي الإنتربول البريطاني, وهو جزء من جهاز مكافحة الجرائم المنظمة الخطرة( سوكا). وحسبما قال متحدث باسم سوكا ل الأهرام فإن الجهاز مجرد قناة تنقل من خلالها مذكرات الاعتقال إلي الجهاز المختص بالتنفيذ وهو الشرطة البريطانية. وفي حالة غالي, هناك حالة ارتباك تثير تساؤلات محرجة حول موقف بريطانيا. فالإنتربول ينشر صورة غالي ضمن قائمة الشخصيات الصادر بحقها مذكرات اعتقال حمراء منذ أكثر من عام بناء علي الإنتربول المصري. ورغم ذلك ومع وجود غالي في لندن, فإن سوكا تقول إنها لايمكن أن تتحدث حتي عما إذا كانت قد تلقت مذكرة اعتقاله من عدمه. موقف الشرطة البريطانية لم يختلف, وهو رفض التعليق علي أي تساؤلات تتعلق ببطرس غالي, أو نفي أو تأكيد تلقي مذكرة الاعتقال من الانتربول البريطاني. وزارة الداخلية البريطانية تقول إن سياستها هي ألا تتحدث عن أي مذكرة اعتقال, ايا يكن السبب, إلا بعد القبض علي الشخص المطلوب بالفعل, وطالما أن غالي لايزال طليقا في لندن, فإن مذكرة اعتقاله كأنها غير موجودة. وتقول مصر إنها قد تقدمت بطلبين لتسلم غالي من بريطانيا التي تملك وزيرة داخليتها بحث امكانية تسليمه وفق ترتيبات تسليم خاصة رغم عدم وجود معاهدة تسليم مطلوبين مع مصر. وبعد مرور اكثر من عام علي مطالبة مصر بتسليم غالي, تطالب الجالية المصرية وزارتي الداخلية والخارجية بإجابات علي تساؤلات باتت أكثر إلحاحا بعدما يرونه تحديا من جانب الوزير الهارب المطلوب. ويتساءل اتحاد المصريين في بريطانيا: طالما أنه لم تعد وزارة الداخلية تحتاج إلي دليل علي وجود غالي في البلاد, ما الذي يمنع اعتقاله؟ ما الذي يضمن أن يحاول أحد المصريين الاعتداء علي غالي في حالة ظهوره مرة أخري؟ وما هي الأسباب السياسية وراء دعمه وعدم البت في طلب مصر تسلمه؟ ولماذا يسمح بأنه تتحول بريطانيا إلي ملجأ آمن للفاسدين الهاربين من رجال نظام مبارك المخلوع؟. ويقول الاتحاد: الجالية المصرية غاضبة للغاية ازاء السماح لمثل هؤلاء بالتجول بحرية في لندن. ولم يكد المصريون في بريطانيا ينسون صور غالي, متجولا بحرية في لندن, حتي أعلن عن تسلم بريطانيا رجل الأعمال البريطاني الهارب مايكل براون من جمهورية الدومينكان رغم وجود معاهدة تسليم مطلوبين بين البلدين. فبريطانيا تلاحق براون, الذي كان أحد المتبرعين الرئيسيين لحزب الديمقراطيين الأحرار الشريك الاصغر في الحكومة الائتلافية الحالية, لاعادته حتي ينفذ حكما بالسجن سبع سنوات في قضية نصب مكنته من سرقة36 مليون جنيه استرليني من مواطنين بريطانيين. ونظرا لوجود قضايا أخري مرفوعة علي براون تتهمه بالنصب والاحتيال علي مواطني الدومينكان في بلدهم, تعثرت محاولات تسليمه لبريطانيا. غير أنه بفضل التعاون بين أجهزة البلدين, نجحت محاولات إقناع الضحايا بالتخلي عن شكاواهم ليسلم رجل الأعمال الفاسد إلي لندن. وبينما تصر الحكومة البريطانية علي أن ملف غالي قانوني بالدرجة الأولي, تري المعارضة أن سياسة بريطانيا تجاه الشخصيات المطلوب تسليمها من جانب مصر لا تعكس التزاما بالموقف المعلن المؤيد للثورة المصرية. وفي أواخر شهر يناير الماضي, تقدم13 عضوا في مجلس العموم, بينهم عضو واحد فقط من حزب المحافظين الشريك الأكبر في الحكومة بمذكرة تعبر عن القلق من أن بطرس غالي يعيش ويتجول في لندن بحرية رغم الحكم عليه غيابيا بالسجن ثلاثين عاما من محكمة مصرية. ومع ذلك, ترفض الأجهزة البريطانية الاعتراف بأنها تعلم بأن غالي موجود في بريطانيا!!. يقول المستشار عادل فهمي, رئيس وفد مصر في مفاوضات لندن الأخيرة, ل الأهرام إن الأمر يحتاج إلي مزيد من الصبر. لكن ذلك لم يمنع مصر من أن تجدد, كما يقول فهمي, عرضها علي بريطانيا إبرام معاهدة ثنائية لتسليم المطلوبين, وهي خطوة تسهل كثيرا إجراءات التسليم كما تعلن دائما بريطانيا, التي لم تستجب حتي الآن للعرض المصري القديم الجديد.. ما يزيد الغموض والتناقض حول موقفها المعلن بشأن ضرورة أن تأخذ العدالة, في مصر, مجراها.